أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 646

جلسة 16 من إبريل سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

(103)
الطعن رقم 387 لسنة 35 القضائية

( أ ) استئناف. "صحيفة الاستئناف". بطلان. "البطلان في الإجراءات". محاماة.
عدم التوقيع على صحيفة الاستئناف من محام مقرر أمام محاكم الاستئناف. أثره. بطلان الصحيفة. لا يغير من ذلك أن الشارع لم يرتب البطلان بلفظه جزاء على هذه المخالفة.
(ب) استئناف. "صحيفة الاستئناف". بطلان. "البطلان في الإجراءات". محاماة. نظام عام.
البطلان المترتب على عدم التوقيع على صحيفة الاستئناف من محام مقرر أمام محاكم الاستئناف يتعلق بالنظام العام. جواز استيفاء التوقيع في الجلسة خلال ميعاد الاستئناف.
1 - إن المادة 405 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962، وإن خلت من النص على وجوب توقيع صحيفة الاستئناف من محام مقبول للمرافعة أمام محاكم الاستئناف، إلا أن الفقرة 3 من المادة 25 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 الذي رفع الاستئناف في ظله قد وضعت القاعدة العامة الواجب اتباعها في هذا الشأن، وإذ كان نص تلك الفقرة صريحاً في النهي عن تقديم صحف الاستئناف ما لم يوقعها محام مقرر أمام محاكم الاستئناف، فإن مقتضى هذا النهي أن عدم توقيع مثل هذا المحامي على صحيفة الاستئناف يترتب عليه حتماً عدم قبولها، ولا يغير من ذلك أن الشارع لم يرتب البطلان بلفظه جزاء على هذه المخالفة ذلك أن النهي الوارد في المادة 25 من قانون المحاماة يعتبر - في حكم المادة 25 من قانون المرافعات - نصاً على بطلان الصحيفة التي لا يوقعها محام توافرت فيه الشروط السالف بيانها، فإن هذا البطلان يقع حتماً إذا أغفل هذا الإجراء.
2 - لما كان غرض الشارع من نص الفقرة 3 من المادة 25 من القانون 96 لسنة 1957 رعاية الصالح العام وتحقيق الصالح الخاص في ذات الوقت، لأن إشراف المحامي على تحرير تلك الصحف من شأنه مراعاة أحكام القانون عند تحريرها، وبذلك تنقطع المنازعات التي كثيراً ما تنشأ بسبب قيام من لا خبرة لهم بممارسة هذه الشئون ذات الطبيعة القانونية مما يعود بالضرر على ذوي الشأن، فإن هذا البطلان يكون متعلقاً بالنظام العام، ومن ثم يجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى، ولا يسقط الحق في التمسك به بالتكلم في موضوع الدعوى وإن كان يجوز على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 100 لسنة 1962 استيفاء التوقيع في الجلسة خلال ميعاد الاستئناف.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن سمير لطف الله محمد وحيد الأيوبي، وفاطمة وتفيدة لطف الله محمد وحيد الأيوبي، أقاموا الدعوى رقم 342 سنة 1963 كلي المنيا، ضد لطف الله محمد وحيد الأيوبي عن نفسه وبصفته حارساً قانونياً على تركة المرحومة فاطمة شمس الدين، وكوكب محمد وحيد الأيوبي ونور الشفق حسن فخري، والعميد محمد حسن فخري، طالبين الحكم على المدعى عليه الأول وفي مواجهة باقي المدعى عليهم بصحة ونفاذ الوصية المؤرخة 19/ 4/ 1953، بأحقيتهم لمساحة 41 ف و16 ط المبينة بالعريضة مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة، وفي 29/ 3/ 1964 حكمت المحكمة بصحة ونفاذ الوصية الاختيارية الصادرة بتاريخ 19/ 4/ 1953 من المرحومة فاطمة هانم شمس الدين مورثة المدعى عليهم للمدعين بالنسبة لخمسة وعشرين فداناً شيوعاً في الأطيان الزراعية الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وألزمت المدعين بالمصاريف وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة وشملت الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. واستأنف المدعون هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف (مأمورية المنيا) طالبين تعديله والحكم لهم بباقي طلباتهم وقيد الاستئناف برقم 154 سنة 2 قضائية. وبجلسة 17/ 2/ 1965 دفع المستأنف عليهما الأخيران ببطلان صحيفة الاستئناف لعدم التوقيع عليها من محام مقبول أمام محكمة الاستئناف عند تقديمها لقلم الكتاب في 23/ 5/ 1964، إذ أن الأستاذ أديب نظير المحامي الذي وقع عليها لم يقبل للمرافعة أمام محاكم الاستئناف إلا في 21/ 12/ 1964 أي بعد فوات ميعاد الاستئناف بعدة أشهر، ورد المستأنفون على هذا الدفع بأن شرط توقيع محام مقرر أمام الاستئناف على الصحيفة أصبح غير واجب بعد أن أغفل المشرع النص على البطلان عندما عدل المادة 405 من قانون المرافعات بالقانون رقم 100 سنة 1962 كما أن المحامي الذي وقع عليها قد سدد الاشتراك المقرر للقيد في الاستئناف في 30/ 4/ 1964، بعد أن توافرت فيه شروط القيد، ولقد سقط حق المستأنف عليهما الأخيرين في إبداء الدفع ببطلان الصحيفة بطلبهما التأجيل للاطلاع وللمرافعة وتقديم المستندات، ولأنهما أبدياه بعد قبول المحامي الذي وقع عليها للمرافعة أمام محاكم الاستئناف، كما قدما بجلسة 11/ 3/ 1965 مذكرة بدفاعهما في الموضوع مما يفيد تنازلهما عن التمسك بالدفع، وبتاريخ 8/ 6/ 1965 حكمت المحكمة ببطلان صحيفة الاستئناف، وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للسببين المبينين بالتقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً وصممت النيابة على الرأي الذي أبدته بمذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى ببطلان صحيفة الاستئناف لعدم التوقيع عليها من محام مقرر أمام محاكم الاستئناف، وهو خطأ ومخالفة للقانون من وجهين (أولهما) أنه وإن نصت كل من الفقرة 3 من المادة 23 من قانون المحاماة رقم 98 سنة 1944، والفقرة 3 من المادة 25 من قانون المحاماة رقم 96 سنة 1957 على عدم جواز تقديم صحف الاستئناف أمام أية محكمة إلا إذا كانت موقعة من أحد المحامين المقررين أمامها، واشترطت المادة 405 من قانون المرافعات المعدل بالقانون رقم 264 سنة 1953 نفس الشرط، إلا أن المشرع رغبة منه في تبسيط إجراءات التقاضي والإقلال من دواعي البطلان عدل نص هذه المادة الأخيرة بالقانون رقم 100 سنة 1962، وأسقط منه شرط توقيع المحامي على تلك الصحف مما يستفاد منه عدوله عن ترتيب البطلان عند خلو الصحيفة منه، وإذ كان هذا القانون الأخير لاحقاً للقانون 96 سنة 1957 فإنه يكون قد نسخ أحكامه في هذا الخصوص، وما قرره الحكم المطعون فيه من أن المادة 25/ 3 من قانون المحاماة رقم 96 سنة 1957 تكمل ما نقص أو حذف من نص المادة 405 من قانون المرافعات، هو قول مخالف للمنطق والقانون إذ لا يتصور أن يكون هدف المشرع من حذفه مجرد تلافي التكرار، يؤيد ذلك أن المشرع لم يعدل عما اشترطه القانون رقم 57 سنة 1959 من وجوب توقيع المحامي المقبول