أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 16 - صـ 1043

جلسة 11 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم حسن علام، وسليم راشد أبو زيد.

(162)
الطعن رقم 40 لسنة 31 القضائية

( أ ) تعويض. منافسة. ارتفاق. ملكية "قيود الملكية". "حق إنشاء المجرى". دعوى. "أساس الدعوى". حكم "قصور. ما يعد كذلك".
الحق في التعويض مناطه الإخلال بحق أو مصلحة مالية للمضرور. اختلاف الحق في إنشاء مجرى طبقاً للمادة 33 من القانون المدني الملغي والمادة التاسعة من لائحة الترع والجسور والمادة 809 مدني والمادة 16 من القانون 68 لسنة 1963 عن حق الارتفاق من حيث طبيعتهما ومصدرهما وكيفية كسبهما.
إقامة الدعوى بطلب التعويض على أساس وجود حق ارتفاق بالري وهدم المسقى. القضاء بالتعويض على أساس حق المدعي في إنشاء مجرى. تغيير لأساس الدعوى لا يجوز للمحكمة من تلقاء نفسها. قصور ومخالفة للقانون.
(ب) ملكية "قيود الملكية". "حق إنشاء مجرى". تعويض.
لا يتقرر حق المجرى بإيجاب القانون وحده على مالك الأرض مرور المياه الكافية إلى الأرض البعيدة عن مورد الماء. وجوب تقديم صاحب هذه الأرض طلبه إلى المحكمة أو جهة الإدارة المختصة بعد تعذر التراضي مع المالك. تقرير هذا الحكم يكون مقابل تعويض عادل.
1 - الحق في التعويض لا يترتب إلا حيث يكون هنالك إخلال بحق أو مصلحة مالية للمضرور. فإذا كان الثابت أن المطعون ضده قد أقام دعواه على أساس وجود حق ارتفاق بالري لأرضه على أرض الطاعنين وذلك عن طريق مسقاة تمر في أرضهم لدى أطيانه فقاموا بهدم هذه المسقى مما ترتب عليه تلف زراعته وهو ما طالب بالتعويض عنه في الدعوى. وكان الطاعنون قد أنكروا على المطعون ضده حق الارتفاق الذي ادعاه. فإنه يتعين على محكمة الموضوع التحقق من وجود حق الارتفاق الذي ادعى المطعون ضده الإخلال به حتى يحق له طلب التعويض فإذا أقامت المحكمة قضاءها بالتعويض على ما ذهبت إليه في الحكم المطعون فيه من أن للمطعون ضده الحق في إنشاء مجرى على أرض الطاعنين طبقاً للمادة 33 من القانون المدني الملغى والمادة التاسعة من لائحة الترع والجسور. والمادة 809 من القانون المدني والمادة 16 من القانون رقم 68 لسنة 1953 في شأن الري والصرف وذلك رغم اختلاف هذا الحق عن حق الارتفاق الذي جعله المدعي أساساً لطلب التعويض وذلك من حيث طبيعتهما ومصدرهما وكيفية كسبهما فإنها بذلك تكون قد غيرت أساس الدعوى من تلقاء نفسها وبذلك صار حكمها مشوباً بالقصور ومخالفاً للقانون.
2 - حق المجرى لا يتقرر وفقاً للمادة 33 من القانون المدني الملغى والمادة 809 من القانون المدني القائم والمادة التاسعة من لائحة الترع والجسور لمجرد ما أوجبه القانون في هذه المواد على مالك الأرض من السماح بأن تمر في أرضه المياه الكافية لري الأطيان البعيدة عن مورد الماء بل يجب لذلك أن يتقدم صاحب الأرض الذي يرى أنه يستحيل أو يتعذر عليه ري أرضه رياً كافياً والذي تعذر عليه التراضي مع مالك الأرض التي يمر بها المجرى، بطلب إلى المحكمة أو جهة الإدارة المختصة لتقرير هذا الحق له وبيان الكيفية التي يكون بها إنشاء المجرى وتحديد التعويض الذي يدفعه مقابل تقرير هذا الحق له إذ أن تقرير هذا الحق لا يكون إلا مقابل تعويض عادل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون ضده رفع على الطاعنين الدعوى رقم 582 سنة 1957 أمام محكمة قنا الابتدائية طالباً الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ ألفين وخمسمائة جنيه والمصاريف قائلاً في تبيان دعواه إنه يملك أطياناً زراعية مساحتها ستة أفدنة وستة قراريط وثمانية عشر سهماً وقد اعتاد ريها منذ زمن طويل من آلة للري قريبة منها ومملوكة للسيدة جنفياف بولس حنا وبطرس موسى وذلك عن طريق مسقاة تمر بأرض الطاعنين إلا أن الأخيرين اعتماداً على سلطانهم قاموا بهدم هذه المسقاة في شهر نوفمبر سنة 1952 مما ترتب عليه تلف زراعته وحرمان أرضه من الري - فرفع الدعوى رقم 691 سنة 1952 أمام محكمة الأقصر الجزئية لإثبات تلك الحالة وندب في هذه الدعوى خبير انتهى في تقريره إلى أن للمطعون ضده حق ارتفاق بالري إذ أن المسقاة المذكورة معدة من قديم الزمان لري أطيانه - وأن الطاعنين قاموا بهدمها فأدى ذلك إلى منع وصول المياه إلى أرضه وتلف زراعته وقدر الخبير التلف الحاصل في سنة 1952/ 1953 الزراعية بمبلغ مائتين وتسعة عشر جنيهاً واستطرد المطعون ضده قائلاً إنه لما كانت تلك الأطيان تزرع أكثر من مرة في السنة فإنه يقدر الضرر الذي أصابه بمبلغ خمسمائة جنيه عن كل سنة ابتداء من سنة 1952/ 1953 الزراعية حتى سنة 1957 فيكون جملة التعويض المستحق له عن تلك السنوات هو مبلغ ألفين وخمسمائة جنيه وهو ما طلب الحكم له به في هذه الدعوى - دفع الطاعنون الدعوى بإنكارهم أن للمطعون ضده حق ارتفاق قانوني أو اتفاقي على الأرض التي تمر فيها المسقاة - ومحكمة قنا الابتدائية قضت في 28 من فبراير سنة 1959 بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعوا للمطعون ضده مبلغ ألف وخمسة وتسعين جنيهاً مؤسسة قضاءها على أن للمطعون ضده حق مجرى مقرر بنص القانون في المادة 33 من القانون المدني الملغى والمادة التاسعة في اللائحة المعروفة بلائحة الترع والجسور والمادة 809 من القانون المدني القائم والمادة 16 من القانون رقم 68 لسنة 1953 في شأن الري والصرف وأن هذا الحق يجبر الطاعنين على إمرار المياه الكافية لري أطيان المطعون ضده البعيدة عن مورد المياه كما استندت المحكمة إلى ما ثبت من تقرير الخبير المنتدب في دعوى إثبات الحالة من أن الطاعنين هدموا المسقاة التي اعتاد المطعون ضده ري أطيانه منها فترتب على ذلك ضرر به يستحق التعويض - رفع الطاعنون استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 246 سنة 34 ق ومحكمة استئناف أسيوط قضت في 25/ 12/ 1960 بتأييد الحكم المستأنف - طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون إن المطعون ضده قد أقام دعواه على أساس وجود حق ارتفاق بالري لأرضه على أرض الطاعنين منذ زمن طويل - وأنهم إذ أنكروا عليه هذا الحق - فإنه كان يتعين على المحكمة لكي تقضي عليهم بالتعويض - أن تتحقق من وجود ذلك الحق لكنها أعرضت عن ذلك وأساءت فهم المسألة المتنازع عليها وأجابت عليها بما لا يواجهها وأقامت قضاءها على أساس آخر هو أن للمطعون ضده طبقاً للمواد 33 من القانون المدني الملغى والمادة التاسعة من اللائحة المعروفة بلائحة الترع والجسور والمادة 809 من القانون المدني القائم والمادة 16 من القانون رقم 68 لسنة 1953 في شأن الري والصرف الحق في إنشاء مجرى للري على أرض الطاعنين مع أن هذا الحق الذي تشير إليه هذه المواد لا يتقرر إلا بحكم من السلطة القضائية أو قرار من جهة الإدارة ينظمه ويبين طريقة استعماله مقابل تعويض يدفع مقدماً وبذلك يكون الحكم قد غير سبب الدعوى مما يجعله مخالفاً للقانون ومشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الثابت من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه ومن أقوال المطعون ضده أمام الخبير الذي اعتمد ذلك الحكم تقريره أن المطعون ضده أقام دعواه على أساس وجود حق ارتفاق بالري لأرضه على أرض الطاعنين وذلك عن طريق مسقاة تمر في أرض الطاعنين لري أطيانه وأن الطاعنين قاموا بهدم هذه المسقاة مما ترتب عليه تلف زراعته وهو ما طالب بالتعويض عنه في هذه الدعوى - ولما كان الثابت أيضاً من تدوينات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين أنكروا على المطعون ضده حق الارتفاق الذي ادعاه وكان الحق في التعويض لا يترتب إلا حيث يكون هنالك إخلال بحق أو مصلحة مالية للمضرور فإنه كان يتعين على المحكمة التحقق من وجود حق الارتفاق الذي ادعى المطعون ضده الإخلال به حتى يحق له طلب التعويض لكن المحكمة صدفت عن ذلك وأسست قضاءها له بالتعويض على ما ذهبت إليه في حكمها المطعون فيه من أن للمطعون ضده الحق في إنشاء مجرى على أرض الطاعنين طبقاً للمادة 33 من القانون المدني الملغى والمادة التاسعة من اللائحة المعروفة بلائحة الترع والجسور والمادة 809 من القانون المدني والمادة 16 من القانون رقم 68 لسنة 1953 في شأن الري والصرف - وذلك رغم اختلاف هذين الحقين من حيث طبيعتهما ومصدرهما وكيفية كسبهما ومع أن حق المجرى الذي استند إليه الحكم المطعون فيه لا يتقرر لمجرد ما أوجبه القانون في المادة 33 من القانون المدني الملغى والمادة 809 من القانون المدني القائم والمادة التاسعة من اللائحة المعروفة بلائحة الترع والجسور على مالك الأرض من السماح بأن تمر في أرضه المياه الكافية لري الأطيان البعيدة عن مورد الماء بل يجب لذلك أن يتقدم صاحب الأرض الذي يرى أنه يستحيل أو يتعذر عليه ري أرضه رياً كافياً والذي تعذر عليه التراضي مع مالك الأرض التي يمر بها المجرى بطلب إلى المحكمة أو جهة الإدارة المختصة لتقرير هذا الحق له وبيان الكيفية التي يكون بها إنشاء المجرى وتحديد التعويض الذي يدفعه مقابل تقرير هذا الحق له إذ أن تقرير هذا الحق لا يكون إلا مقابل تعويض عادل - ولما كان ذلك، وكانت المحكمة لم تحقق وجود حق الارتفاق الذي جعله المطعون ضده أساساً لطلب التعويض وأقامت قضاءها بهذا التعويض على ذلك الأساس الذي ابتدعته فإنها بذلك تكون قد غيرت أساس الدعوى من تلقاء نفسها وبذلك جاء حكمها مشوباً بالقصور ومخالفاً للقانون لتجاوزها سلطتها على الدعوى المطروحة أمامها وإهدارها حقوق الطاعنين - ولا يؤثر في ذلك ما قرره الحكم من أن المطعون ضده اعتاد ري أطيانه من مسقاة تمر بأرض الطاعنين إذ يجب أن يرقى هذا الاعتياد إلى مرتبة الحق في الري حتى يكون الإخلال به عملاً غير مشروع يستوجب تعويض الأضرار الناشئة عنه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.