أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 1008

جلسة 9 من يونيه سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد نور الدين عويس، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد.

(161)
الطعن رقم 138 لسنة 36 القضائية

( أ ) حيازة. "دعوى الحيازة". نقض. "الأحكام غير الجائز الطعن فيها". حكم. "الطعن في الحكم".
حظر الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة في دعاوى الحيازة وفقاً للقانون 56 لسنة 1959 قبل تعديله بالقانون 74 لسنة 1963. مناطه. أن تكون من دعاوى الحيازة التي يختص بها القاضي الجزئي.
(ب) دعوى. "تكييف الدعوى". حكم. "الطعن في الحكم". نقض. "سلطة محكمة النقض".
لمحكمة النقض في سبيل الفصل في جواز الطعن أو عدمه، مراقبة محكمة الاستئناف في تكييفها للدعوى.
(ج ود) حيازة. "دعوى منع التعرض". إصلاح زراعي. "تنفيذ قرارات الاستيلاء". قرار إداري. اختصاص. "اختصاص ولائي".
تنفيذ قرار الاستيلاء الصادر من جهة الإصلاح الزراعي. عدم جواز رفع دعوى حيازة لمنع تنفيذه. علة ذلك. دعوى منع التعرض تخرج من ولاية جهة القضاء العادي أو الإداري.
اختصاص اللجنة القضائية المنصوص عليها في المادة 13 مكرر من قانون الإصلاح الزراعي بالفصل في ملكية العقار محل الاستيلاء.
1 - مناط عدم جواز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف في دعاوى الحيازة وفقاً للفقرة الأخيرة من المادة الخامسة من القانون رقم 56 لسنة 1959 قبل تعديله بالقانون رقم 74 لسنة 1963، هو أن تكون الدعوى التي صدر فيها الحكم محل الطعن من دعاوى الحيازة التي كان القاضي الجزئي يختص بنظرها طبقاً للفقرة ( أ ) من المادة 47 من قانون المرافعات السابق، فإذا لم تكن الدعوى في حقيقتها من تلك الدعاوى فإن قضاء محكمة الاستئناف في استئناف الحكم الصادر فيها لا يرد عليه الحظر من الطعن الوارد في المادة الخامسة سالفة البيان.
2 - الفيصل في جواز الطعن أو عدم جوازه - في الأحكام الصادرة في دعاوى الحيازة - إنما يتوقف على التكييف الصحيح للدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، ولمحكمة النقض في سبيل الفصل في هذه المسألة الأولية أن تراقب محكمة الاستئناف في تكييفها للدعوى، وأن تعطيها ما ترى أنه وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح، غير متقيدة في ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بالوصف الذي أسبغته عليها محكمة الاستئناف [(1)]، إذ أن الأخذ بهذا التكييف على علته قد يؤدي إلى حرمان المحكوم عليه من حقه في الطعن بالنقض في حالة خطأ محكمة الاستئناف في تكييف الدعوى واعتبارها من دعاوى الحيازة.
3 - الاعتراض على تنفيذ القرار الصادر من وزارة الإصلاح الزراعي بالاستيلاء على القدر الزائد عن المسموح بتملكه قانوناً - لا يصلح أساساً لرفع دعوى حيازة لمنع تنفيذه، وذلك لما يترتب حتماً على الحكم في هذه الدعوى لمصلحة رافعها من تعطيل هذا الأمر ووقف تنفيذه، وهو ما يمتنع على المحاكم بنص المادة 15 من القانون رقم 56 لسنة 1959 والمادة 16 من القانون رقم 43 لسنة 1965 في شأن السلطة القضائية.
4 - مفاد نص المادة 13 مكرراً من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 المضافة بالقانون رقم 131 لسنة 1953 والمعدلة بالقانونين 225 لسنة 1953 و245 لسنة 1955 أنه لا يكون لمن يدعي أن تعرضاً وقع عليه من جراء تنفيذ أمر الاستيلاء أن يلجأ إلى جهة القضاء العادي أو الإداري لوقف تنفيذ هذا القرار، وله أن يلجأ إلى اللجنة القضائية المنصوص عليها في المادة 13 مكرراً سالفة البيان للفصل في طلب ملكية العقار إن كان لذلك وجه. لما كان ذلك، وكانت دعوى المطعون عليهم تهدف إلى منع تنفيذ وزارة الإصلاح الزراعي لقرار الاستيلاء الصادر منها بناء على المادة الثالثة من قانون الإصلاح الزراعي، فإن الدعوى - بمنع التعرض - تخرج قطعاً عن ولاية المحاكم، ولا تكون من دعاوى الحيازة التي يختص بنظرها القاضي الجزئي طبقاً للمادة 47/ أ من قانون المرافعات السابق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم السبعة الأول ومورثتهم المرحومة نفيسة سيد بدير أقاموا الدعوى رقم 79 لسنة 1962 مدني بندر أسيوط ضد وزارة الإصلاح الزراعي - الطاعنة - وطلبوا الحكم بمنع تعرضها لهم في 1 ف و10 ط أطياناً زراعية مبينة بصحيفة الدعوى، وقالوا بياناً لدعواهم إنهم ومورثتهم من قبلهم يضعون اليد على هذا القدر من الأطيان منذ عشرات السنين السابقة على رفع الدعوى، وإذ تعرضت لهم وزارة الإصلاح الزراعي - الطاعنة - في وضع يدهم فقد أقاموا دعواهم بطلباتهم سالفة البيان. وبتاريخ 27/ 3/ 1962 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهم حيازتهم للعين حيازة فعلية هادئة مستمرة ظاهرة لمدة سنة سابقة على حصول التعرض. وبعد سماع شاهدي المطعون عليهم قضت المحكمة بتاريخ 12 يونيه سنة 1962 بمنع تعرض الطاعنة للمطعون عليهم السبعة الأول والمرحومة نفيسة سيد بدير في 1 ف و10 ط المبينة بصحيفة الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط وقيد الاستئناف برقم 400 لسنة 37 ق وطلبت أصلياً الحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، تأسيساً على أن الأطيان موضوع الدعوى هي من ضمن الأطيان التي صدر قرار من الإصلاح الزراعي بالاستيلاء عليها لدى كل من عبد الرحيم راغب درويش وجلال راغب درويش طبقاً للمادة الثالثة من القانون رقم 178 سنة 1952 في شأن الإصلاح الزراعي، وأن الدعوى الحالية ترمي في حقيقتها إلى تعطيل تنفيذ هذا القرار وهو ما لا يجوز الطعن فيه أمام جهة القضاء العادي أو جهة القضاء الإداري طبقاً لنص المادة 13 مكرراً من القانون رقم 178 سنة 1952 المعدل بالقانون رقم 225 سنة 1953 في شأن الإصلاح الزراعي وطلبت احتياطياً رفض الدعوى. تدخل المطعون عليهما الثامن والتاسع في الاستئناف منضمين لباقي المطعون عليهم في طلباتهم، وبتاريخ 5 يونيه سنة 1963 قضت المحكمة بقبول تدخلهما وبرفض الدفع بعدم الاختصاص وإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهم أن وضع يدهم على أرض النزاع وضع يد هادئ مستمر ظاهر وبنية الملك مدة سنة قبل التعرض وأنهم رفعوا الدعوى خلال سنة من التعرض. وبتاريخ 5 يناير سنة 1966 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. قررت الطاعنة بالطعن في الحكمين الصادرين من محكمة الاستئناف بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بجواز الطعن وبنقض الحكمين وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الحكمين المطعون فيهما قد وصفا بأنهما صادران في استئناف عن حكم صادر في دعوى حيازة بتاريخ 12/ 6/ 1962. ولما كان مناط عدم جواز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف في دعاوى الحيازة وفقاً للفقرة الأخيرة من المادة الخامسة من القانون رقم 56 لسنة 1959 قبل تعديله في أغسطس سنة 1963 بالقانون 74 لسنة 1963، هو أن تكون الدعوى التي صدر فيها الحكم محل الطعن من دعاوى الحيازة التي كان القاضي الجزئي يختص بنظرها طبقاً للفقرة ( أ ) من المادة 47 من قانون المرافعات السابق، فإذا لم تكن الدعوى في حقيقتها من تلك الدعاوى، فإن قضاء محكمة الاستئناف في استئناف الحكم الصادر فيها لا يرد عليه الحظر من الطعن الوارد في المادة الخامسة سالفة البيان، وكان الفصل في جواز الطعن أو عدم جوازه في هذه الحالة إنما يتوقف على التكييف الصحيح للدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، فإن لمحكمة النقض في سبيل الفصل في هذه المسألة الأولية أن تراقب محكمة الاستئناف في تكييفها للدعوى، وأن تعطيها ما ترى أنه وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح غير متقيدة في ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بالوصف الذي أسبغته عليها