أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 683

جلسة 23 من إبريل سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

(110)
الطعن رقم 65 لسنة 36 القضائية

( أ ) حكم. "الطعن في الأحكام". "الأحكام الجائز الطعن فيها".
مناط عدم جواز الطعن في الحكم وفقاً للمادة 378 مرافعات أن يكون الحكم صادراً قبل الفصل في الموضوع. الحكم الذي يفصل في موضوع الدعوى أو في شق منها يجوز الطعن فيه استقلالاً في المواعيد المحددة قانوناً وإلا ترتب على عدم مراعاتها سقوط الحق في الطعن.
(ب) دفوع. "دفوع موضوعية". شفعة. "الدفع بسقوط الحق في الشفعة". حكم. "الأحكام الجائز الطعن فيها".
الدفع بسقوط الحق في الشفعة. دفع موضوعي وارد على ذات الحق المطالب به. الحكم الصادر بقبوله أو رفضه حكم صادر في الموضوع مما يطعن فيه على استقلال في الميعاد القانوني.
1 - البين من نص المادة 378 من قانون المرافعات أن المشرع قد فرق بين نوعين من الأحكام، أحكام صادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها وأحكام صادرة في الموضوع، ولم يجز الطعن في الأولى على استقلال ولكن مع الحكم الصادر في الموضوع دون أن يعرض للثانية وتركها للقواعد العامة، ومقتضاها هو الطعن في الأحكام التي تفصل في موضوع الدعوى أو في شق منها في المواعيد القانونية، ويترتب على عدم مراعاة تلك المواعيد سقوط الحق في الطعن وصيرورة هذه الأحكام نهائية وحائزة لقوة الأمر المقضي.
2 - الدفع بسقوط الحق في الشفعة لسبب من الأسباب الواردة في باب الشفعة هو دفع موضوعي وارد على ذات الحق المطالب به، ومن ثم فإن الحكم الصادر بقبوله أو برفضه يكون حكماً صادراً في الموضوع مما يطعن فيه على استقلال في الميعاد القانوني وإلا صار نهائياً وحاز قوة الأمر المقضي.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الأستاذ علي عرفة (الطاعن) أقام الدعوى رقم 99 سنة 1960 مدني كلي الفيوم ضد السيد/ أحمد محمد مخلوف وزوجته السيدة/ زينب عبد الجواد المليجي وورثة المرحومة هانم علي عرفة، وقال شرحاً لها إنه علم بأن المرحومة هانم علي عرفة باعت إلى المدعى عليهما الأول والثانية - بمقتضى عقد بيع عرفي مؤرخ 15/ 2/ 1956 - أطياناً مساحتها 12 ف و8 ط و12 س شائعة في 15 ف و10 ط و20 س موضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوة نظير ثمن قدره 1100 جنيه، وإذ كانت هذه الأرض المبيعة تجاور أرضه ولها عليها حق ارتفاق بالري كما أن لأرضه على الأرض المبيعة ارتفاقاً بالصرف، فإنه يحق له أخذ الأطيان المبيعة بالشفعة، وقد أعلن رغبته هذه إلى المشترين وورثة البائعة وأودع الثمن الحقيقي وقدره 1100 جنيه خزانة المحكمة في 26/ 4/ 1960 وانتهى إلى طلب الحكم بأحقيته في أخذ الأرض المبيعة والبالغ مساحتها 12 ف و8 ط و12 س والمبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى بالشفعة نظير الثمن الحقيقي وقدره 1100 جنيه والملحقات القانونية التي يثبتها المشتريان إن وجدت، ثم أدخل محمد محمد محمد مخلوف خصماً في الدعوى بصحيفة معلنة في 7/ 5/ 1960 قال فيها إنه بعد أن رفع دعواه تلقى إنذاراً من هذا الأخير يتضمن أنه اشترى الأطيان المشفوع فيها من المدعى عليهما الأول والثانية (المشتريين) بمقتضى عقد بيع عرفي مؤرخ 5/ 8/ 1959 بثمن قدره 5000 جنيه ورفع بشأنه دعوى صحة تعاقد سجل صحيفتها في 7/ 4/ 1960، وإذ كان هذا العقد الأخير صورياً صورية مطلقة فإن المدعي ينبه على الخصم المدخل بعدم مواصلة السير في دعوى صحة التعاقد المذكور. وأن يقر بحقه في الأخذ بالشفعة، وإلا فإنه يدخله خصماً في الدعوى ليصدر الحكم له بطلباته سالفة الذكر في مواجهته. وأثناء سير الدعوى أضاف المدعي إلى طلباته طلب الحكم بإلزام المشترين والخصم المدخل بالفوائد التعويضية بواقع 5% سنوياً عن مبلغ 1100 جنيه من تاريخ إيداعه الحاصل في 26/ 4/ 1960 إلى تاريخ تسليم العين المبيعة له، ودفع المدعى عليهما الأول والثانية (المشتريان) بسقوط حق المدعي في الأخذ بالشفعة تأسيساً على أن إعلان رغبته في الشفعة تم بعد مضي أكثر من خمسة عشر يوماً على علمه اليقيني بالبيع ولأنه تنازل عن حقه في