أمام محكمة النقض على تقرير الطعن بالنقض. (وثانيهما) أنه على فرض أن عدم التوقيع على صحيفة الاستئناف من محام مقرر أمام محاكم الاستئناف يترتب عليه بطلانها فإن هذا البطلان لا يتعلق بالنظام العام، إذ أن الغرض من توقيع صحف الدعاوى والاستئناف والنقض هو انعقاد خصومة صحيحة بين طرفيها، وبالتالي فإن القواعد المنظمة لتحرير هذه الصحف وإعلانها هي قواعد مقررة وليست آمرة قصد بها رعاية مصلحة الخصوم دون مصلحة الجماعة وهو ما أفصح عنه المشرع بتعديله للمادة 405 من قانون المرافعات بالقانون رقم 100 سنة 1962، واستبعاده لشرط التوقيع على الصحف المقدمة لمحاكم الاستئناف من محام مقرر أمام تلك المحاكم، وبما نص عليه في الفقرة السادسة من المادة 25 من قانون المحاماة رقم 96 سنة 1957 من أنه لا ضرورة لتوقيع محام، إذا كانت الدعوى مرفوعة ضد أحد المحامين ولم يصدر مجلس النقابة الإذن المنوه عنه في المادة 31، أو إذا كان المستأنف نفسه أو رافع الدعوى محامياً غير مشتغل، ولازم ذلك كله ومقتضاه هو وجوب اعتبار الدفع ببطلان الصحيفة لعدم التوقيع عليها من محام من الدفوع الشكلية التي يجب التمسك بها وإبداؤها قبل أي طلب أو دفاع في الدعوى وإلا سقط الحق فيها طبقاً لحكم المادة 132 من قانون المرافعات، دون حاجة لمناقشة نوع البطلان وهل يتصل بالإجراءات أم بشكل الصحيفة، ولما كان الثابت أن المطعون عليهما الثالثة والرابع قد حضرا بجلسة 13/ 12/ 1964، وطلبا التأجيل لتقديم مستندات ومذكرات ولإبداء مرافعتهما في الدعوى وأنهما لم يتمسكا بالدفع المشار إليه إلا في جلسة 17/ 2/ 1965 ومن بعد أن تم قيد المحامي الموقع على الصحيفة في 21/ 12/ 1964 بجدول المحامين المقبولين للمرافعة أمام محاكم الاستئناف، فإن حقهما في الدفع يكون قد سقط وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر الدفع بالبطلان من الدفوع المتعلقة بالنظام العام والتي لا يسقط الحق فيها بمواجهة موضوع الدعوى واستبعد تطبيق حكم المادة 132 مرافعات، استناداً إلى أن هذه المادة إنما تطبق على الدفوع المتعلقة بالإجراءات المحضة فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن النعي مردود في جملته، ذلك أن المادة 405 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 100 سنة 1962 وإن خلت من النص على وجوب توقيع صحيفة الاستئناف من محام مقبول للمرافعة أمام محاكم الاستئناف، إلا أن الفقرة 3 من المادة 25 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 الذي رفع الاستئناف في ظله قد وضعت القاعدة العامة الواجب اتباعها في هذا الشأن، وإذ كان نص تلك الفقرة صريحاً في النهي عن تقديم صحف الاستئناف، ما لم يوقعها محام مقرر أمام محاكم الاستئناف، فإن مقتضى هذا النهي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن عدم توقيع مثل هذا المحامي على صحيفة الاستئناف يترتب عليه حتماً عدم قبولها، ولا يغير من ذلك أن الشارع لم يرتب البطلان بلفظه جزاء على هذه المخالفة، ذلك أن النهي الوارد في المادة 25 من قانون المحاماة يعتبر في حكم المادة 25 من قانون المرافعات، نصاً على بطلان الصحيفة التي لا يوقعها محام توافرت فيه الشروط السالف بيانها، فإن هذا البطلان يقع حتماً إذا ما أغفل هذا الإجراء، ولما كان غرض الشارع من نص الفقرة 