أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 748

جلسة 30 من إبريل سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

(121)
الطعن رقم 26 لسنة 36 القضائية

( أ ) إعلان. "الإعلان للنيابة". محكمة الموضوع.
كفاية التحريات التي تسبق الإعلان للنيابة أمر يرجع فيه لظروف كل واقعة على حدة ويخضع لتقدير محكمة الموضوع.
(ب) حكم. "عيوب التدليل". "تناقض. ما يعد كذلك" ملكية. تقادم.
تدليل الحكم على ملكية المطعون عليه بالتقادم الطويل المدة. نفيه مع ذلك قيام السبب الصحيح على أساس ملكية البائع للطاعن. تناقض تتهاتر به الأسباب.
(جـ) تقادم. "التقادم المكسب". "التقادم الخمسي". بيع.
حسن نية المشتري من غير مالك - بصدد التقادم الخمسي المكسب - وجوب توافره عند تلقي الحق.
1 - تقدير كفاية التحريات التي تسبق إعلان الخصم في مواجهة النيابة أمر يرجع إلى ظروف كل واقعة على حدتها، ومتى رأت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية كفاية التحريات التي قام بها طالب الإعلان للتقصي عن محل إقامة المراد إعلانه وأن الخطوات التي سبقت الإعلان في مواجهة النيابة يعتبر معها الإعلان صحيحاً، فإنه لا معقب عليها في ذلك لتعلقه بأمر موضوعي.
2 - إذ دلل الحكم على ثبوت ملكية مورث المطعون عليهم للعين دون الحكومة ثم عاد وهو بصدد التدليل على عدم صحة الدفع بالتقادم الخمسي إلى اعتبار أن الحكومة هي المالكة للعين ورتب على ذلك قوله بأن العقد الصادر منها للطاعن لا يعتبر سبباً صحيحاً للتملك بالتقادم الخمسي لأنه صادر من مالك، فإن ذلك مما يجعل أسبابه متهاترة بحيث لا يكون للمنطوق قائمة بعد أن خلا من الأسباب التي يمكن أن تحمله.
3 - من المقرر في ظل القانون المدني القديم وقننه المشرع في المادة 969/ 2 من القانون المدني الجديد أن حسن نية المشتري من غير مالك لا يشترط توافره إلا عند تلقي الحق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المرحوم أبادير عبد الملك أقام الدعوى رقم 110 سنة 1947 أمام محكمة أسوان الابتدائية ضد وزير الداخلية وسعيد فرج كرارة وعبد الرحمن أبو بكر عمار يطلب فيها الحكم بتثبيت ملكيته إلى مجرى الماء والطريق المجاور له من ناحيتين بعرض خمسة أقصاب والمبينة الحدود والمعالم بالصحيفة والتي كان قد أنشأها لتوصل المياه من ماكينة الري المملوكة له إلى أطيانه الخاصة وكذلك تثبيت ملكيته إلى الأشجار التي غرسها على جانبي هذا المجرى وقد تابع ورثته الدعوى بعد وفاته، وقالوا شرحاً لها إن هذا المورث كان، قد وضع يده على هذه الأرض منذ سنة 1919 وقت أن كانت من الأراضي المباحة وأنشأ فيها المجرى والطريق كما غرس حوله الأشجار إلا أن الحكومة باعتها في سنة 1935 ضمن أرض تملكها إلى سعيد فرج كرارة وعبد الرحمن أبو بكر عمار. فلما تعرض لهما المورث انتزعتها وزارة الداخلية منه عنوة وأزالت المجرى والطريق والأشجار، فأقام دعواه رقم 71 سنة 1939 كلي قنا طلب فيها إلزام هؤلاء متضامنين بأن يدفعوا له مائة جنيه وقيمة تكاليف إعادة المجرى والطريق إلى أصله وقيمة الأشجار التي كانت قائمة على جانبيه ولما ندبت المحكمة خبيراً لتحقيق وضع اليد أثبت الخبير