أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 820

جلسة 13 من مايو سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ صبري أحمد فرحات، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد أبو حمزه مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد ضياء الدين حنفي.

(133)
الطعن رقم 270 لسنة 35 القضائية

( أ ) عمل. "عقد العمل". "تحديد سن العامل".
تحديد سن العامل عند بدء اشتراكه في صندوق التأمين والادخار. كيفيته نهائيته.
(ب) استئناف. "أسباب الاستئناف". دعوى. "الطلبات في الدعوى".
الطلب الذي تغفله المحكمة. بقاؤه أمامها. السبيل إلى الفصل فيه هو الرجوع إلى نفس المحكمة لنظره. عدم جواز الطعن في الحكم بالاستئناف لإغفاله الفصل في الطلب. عدم قبول الاستئناف إلا عن الطلبات التي فصل فيها صراحة أو ضمناً.
(ج) عمل. "اقتراض العامل من صاحب العمل". بنك. فوائد.
طلب عامل بأحد بالبنوك قرضاً بمحض رغبته من هذا البنك. إلزامه بالفائدة التي التزم بها في عقد القرض. عدم امتداد الحظر المقرر بالمادة العاشرة من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 إليها.
1 - مفاد نص المادة 26 من القانون رقم 419 لسنة 1955 الخاص بصندوق التأمين والادخار والفقرة الأولى من المادة 14 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون والمادة 15 منها، أن المشرع قد حدد الطريقة التي تقدر بها سن العامل عند بدء اشتراكه في صندوق التأمين والادخار إذا تعذر عليه إثبات تاريخ ميلاده في الميعاد المقرر بمستند رسمي على الوجه المبين بالمادة 14 من اللائحة، وأن السن المقدرة بالطريق القانوني تكون في خصوص الاستخدام - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض [(1)] - أمراً مفروغاً منه غير قابل لإعادة النظر فيه واجباً الأخذ به حتى لو ثبت خطؤه بيقين.
2 - الطلب الذي أغفلت محكمة أول درجة الفصل فيه يكون باقياً على أصله معلقاً أمامها لم يقض فيه، ويكون السبيل إلى طلب الفصل فيه هو الرجوع إلى نفس المحكمة طبقاً لما تقضي به المادة 368 من قانون المرافعات. ولا يجوز - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض [(2)] - الطعن في الحكم الصادر من محكمة أول درجة بسبب إغفال الفصل في ذلك الطلب إذ الاستئناف لا يقبل إلا عن الطلبات التي فصل فيها الحكم المستأنف صراحة أو ضمناً.
3 - مفاد نص المادة العاشرة من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 أن المشرع أجاز لأصحاب الأعمال إقراض العمال، وأنه في سبيل التوفيق بين مصلحة العامل في قبض أجره بالكامل وبين حق صاحب العمل في التمسك بانقضاء الأجر مقاصة مع القرض، وضع قيوداً على طريقة الوفاء بما لا يرهق العامل، كما حرم تقاضي فوائد على هذا القرض حماية للعامل ومنعاً من استغلاله، ولم يقصد المشرع أن يقيد صاحب العمل في استغلال نشاطه أو أن يتنازل عن أرباحه منه للعامل، فإذا أقبل عامل بأحد البنوك على طلب قرض بمحض رغبته من هذا البنك والتزم في العقد بالفائدة التي يتقاضاها البنك من عملائه عن القروض التي هي من صميم أعماله، فإن العامل يكون ملزماً بالفائدة التي تمثل أرباح البنك من نشاطه، ولا يمتد إليها الحظر المقرر بالمادة العاشرة من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن إبراهيم محمد الشرنوبي أقام الدعوى رقم 414 سنة 1957 عمال القاهرة الابتدائية ضد بنك مصر طالباً الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 13500 ج مع المصاريف وأتعاب المحاماة، وقال بياناً للدعوى إنه التحق بالخدمة لدى البنك في سنة 1921 وإن اللائحة التي أصدرها البنك سنة 1948 تنص على أن يحال إلى التقاعد كل من يبلغ الستين من عمره، ونظراً لأنه من سواقط القيد ولم يتمكن من تقديم المستخرج الرسمي بتاريخ ميلاده فقد أحاله البنك على الطبيب المختص لشركة مصر للتأمين في سنة 1948 وقدر سنه بخمس وأربعين سنة، واستمر في عمله حتى طلب منه البنك في 18/ 10/ 1956 إعادة عرضه على الطبيب المختص فرفض هذا العرض لسبق تقدير سنه وقبول الطرفين له، كما أخطره البنك في خطاب مؤرخ 6/ 2/ 1956 بأنه اتضح من مستخرج رسمي أنه من مواليد 3/ 2/ 1897 وبأن خدمته تنتهي في 2/ 2/ 1957 لبلوغه سن الستين، وإذ أرسل إلى البنك إنذاراً بالاستمرار في عمله ورفض البنك الاستجابة إليه ومنعه من عمله ابتداء من 12/ 1/ 1957 فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته. وبتاريخ 22/ 12/ 1959 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى. استأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 158 سنة 77 قضائية. وبتاريخ 19/ 2/ 1961 حكمت المحكمة (أولاً) بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم الاختصاص بالنسبة للطلب الخاص بصرف العلاوات والمكافآت عن المدة السابقة على فصله. (ثانياً) بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لباقي الطلبات وباختصاص محكمة أول درجة بالفصل في موضوعها وإعادة القضية إليها. وعجل المدعي الدعوى أمام المحكمة الابتدائية وانتهى إلى طلب الحكم بإلزام بنك مصر بأن يدفع له (أولاً) مبلغ 9937 ج و846 م تعويضاً عن الفصل التعسفي. (ثانياً) قيمة وثيقة التأمين التي تستقطع من مرتبه بواقع 7.5% (ثالثاً) الخصومات التي اقتطعت من مرتبه على ذمة الادخار. (رابعاً) ثلاثة سندات لبنك مصر (خامساً) رد الفوائد عن السلفة التي تقاضاها البنك، وبتاريخ 13/ 1/ 1962 حكمت المحكمة برفض الدعوى وأعفت المدعي من المصروفات. استأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد الاستئناف برقم 634 سنة 79 قضائية. وبتاريخ 31/ 10/ 1963 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وبندب خبير لأداء المأمورية المبينة بمنطوقه، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وبتاريخ 24/ 2/ 1965 فحكمت في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأعفت المستأنف من المصروفات، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل الأسباب الأربعة الأولى أن الحكم المطعون فيه اعتبر أن مدة خدمة الطاعن انتهت في 2 فبراير سنة 1957 ببلوغه سن التقاعد مستنداً في ذلك إلى مستخرج رسمي بشهادة ميلاده، وإلى أن تحديد سنه بمعرفة طبيب شركة مصر للتأمين في سنة 1948 بصدد عقد وثيقة التأمين غير ملزم للبنك في شأن إنهاء الخدمة عند بلوغه سن الستين، وهذا من الحكم خطأ في القانون وقصور من وجوه (أولها) أن الطاعن التحق بخدمة البنك باعتباره من سواقط القيد ولا يجوز للبنك أن يخالف شريعة المتعاقدين ويعتمد بعد