3 من المادة 25 من القانون رقم 96 لسنة 1957 على ما أفصح عنه في المذكرة الإيضاحية لذلك القانون رعاية الصالح العام وتحقيق الصالح الخاص في ذات الوقت، لأن إشراف المحامي على تحرير تلك الصحف من شأنه مراعاة أحكام القانون عند تحريرها وبذلك تنقطع المنازعات التي كثيراً ما تنشأ بسبب قيام من لا خبرة لهم بممارسة هذه الشئون ذات الطبيعة القانونية مما يعود بالضرر على ذوي الشأن. فإن هذا البطلان يكون متعلقاً بالنظام العام ومن ثم يجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى ولا يسقط الحق في التمسك به بالتكلم في موضوع الدعوى، وإن كان يجوز - على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 100 لسنة 1962 - استيفاء التوقيع في الجلسة خلال ميعاد الاستئناف. وإذ كان الثابت بالأوراق أن صحيفة الاستئناف قدمت لقلم الكتاب في 23/ 5/ 1964 موقعاً عليها من الأستاذ أديب نظير المحامي الذي لم يتقرر قبوله للمرافعة أمام محاكم الاستئناف إلا في 21/ 12/ 1964 أي بعد انقضاء ميعاد الاستئناف، فإن الصحيفة تكون غير مقبولة. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن الطاعنين ينعون في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مسخه لواقع الدعوى والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا بأن المحامي الموقع على الصحيفة قام بدفع الاشتراك المقرر للقيد بالاستئناف كما دفع اشتراكه عن سنة 1964 في 30/ 3/ 1964 بقسائم قدمها للتدليل على استيفاء إجراءات القيد قبل تقديم الصحيفة الموقع عليها منه في 23/ 5/ 1964، كما تمسكوا بأن المطعون عليهما الأخيرين لم يبديا الدفع إلا في 17/ 2/ 1965 أي بعد قبول طلب محاميهم وقيده بالفعل أمام محاكم الاستئناف في 21/ 12/ 1964، ورتب على ذلك انتفاء الحكمة التي توخاها الشارع من اشتراط توقيع المحامي على الصحيفة وتحقق شرط القانون - بفرض قيامه ووجوبه - في محاميهم عند إبداء الدفع ببطلان الصحيفة، مما كان يتعين معه رفض الدفع لعدم قيام المسوغ له، إلا أن محكمة الموضوع لم تلق بالاً لتلك الوقائع ولم تتناولها بالرد أو بالتمحيص فجاء حكمها قاصراً، خاصة وأن المشرع على ما أفصح عنه في المذكرة التفسيرية للقانون رقم 100 سنة 1962 قد أجاز تصحيح صحيفة الاستئناف الغير موقع عليها من محام بالجلسة متى كان ذلك خلال ميعاد الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين أن صحيفة الاستئناف قدمت لقلم الكتاب في 23/ 5/ 1964 ثم لقلم المحضرين في 25/ 5/ 1964 موقعاً عليها من الأستاذ أديب نظير المحامي الذي قبل للمرافعة أمام محاكم الاستئناف في 21/ 12/ 1964، قضى ببطلان صحيفة الاستئناف استناداً إلى ما قرره من أن القاعدة المنصوص عنها في المادة 25 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 التي أوجبت توقيع محام من المقررين أمام محاكم الاستئناف على العريضة، قاعدة تتعلق بالنظام العام وتستوجب بطلان العريضة إذا ما قدمت دون استيفائه وأنه لا محل للاحتجاج بما نصت عليه المادة 132 من قانون المرافعات، وإذ كان هذا الذي أورده الحكم وأقام عليه قضاءه كاف لحمله وفيه الرد الضمني المسقط لكل ما أبداه الطاعن من أقوال وحجج، فإن النعي على الحكم بمسخه للواقع والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.