أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 29 - صـ 66

جلسة 3 من يناير سنة 1978

المؤلفة من السيد المستشار أحمد حسن هيكل رئيس محكمة النقض رئيساً وعضوية السادة المستشارين: محمد صدقي العصار؛ وزكي الصاوي صالح؛ وجمال الدين عبد اللطيف؛ وعبد الحميد المرصفاوى.

(20)
الطعن رقم 750 لسنة 43 القضائية

(1، 2) حكم "حجية الحكم". حيازة. قوة الأمر المقضي. ملكية.
(1) الحكم الصادر في دعوى منع التعرض. لا يحوز قوة الأمر المقضي في دعوى الملك. ما يقرره الحكم بشأن توافر أركان الحيازة من عدمه. لا يقيد المحكمة عند الفصل في أصل الحق. علة ذلك.
(2) إغفال الحكم الإشارة إلى تمسك الخصم بحكم لا حجية له في النزاع. لا يعد قصوراً.
(3، 4) حكم "ما يعد قصوراً". حيازة. أموال.
(3) جواز تملك الأموال العامة بالتقادم. م 970 مدني قبل تعديلها بالقانون 147 لسنة 1957.
(4) وجوب بيان الحكم ما يثبت أو ينفي أركان وضع اليد المكسب للملكية بياناً كافياً.
1 - الحكم الصادر في دعوى منع التعرض لا يحوز قوة الأمر المقضي في دعوى الملك لاختلاف الموضوع في الدعويين، لا يغير من ذلك ما يقوله الطاعنون من أن الحكم بمنع تعرض مصلحة الأملاك لهم في أرض النزاع قد أقام قضاءه على أساس أن هذه الأرض من الأموال الخاصة المملوكة للدولة وأن مورثهم وهم من بعده وضعوا اليد عليها مدة تزيد على الخمسين عاماً قبل العمل بالقانون رقم 147 لسنة 1957 الذي ينص على عدم جواز تملك أملاك الدولة الخاصة أو كسب حق عيني عليها بالتقادم ذلك أن هذا القول من الحكم لم يكن للفصل في أصل الحق وإنما للبحث في توافر الحيازة بشروطها القانونية أو عدم توافرها، لأن قاضي الحيازة ممنوع من التعرض للملكية ومن بناء حكمه على أساس ثبوتها أو نفيها، وكل ما يقرره في شأنها لا يحوز أية حجية لدى المحكمة التي يعرض عليها النزاع في أصل الحق ومن ثم فلا تتقيد به تلك المحكمة.
2 - إذ كان الحكم الصادر للطاعن في دعوى منع التعرض ليست له حجية في النزاع - الخاص بملكية العقار - وكان التمسك به لا يعتبر دفاعاً جوهرياً قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن إغفال المحكمة الإشارة إليه لا يعيب حكمها بالقصور في التسبيب.
3 - يجوز تملك الأموال العامة بالتقادم قبل تعديل المادة 970 من القانون المدني بالقانون رقم 147 لسنة 1957 إذ انتهى تخصيصها للمنفعة العامة وثبت وضع اليد عليها بعد ذلك المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطها القانونية.
4 - يتعين على القاضي أن يبين بما فيه الكفاية الوقائع التي تثبت أركان وضع اليد المكسب للملكية أو تنفيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر..... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، تتحصل في أن مصلحة الأملاك الأميرية التي يمثلها وزير الإسكان بصفته ومحافظ سوهاج بصفته - المطعون عليهما - أقاما الدعوى رقم 423 سنة 1968 مدني سوهاج الابتدائية ضد الطاعن الأول المرحوم....... - مورث الطاعنتين الثانية والثالثة - والمرحوم....... - مورث الطاعنات من الرابعة إلى السابعة - طلباً فيها الحكم بتثبيت ملكيتها إلى مساحة 1 قيراط و19 سهم المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وإلزامهم بإزالة المباني المقامة منهم عليها، استناداً إلى أن هذه المساحة من الأراضي المخصصة للمنفعة العامة وأن المدعى عليهم اغتصبوها وأقاموا بعض المباني عليها. دفع المدعى عليهم بعدم جواز نظر الدعوى السابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 498 سنة 1960 مدني بندر سوهاج واستئنافها رقم 134 سنة 36 ق أسيوط. وبتاريخ 8/ 5/ 1969 حكمت المحكمة بقبول تدخل الطاعن الثامن خصماً منضماً للمدعى عليهم وبرفض الدفع وبندب مكتب الخبراء لأداء المأمورية المبينة بمنطوق هذا الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة في 1/ 6/ 1972 برفض الدعوى. استأنف المطعون عليهما هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 248 سنة 47 ق "مأمورية سوهاج"، وبتاريخ 16/ 5/ 1973 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وثبوت ملكية مصلحة الأملاك إلى 1 قيراط و19 سهم المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم في خصوص الأسباب الأول والثالث والرابع، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه مدير جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور، وفي بيان ذلك يقولون أنهم دفعوا أمام محكمة أول درجة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في القضية رقم 498 سنة 1960 مدني بندر سوهاج التي قطع الحكم الصادر في استئنافها رقم 134 سنة 36 ق أسيوط بأن المساحة موضوع النزاع هي من أملاك الدولة الخاصة وأنهم ومورثهم من قبل وضعوا اليد عليها مدة تزيد على خمسين سنة سابقة على العمل بالقانون رقم 147 لسنة 1957 وقضى الحكم على هذا الأساس بمنع تعرض مصلحة الأملاك لهم في هذه الأرض، ويحوز هذا القضاء قوة الأمر المقضي بين الطرفين ويمنع من التنازع فهي في دعوى أخرى، غير أن محكمة أول درجة قضت في الدعوى الحالية برفض هذا الدفع ثم قضت في الموضوع لصالحهم برفض الدعوى، وإذ استأنفت مصلحة الأملاك هذا الحكم فإن الدفع المذكور يكون مطروحاً على محكمة الاستئناف إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الإشارة إليها، وهو ما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان الحكم الصادر في دعوى منع التعرض لا يحوز قوة الأمر المقضي في دعوى الملك لاختلاف الموضوع في الدعويين، لا يغير من ذلك ما يقوله الطاعنون من أن الحكم الصادر في الاستئناف رقم 134 سنة 36 ق أسيوط بمنع تعرض مصلحة الأملاك لهم في أرض النزاع قد أقام قضاءه على أساس أن هذه الأرض من الأموال الخاصة المملوكة للدولة وأن مورثهم وهم من بعده وضعوا اليد عليها مدة تزيد على الخمسين عاماً قبل العمل بالقانون رقم 147 لسنة 1957 الذي ينص على عدم جواز تملك أملاك الدولة الخاصة أو كسب حق عيني بالتقادم ذلك أن هذا القول من الحكم لم يكن للفصل في أصل الحق وإنما للبحث في توافر الحيازة شروطها القانونية أو عدم توافرها، لأن قاضي الحيازة ممنوع من التعرض للملكية ومن بناء حكمه على أساس ثبوتها أو نفيها، وكل ما يقرره في شأنها لا يحوز أية حجية لدى المحكمة التي يعرض عليها النزاع في أصل الحق ومن ثم فلا تتقيد به تلك المحكمة، لما كان ذلك وكان الحكم الصادر للطاعن في دعوى منع التعرض ليست له حجية في النزاع الحالي، وكان التمسك به لا يغير دفاعاً جوهرياً قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن إغفال المحكمة الإشارة إليه لا يعيب حكمها بالقصور في التسبيب.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون في باقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، ذلك أن الحكم استند في قضائه إلى أن الأرض موضوع الدعوى مخصصة للمنافع العامة منذ سنة 1905 وأنه لا دليل على زوال هذا التخصيص، في حين أن الثابت من الكشفين المقدمين من مصلحة الأملاك أنها في سنة 1918 عرضت هذه القطعة مع أراض أخرى للبيع واشترى بعض الأهالي أجزاء منها وهو ما يستفاد منه زوال تخصيص هذه العين للمنفعة العامة ودخولها ضمن أملاك الدولة الخاصة، هذا إلى أن مصلحة الأملاك أقرت في مذكرتها المقدمة في الاستئناف رقم 134 سنة 36 ق أسيوط الذي قضى فيه بمنع تعرضها للطاعنين أنها تملك العين المذكورة ملكية خاصة، كما استند الحكم إلى ما قرره عمدة الناحية في محضر أعمال الخبير من أنه كلما أقام الطاعنون مباني على الأرض أزالها رجال الإدارة وأن هذا ينتفي معه الاستمرار والهدوء عن وضع يد الطاعنين، في حين أن أقوال العمدة خلت من بيان ما إذا كانت حيازة الطاعنين قد بدأت هادئة أم أنها بدأت بإكراه ومن بيان تاريخ تعرض رجال الإدارة لهم وأثر هذا التعرض في استمرار الحيازة رغم أهمية هذه البيانات في اكتساب الملكية بالتقادم، الأمر الذي يعيب الحكم بالقصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان يجوز تملك الأموال العامة بالتقادم قبل تعديل المادة 970 من القانون المدني بالقانون رقم 147 لسنة 1957 إذ انتهى تخصيصها للمنفعة العامة وثبت وضع اليد عليها بعد ذلك المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطها القانونية، وكان يتعين على القاضي أن يبين بما فيه الكفاية الوقائع التي تثبت أركان وضع اليد المكسب للملكية أو تنفيها، وكان دفاع الطاعنين في الدعوى يقوم على أن الأرض موضوع النزاع انتهى تخصيصها للمنفعة العامة وأصبحت في عداد الأملاك الخاصة وأنهم تملكوها بالتقادم الطويل قبل العمل بالقانون رقم 147 لسنة 1957، وكان يبين من الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 8/ 5/ 1969 أن مصلحة الأملاك الأميرية قدمت بين مستنداتها كشفاً من سجلات فك الزمام في سنة 1905 عن القطعة رقم 23 بحوض 26 محافظة بناحية بنجا سوهاج التي تدخل فيها الأرض محل النزاع وكشفاً ببيان أسماء المشترين في هذه القطعة، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أطرح دفاع الطاعنين سالف الذكر وقضى بتثبيت ملكية مصلحة الأملاك الأميرية للأرض موضوع النزاع تأسيساً على أن أوراق الدعوى، قد خلت من دليل على أن هذه الأرض قد زال تخصيصها للمنفعة العامة وأنه ثبت من أقوال عمدة الناحية بمحضر أعمال الخبير أنه كلما أقام الطاعنون مباني على الأرض المتنازع عليها فإن رجال الإدارة يقومون بإزالتها وأن هذا يعيب الحيازة بالتقطع والإكراه، دون أن يناقش الحكم المستند الثاني سالف الذكر الذي يفيد أن الحكومة عرضت الأرض التي تقع بها عين النزاع للبيع في سنة 1918 مع ما قد يكون لهذا المستند من دلالة مؤثرة في الدعوى، هذا إلى أن ما حصله الحكم من أقوال العمدة ورد في عبارة مجملة لا تكفي لنفي وضع يد الطاعنين المكسب لملكية العين، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بقصور يبطله بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.