في تقريره أن هذه الأرض من أراضي خارج الزمام، وأن المورث وضع اليد عليها من سنة 1920 حتى سنة 1935، وقد أوقفت المحكمة نظر الدعوى حتى يثبت المورث ملكيته لما يطالب به وهو ما اضطره إلى رفع الدعوى الماثلة، مستنداً إلى ما جاء بتقرير الخبير المودع في الدعوى الأولى، وإلى تملكه للعين بمجرد الزرع أو الغرس أو البناء على ما هو وارد بالمادة 37 من القانون المدني القديم. ودفعت الحكومة الدعوى بأن المورث إنما كان يضع اليد على هذه العين بصفته مستأجراً لها بعقدي إيجار نص فيهما على أن الحكومة المؤجرة تتملك ما قد يقوم به المستأجر من غراس أو بناء بالعين المؤجرة، وأضافت بأنه وإن كان الخبير في الدعوى الأولى لم يتمكن من تطبيق عقدي الإيجار على الطبيعة إلا أن العين موضوع الدعوى محصورة بين أملاكها. وبتاريخ 15 يونيه سنة 1955 حكمت المحكمة الابتدائية بندب مكتب الخبراء بأسوان لتحقيق الملكية ووضع اليد وتطبيق عقدي الإيجار على الطبيعة، ولما لم ينفذ هذا الحكم عادت المحكمة بتاريخ 3 فبراير سنة 1956 فحكمت بتثبيت ملكية المدعين للمجرى والطريق المجاور لها من الناحيتين بعرض خمسة أقصاب وإلى الأشجار التي كانت مقامة عليها. استأنفت وزارة الداخلية ومصلحة الأملاك هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط (مأمورية أسوان) طالبين إلغاءه ورفض الدعوى وقيد استئنافهما برقم 381 سنة 32 قضائية كما استأنفه سعيد فرج كرارة وعبد الرحمن أبو بكر عمار لدى ذات المحكمة طالبين إلغاءه والحكم ببطلان صحية افتتاح الدعوى أو بطلان الحكم المستأنف، وقيد استئنافهما برقم 32 سنة 39 قضائية، وبتاريخ 15 نوفمبر سنة 1965 حكمت محكمة الاستئناف بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف، وبتقرير مؤرخ 13 يناير سنة 1966 طعن سعيد فرج كرارة وعبد الرحمن أبو بكر عمار على هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنان على طلب نقض الحكم، ودفع المطعون عليهما الأول والثاني ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون عليهما الثالث والرابعة، وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد في مذكرتها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون عليهما الأول والثاني أن تقرير الطعن قد أعلن للمطعون عليهما الثالث والرابعة في مواجهة النيابة، دون أن يسبق هذا الإعلان أية تحريات تدل على عدم الاستدلال على موطنهما مما يجعل الإعلان باطلاً.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن الثابت من الأوراق أن الطاعنين وجها إعلان تقرير الطعن إلى المطعون عليهما الثالث والرابعة في المنزل رقم 44 بشارع قنا بدائرة قسم محرم بك بالإسكندرية، وأثبت المحضر أن الإعلان لم يتم لعدم وجود منزل بهذا الرقم في الشارع المشار إليه، ثم قام الطاعنان بإعادة إعلانهما في المنزل رقم 5 شارع قصر النيل ولم يتم الإعلان لعدم الاستدلال عليهما في هذا العنوان وعلى أثر ذلك قام الطاعنان بإعلان المطعون عليهما المذكورين في مواجهة النيابة، وهذه التحريات التي قام بها الطاعنان تكفي في تقصي محل إقامة المعلن إليهما ويصح معه إعلانهما في مواجهة النيابة.