ذلك على مستخرج رسمي من شهادة ميلاده في تقدير سن الطاعن (وثانيها) أن الطاعن أنكر أن المستخرج الرسمي خاص به وقرر أنه يحمل اسم شخص آخر، ورد الحكم على هذا الدفاع بأن الطاعن لم يجحد اسم الوالدة بالمستخرج وهو رد غير سائغ لأن جحد المستند لا يتطلب جحد كل جزئية فيه ولا يعد سكوته عن جحد جزئية منه دليلاً على اعترافه بها. (وثالثها) أن الطاعن تمسك في دفاعه بأن تحديد سنه بمعرفة طبيب شركة التأمين ملزم لصاحب العمل، وبأنه لم يثبت أنه كان للبنك طبيب خاص يقوم بتحديد سن الموظفين، وإنما كان له طبيب يشرف على علاجهم ولكن الحكم رد على ذلك بأن تحديد سن الطاعن على هذه الصورة لا شأن له بعلاقته بالبنك، في حين أنه لا يستساغ تحديد نهاية الخدمة بتاريخين تاريخ يأخذ به البنك وتاريخ يحدد علاقة الموظف والبنك بشركة التأمين في حق يتعلق بنهاية مدة الخدمة طبقاً للائحة البنك. (ورابعها) أغفل الحكم الرد على ما تمسك به الطاعن في دفاعه من أن القانون رقم 419 لسنة 1955 أعفى من تطبيق أحكامه طوائف العمال الذي يتمتعون قبل صدوره بنظم أكثر رعاية، وبذلك لم يكن على الطاعن أن يطلب إلى البنك بعد العمل بهذا القانون تقدير سنه بمعرفة طبيب مؤسسة الادخار والتأمينات، وكان على بنك مصر اتخاذ هذا الإجراء بدلاً من طلب تقدير سنه بمعرفة طبيبه الخاص، إذ الثابت بالأوراق أنه كان معروفاً لدى البنك أن الطاعن من سواقط القيد.
وحيث إن هذا النعي في جملته مردود، ذلك أن النص في المادة 26 من القانون رقم 419 لسنة 1955 في الباب الرابع الخاص بصندوق التأمين على أن "يكون مبلغ التعويض الذي يؤديه الصندوق وفقاً للمادة السابقة معادلاً لنسبة من الأجر السنوي للعامل تختلف تبعاً للسن وذلك وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون، ويصدر وزير الشئون الاجتماعية قراراً بتعيين الإجراءات التي تتبع في تحديد سن العامل إذا تعذر الحصول على مستند رسمي لإثباته". والنص في الفقرة الأولى من المادة 14 من اللائحة التنفيذية الصادرة لهذا القانون في 11 من مارس سنة 1956 على أنه "على كل عامل أن يقدم إلى صاحب العمل عند بدء اشتراكه في صندوق المؤسسة وخلال المدة المقررة في المادة 5 من هذه اللائحة شهادة ميلاد أو مستخرجاً رسمياً منها أو شهادة من إدارة التجنيد بتاريخ تجنيده أو إعفائه منه أو أي مستند رسمي آخر موضح فيه تاريخ الميلاد" والنص في المادة 15 منها على أنه "إذا تعذر على العامل إثبات تاريخ ميلاده طبقاً لما هو وارد في المادة السابقة يجب عليه إخطار صاحب العمل بذلك لإجراء تقدير سنه بمعرفة طبيب المؤسسة وذلك على الاستمارة رقم 4 المرفق نموذجها. وعلى صاحب العمل أن يرسل هذه الاستمارة إلى المؤسسة مع الاستمارة 1، وعلى المؤسسة بعد تقدير سن العامل إخطاره به... ويكون تقدير طبيب المؤسسة في هذه الحالة نهائياً وغير قابل للطعن حتى لو ثبت بعد ذلك وجود اختلاف بين السن الحقيقية والسن المقدرة" يدل على أن المشرع قد حدد الطريقة التي تقدر بها سن العامل عند بدء اشتراكه في صندوق التأمين والادخار إذا تعذر عليه إثبات تاريخ ميلاده في الميعاد المقرر بمستند رسمي على الوجه المبين بالمادة 14 من اللائحة وأن السن المقدرة بالطريق القانوني تكون في خصوص الاستخدام - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أمراً