أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 16 - صـ 420

جلسة 31 من مارس سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، وأحمد حسن هيكل، ومحمود عباس العمراوي.

(66)
الطعن رقم 517 لسنة 29 القضائية

قانون. "رجعية القانون". ضرائب. "رسم الأيلولة على التركات".
تطبيق حكم قانون معين على الوقائع السابقة. مبرراته. حق السلطة التشريعية. استقلالها بتقديرها بغير معقب. إصدار قانون بتعديل تاريخ العمل بقانون سابق. لا مخالفة للقانون.
إنه وإن كان من أسس النظام القانوني والمبادئ الدستورية العامة أن "لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها" إلا أنه مع ذلك يجوز للسلطة التشريعية في غير المواد الجنائية ولاعتبارات من العدالة والمصلحة العامة تستقل هي بتقدير مبرراتها ودوافعها، أن تجري تطبيق حكم قانون معين على الوقائع السابقة بنص صريح فيه - وإذ كان الظاهر أنه بعد صدور القانون رقم 217 لسنة 1951 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 142 لسنة 1944 بفرض رسم أيلولة على التركات، قام خلاف بين مصلحة الضرائب وفريق من الممولين حول نشره وبالتالي حول تاريخ العمل به رأى المشرع إزاءه ملاءمة إصدار القانون رقم 488 لسنة 1953 بتعديل المادة الثالثة من القانون رقم 217 لسنة 1951 والنص فيها على أن يعمل به من 5/ 11/ 1951 وهو ذات التاريخ الذي يحمله عدد الوقائع المصرية الذي أعد لنشره وذلك على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون، وكان النزاع في الدعوى يدور حول فئات رسم الأيلولة على تركة مورث المطعون عليهم واستحقاق هذا الرسم على التصرفات الصادرة من المورث إلى الورثة وهل يحكمها القانون رقم 142 لسنة 1944 قبل تعديله بالقانون رقم 217 لسنة 1951 أم بعد تعديله. وجرى الحكم المطعون فيه على أن القانون رقم 142 لسنة 1944 قبل تعديله بالقانون رقم 217 لسنة 1951 هو الواجب التطبيق على التركة مستنداً في ذلك إلى أن المشرع لم يلتزم المصلحة العامة فيما قرره بمقتضى القانون رقم 488 لسنة 1953 من ترتيب أثر رجعي للقانون رقم 217 لسنة 1951، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن ورثة المرحوم أنطون باسيلي ديمتري أقاموا الدعوى رقم 217 لسنة 1956 تجاري القاهرة الابتدائية ضد مصلحة الضرائب بالطعن في قرار لجنة الطعن الصادر بتاريخ 14/ 2/ 1956 فيما قضى به من خضوع تركة مورثهم للقانون رقم 217 لسنة 1951 طالبين إلغاءه والحكم باعتبار القانون رقم 142 لسنة 1944 هو الواجب التطبيق استناداً إلى أن مورثهم توفى في 5/ 11/ 1951 وإلى هذا التاريخ لم يكن القانون رقم 217 لسنة 1951 قد تم نشره وإلى أن القانون رقم 488 لسنة 1953 وإن كان قد أسند تاريخ العمل بالقانون رقم 217 لسنة 1951 إلى 5/ 11/ 1951 إلا أن ذلك لم يكن لتحقيق مصلحة عامة. وبتاريخ 21/ 6/ 1958 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع - أولاً: بإلغاء القرار المطعون فيه فيما قضى به من خضوع تركة المرحوم أنطون باسيلي ديمتري المتوفى في 5/ 11/ 1951 للقانون رقم 217 لسنة 1951 واعتبار القانون الواجب التطبيق على هذه التركة هو القانون رقم 142 لسنة 1944 سواء من ناحية فئات رسم الأيلولة التي تخضع لها هذه التركة أو من ناحية استحقاق رسم أيلولة على التصرفات الصادرة من المورث إلى الورثة ثانياً - ... إلخ. واستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه وتأييد قرار اللجنة وقيد هذا الاستئناف برقم 416 لسنة 75 تجاري قضائية. وبتاريخ 26/ 11/ 1959 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. وطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهم رفض الطعن. وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة في السببين الأول والثاني أن الحكم المطعون فيه جرى في قضائه على أن القانون رقم 142 لسنة 1944 قبل تعديله بالقانون رقم 217 لسنة 