أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 16 - صـ 724

جلسة 10 من يونيه سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

(115)
الطعن رقم 260 لسنة 30 القضائية

دعوى. "دعوى عدم نفاذ التصرف". "أثر الحكم فيها". تنفيذ. "المناقضة في التوزيع". رهن. دائن.
الحكم بعدم نفاذ التصرف الذي أجراه المدين إضراراً بالدائنين. أثره. إدخال الحق المتصرف فيه في الضمان العام للدائنين وإخراج الدائن الذي تواطأ مع المدين إضراراً بباقي الدائنين من مجموعهم. عدم اشتراك ذلك الدائن معهم في حصيلة الحق المتصرف فيه عند التنفيذ.
إذا كان طلب عدم نفاذ التصرف (الدعوى البوليصية) منصباً على التصرف بأكمله قرضاً ورهناً باعتباره تصرفاً أجراه المدين إضراراً بالدائنين وأجابت المحكمة الدائن إلى طلبه فإن قضاءها في هذا الخصوص - فضلاً عما يترتب عليه من إدخال الحق المتصرف فيه في الضمان العام للدائنين - من شأنه إخراج الدائن الذي تواطأ مع المدين إضراراً بباقي الدائنين من مجموع هؤلاء الدائنين فلا يشترك معهم في حصيلة الحق المتصرف فيه عند التنفيذ عليه وليس له أن يقتضي ما له من دين في ذمة مدينه إلا مما عسى أن يبقى من هذه الحصيلة بعد التنفيذ.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الثاني باعتباره دائناً للمطعون ضده الأول بمبلغ 2330 ج و614 م بموجب الحكم رقم 2687 سنة 1952 كلي القاهرة - اتخذ إجراءات الحجز العقاري على أربعة أفدنة وكسور مملوكة لمدينه، وذلك في القضية رقم 35 سنة 1954 بيوع كلي المنصورة وإذ تبين للمطعون ضده الثاني (الدائن الحاجز) أن مدينه قد رهن هذا العقار ضمن عقارات أخرى إلى الطاعنة بموجب عقد رهن رسمي تأميناً لدين قدره 9000 ج فقد أقام الدعوى رقم 84 سنة 1955 كلي دمياط طلب فيها عدم نفاذ عقد الرهن في حقه استناداً إلى نص المادتين 237 و238 من القانون المدني - ومحكمة المنصورة الابتدائية قضت بتاريخ 21 مارس سنة 1957 بعدم نفاذ عقد الرهن الرسمي التأميني المؤرخ 15/ 11/ 1953 والمشهر في 26/ 11/ 1953 برقم 4827 المنصورة وذلك في حق المطعون ضده الثاني وأسست قضاءها على أن هذا التصرف قد تم بطريق الغش والتواطؤ بين المطعون ضده الأول وزوجته الطاعنة إضراراً بالمطعون ضده الثاني وترتب عليه إفقار المدين (المطعون ضده الأول) وزيادة إعساره مما تتوافر معه شرائط الدعوى البوليصية طبقاً للمادتين 237، 238 من القانون المدني - بعدئذ سار المطعون ضده الثاني في إجراءات الحجز على عقار مدينه ورسا المزاد على السيد/ محمد محمد حسن شبانة بتاريخ 20 فبراير سنة 1958 في القضية رقم 3 لسنة 1957 بيوع دمياط، وأودع الراسي عليه المزاد الثمن خزانة المحكمة، وحررت قائمة التوزيع المؤقتة برقم 1 سنة 1959 كلي دمياط بالثمن المودع وقدره 1450 ج، واستبعد قاضي التوزيع دين الطاعنة المضمون بالرهن والمقضي بعدم نفاذه في حق المطعون ضده الثاني. فناقضت الطاعنة في القائمة وقيدت المناقضة برقم 183 سنة 1959 كلي دمياط. ومحكمة دمياط الابتدائية قضت بتاريخ 20 يناير سنة 1960 برفض المناقضة - استأنفت الطاعنة هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 27 سنة 12 ق. ومحكمة استئناف المنصورة قضت بتاريخ 7 من أبريل سنة 1960 بتأييد الحكم المستأنف مؤسسة قضاءها على أن الحكم الصادر بعدم نفاذ عقد الرهن يتضمن في ذاته عدم نفاذ القرض ورتبت على ذلك استبعاد دين الطاعنة من التوزيع حتى يستوفى باقي الدائنين حقوقهم - طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة مبدية فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فأصدرت قرارها بإحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنة تنعى في سبب واحد على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم خلط بين عقدي الرهن والقرض فسحب أثر الحكم بعدم نفاذ عقد الرهن إلى ذات الدين المضمون بالرهن، في حين أن أثر الحكم بعدم نفاذ الرهن هو زوال الضمان الخاص عن الدين وعودة المال المرهون إلى الضمان العام للدائنين وصيرورة الدائن المرتهن دائناً عادياً يتحاص مع سائر الدائنين. وإذ قضى الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك برفض المناقضة في استبعاد دين الطاعنة من قائمة توزيع ثمن المبيع المودع خزانة المحكمة رغم أنها دائنة عادية تتحاص مع سائر الدائنين العاديين، يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى برفض المناقضة في التوزيع التي رفعتها الطاعنة بسبب استبعاد دينها، قد أسس قضاءه على ما استظهره من أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 84 سنة 1955 مدني كلي دمياط بعدم نفاذ الرهن التأميني المشهر برقم 4827 في 26/ 11/ 1953 قد تضمن في ذاته القضاء بعدم نفاذ القرض نفسه. وهذا الذي استخلصه الحكم المطعون فيه هو تفسير سائغ يطابق ما قرره حكم عدم النفاذ المشار إليه، إذ أنه وإن جاء بهذا الحكم الأخير أن المطعون ضده الثاني طلب عدم نفاذ عقد الرهن التأميني، إلا أنه يبين مما استخلصه هذا الحكم أن المطعون ضده المذكور قصد بهذا الطلب عدم نفاذ التصرف برمته قرضاً ورهناً استناداً إلى المادتين 237، 238 دون المادة 242 من القانون المدني. هذا وقد جاء بتقريرات حكم عدم النفاذ السالف الذكر أن القرض قد أبرم بين المطعون ضده الأول وزوجته الطاعنة إضراراً بالمطعون ضده الثاني، وأن الطاعنة لم تقدم ما يدل على أن لها مالاً ظاهراً يحتمل معه أن تقرض زوجها 9000 ج قيمة دين الرهن - ومتى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن حكم عدم النفاذ يشمل القرض والرهن معاً فإنه إذ رتب على ذلك دخول المال المرهون في الضمان العام وعدم مزاحمة الطاعنة للدائنين الذين أفادوا من الحكم المذكور باشتراكهم في حصيلة التنفيذ على هذا المال، فإنه لا يكون مخالفاً للقانون، ذلك أنه إذا كان طلب عدم النفاذ منصباً على التصرف بأكمله قرضاً ورهناً باعتباره تصرفاً أجراه المدين إضراراً بالدائنين وأجابت المحكمة الدائن إلى طلبه، فإن قضاءها في هذا الخصوص - فضلاً عما يترتب عليه من إدخال الحق المتصرف فيه في الضمان العام للدائنين - من شأنه إخراج الدائن الذي تواطأ مع المدين إضراراً بباقي الدائنين من مجموع هؤلاء الدائنين فلا يشترك معهم في حصيلة الحق المتصرف فيه عند التنفيذ عليه، وليس له أن يقتضي ماله من دين في ذمة مدينه إلا مما عسى أن يبقى من هذه الحصيلة بعد التنفيذ - لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس.