أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 21 - صـ 1340

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

(219)
الطعن رقم 288 لسنة 36 القضائية

( أ ) وكالة. "إثبات الوكالة". إثبات.
تنفيذ الوكالة أو الإقرار بها صراحة أو ضمناً من الأدلة التي يجيزها القانون لإثبات الوكالة.
(ب) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في تقدير الأدلة المطروحة عليها.
1 - إذا استند الحكم في إثبات الوكالة إلى إقرارات الموكل في دعوى جنائية ودفاعه في دعوى أخرى، فلا مخالفة في ذلك للقانون لأن تنفيذ الوكالة أو الإقرار بها صراحة أو ضمناً من الأدلة التي يجيزها القانون لإثبات الوكالة أو لإعفاء الخصم من تقديم الدليل عليها.
2 - لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في تقدير الأدلة المطروحة عليها وفي استخلاص القرائن مما تحت يدها من أوراق ومن ظروف الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى 505 سنة 1963 كلي طنطا يطلب فيها الحكم بإلزام الطاعن بأن يؤدي إليه مبلغ 319 ج و714 م، تأسيساً على أنه تعاقد مع ديمترى يني مفتش زراعة الطاعن ونائبه على بيع تقاوي لوبيا وفاصوليا ثم على شراء 17 طناً من محصول اللوبيا، ولما كان قد دفع في ذلك 2286 ج و730 م فإن تصفية الحساب تجعله دائناً بالمبلغ المطالب به، واستند في إثبات دعواه إلى ما جاء بالشكوى الإدارية 735 سنة 1963 كفر الزيات التي أقر فيها ديمترى يني بصحة هذا الحساب، ودفع الطاعن الدعوى بأن ديمترى يني يعمل لديه ناظراً لزراعته دون أن يكون وكيلاً عنه في البيع أو الشراء وأنه توطأ مع المدعي في هذا الصدد إلا أن الوكالة المدعاة لا يجوز إثباتها إلا بالكتابة وبتاريخ 6 ديسمبر سنة 1964 حكمت المحكمة برفض الدعوى على أساس من هذا الدفع، استأنف المطعون عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد استئنافه برقم 47 سنة 15 قضائية وبتاريخ 17 إبريل سنة 1966 حكمت تلك المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإجابة المطعون عليه إلى طلباته، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن الطعن بني على سببين حاصل السبب الأول منهما أن الحكم المطعون فيه أجاز إثبات الوكالة بالبينة والقرائن وهو منه خطأ ومخالفة للقانون، إذ أن قيمة التصرف المدعى به تزيد عن عشرة جنيهات فلا يجوز إثبات التوكيل فيه بغير كتابة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه عول في قضائه بإلزام الطاعن بالدين على ما استخلصه مما قرره الطاعن في محضر الجنحة 2316 سنة 1963 كفر الزيات، والتي اتهم فيها ديمترى يني بتبديد محصول الزراعة والتي قضى فيها بانقضاء الدعوى بوفاة المتهم - من أنه عين ديمترى يني في نوفمبر سنة 1961 مفتشاً للزراعة ثم تغيب عن أرضه عاماً بسبب مرضه دون أن ينيب عنه آخر في هذه الفترة، ومما ورد في كشف الحساب الذي قدمه الطاعن في الدعوى العمالية التي أقامها ديمترى يني والموقع عليه من هذا لأخير من أن ديمترى يني كان المشرف الأعلى على الشئون المالية للزراعة، وبلغت سلطته في هذا الشأن مكنة منح القروض وحبى نفسه بقرض مرتب خمسة شهور، وكان كذلك المرجع الأعلى في شئون العمال الزراعية وعددهم وأجورهم والمواشي اللازمة وأجرها والوقود اللازم للماكينات، كما أخذ علم الطاعن بتصرفات ديمترى يني وقبوله لها، مما ذكره بتحقيق الجنحة من أن ديمترى يني كان قد عرض عليه إيصالاً مؤرخاً أول سبتمبر سنة 1962 يفيد تسلم المطعون عليه 4849 كيلو جراماً من محصول اللوبيا دون أداء ثمنها. وأنه لما كان يطالب ديمترى يني بقيمة هذا الثمن كان يسوف بحجة التيسير على المطعون عليه، كما أخذ ذلك من سكوت الطاعن عن معرفة ما أنتجته زراعته من محاصيل من تاريخ تعيين ديمترى يني حتى مطالبة المطعون عليه له بصافي حسابه، مع أنه كان قد حصل من ديمترى يني على الإيصال المؤرخ أول سبتمبر سنة 1962 بتسلم المطعون عليه لما اشتراه من ديمترى يني، وكذلك أخذ مما قرره الطاعن بمحضر تحقيق الجنحة من أنه يقبل أن يسلمه ديمترى يني ثمن محصول اللوبيا التي باعها وقبض ثمنها أن هذا الأخير كان له سلطة قبض الثمن، وخلص الحكم إلى القول بأن "جميع هذا إنما يقطع بأحد أمرين إما أن يكون المستأنف عليه قد عهد للسيد ديمترى منذ البداية سلطات واسعة شملت التصرف في المحصول وقبض ثمنه، وإما أن يكون السيد ديمترى قد سمح لنفسه بمباشرة تلك السلطات الواسعة فأقر المستأنف عليه الطاعن ذلك، وكلا الأمرين يلزم المستأنف عليه بأعمال السيد ديمترى في هذا العام إما على أساس سبق الإنابة أو قبولها وإجازة التصرفات الصادرة من السيد ديمترى" إذ كان ذلك وكان الحكم قد استند في إثبات الوكالة إلى إقرارات الموكل في دعوى الجنحة وكذلك من دفاعه في الدعوى العمالية، فإن هذا الاستناد لا مخالفة فيه للقانون، لأن تنفيذ الوكالة أو الإقرار بها صراحة أو ضمناً من الأدلة التي يجيزها القانون لإثبات الوكالة أو لإعفاء الخصم من تقديم الدليل عليها.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه أنه استخلص قيام الوكالة أو تنفيذها من أن الطاعن عهد إلى ديمترى يني بسلطات واسعة شملت التصرف في المحصول وقبض ثمنه ومن مطالبته له بثمن ما تصرف فيه بالبيع إلى المطعون عليه مع أن الطاعن إذ أنكر وكالته عنه في جميع مراحل الدعوى ونازع فيما قام به من تصرفات فإنه ما كان يجوز اعتبار هذا الذي قرره الحكم إجازة منه للتصرف، لأن من حقه أن يطالب ديمترى يني بتعويض عن الخطأ الذي ارتكبه ببيع للمحصول دون أن يكون وكيلاً عنه وهذا التعويض يندرج تحته ثمن هذا المحصول.
وحيث إن هذا النعي مردود أيضاً، ذلك أنه لما كان لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في تقدير الأدلة المطروحة عليها، وفي استخلاص القرائن مما تحت يدها من أوراق ومن ظروف الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ من الأدلة والقرائن التي ساقها على ما هو مبين بالرد على السبب الأول من سببي الطعن قيام الوكالة أو إجازة التصرف، وكان استخلاص الحكم المؤدي إلى هذه الأدلة والقرائن سائغاً ومقبولاً، فإن النعي يصبح في حقيقته جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.