وحيث إن المطعون عليهما الأول والثاني دفعا بسقوط الحق في الطعن استناداً إلى أنه قرر به بعد ميعاد الثلاثين يوماً المنصوص عليه في المادة 431 من قانون المرافعات قبل تعديله بقانون إنشاء دوائر فحص الطعون والتي أعيد العمل بها بمقتضى القانون رقم 43 سنة 1965 بشأن السلطة القضائية، ذلك أن الحكم المطعون فيه صدر في 15 نوفمبر سنة 1965 ولم يطعن عليه إلا في 13 يناير سنة 1966 بعد فوات الميعاد.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أنه وفقاً للمادة الثانية من القانون 4 سنة 1967 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب البطلان أو السقوط على عدم مراعاة الإجراءات والمواعيد التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر الفحص سواء بالنسبة إلى الطعون التي رفعت قبل تاريخ العمل بالقانون 43 سنة 1965 بشأن السلطة القضائية أو الطعون التي رفعت في الفترة من هذا التاريخ إلى تاريخ نشر هذا القانون في 11 مايو سنة 1967، وإذ كان ذلك وكان الطعن قد رفع في الفترة من تاريخ العمل بالقانون 43 سنة 1965 إلى تاريخ نشر القانون 4 سنة 1967 فإنه يتعين رفض الدفع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول الخطأ في القانون والقصور وفساد الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان إن مورث المطعون عليهما الأولين أقام دعواه الأولى رقم 71 سنة 1939 كلي قنا وأعلنهما بصحيفتها بناحية النفاذي مركز عنيبة في 25 ديسمبر سنة 1939، ولما تبين أنهما لا يقيمان بها وأثبت المحضر على لسان شيخ الناحية أنهما يقيمان ببلدة طوكر بالسودان أعاد المورث إعلانهما في هذه البلدة الأخيرة حيث تم تسليم الإعلان لشخصهما في 9 مارس سنة 1939، ولكن المورث إذ أقام دعواه الثانية تجاهل محل إقامتهما الذي سبق له أن أعلنهما فيه ووجه إعلان صحيفة الدعوى الماثلة إلى البرينة حيث تبين أنهما لا يقيمان بها وأثبت المحضر أنهما يقيمان بناحية الشلال فلما وجه الإعلان إلى هذه الناحية لم يستدل عليهما فيها فوجه المورث الإعلان إلى النيابة على أساس أن ليس لهما محل إقامة معروف، ولما صدر الحكم الابتدائي في غيبتهما كان من بين أسباب استئنافهما له النعي ببطلان إعلان صحيفة الدعوى لتعمد المورث توجيه الإعلان لغير محل إقامتهما الذي يعلمه بناحية طوكر بالسودان حتى يتمكن من إعلانهما للنيابة ويستصدر حكماً في غيبتهما، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بصحة الإعلان تأسيساً على أن ما تم من إجراءات يدل على أن المورث قد قام بالتحريات الكافية بغية إعلانهما متقصياً عن محل إقامتهما وهو ما يبدو منه أن الحكم لم يتنبه إلى نعيهما سالف الذكر بصحيفة الاستئناف، ولما كان هذا الإعلان فضلاً عن وقوعه باطلاً فقد بني على الغش الذي يجعله معدوماً، وإذ قضى الحكم المطعون فيه رغم ذلك بصحته فإنه يكون مخطئاً في القانون مشوباً بالقصور وفساد الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان تقدير كفاية التحريات التي تسبق إعلان الخصم في مواجهة النيابة أمر يرجع إلى ظروف كل واقعة على حدتها ومتى رأت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية كفاية التحريات التي قام بها طالب الإعلان للتقصي عن محل إقامة المراد إعلانه وأن الخطوات التي سبقت الإعلان في مواجهة النيابة يعتبر