الأخذ بالشفعة، كما طلبا الحكم برفض الدعوى لعدم توافر شروط الشفعة، ودفع الخصم المدخل ببطلان صحيفة إدخاله في الدعوى وبسقوط حق المدعي في الأخذ بالشفعة تأسيساً على أن عقده جدي وليس صورياً وأن المدعي لم يوجه إليه إجراءات الشفعة على النحو الذي توجبه المادة 938 من القانون المدني، وطلب رفض الدعوى لعدم توافر شروط الشفعة. وفي 7/ 2/ 1961 حكمت المحكمة بندب خبير زراعي لتحقيق ملكية الأطيان المشفوع بها ومجاورتها للأرض المشفوع فيها وقيمة الأرض المشفوع فيها في 15/ 2/ 1956 تاريخ البيع الأول و5/ 8/ 1959 تاريخ البيع الثاني الصادر من المدعى عليهما الأولى والثانية للخصم المدخل وتحقيق حقوق الارتفاق المدعاة... وقد عرضت المحكمة في أسباب هذا الحكم للدفعين المقدمين من المشتريين والخصم المدخل وقضت برفضهما - وبعد أن قدم الخبير تقريره، عادت المحكمة وبتاريخ 19/ 7/ 1962 فحكمت بإعادة الأوراق للخبير لأداء المأمورية المبينة بمنطوقه وهي خاصة بتحقيق أوجه اعتراضات المدعي والمدعى عليهما الأول والثانية والخصم المدخل على التقرير وبعد أن قدم الخبير تقريره، وبتاريخ 28/ 5/ 1963 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي بكافة الطرق القانونية بما فيها البينة والقرائن أن الثمن الثابت بالعقد المؤرخ 15/ 2/ 1956 الذي اشترى به المشفوع ضدهما من السيدة هانم علي عرفة الأطيان المشفوع فيها وقدره 2100 ج صوري وأن الثمن الحقيقي هو 1100 ج، وأن العقد الصادر من المدعى عليهما الأول والثانية إلى الخصم المدخل في الدعوى عقد صوري صورية مطلقة وأنه اصطنع لعرقلة حقه في الشفعة وللمدعى عليهما الأول والثانية والخصم المدخل في الدعوى النفي بذات الطرق، ولم ينفذ هذا الحكم لأن المدعي اكتفي بالمستندات المقدمة منه وبما ثبت في تقرير الخبير. وفي 28/ 12/ 1963 حكمت المحكمة (أولاً) برفض الدفع بسقوط حق المدعي في الأخذ بالشفعة لعدم إيداع الثمن الحقيقي وملحقاته وبقيام حقه. (ثانياً) بأحقية المدعي في أخذ القدر البالغ مساحته 12 ف و8 ط و12 س شيوعاً في 15 ف و10 ط و20 س المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى بالشفعة والتسليم، وذلك في مقابل الثمن الحقيقي الذي أودعه خزانة المحكمة وقدره 1100 ج وألزمت المدعى عليهم بالمصروفات ومبلغ 1000 قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. واستأنف ورثة البائعة المرحومة هانم علي عرفة هذا الحكم طالبين إلغاءه فيما قضى به من إلزامهم مع باقي المدعى عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقيد استئنافهم برقم 55 سنة 2 ق بني سويف، كما استأنفه باقي المدعى عليهم والخصم المدخل طالبين إلغاءه والحكم أصلياً بسقوط حق المدعي في الأخذ بالشفعة تأسيساً على أنه أبدى رغبته بعد أكثر من 15 يوماً من تاريخ علمه اليقيني بالبيع ولتنازله عن حقه في الشفعة ولعدم إيداعه كامل الثمن الحقيقي الوارد في عقدي البيع المؤرخين 15/ 2/ 1956 و5/ 8/ 1959 واحتياطياً برفض الدعوى وقيد استئنافهم برقم 60 سنة 2 ق. كما استأنفه المدعي طالباً إلغاءه فيما قضى به من رفض طلب التعويض والحكم له به وقيد هذا الاستئناف برقم 245 سنة 2 ق. وفي 15/ 1/ 1966 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافات الثلاثة شكلاً وفي موضوع الاستئنافين رقمي 55 و60 سنة 2 ق بإلغاء الأحكام المستأنفة فيما قضت به من رفض الدفع بسقوط حق المدعي في أخذ أطيان النزاع البالغة مساحتها 12 ف و8 ط و12 س الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى بالشفعة، وبسقوط حقه في أخذها بالشفعة ورفض دعواه، وفي موضوع الاستئناف رقم 245 سنة 2 ق برفضه، وتأييد الحكم المستأنف في خصوصه. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهما محمد أحمد محمد مخلوف ومحمد محمد محمد مخلوف رفض الطعن ولم يحضر باقي المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً وأصرت النيابة على ما جاء بمذكرتها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن هذا الحكم استند في قضائه برفض دعوى الشفعة على أن الطاعن (الشفيع) تنازل عن الشفعة ويرى الطاعن أن الحكم حين عرض للدفع بتنازل الشفيع عن الشفعة قد أخطأ في القانون إذ أن هذا الدفع لم يكن معروضاً على محكمة الاستئناف بالشكل الذي رسمه القانون، ذلك أن محكمة أول درجة قد عرضت في أسباب حكمها الصادر بجلسة 7/ 2/ 1961 لهذا الدفع وقضت برفضه، وأن هذا الحكم قد أنهى الخصومة بين الطرفين في شأن تنازل الشفيع عن حقه في الشفعة، وانتهت إلى أنه لم يتنازل عن حقه، وكان على المطعون عليهم أن يستأنفوا هذا الحكم على استقلال عملاً بالمادة 378 من قانون المرافعات ولكنهم لم يفعلوا حتى انقضى ميعاد استئنافه، وبذلك فقد صار هذا الحكم نهائياً وحائزاً لقوة الشيء المحكوم فيه، ولا يغير من ذلك أن يكون المطعون عليهم قد استأنفوا هذا الحكم مع الحكم الأخير الصادر في 28/ 12/ 1963، إذ أن استئناف هذا الحكم لا يصحح استئناف الحكم الأول بعد الميعاد، وإذ اعتبرت محكمة الاستئناف هذا الحكم مستأنفاً ومعروضاً عليها مع استئناف الحكم الأخير فإنها تكون قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه، كما أن حكمها إذ اعتبر الطاعن متنازلاً عن حق الشفعة يكون مناقضاً للحكم السابق، وأضاف الطاعن أنه إذ كان قضاء محكمة الاستئناف برفض طلب التعويض مؤسساً على قضائها برفض طلب الشفعة، فإن نقض الحكم في شقه الخاص بالشفعة يترتب عليه نقضه في شقه الخاص برفض طلب التعويض.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن البين من نص المادة 378 من قانون المرافعات أن الشارع قد فرق بين نوعين من الأحكام، أحكام صادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها، وأحكام صادرة في الموضوع ولم يجز الطعن في الأولى على استقلال، ولكن مع الحكم الصادر في الموضوع دون أن يعرض للثانية وتركها للقواعد العامة، ومقتضاها هو الطعن في الأحكام التي تفصل في موضوع الدعوى أو في شق منها في المواعيد القانونية، ويترتب على عدم مراعاة تلك المواعيد سقوط الحق في الطعن وصيرورة هذه الأحكام نهائية وحائزة لقوة الأمر المقضي. ولما كان الثابت من الحكم الصادر بجلسة 7/ 2/ 1961 والذي قضى بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بمنطوقه أن المرحوم أحمد محمد مخلوف، والسيدة زينب عبد الجواد المليجي دفعا بسقوط حق الطاعن في الأخذ بالشفعة، لأن إعلان الرغبة تم بعد مضي أكثر من خمسة عشر يوماً على علمه اليقيني بالبيع ولأنه تنازل عن حقه في الأخذ بالشفعة كما دفع المطعون عليه الثاني محمد محمد محمد مخلوف "الخصم المدخل" ببطلان صحيفة إدخاله في الدعوى وسقوط حق الطاعن في الأخذ بالشفعة لأنه لم يوجه إليه إجراءات الشفعة على النحو الذي توجبه المادة 938 من القانون المدني، وقد قضت المحكمة في أسباب ذلك الحكم برفض هذين الدفعين استناداً إلى أنه لم يوجه إلى الطاعن إنذار بحصول البيع من أي من الخصوم قبل رفع الدعوى وأن الإنذار الذي وجهه إليه الخصم المدخل إنما تم بعد رفعها وإلى عدم ثبوت تنازل الطاعن عن حقه في الأخذ بالشفعة، لما كان ذلك، وكان الدفع بسقوط الحق في الشفعة لسبب من الأسباب الواردة في باب الشفعة هو دفع موضوعي وارد على ذات الحق المطالب به فإن الحكم الصادر بقبوله أو برفضه يكون حكماً صادراً في الموضوع مما يطعن فيه على استقلال في الميعاد القانوني وإلا صار نهائياً وحاز قوة الأمر المقضي. وإذ كان المطعون عليهم "المشتريان والخصم المدخل" لم يستأنفوا هذا الحكم الصادر في 7/ 2/ 1961 إلا مع الحكم الأخير الصادر في 28/ 12/ 1963 فإن استنئافهم له يكون مرفوعاً بعد الميعاد، وبعد أن حاز قوة الأمر المقضي، وإذ قبل الحكم المطعون فيه الاستئناف المرفوع عن هذا الحكم مع استئناف الحكم الأخير الصادر بتاريخ 28/ 12/ 1963 وقضي بإلغائه وبقبول الدفع وبسقوط حق الطاعن في الشفعة لتنازله عنه، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وصدر على خلاف الحكم السابق، وإذ كان قضاء الحكم المطعون برفض طلب التعويض مؤسساً على قضائه برفض طلب الشفعة، فإنه يترتب على نقضه في خصوص قضائه برفض الشفعة إلغاء الحكم الصادر برفض طلب التعويض، وذلك عملاً بالمادة 271 من قانون المرافعات.
ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.