مفروغاً منه غير قابل لإعادة النظر فيه واجباً الأخذ به حتى لو ثبت خطؤه بيقين. وبالرجوع إلى الحكم الابتدائي - الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه في أسبابه - يبين أنه أقام قضاءه ببلوغ الطاعن سن التقاعد على ما قرره من أن "المدعي التحق بخدمة البنك في أكتوبر سنة 1921 دون تحديد سنه أو مطالبته بشهادة ميلاده وأنه ظل في خدمة البنك إلى سنة 1948 حيث رغب البنك في تثبيته وعمل بوليصة تأمين له فطالبه بشهادة ميلاده فادعى أنه من سواقط القيد فقدره طبيب شركة مصر للتأمين بخمسة وأربعين عاماً في سنة 1948، وأن البنك وشركة التأمين شكا في صحة هذا التقدير فطالباه بالحضور للكشف عليه طبياً بمعرفة طبيب البنك فرفض متمسكاً بالتقدير السابق بمعرفة طبيب شركة مصر للتأمين، فاضطر البنك للبحث في دفاتر مواليد بلدة المدعي وهي ديبي مركز رشيد على ضوء التقدير فاتضح للبنك بأن المدعي مقيد بدفاتر المواليد بتاريخ 3/ 2/ 1897 وذلك حسب المستخرج المؤرخ 18/ 1/ 1956 والمقدم بحافظة البنك رقم 6 ملف الدعوى". كذلك وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أورد في هذا الصدد "أن الخبير قد باشر مهمته وقدم تقريره المؤرخ 7/ 11/ 1964 الذي أورد في نتيجته النهائية (أولاً) أن الدكتور سيد شكري كان يشرف صحياً على عمال وموظفي بنك مصر من 9/ 7/ 1947، وفي سنة 1948 كان يتبع بنك مصر كموظف به نظير مكافأة وكانت سن الموظفين موكولة إليه إذا طلب منه ذلك وأن تحديد السن في سنة 1948 كان بصدد تطبيق نظام مكافأة ترك الخدمة وإبرام بوالص التأمين وقيام أطباء شركة مصر للتأمين كان بقصد إبرام هذه البوالص وليس باعتبار أطباء شركة مصر للتأمين هم المشرفون على موظفي وعمال البنك (ثانياً) دواعي طلب شركة التأمين من البنك شهادة ميلاد المستأنف في 24/ 12/ 1955 بعد سابقة تحديد سنه بمعرفة طبيبها في سنة 1948 هي تطبيق القانون رقم 419/ 1955" وأن "المستأنف لم يجحد أن اسم الوالدة بالمستخرج هو اسم والدته" وأن "ما قاله مدير شئون الأفراد (بالبنك) في أن تسنين طبيب شركة التأمين ملزم للبنك إنما يكون بخصوص البوالص التي تعقدها هذه الشركة ولا شأن له في تحديد سن الموظفين بالنسبة لعلاقتهم بالبنك، إذ أن ذلك إنما يرجع إلى ما تقضي به القوانين أو اللوائح أو الاتفاقات". وهي تقريرات موضوعية سائغة تواجه دفاع الطاعن في شأن المستخرج المقدم من البنك بتاريخ ميلاده وفي شهادة طبيب شركة التأمين بتقدير سنه في سنة 1948 وهي أمور تتعلق بتقدير الدليل الذي يستقل به قاضي الموضوع ولا مخالفة فيها للقانون. إذ كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن رفض إحالته إلى الطبيب المختص بمؤسسة التأمين والادخار طبقاً لأحكام اللائحة التنفيذية للقانون رقم 419 لسنة 1955 في حين أن البنك يجب أن يخضع لأحكام صندوق التأمين بمقتضى نص المادتين 22 و36 من هذا القانون، فإن الحكم المطعون فيه إذ عول في تقدير سنه على مستخرج رسمي بتاريخ ميلاده ولم يعتد بما قدره طبيب شركة مصر للتأمين في سنة 1948، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو شابه قصور.