معها الإعلان صحيحاً، فإنه لا معقب عليها في ذلك لتعلقه بأمر موضوعي. لما كان هذا وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بصحة الإعلان على ما قرره من أن الثابت من الأوراق أن المورث قام بإعلان الطاعنين بصحيفة افتتاح الدعوى بالسراج تبع البرونية ولما تبين عدم وجودهما وأرشد شيخ البلد إلى أن إقامتهما بالشلال وجه المورث الإعلان لهما بالشلال فلم يستدل عليهما فيها فأعلنهما في مواجهة النيابة، فإن هذا المورث يكون بذلك قد قام بالتحريات الكافية بغية إعلانهما متقصياً عن محل إقامتهما. لما كان ذلك وكان الطاعنان لم يقدما ما يدل على أنهما ظلا مقيمين بطوكر منذ إعلانهما سنة 1939 حتى إقامة الدعوى الثانية سنة 1947، وكان ما قرره الحكم المطعون فيه ينطوي على رد ضمني ينفي ما ذهب إليه الطاعنان من وقوع غش بتعمد المورث إخفاء الدعوى عن الطاعنين، وكان ذلك جميعه سائغاً ومقبولاً، فإن النعي يصبح في حقيقته جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدفع بتملك الطاعنين للعين محل النزاع بالتقادم الخمسي على أن هذا التقادم يستلزم إلى جوار وضع اليد المملك قيام السبب الصحيح الذي يكون من شأنه نقل الملكية لو أنه صدر من المالك الحقيقي للمبيع، وأنه لما كانت الحكومة هي المالكة وينقل البيع الصادر منها الملكية للمشتري، فإنه لا يجوز لها التمسك بهذا الدفع، كما أضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك أنه لا يجدي المستأنفين الثالث والرابع - الطاعنين - تمسكهما بهذا الدفع لأنه يستلزم قيام حسن النية الذي ينفيه عنهما علمهما بأن العين المبيعة لهما غير مملوكة للبائع إذ لم يتسلماها إلا عنوة وبالقوة عن طريق الإدارة وهو ما كشفت عنه التحقيقات الإدارية رقم 1529 سنة 35، ويقول الطاعنان إن هذا القضاء يشوبه الغموض والتناقض لأن رفض دفع الحكومة باكتساب المشتري منها العين بالتقادم الخمسي على أساس أن هذا التقادم القصير لا يجوز للحكومة التمسك به لأنها المالكة للعين كان يقتضي الحكم للطاعنين بالملكية، كما أن ما قرره الحكم عن انتفاء حسن النية عنهما يخالف الواقع والقانون، إذ فضلاً عن أن الأصل هو افتراض حسن النية في الحائز، فإنه لا يمكن افتراض القول بأن الطاعنين كان في اعتقادهما أن الحكومة تبيع ما لا تملك، كما أنه لما كان حسن النية لا يلزم توافره إلا وقت التصرف لا بعده على ما نصت عليه المادة 969/ 2 من القانون المدني - وهو ما استقر عليه قضاء محكمة النقض قبل تاريخ العمل بها - وكان تسليم الإدارة المبيع للمشتريين لم يتم إلا بعد تلقيهما الحق فعلاً، فإن الحكم يكون مخطئاً في القانون فضلاً عما شابه من قصور في التسبيب وتخاذل في الأسباب.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن استظهر الأسباب التي استند إليها الحكم الابتدائي في قضائه باكتساب مورث المطعون عليهم الأربعة الأول ملكية العين محل النزاع بوضع اليد المدة الطويلة بالإضافة إلى تملكه لها بالغراس وإنشاء المروى تطبيقاً لنص المواد 8 و56 و57 من القانون المدني القديم، عرض لأسباب الاستئناف ورد عليها بقوله "إنه عن السبب الأول من أسباب الاستئناف رقم 381 سنة 32 ق الذي ينعى فيه المستأنفان 1 و2 على محكمة أول درجة بأنها أخطأت حينما قررت - استناداً منها على تقرير الخبير، أن مورث المستأنف عليهم الأربعة