1951 هو الواجب التطبيق على تركة مورث المطعون عليهم للاعتبارات التي أوردها، ومدارها أن المشرع أصدر القانون رقم 488 لسنة 1953 وبمقتضاه - رد سريان القانون رقم 217 لسنة 1951 إلى 5/ 11/ 1951 بدلاً من 10/ 11/ 1951 دون أن يكون هناك داع لذلك من المصلحة العامة وهو ما يسع المحكمة معه أن تمتنع عن تطبيقه، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، ووجه الخطأ والمخالفة أنه بعد صدور القانون رقم 217 لسنة 1951 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 142 لسنة 1944 قام خلاف بين مصلحة الضرائب وفريق من الممولين - ومنهم المطعون عليهم - حول تاريخ نشره وهل هو 5 أو 10 نوفمبر سنة 1951 وإزاء هذا الخلاف رأى الشارع أن يتدخل في الأمر بتشريع يحسم هذه الواقعة فأصدر القانون رقم 488 لسنة 1953 بتعديل المادة الثالثة من القانون رقم 217 لسنة 1951 والنص فيها على أن يعمل به من 5/ 11/ 1951 بعد أن كانت تنص على أن يعمل به من تاريخ نشره، ولا شبهة في أنه متى اتجهت إرادة الشارع إلى تقرير أثر رجعي لقانون ما - فيما عدا القوانين الجنائية - بنص صريح فيه تعين احترام هذه الإرادة وإعمالها، وما عول عليه الحكم من أن المشرع لم يلتزم حدود المصلحة العامة فيما قرره بالقانون رقم 488 لسنة 1953 من ترتيب أثر رجعي للقانون رقم 217 لسنة 1951 كذلك وما جاء فيه بصدد الباعث على إصدار هذا القانون جدل لا يملكه قاضي الدعوى وهو جدل مردود بما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون من أن توزيع عدد الوقائع المصرية المؤرخ 5/ 11/ 1951 المنشور به القانون رقم 217 لسنة 1951 أثار خلافاً حول تحديد تاريخه وبالتالي حول نشره وتاريخ العمل به وتنفيذه ومن الأهمية بمكان أن ينفذ هذا القانون في تاريخ واحد بالنسبة للكافة وهي اعتبارات تتعلق بالصالح العام ومصلحة الخزانة.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه وإن كان من أسس النظام القانوني والمبادئ الدستورية العامة أن "لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها" إلا أنه مع ذلك يجوز للسلطة التشريعية في غير المواد الجنائية، ولاعتبارات من العدالة والمصلحة العامة تستقل هي بتقدير مبرراتها ودوافعها، أن تجري تطبيق حكم قانون معين على الوقائع السابقة بنص صريح فيه - وإذ كان الظاهر أنه بعد صدور القانون رقم 217 لسنة 1951 قام خلاف بين مصلحة الضرائب وفريق من الممولين حول نشره وبالتالي حول تاريخ العمل به رأى المشرع إزاءه ملاءمة إصدار القانون رقم 488 لسنة 1953 بتعديل المادة الثالثة من القانون رقم 217 لسنة 1951 والنص فيها على أن يعمل به من 5/ 11/ 1951 وهو ذات التاريخ الذي يحمله عدد الوقائع المصرية الذي أعد لنشره, وذلك على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون بقولها "وقد أثار توزيع عدد الوقائع المصرية المؤرخ 5/ 11/ 1951 المنشور به هذا القانون المعدل خلافاً حول تحديد تاريخه وبالتالي حول نشره وتاريخ العمل به وتنفيذه، ولما كان تحديد تاريخ العمل بالقانون من الأهمية بمكان سواء من حيث فرق الزيادة في رسم الأيلولة ومن حيث سلامة الإجراءات، وأن ينفذ ما استحدثه هذا القانون المعدل في تاريخ واحد بالنسبة للكافة لذلك رأت الوزارة إصدار قانون يقرر تاريخ العمل بالقانون رقم 217 لسنة 1951 اعتباراً من 5/ 11/ 1951 وهو نفس التاريخ الذي يحمله عدد الوقائع المنشور به وبذلك ينضبط الأمر وينتفي ما يثار خلافاً لظاهر الموضوع" - إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على أن القانون رقم 142 لسنة 1944 قبل تعديله بالقانون رقم 217 لسنة 1951 هو الواجب التطبيق على تركة مورث المطعون عليهم مستنداً في ذلك إلى أن المشرع لم يلتزم المصلحة العامة فيما قرره بمقتضى القانون رقم 488 لسنة 1953 من ترتيب أثر رجعي للقانون رقم 217 لسنة 1951 فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.