محكمة الاستئناف، إذ أن الأخذ بهذا التكييف - على علته - قد يؤدي إلى حرمان المحكوم عليه من حقه في الطعن بالنقض في حالة خطأ محكمة الاستئناف في تكييف الدعوى واعتبارها من دعاوى الحيازة. ولما كان الثابت من الأوراق أن وزارة الإصلاح الزراعي - الطاعنة - أصدرت طبقاً للمادة الثالثة من القانون رقم 178 سنة 1952 - في شأن الإصلاح الزراعي - قراراً بالاستيلاء على القدر الزائد عن المسموح بتملكه قانوناً لدى كل من عبد الرحيم راغب درويش وجلال راغب درويش ويدخل ضمن هذا القدر الأطيان موضوع النزاع الحالي، ولما شرعت الطاعنة في تنفيذ قرار الاستيلاء أقام المطعون عليهم السبعة الأول ومورثتهم المرحومة نفيسة سيد بدير الدعوى الحالية بمنع تعرض وزارة الإصلاح الزراعي لهم في وضع يدهم، فإن الاعتراض على تنفيذ مثل هذا القرار لا يصلح أساساً لرفع دعوى حيازة لمنع تنفيذه، وذلك لما يترتب حتماً على الحكم في هذه الدعوى لمصلحة رافعها من تعطيل هذا الأمر ووقف تنفيذه، وهو ما يمتنع على المحاكم بنص المادة 15 من القانون رقم 56 لسنة 1959 والمادة 16 من القانون رقم 43 لسنة 1965 في شأن السلطة القضائية اللذين صدر في ظلهما الحكمان المطعون فيهما. وإذ تنص المادة 13 مكرراً من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 سنة 1952 المضافة بالقانون رقم 131 لسنة 1953 والمعدلة بالقانونين 225 سنة 1953 و245 سنة 1955 "بأن تشكل لجنة قضائية أو أكثر من مستشار من المحاكم يختاره وزير العدل تكون له الرياسة ومن عضو من مجلس الدولة ومندوب عن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ومندوب عن الشهر العقاري وآخر من مصلحة المساحة وتكون مهمتها في حالة المنازعة تحقيق الإقرارات والديون العقارية وفحص ملكية الأراضي المستولى عليها... واستثناء من أحكام قانون مجلس الدولة لا يجوز الطعن بإلغاء أو وقف تنفيذ قرارات الاستيلاء الصادرة من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي واستثناء من أحكام قانون نظام القضاء يمتنع على المحاكم النظر في المنازعات المتعلقة بملكية الأطيان المستولى عليها أو التي تكون محلاً للاستيلاء وفقاً للإقرارات المقدمة من الملاك تطبيقاً لهذا القانون"، فإن مفاد هذا النص أن لا يكون لمن يدعي أن تعرضاً وقع عليه من جراء تنفيذ أمر الاستيلاء أن يلجأ إلى جهة القضاء العادي أو الإداري لوقف تنفيذ هذا القرار، وله أن يلجأ إلى اللجنة القضائية المنصوص عليها في المادة 13 مكرراً من قانون الإصلاح الزراعي سالفة البيان للفصل في طلب ملكيته للعقار إن كان لذلك وجه. لما كان ذلك وكانت دعوى المطعون عليهم تهدف إلى منع تنفيذ وزارة الإصلاح الزراعي - الطاعنة - لقرار الاستيلاء الصادر منها بناء على المادة الثالثة من قانون الإصلاح الزراعي ضد كل من عبد الرحيم راغب درويش وجلال راغب درويش على القدر الزائد عن المسموح بتملكه قانوناً، فإن الدعوى المذكورة تخرج قطعاً عن ولاية الحاكم وبالتالي فلا تكون من دعاوى الحيازة التي يختص بنظرها القاضي الجزئي طبقاً للمادة 47 فقرة ( أ ) من قانون المرافعات السابق. وترتيباً على ما تقدم فإن الحكمين المطعون فيهما الصادرين من محكمة استئناف أسيوط في استئناف الحكم الصادر من محكمة بندر أسيوط لا ينطبق عليهما الحظر من الطعن الوارد في القفرة الأخيرة من المادة الخامسة من القانون رقم 56 سنة 1959، وبالتالي يكون الطعن فيهما بالنقض جائزاً أخذاً بالأصل العام باعتبار أنهما حكمان صادران من محاكم الاستئناف.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة الخطأ في تطبيق القانون، إذ قضى الحكم الصادر بتاريخ 5 يونيه سنة 1963 برفض الدفع المبدى منها بعدم الاختصاص ولائياً بنظر الدعوى وقضى الحكم المطعون فيه الصادر في 5 يناير سنة 1966 بمنع تعرض الطاعنة للمطعون عليهم في الأرض موضوع الدعوى على الرغم مما يترتب على هذا القضاء من تعطيل للأمر الإداري بالاستيلاء الصادر من الإصلاح الزراعي ووقف تنفيذه.
وحيث إن هذا النعي صحيح لما تقدم بيانه من أن دعوى المطعون عليهم بالصورة التي رفعت بها تخرج عن ولاية المحاكم عموماً، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 5 يونيه سنة 1963 والذي قضى برفض الدفع الذي أبدته الطاعنة بعدم الاختصاص والحكم الصادر بتاريخ 5 يناير سنة 1966 بمنع تعرض الطاعنة للمطعون عليهم، قد خالفا القانون بما يستوجب نقضهما.
وحيث إنه لما تقدم ولأن الموضوع صالح للفصل فيه، فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم اختصاص محكمة بندر أسيوط ولائياً بنظر الدعوى.


[(1)] نقض أول ديسمبر 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 1763.