أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 1092

جلسة 30 من يونيه سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد نور الدين عويس، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.

(175)
الطعن رقم 316 لسنة 40 القضائية

( أ ) نقض. "الطعن في حكم النقض". حكم. "الطعن في الأحكام". بطلان. "بطلان الأحكام". قضاة. "أسباب عدم الصلاحية".
أحكام محكمة النقض. عدم جواز الطعن فيها بأي طريق. الاستثناء. الطعن ببطلان الحكم بسبب عدم صلاحية أحد قضاة المحكمة. طلب الحكم بانعدام حكم النقض لبطلان إعلان تقرير الطعن. غير مقبول.
(ب) إعلان "الإعلان في النيابة". نقض "إعلان تقرير الطعن" محكمة الموضوع.
تقدير كفاية التحريات قبل إعلان الخصم في النيابة. يرجع لظروف كل واقعة على حدة. محكمة النقض لها سلطة تقديرية شأنها في ذلك شأن محكمة الموضوع.
1 - لما كانت المادة 272 من قانون المرافعات تنص على أنه "لا يجوز الطعن في أحكام محكمة النقض بأي طريق من طرق الطعن"، فقد أفادت بذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن محكمة النقض هي خاتمة المطاف في مراحل التقاضي، وأحكامها باتة، لا سبيل إلى الطعن فيها، وأن المشرع اغتنى عن النص على منع الطعن في أحكام محكمة النقض بسائر طرق الطعن عادية أو غير عادية لعدم إمكان تصور الطعن بها على أحكام هذه المحكمة، ولم يستثن المشرع من ذلك الأصل إلا ما أورده في الفقرة الثانية من المادة 147 من قانون المرافعات من جواز الطعن ببطلان الحكم الصادر من محكمة النقض إذا قام بأحد القضاة الذين أصدروه سبب من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 146 من هذا القانون، وذلك زيادة في الاصطيان والتحوط لسمعة القضاء [(1)]. لما كان ما تقدم وكان الطالب لا يستند في دعواه إلى سبب يندرج ضمن أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها على سبيل التحديد والحصر في المادة 146 من قانون المرافعات سالفة البيان فإن دعواه تكون غير مقبولة.
2 - تقدير كفاية التحريات التي تسبق إعلان الخصم في النيابة إنما يرجع إلى ظروف كل واقعة على حدة، وتمارس محكمة النقض وهي بصدد بحث كفاية التحريات السابقة على إعلان تقرير الطعن في النيابة أو عدم كفايتها سلطة تقديرية، شأنها في ذلك شأن محكمة الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أودع قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 16/ 4/ 1970 صحيفة وجهها إلى كل من بنك الأراضي ووزير الخزانة وبنك الائتمان العقاري، وقال فيها إنه كان قد أقام بصفته حارساً قضائياً على تركة المرحوم محمد اسكندر الدعوى رقم 1500 سنة 1950 مدني كلي الإسكندرية ضد بنك الأراضي - المدعى عليه الأول - وفي مواجهة وزير الخزانة وبنك الائتمان العقاري - المدعى عليهما الثاني والثالث - وطلب الحكم ببراءة ذمته من القرض المؤمن برهن بمقتضى العقد رقم 5024 المؤرخ 19/ 6/ 1929، وأنه قد قضى لصالحه، واستأنف بنك الأراضي هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية، وقيد الاستئناف برقم 538 سنة 18 ق وقضى بتاريخ 22/ 4/ 1963 بتأييد الحكم المستأنف، وبتاريخ 20/ 7/ 1968 أعلن بتعجيل الاستئناف السابق أمام محكمة استئناف الإسكندرية وورد في إعلان التعجيل أنه قد حكم في 5/ 3/ 1968 في الطعن رقم 379 سنة 33 ق بنقض الحكم السابق صدوره من محكمة استئناف الإسكندرية، وإذ تبين له من الاطلاع على أوراق ذلك الطعن أن إعلان التقرير وجه إليه في بلدة كفر الشيخ سليم مركز طنطا وأجيب على الإعلان بأنه لا يقيم بهذه البلدة ووجه البنك إعلان التقرير إلى النيابة، وكانت لم تسبق له الإقامة في بلدة كفر الشيخ سليم، فإن إعلانه بتقرير الطعن في النيابة لا تنعقد به الخصومة، وأنه من أجل ذلك يطلب القضاء بانعدام حكم محكمة النقض المشار إليه وببطلانه بطلاناً مطلقاً، وضم إلى هذا الطلب أوراق الطعن سالف البيان. رد بنك الأراضي على دعوى الطالب بأن إعلانه بتقرير الطعن بالنقض في الطعن المشار إليه وقع صحيحاً، ذلك أن دعوى براءة الذمة رقم 1500 سنة 1956 مدني كلي الإسكندرية كانت قد أقيمت من عمدة بلدة كفر الشيخ سليم الحارس السابق على تركة الشناوي محمد اسكندر وأن إعلان تقرير الطعن وجه إلى المدعي في موطنه الذي يعرفه البنك وهو بلدة كفر الشيخ سليم، فأجاب شيخ هذه البلدة بأن الطالب ترك الإقامة بها من مدة طويلة ولا يعرف عنوانه فقام البنك بإعلانه في مواجهة النيابة بتقرير الطعن وانتهى البنك إلى طلب الحكم بعدم قبول الدعوى. وقدم بنك الائتمان العقاري مذكرة طلب فيها الحكم بعدم قبول الدعوى كما طلبت وزارة الخزانة الحكم بعدم قبولها وأبدت النيابة العامة الرأي بعدم قبول الدعوى وبالجلسة المحددة لنظرها التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الطعن رقم 279 سنة 33 ق أن المدعي بصفته حارساً قضائياً على تركة المرحوم الشناوي محمد اسكندر أقام الدعوى رقم 1500 سنة 1956 مدني كلي الإسكندرية ضد بنك الأراضي وفي مواجهة بنك الائتمان العقاري ووزارة الخزانة، وقال بياناً لها إن المرحوم الشناوي محمد اسكندر اقترض من بنك الأراضي مبلغ 7500 ج في سنة 1928 ورهن تأميناً لهذا الدين 80 ف و8 ط و13 س بموجب العقد رقم 5024، وطلب تقديم حساب عن الأقساط المسددة من القرض والأساس الذي احتسب عليه كل قسط، ولما قدم بنك الأراضي كشف الحساب ندبت المحكمة خبيراً لبيان الأقساط المسددة من القرض وتصفية الحساب، وقدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أنه بإضافة الفوائد إلى متجمد فوائد القرض يكون الرصيد مديناً في 31 ديسمبر سنة 1960 بمبلغ 5786 ج و130 مليماً، أما إذا أجري الحساب بغير إضافة فوائد إلى متجمد الفوائد فإن رصيد القرض يكون مديناً بمبلغ 291 ج و141 م، وقام المدعي بسداد هذا المبلغ أثناء سير الدعوى وطلب الحكم ببراءة ذمته من الدين الناشئ عن القرض، وبتاريخ 28 مايو سنة 1962 قضت له المحكمة بطلباته. استأنف بنك الأراضي هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية، وقيد الاستئناف برقم 538 سنة 18 ق وبتاريخ 22 إبريل سنة 1963 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، وقرر البنك بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة بتاريخ 2/ 12/ 1963 مذكرة طلبت فيها إلى دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية للقضاء بنقض الحكم. وبعد صدور القانون رقم 43 سنة 1965 في شأن السلطة القضائية - والذي ألغى دائرة فحص الطعون - وقضى في الفقرة الثانية من المادة الثالثة منه بأن تتبع الإجراءات التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص الطعون. قام بنك الأراضي بإعلان تقرير الطعن إلى المطعون عليه الأول (المدعي) في بلدة كفر الشيخ سليم مركز طنطا فأجاب شيخ البلدة أن المطلوب إعلانه ترك الإقامة فيها من مدة طويلة ولا يعرف عنوانه فأعاد بنك الأراضي إعلان المطعون عليه الأول (المدعي) في النيابة وورد في هذا الإعلان أنه وجه إليه في النيابة لعدم معرفة عنوان المعلن إليه بعد مغادرته محل إقامته الأصلي بناحية كفر الشيخ سليم، وقدمت النيابة العامة مذكرة بعد صدور القانون رقم 43 سنة 1965 انتهت فيها إلى أنه وقد خلا الحكم الابتدائي من بيان موطن المطعون عليه الأول (المدعي) كما خلا الحكم المطعون فيه من بيان موطنه أيضاً فإن توجيه إعلان تقرير الطعن إلى المطعون عليه الأول المذكور في النيابة بعد سابقة توجيه الإعلان في بلدة كفر الشيخ سليم يكون إعلاناً صحيحاً بتقرير الطعن، وانتهى رأي النيابة إلى قبول الطعن شكلاً ونقض الحكم المطعون فيه، وبتاريخ 5 مارس سنة 1968 قضت هذه المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية تأسيساً على أن هذا الحكم استبعد الفوائد المستحقة على متجمد الفوائد وهو مما يخالف التفسير الصحيح الذي استقر عليه قضاء محكمة النقض بشأن عجز المادة 232 من القانون المدني. ولما كانت المادة 272 من قانون المرافعات تنص على أنه "لا يجوز الطعن في أحكام محكمة النقض بأي طريق من طرق الطعن" فقد أفادت بذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن محكمة النقض هي خاتمة المطاف في مراحل التقاضي، وأحكامها باتة ولا سبيل إلى الطعن فيها، وأن المشرع اغتنى عن النص على منع الطعن في أحكام محكمة النقض بسائر طرق الطعن عادية أو غير عادية لعدم إمكان تصور الطعن بها على أحكام هذه المحكمة، ولم يستثن المشرع من ذلك الأصل إلا ما أورده في الفقرة الثانية من المادة 147 من قانون المرافعات من جواز الطعن ببطلان الحكم الصادر من محكمة النقض إذا قام بأحد القضاة الذين أصدروه سبب من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 146 من هذا القانون، وذلك زيادة في الاصطيان والتحوط لسمعة القضاء. لما كان ما تقدم وكان الطالب لا يستند في دعوه إلى سبب يندرج ضمن أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها على سبيل التحديد والحصر في المادة 146 من قانون المرافعات سالفة البيان، فإن دعواه تكون غير مقبولة. هذا وتشير المحكمة إلى أنه لما كان تقدير كفاية التحريات التي تسبق إعلان الخصم في النيابة إنما يرجع فيه إلى ظروف كل واقعة على حدة، وكان الثابت من أوراق الطعن رقم 179 سنة 33 ق أن إعلان المطعون عليه الأول (المدعي) بتقرير الطعن في النيابة لم يكن منه بد إذ ليس في أوراق الطعن ما يستدل منه على أن الطاعن "بنك الأراضي" كان في استطاعته أن يبذل جهداً مثمراً في سبيل معرفة محل إقامة المطعون عليه الأول - المدعي - بعد أن وجه إليه إعلان الطعن في ناحية كفر الشيخ سليم مركز طنطا وأجيب المحضر بأنه غادرها ولا يعرف له محل إقامة، وإذ تمارس محكمة النقض وهي بصدد بحث كفاية التحريات السابقة على إعلان تقرير الطعن في النيابة أو عدم كفايتها سلطة تقديرية شأنها في ذلك شأن محكمة الموضوع، وكانت هذه المحكمة سبق أن استخلصت بحق من الوقائع المقدمة كفاية هذه التحريات، فإنه لا يمكن مجاراة المدعي في القول بأن إعلانه بالطعن كان غير صحيح ولم تنعقد به الخصومة.


[(1)] نقض 4 نوفمبر سنة 1965 مجموعة المكتب الفني السنة 16 ص 973.
ونقض 2 ديسمبر سنة 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 1127.