الأول قد وضع اليد على أرض النزاع وأنشأ مجرى وغرس الغراس فيها بحيث أصبحت ملكاً له لأن وضع يد المورث المذكور كان وليد عقدي الإيجار المودعين بحافظة مستندات الحكومة المقدمة منها، فقد كانت أرض النزاع من أراضي الحكومة لا يجوز تملكها بالتقادم - فإنه مردود بأنه ترديد للدفاع الذي أثاره دفاع المستأنفين الأولين أمام محكمة أول درجة التي قامت بالرد عليه في فيض من البحث وبأسباب سائغة مما لا ترى معه المحكمة وجهاً لترديدها بعد أن أشارت إليها آنفاً" كما عول الحكم في رفضه الدفع باكتساب المشتريين من الحكومة للعين بالتقادم الخمسي على قوله "إنه النسبة لما يثيره المستأنفان الأولان في مذكرتهما 30 دوسيه من أن المستأنفين 3 و4 قد تملكا الأرض بالتقادم الخمسي فإنه مردود عليهما (المستأنفين الأولين) بأن السبب الصحيح هو كل تصرف قانوني يستند إليه واضع اليد في حيازته للعقار ويكون من شأنه نقل الملك لو أنه صدر من مالك أهل للتصرف، مما يبين منه أنه يشترط في السبب الصحيح أن يكون صادراً من غير مالك، فليس السبب الصحيح أو التصرف القانوني بذاته هو الذي يكسب الملكية لصاحبه وإنما الذي يكسبه إياها هو وضع اليد المدة القانونية المبنى على سبب صحيح اشترطه القانون لتقرير حالة غير مشروعة مستمرة زمناً، فإذا كان العقد صادراً من مالك وهو وزير الداخلية ومدير الأملاك بصفتهما فهو في هذه الحالة يعتد بطبيعته ناقلاً للملكية فلا يلحقه أثر التقادم الخمسي لأن له في ذاته كل الحجية اللازمة قانوناً". وأنه "لا يجدي المالك وهو هنا وزير الداخلية ومدير الأملاك بصفتيهما التمسك بهذا السبب ومن جهة أخرى لا يجدي كذلك المستأنفين الثالث والرابع أن يتمسكا به لعدم توافر شرط حسن النية بالنسبة لهما، ذلك لأنهما لم يتسلما المجرى المتنازع عليها إلا عن طرق الإدارة وبالقوة كما تكشف عن ذلك وقائع الدعوى وخاصة التحقيقات الإدارية المنضمة برقم 1529 سنة 1935 فقد كان المستأنفون على علم بأن المجرى والطريق والأشجار ليست ملكاً للبائع لهما وأنها مملوكة لمورث المستأنف عليهم الأربعة الأول وبذلك ينتفي عنهما حسن النية" وهو ما يبين منه أن الحكم بعد أن دلل على ثبوت ملكية مورث المطعون عليهم الأربعة الأول للعين دون الحكومة عاد وهو بصدد التدليل على عدم صحة الدفع بالتقادم الخمسي إلى اعتبار أن الحكومة هي المالكة للعين ورتب على ذلك قوله بأن العقد الصادر منها للطاعنين لا يعتبر سبباً صحيحاً للتملك بالتقادم الخمس لأنه صادر من مالك وهو ما يجعل أسبابه متهاترة بحيث لا يكون للمنطوق قائمة بعد أن خلا من الأسباب التي يمكن أن تحمله، كما شابه قصور في التسبيب فيما ذكره تدليلاً على انتفاء حسن نية الطاعنين من أنهما لم يتسلما المجرى المتنازع عليها إلا عن طريق الإدارة وبالقوة" مع أنه من المقرر - طبقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة في ظل القانون المدني القديم وقننه المشرع في المادة 969/ 2 من القانون المدني الجديد - أن حسن نية المشتري من غير مالك لا يشترط توافره إلا عند تلقي الحق، إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر تحقق حسن النية لدى الطاعنين عند التعاقد مع الحكومة، اكتفاء بما قرره من أنهما تسلما العين محل النزاع عن طريق القوة فإنه يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم.