أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 16 - صـ 273

جلسة 4 من مارس سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي، وحافظ محمد بدوي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

(41)
الطعن رقم 31 لسنة 30 القضائية

( أ ) دعوى. "إجراءات نظر الدعوى". "تقرير التلخيص". استئناف.
وجوب إحالة القضية إلى جلسة المرافعة بتقرير من العضو المقرر وتلاوته قبل المرافعة. لا يلزم وضع تقرير آخر كلما جد جديد في الدعوى. وجوب إعادة تلاوة التقرير من جديد عند تغيير أعضاء المحكمة. لا يشترط أن يكون هذا التقرير من عمل أحد أعضائها.
(ب) نقض. "أسباب الطعن". "التجهيل بأسباب الطعن".
النعي على الحكم المطعون فيه بقصوره في الرد على أوجه الدفاع التي تمسك بها الطاعن أمام محكمة الموضوع دون بيان لذلك في تقرير الطعن. غير مقبول. لا يغني عن ذلك تقديم الطاعن صورة من المذكرة التي تضمنت دفاعه تاركاً لمحكمة النقض مقارنتها بالحكم المطعون فيه حتى تقف على وجه القصور.
(جـ) استئناف. "أحوال عدم جواز الاستئناف". "قبول الحكم". "الاستئناف المقابل". حكم.
حق المستأنف عليه في رفع استئناف فرعي ولو بعد مضي ميعاد الاستئناف في حق رافعه أو بعد قبوله للحكم المستأنف. قصر حالة القبول على تلك التي تتم قبل رفع الاستئناف الأصلي. طلب المستأنف عليه تأييد الحكم المستأنف يعتبر قبولاً منه لذلك الحكم. منعه إياه من إقامة استئناف فرعي بتعديل الحكم المستأنف.
(د) استئناف. "الاستئناف المقابل". نقض. "أسباب الطعن". "الأسباب المتعلقة بالنظام العام". نظام عام.
جواز أو عدم جواز الاستئناف الفرعي. تعلقه بالنظام العام. جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - كل ما أوجبه القانون في المادتين 407 مكرر و408 مرافعات هو أن يضع العضو المقرر في الدائرة الاستئنافية تقريراً يلخص فيه موضوع الاستئناف وطلبات الخصوم وأسانيد كل منهم ودفوعهم ودفاعهم وأن يتلى هذا التقرير قبل بدء المرافعة ولم يستلزم القانون وضع تقرير آخر كلما جد جديد في الدعوى أثناء نظرها أمام المحكمة، وإذا تغير كل أو بعض أعضاء هيئة المحكمة بعد تلاوة التقرير يجب تلاوة التقرير من جديد إلا أنه لا يشترط أن يكون التقرير الذي يتلى في هذه الحالة من عمل أحد أعضاء الهيئة الجديدة بل يكفي تلاوة التقرير الذي وضعه العضو المقرر الأول [(1)].
2 - إذا كان الطاعن لم يبين أوجه الدفاع التي تمسك بها أمام محكمة الموضوع وكيفية قصور الحكم في الرد عليها، فإنه لا يغني عن إيراد هذا البيان في تقرير الطعن تقديم الطاعن صورة من المذكرة التي تضمنت دفاعه أمام محكمة الموضوع تاركاً لمحكمة النقض مقارنتها بالحكم المطعون فيه حتى تقف على وجه القصور الذي يشوب الحكم، ذلك أن المستندات إنما تقدم لمحكمة النقض لتكون دليلاً على أسباب الطعن - بعد بيانها بياناً صريحاً في التقرير - لا لتكون مصدراً تستخرج منه محكمة النقض بنفسها وجه العيب في الحكم المطعون فيه [(2)].
3 - إنه وإن أجاز الشارع بالفقرة الثانية من المادة 413 من قانون المرافعات - استثناء من القواعد العامة - للمستأنف عليه أن يرفع استئنافاً فرعياً ولو بعد مضي ميعاد الاستئناف بالنسبة إليه أو بعد قبوله للحكم المستأنف، فقد قصر حالة القبول على تلك التي لم تتم قبل رفع الاستئناف الأصلي، لأن علة جواز الاستئناف الفرعي - وهي أن المستأنف عليه ما فوت على نفسه ميعاد الطعن أو قبل الحكم إلا لاعتقاده برضاء خصمه بالحكم - هذه العلة تنتفي إذا ما قبل المستأنف عليه الحكم بعد رفع الاستئناف الأصلي. ويعتبر طلب المستأنف عليه تأييد الحكم المستأنف قبولاً منه لذلك الحكم، مانعاً إياه من إقامة استئناف فرعي بطلب تعديل الحكم المستأنف.
4 - جواز أو عدم جواز الاستئناف الفرعي أمر متعلق بالنظام العام للتقاضي ويتعين على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها. ويجوز التمسك بهذا السبب لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعن ضده أقام الدعوى رقم 244 سنة 1953 تجاري كلي القاهرة على الطاعن طالباً إلزامه بأن يدفع له مبلغ 3279 ج قيمة تكاليف التركيبات الكهربائية التي قام بها المطعون ضده بعمارة الطاعن المبينة بالصحيفة شاملة الأجور والخامات؛ وكان دفاع الطاعن بأنه لم يكلف المطعون ضده بأي عمل مما ادعاه وإنما استعان ببعض عماله لقاء أجر أسبوعي دفعه لهم - وبتاريخ 25 يونيه سنة 1953 أصدرت محكمة الدرجة الأولى حكماً تمهيدياً قضت في الشق الأول منه بندب خبير لمعاينة الأدوات الكهربائية التي قال المطعون ضده إنه وعماله قاموا بتركيبها بعمارة الطاعن وتقدير ثمنها ونفقات تركيبها وللاطلاع على تقرير خبير إثبات الحالة والوقوف على اعتراضات المطعون ضده وقضت في الشق الثاني بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده الاتفاق الشفوي على المقاولة وقيامه بتنفيذها وأنها تكلفت 3279 ج ولينفي الطاعن ذلك - وبعد أن قدم الخبير تقريره وسمعت المحكمة الابتدائية شهود الطرفين قضت بتاريخ 25 مايو سنة 1954 بإلزام الطاعن أن يدفع للمطعون ضده مبلغ 2174 ج و110 م والمصروفات المناسبة - استأنف الطاعن هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 610 سنة 71 ق وبجلسة 23 نوفمبر سنة 1954 طلب المستأنف عليه (المطعون ضده) تأييد الحكم المستأنف كما قدم مذكرة طلب فيها رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف - وبتاريخ 27 يونيه سنة 1955 قضت محكمة الاستئناف قبل الفصل في الموضوع بندب أحد خبراء مكتب الخبراء بوزارة العدل للاطلاع على تقارير الخبيرين السابقين لمعرفة سبب ما بينها من خلاف وفحص الاعتراضات الموجهة إليها من الطرفين مع بيان رأيه فيما يستحقه المطعون ضده بذمة الطاعن وذلك بعد معاينة العمارة والاطلاع على الفواتير والمستندات المقدمة من الخصوم - وقدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أن التركيبات الكهربائية التي قام بها المطعون ضده بعمارة الطاعن تقدر بمبلغ 2578 ج و250 م وبعد ذلك وبجلسة 14 إبريل سنة 1959 قدم المطعون ضده مذكرة قرر فيها أنه يستأنف الحكم فرعياً طالباً تعديله والقضاء بإلزام المستأنف أصلياً (الطاعن) بأن يؤدي له مبلغ 2578 ج و250 م الذي أظهره الخبير في تقريره وقيد هذا الاستئناف الفرعي برقم 184 سنة 76 ق استئناف القاهرة - وبتاريخ 22 ديسمبر سنة 1959 قضت محكمة الاستئناف: أولاً - في موضوع الاستئناف الأصلي