أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 16 - صـ 437

جلسة 29 من إبريل سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وحافظ محمد بدوي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

(69)
الطلب رقم 96 لسنة 26 ق "رجال القضاء"

( أ ) قضاة. اختصاص "اختصاص محكمة النقض بطلبات رجال القضاء". قانون. "تفسير تشريعي". قضاء إداري.
اختصاص محكمة النقض دون غيرها بطلبات رجال القضاء والنيابة عدا الندب والنقل. شمول اختصاصها المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لهم ولورثتهم. عدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بطلب القاضي احتساب مدة خدمته السابقة في المعاش.
(ب) قضاة. إحالة "أحوال جوازها". اختصاص "اختصاص محكمة القضاء الإداري". "اختصاص محكمة النقض بطلبات رجال القضاء". قضاء إداري.
سلطة القضاء في الإحالة إلى محكمة أخرى تقتصر على حالات عدم الاختصاص المحلي أو النوعي. عدم امتدادها إلى حالات انتفاء الوظيفة القضائية إلا بنص خاص. بطلان إحالة محكمة القضاء الإداري طلباًً من طلبات رجال القضاء لا تختص به ولائياً إلى محكمة النقض. عدم قبول الطلب في هذه الحالة شكلاً لرفعه أمام محكمة النقض بغير الطريق القانوني.
1 - إن المادة 23 من قانون القضاء رقم 147 لسنة 1949 فيما نصت عليه من اختصاص محكمة النقض - منعقدة بهيئة جمعية عمومية - دون غيرها بالفصل في الطلبات المقدمة من رجال القضاء والنيابة والموظفين القضائيين بالديوان العام بإلغاء المراسيم والقرارات المتعلقة بإدارة القضاء عدا الندب والنقل وبالنظر في طلبات التعويض الناشئة عن ذلك، على أن تتبع في تقديم الطلبات والفصل فيها القواعد والإجراءات المقررة في المواد المدنية، قد قصدت إلى أن ترسم لرجال القضاء والنيابة طريقاً خاصاً للطعن في المراسيم والقرارات التي تتعلق بجميع شئون رجال الهيئة القضائية بما في ذلك المنازعات الخاصة بالمرتبات أو المعاشات وإن لم ينص عليها بالذات ويؤكد هذا القصد تعديل صياغة هذه المادة بالقانون رقم 240 لسنة 1955 إذ تضمنت الصيغة الجديدة أن تختص محكمة النقض دون غيرها بإلغاء القرارات المتعلقة بأي شأن من شئون القضاء عدا النقل والندب كما نصت صراحة على اختصاص هذه المحكمة دون غيرها بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لهم أو لورثتهم وجاءت المذكرة الإيضاحية للقانون 240 لسنة 1955 صريحة في بيان أن الصيغة الجديدة للمادة 23 إن هي إلا إيضاحاً وتفسيراً قصده المشرع بالصيغة السابقة. فإذا كان الطالب قد رفع طلبه باحتساب مدة خدمته السابقة في المعاش مقابل أداء متأخر الاحتياطي عنها إلى محكمة القضاء الإداري فإنه يكون قد رفعه إلى محكمة لا ولاية لها بنظره [(1)].
2 - يبين من المادة 135 من قانون المرافعات والمذكرة التفسيرية له أن سلطة القضاء في الإحالة إلى محكمة أخرى إنما تقتصر على حالات عدم الاختصاص المحلي أو النوعي بين المحاكم التي تتبع جهة قضائية واحدة ولا تمتد إلى المسائل التي يكون مرجع عدم الاختصاص بها انتفاء الوظيفة القضائية إلا بنص خاص. فإذا كانت محكمة القضاء الإداري لا ولاية لها بنظر طلب من طلبات رجال القضاء فإنه يتعين عليها أن تقف عند الحكم بعدم الاختصاص - ومؤداه إسقاط القرار الصادر في هذا الطلب من اللجنة القضائية - والمطعون فيه أمامها - أما إذا جاوزت محكمة القضاء الإداري ذلك إلى القضاء بإحالة الدعوى إلى محكمة النقض فإن هذه الأحكام تكون باطلة وإذ كان الطلب لم يقدم إلى محكمة النقض فإن هذه الأحكام تكون باطلة وإذ كان الطلب لم يقدم إلى محكمة النقض بالأوضاع المقررة في المادة 429 من قانون المرافعات التي أحالت إليها المادة 23 من قانون نظام القضاء فإن الطلب يكون غير مقبول لرفعه بغير الطريق القانوني مما يستوجب الحكم بعدم قبوله شكلاً [(2)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الأوراق تتحصل في أنه بتاريخ 24 من فبراير سنة 1954 تظلم الطالب - حين كان وكيلاً للنائب العام إلى اللجنة القضائية لوزارة العدل طالباً الحكم بأحقيته في احتساب مدة خدمته السابقة على تثبيته ضمن مدة الخدمة المحسوبة له في المعاش مقابل أداء متأخر الاحتياطي عنها - وذكر في صحيفة تظلمه أنه عين في 23 من ديسمبر سنة 1943 معاوناً للإدارة بوزارة الداخلية ثم نقل بتاريخ 16 من يناير سنة 1947 إلى وظيفة من الوظائف الدائمة بمصلحة الشهر العقاري ثم عين وكيلاً للنائب العام في 9 من نوفمبر سنة 1951 وقد تم تثبيته في هذا التاريخ وأنه لما كان من حقه طبقاً للقانون أن تضم له مدة خدمته السابقة على التاريخ المذكور إلى المدة المحسوبة له في المعاش وقد امتنعت وزارة العدل عن تسوية حالته على هذا الأساس فقد رفع تظلمه بطلباته السابقة وقيد هذا التظلم برقم 1750 سنة 2 ق - وبتاريخ 29 من سبتمبر سنة 1954 حكمت المحكمة الإدارية للمتظلم بما طلبه - فطعنت وزارة العدل في هذا الحكم أمام محكمة القضاء الإداري طالبة إلغاءه وقيد هذا الطعن برقم 112 سنة 12 ق وبتاريخ 25 من يونيه سنة 1956 قضت محكمة القضاء الإداري بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة النقض تطبيقاً للقانون رقم 240 لسنة 1955 ولدى نظر الطلب أمام هذه المحكمة بعد إحالته إليها دفعت وزارة العدل بعدم قبول الطلب شكلاً لرفعه بغير الطريق القانوني استناداً إلى أنه لا ولاية لغير محكمة النقض في جميع المنازعات المتعلقة بشئون القضاة وأعضاء النيابة وأن الإحالة من محكمة القضاء الإداري إلى محكمة النقض غير جائزة وأنه إذا كان الطالب لم يتقدم بطلبه إلى محكمة النقض بالأوضاع التي كانت مقررة بالمادة 429 من قانون المرافعات التي أحالت إليها المادة 23 من قانون نظام القضاء فإن طلبه يكون غير مقبول وانضمت النيابة العامة إلى الوزارة في هذا الدفع.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أن المادة 23 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 فيما نصت عليه من أنه تختص محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية دون غيرها بالفصل في الطلبات المقدمة من رجال القضاء والنيابة والموظفين القضائيين بالديوان العام بإلغاء المراسيم والقرارات المتعلقة بإدارة القضاء عدا الندب والنقل كما تختص بالنظر في طلبات التعويض الناشئة عن ذلك وتتبع في تقديم الطلبات والفصل فيها القواعد والإجراءات المقررة في المواد المدنية - قد قصدت إلى أن ترسم لرجال القضاء والنيابة طريقاً خاصاً للطعن في المراسيم والقرارات التي تتعلق بجميع شئون رجال الهيئة القضائية بما في ذلك المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات وإن لم ينص عليها بالذات - يؤيد هذا ما أشارت إليه المذكرة الإيضاحية لذلك القانون من أن تقرير المشرع هذه الضمانة لرجال القضاء - كان إمعاناً منه في بث روح الثقة والطمأنينة في نفوسهم حتى لا يشغلهم شاغل على مصائرهم عن أداء رسالتهم المقدسة على أكمل وجه" وقد أوجب المشرع رفع جميع الطلبات الخاصة برجال القضاء مما يتعلق بأي شأن من شئونهم إلى محكمة النقض بالإجراءات المقررة للنقض في المواد المدنية وجعل لمحكمة النقض - منعقدة بهيئة جمعية عمومية - دون غيرها - ولاية القضاء كاملة في هذه الشئون - وقد صدر بعد ذلك بتاريخ 30 من أبريل سنة 1955 القانون رقم 240 لسنة 1955 معدلاً صيغة المادة 23 سالفة الذكر بما يؤكد هذا القصد ويزيده إيضاحاً إذ تضمنت الصيغة الجديدة أن تختص محكمة النقض دون غيرها بإلغاء قرارات مجلس الوزراء والقرارات الوزارية المتعلقة بأي شأن من شئون القضاء عدا النقل والندب كما نصت صراحة على اختصاص هذه المحكمة دون غيرها بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لهم أو لورثتهم. وجاءت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون صريحة في بيان أن هذه الصيغة الجديدة للمادة 23 إن هي إلا إيضاحاً وتفسيراً قصده المشرع بالصيغة السابقة. لما كان ذلك، فإنه يتعين على الطالب أن يرفع هذه الدعوى إلى محكمة النقض وإذا رفعها إلى محكمة القضاء الإداري فإنه يكون قد رفعها إلى محكمة لا ولاية لها بنظرها وكان لذلك يتعين على تلك المحكمة أن تقف عند الحكم بعدم الاختصاص - ومؤداه إسقاط القرار الصادر من اللجنة القضائية لأنها أصدرته في غير ولاية - أما وقد جاوزت ذلك إلى القضاء بإحالة الدعوى إلى محكمة النقض فإن هذه الإحالة تكون باطلة ذلك أنه يبين من المادة 135 من قانون المرافعات والمذكرة التفسيرية لذلك القانون أن سلطة القضاء في الإحالة إلى محكمة أخرى إنما تقتصر على حالات عدم الاختصاص المحلي أو النوعي بين المحاكم التي تتبع جهة قضائية واحدة ولا تمتد إلى المسائل التي يكون مرجع عدم الاختصاص بها انتفاء الوظيفة القضائية إلا بنص خاص - لما كان ذلك، وكان الطلب لم يقدم إلى هذه المحكمة بالأوضاع المقررة في المادة 429 من قانون المرافعات التي أحالت إليها المادة 23 من قانون نظام القضاء فإن الطلب يكون غير مقبول لرفعه بغير الطريق القانوني ويتعين الحكم بعدم قبوله شكلاً.


[(1)] نقض 11/ 6/ 1964 في الطلب رقم 8 لسنة 32 ق "رجال القضاء".
[(2)] نقض مدني 11/ 6/ 1964 بمجموعة المكتب الفني السنة الخامسة عشرة ص 463.