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول طلب الطاعن استرداد ما اقتطعه البنك من مرتبه على سبيل الادخار، مستنداً في ذلك إلى أن الحكم الابتدائي وقد أغفل الفصل في هذا الطلب، فإن السبيل هو الرجوع إلى محكمة أول درجة للنظر فيه عملاً بنص المادة 368 من قانون المرافعات وليس الطعن بالاستئناف، وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون لأن حق الطاعن في الرجوع إلى محكمة أول درجة لا يحرمه من حقه في الاستئناف بالنسبة للطلبات التي أغفلت محكمة أول درجة الفصل فيها على اعتبار أنها رفضتها ولم ترد عليها في أسباب حكمها.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الطلب الذي أغفلت محكمة أول درجة الفصل فيه يكون باقياً على أصله معلقاً أمامها لم يقض فيه، ويكون السبيل إلى طلب الفصل فيه هو الرجوع إلى نفس المحكمة طبقاً لما تقضي به المادة 368 من قانون المرافعات، ولا يجوز - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - الطعن في الحكم الصادر من محكمة أول درجة بسبب إغفال الفصل في ذلك الطلب، إذ أن الاستئناف لا يقبل إلا عن الطلبات التي فصل فيها الحكم المستأنف صراحة أو ضمناً. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن حاصل السبب السادس أن الحكم المطعون فيه قضى برفض ما طلبه الطاعن من رد مبلغ 277 ج و540 م كان البنك قد اقتطعه من المكافأة مقابل الفوائد عن قرض مقداره 1300 ج حصل عليه الطاعن من البنك، مستنداً في ذلك إلى أن المادة 10 من القانون رقم 317 لسنة 1952 إنما تحرم على صاحب العمل اقتضاء الفائدة على القروض الصغيرة وأن البنك أعطى القرض للطاعن باعتباره عميلاً لا عاملاً، وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، لأن هذا النص عام لا يجوز تخصيصه بغير مخصص، وهو نص آمر لا يجوز الاتفاق على مخالفته، وثابت أن القرض الذي أعطاه البنك للطاعن كان بسبب علاقة العمل وبضمان مكافأة نهاية الخدمة ومرتبه والمنحة السنوية فلا يجوز للبنك أن يتقاضى عنه أية فائدة ولو كان القرض كبيراً وحرر به سند إذني.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن النص في المادة العاشرة من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 - الذي يحكم واقعة الدعوى - على أنه "لا يجوز لصاحب العمل أن يقتطع من أجر العامل أكثر من 10% وفاء لما يكون قد أقرضه من مال ولا أن يتقاضى عن هذا القرض أية فائدة" يدل على أن المشرع أجاز لأصحاب الأعمال إقراض العمال، وأنه في سبيل التوفيق بين مصلحة العامل في قبض أجره بالكامل وبين حق صاحب العمل في التمسك بانقضاء الأجر مقاصة مع القرض، وضع قيوداً على طريقة الوفاء بما لا يرهق العامل كما حرم تقاضي فوائد على هذا القرض حماية للعامل ومنعاً من استغلاله، ولم يقصد أن يقيد صاحب العمل في استغلال نشاطه أو أن يتنازل عن أرباحه منه للعامل متى أقبل هو بمحض رغبته على الشراء مما ينتجه صاحب العمل ولم يكن صاحب العمل هو الذي ألزمه بالشراء، فإذا أقبل عامل بأحد البنوك على طلب قرض بمحض رغبته من هذا البنك والتزم في العقد بالفائدة التي يتقاضاها البنك من عملائه عن القروض التي هي من صميم أعماله، فإن العامل يكون ملزماً بالفائدة التي تمثل أرباح البنك من نشاطه، ولا يمتد إليها الحظر المقرر بالمادة العاشرة من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952، وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه برفض طلب الطاعن استرداد فوائد القرض على ما قرره من أن "المستأنف حصل على مبلغ القرض المذكور وقدره 1300 ج كسلفة بوصفه عميلاً عادياً" وأن "المستأنف وقد حرر به على نفسه سنداً مؤرخاً 19/ 1/ 1954 يستحق في 5 يناير سنة 1955 لأمر وإذن البنك" وأن "الغرض منه كان بناء المستأنف لدار له على النحو الثابت بملف خدمته وبدليل تحريره سنداً إذنياً لأمر وإذن البنك نص فيه على احتساب فوائد تأخيرية عليه، وفي هذا كله ما يؤكد أن اقتراض المستأنف للقرض المذكور كان باعتباره عميلاً عادياً للبنك وليس باعتباره موظفاً به وهو نفس الرأي الذي قال به الخبير في تقريره". ومن ذلك يبين أن الطاعن هو الذي أقبل على طلب القرض من البنك بمحض رغبته لإقامة دار له والتزم بالفائدة في سند الدين أسوة بالقروض مع العملاء، وإذ كان ذلك وكان الحكم قد قضى برفض طلب الطاعن استرداد قيمة الفائدة التي سددها عن هذا القرض، فإنه لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن حاصل السبب السابع أن الحكم المطعون فيه قضى برفض طلب الطاعن منحه ثلاثة أسهم على أساس أنه عامل يمنح سهمان، ولا يعتبر موظفاً طبقاً لأحكام اللائحة الصادرة من البنك، وهو خطأ في القانون لأن المادة 29 من اللائحة تخضع عمال التليفون في فروع البنك الكادر العمال فيما عدا فرع الإسكندرية، وهي بذلك تعتبر عامل التليفون بفرع الإسكندرية موظفاً فيعتبر الطاعن وهو عامل تليفون بالمركز الرئيسي بالقاهرة موظفاً من باب أولى ويستحق بذلك ثلاثة أسهم زيادة على السهمين طبقاً لنص المادة 62 من هذه اللائحة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه بالرجوع إلى اللائحة العامة لموظفي وعمال بنك مصر الصادرة في أول يناير سنة 1956 يبين أنها في الباب الأول عينت الموظفين بأنهم "هم الذين يقومون بأعمال إدارية أو كتابية أو حسابية ويتقاضون مرتباً من البنك عن عملهم" كما عينت العمال بأنهم "هم الذين يقومون بأعمال يدوية ويتقاضون أجراً شهرياً أو يومياً من البنك عن عملهم وهم المحصلون وعمال التليفون والكهرباء" فيكون عمال التليفون بالمركز الرئيسي للبنك أو بفروعه من العمال ولا يندرجون في الموظفين، ولا يغير من ذلك النص في كادر العمال المثبتين على انطباقه على "عمال تليفون بالفروع ما عدا فرع الإسكندرية" لأن استثناء فرع الإسكندرية من هذا الكادر ورد بنص خاص لا يقاس عليه ولا يجوز التوسع فيه. وإذ كان الثابت بالأوراق أن الطاعن عين عامل تليفون بالمركز الرئيسي للبنك بالقاهرة في 3/ 10/ 1921 ومنح سهمان في 9/ 1/ 1947 لمضي خمس وعشرين سنة على تعيينه، وأنه نقل بعد ذلك إلى سلك الموظفين في 3/ 2/ 1948، وانتهت مدة خدمته في الوظيفة في 2/ 2/ 1957، وأن المادة 62 تقضي بمنح الموظف الذي يخدم 25 عاماً خمسة أسهم بنك مصر ويمنح العامل سهمين فقط، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وجرى في قضائه بأن الطاعن عامل بالبنك ولم يكن موظفاً لمدة خمس وعشرين سنة، وقضى برفض طلب منحه ثلاثة أسهم علاوة على السهمين فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.


[(1)] نقض 10/ 1/ 1968 مجموعة المكتب الفني السنة 19 ص 33.
[(2)] ونقض 2/ 3/ 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 538.