برفضه وإلزام المستأنف (الطاعن) بالمصروفات. ثانياً - بقبول الاستئناف الفرعي شكلاً وفي موضوعه بقبوله وتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنف عليه في الاستئناف الفرعي المذكور (الطاعن) بأن يدفع لعامر سعد (المطعون ضده) مبلغاً قدره 2578 ج و250 م والمصروفات. ثالثاً - إلزام كامل محمود (الطاعن) أن يدفع لعامر سعد (المطعون ضده) عشرين جنيها مقابل أتعاب المحاماة في الاستئنافين - وبتاريخ 21 يناير سنة 1960 قرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها بقبول السبب الأول من أسباب الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 12 مايو سنة 1963 وفيها قررت إحالته لهذه الدائرة - وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه بطلانه - ذلك أنه بعد أن وضع تقرير التلخيص صدر حكم تمهيدي وتغيرت هيئة المحكمة. ولكن الهيئة الجديدة التي أصدرت الحكم اكتفت بإثبات تلاوة هذا التقرير الوحيد دون وضع تقرير جديد بما استجد من إجراءات.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن كل ما أوجبه القانون في المادتين 407 مكرر فقرة ثانية المضافة بالقانون رقم 264 لسنة 1953 والمادة 408 مرافعات المعدلة بالقانون المذكور هو أن يضع العضو المقرر في الدائرة الاستئنافية تقريراً يلخص فيه موضوع الاستئناف وطلبات الخصوم وأسانيد كل منهم ودفوعهم ودفاعهم وأن يتلى هذا التقرير قبل بدء المرافعة. ولم يستلزم القانون وضع تقرير آخر كلما جد جديد في الدعوى أثناء نظرها أمام المحكمة. كما أنه في حالة تغيير كل أو بعض أعضاء هيئة المحكمة بعد تلاوة التقرير وإن كان يجب تلاوة التقرير من جديد ليعلم من لم يكن حاضراً منهم عند تلاوة التقرير السابق بما لم يحط به علماً من قبل إلا أنه لا يشترط أن يكون التقرير الذي يتلى في هذه الحالة من عمل أحد أعضاء الهيئة الجديدة بل يكفي تلاوة التقرير الذي وضعه العضو المقرر الأول لأن تلاوة هذا التقرير تفيد أن العضو الذي تلاه قد أقره وتبناه ولم يجد داعياً لوضع تقرير جديد، وتتحقق بهذه التلاوة الغاية التي هدف إليها المشرع من إيجاب وضع التقرير وتلاوته - لما كان ذلك، وكان الثابت من بيانات الحكم المطعون فيه أن التقرير تلي بجلسة المرافعة التي حجزت فيها الدعوى للحكم، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق من ثلاثة أوجه يتحصل أولها في أنه قد تمسك أمام محكمة الموضوع باستيراده على حسابه الخاص وحده الأدوات الكهربائية اللازمة لعمارته من إيطاليا وأن الاعتماد اللازم لتمويل هذه العملية قد فتح باسمه بالبنك الأهلي فرع الموسكي ودلل على ذلك بالفاتورة الأصلية الموقع عليها من الموظفين المختصين بالبنك وبفواتير تخليص البضاعة من الجمرك وأوضح لدى المحكمة أن صور الفواتير المقدمة من المطعون ضده والثابت بها اشتراكه مع الطاعن في عملية الاستيراد لا يجوز التعويل عليها لأن الطرفين وإن اتفقا أولاً على أن يستوردا البضاعة معاً إلا أن هذا الاتفاق قد عدل عنه وانفرد الطاعن بالاستيراد وأنه يقطع في إثبات هذه الحقيقة فتح الاعتماد باسمه وحده وختم البنك على الفاتورة الأصلية الصادرة باسمه، وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع وأقام قضاءه بإلزام الطاعن بتكاليف الأدوات الكهربائية على ما أورده الخبير من أن بعض فواتير شراء البضاعة والتخليص عليها من الجمرك محررة باسم الطرفين وأن المطعون ضده أوفى قيمتها إلى الطاعن بشيكات وكمبيالات فإن ذلك الحكم يكون معيباً بالقصور - ويتحصل الوجه الثاني في أن الطاعن قد ضمن مذكرته المقدمة إلى محكمة الاستئناف والمودعة صورتها الرسمية بملف الطعن فصلاً خاصاً بدفاعه في شأن المواسير التي ركبت في العمارة ومع ذلك فإن الحكم المطعون فيه لم يتناول هذا الدفاع ببحث جدي كما لم يعن ببحثه تقرير خبير وزارة العدل الذي اعتمده ذلك الحكم مما يعيبه بالقصور أيضاً - ويتحصل الوجه الثالث في أن الطاعن قد طلب أمام الخبير الذي أخذ الحكم بتقريره حصر الخامات والأدوات الثابتة بالإيصالات المقدمة من المطعون ضده لبيان ما إذا كانت الكميات الثابتة بها قد سدت احتياجات العمارة أم أن مجموعها كان دون ما احتاجته العمارة فعلاً كما هو الواقع، وإذ لم يجب الخبير هذا الطلب ولم يرد عليه الحكم المطعون فيه فإن ذلك الحكم يكون معيباً بالقصور في هذا الخصوص أيضاً.
وحيث إن النعي بالشق الأول في غير محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أورد في خصوص النزاع على توريد الأدوات الكهربائية وتركيبها "وقد خلصت محكمة أول درجة من التحقيق الذي أجرته إلى أن خلاصة أقوال شهود الإثبات هي في جانب عامر سعد (المطعون ضده) وتسانده في ثبوت الحق الذي يدعيه ورجحت أقوال شهود الإثبات على أقوال شهود النفي للأسباب الواردة في حكمها, وقد أصابت محكمة أول درجة فيما انتهت إليه في هذا الشأن فلا ترى هذه المحكمة محلاً لما أثاره كامل محمد (الطاعن) في مذكرته من جديد من إنكاره أن عامر سعد قام بتركيب الأدوات الكهربائية بعمارة كامل محمد وإصراره على هذا الإنكار إصرار عجيباً رغم ثبوت هذه الواقعة ثبوتاً قاطعاً من التحقيق الذي تم ومن تقارير الخبراء... إلخ" كما أورد الحكم في موضع آخر قوله "إن هذه المحكمة جعلت مرجعها الذي تعتمد عليه في إثبات من قام بالتوريد وأنه عامر سعد (المطعون ضده) التحقيق الذي تم كما جعلت عمادها في ذلك وفي عدد الأدوات المركبة وأثمانها ما جاء بتقرير الخبير المنتدب من مكتب خبراء وزارة العدل" - ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد فصل بقيام المطعون عليه لا الطاعن بتوريد الأدوات الكهربائية وتركيبها على أساس شهادة الشهود الذين سمعتهم محكمة أول درجة وعلى أساس من تقارير الخبراء أيضاً، ولما كان استناد الحكم إلى أقوال الشهود ليس محلاً لطعن من الطاعن ويكفي وحده لإقامة الحكم فإن النعي عليه في الأساس الأخير الذي استند إليه يكون غير مجد - والنعي بالشق الثاني غير مقبول لوروده مجهلاً، ذلك أن الطاعن لم يبين أوجه الدفاع التي تمسك بها أمام محكمة الموضوع وكيفية قصور الحكم في الرد عليها، ولا يغني عن إيراد هذا البيان في سبب الطعن تقديم الطاعن صورة من المذكرة التي تضمنت دفاعه تاركاً لمحكمة النقض مقارنتها بالحكم المطعون فيه حتى تقف على وجه القصور الذي يشوب الحكم، ذلك أن المستندات إنما تقدم لمحكمة النقض لتكون دليلاً على أسباب الطعن - بعد بيانها بياناً صريحاً في التقرير - لا لتكون مصدراً تستخرج منه هذه المحكمة بنفسها وجه العيب في الحكم المطعون فيه والنعي مردود في شقه الثالث بأن الحكم المطعون فيه وقد اعتمد تقرير الخبير في قضائه فإن هذا التقرير يعتبر في أسبابه ونتيجته جزءاً مكملاً لأسباب الحكم، وإذ لم يقدم الطاعن صورة رسمية من ذلك التقرير للتحقيق مما يعيبه على الحكم فإن نعيه بذلك الشق يكون عارياً عن الدليل.
وحيث إن الطاعن نعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ذلك أنه قضى بقبول الاستئناف الفرعي شكلاً وفصل في موضوعه بالرغم من أن رافعه سبق أن طلب رفض الاستئناف الأصلي وتأييد الحكم المستأنف مما يعتبر قبولاً منه لذلك الحكم يمتنع معه رفع استئناف عنه بعد ذلك.
وحيث إنه بمطالعة أوراق الطعن يبين أنه بعد أن أقام الطاعن استئنافه المقيد برقم 610 سنة 71 ق حضر المطعون ضده بصفته مستأنفاً عليه وطلب بجلسة 23 من نوفمبر سنة 1954 تأييد الحكم المستأنف ثم قدم مذكرة طلب فيها رفض هذا الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وبعدئذ قضت محكمة الاستئناف بتاريخ 27 من يونيه سنة 1955 بندب خبير وإذ أودع الخبير تقريره قدم المطعون ضده بجلسة 14 إبريل سنة 1959 مذكرة أخرى قرر فيها أنه يستأنف الحكم الابتدائي فرعياً طالباً تعديله إلى المبلغ الذي أظهره الخبير وهو ما يزيد على ما قضى به ابتدائياً. فقضت محكمة الاستئناف بإجابته لهذه الزيادة في حكمها المطعون فيه - ولما كان الطلب الذي أبداه المطعون ضده بتأييد الحكم المستأنف يعتبر قبولاً منه لذلك الحكم، فإن هذا القبول يكون مانعاً إياه من إقامة استئناف فرعي بطلب تعديل الحكم المستأنف، ذلك أنه وإن أجاز الشارع بالفقرة الثانية من المادة 413 من قانون المرافعات - استثناء من القواعد العامة - للمستأنف عليه أن يرفع استئنافاً فرعياً في مواجهة المستأنف ولو بعد مضي ميعاد الاستئناف في حق رافعه أو بعد قبوله للحكم المستأنف، فقد قصر حالة القبول على تلك التي لم تتم قبل رفع الاستئناف الأصلي لا بعده؛ لأن علة جواز الاستئناف الفرعي - وهي أن المستأنف عليه ما فوت على نفسه ميعاد الطعن أو قبل الحكم إلا لاعتقاده رضاء خصمه بالحكم الصادر - هذه العلة تنتفي إذا ما قبل المستأنف عليه الحكم بعد رفع الاستئناف الأصلي - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول الاستئناف الفرعي المرفوع من المطعون عليه وبتعديل الحكم المستأنف على الرغم من أن رافعه قد قبل الحكم بعد رفع الاستئناف الأصلي فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون ولا يغير من هذا النظر سكوت الطاعن عن إثارة الدفع بعدم جواز الاستئناف الفرعي أمام محكمة الاستئناف لأن الحكم بجواز أو عدم جواز الاستئناف الفرعي أمر متعلق بالنظام العام للتقاضي مما كان يتعين معه على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، ومن ثم فلا جناح على الطاعن أن ينعى بهذا السبب لأول مرة أمام محكمة النقض - ويتعين لذلك قبول هذا السبب ونقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً في خصوصه.
وحيث إنه لما كان ما نقض الحكم في خصوصه صالحاً للحكم فيه ولما سلف بيانه.


[(1)] نقض 25/ 4/ 1963 الطعن رقم 459 و471 س 26 ق, 16/ 5/ 1963 الطعن 39 س 28 ق السنة 14 ص 579 و677.
[(2)] نقض 10/ 12/ 1964 الطعن 49 س 30 ق السنة 15 ص 1140.