أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 29 - صـ 96

جلسة 5 من يناير سنة 1978

المؤلفة من السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عبد العال السيد رئيساً وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عبد الرحمن عياد، ومحمد فاروق راتب، وإبراهيم فوده، وعماد الدين بركات.

(26)
الطعن رقم 967 لسنة 44 القضائية

(1) حكم "إصدار الحكم".
صدور الحكم من محكمة ابتدائية. إثبات البيان الخاص بالمحكمة أنها دائرة استئنافية خطأ مادي. لا أثر له.
(2) اختصاص "الاختصاص النوعي".
اختصاص إحدى دوائر المحكمة الابتدائية بنوع معين من القضايا أمر لا يتعلق بالاختصاص النوعي للمحاكم.
(3، 4) قضاة. دعوى "ترك الخصومة" حكم. قانون.
3 - طلب رد القاضي. عدم وجوب إعلانه بتقرير الاستئناف وتكليفه بالحضور فيه.
4 - طلب رد القاضي. جواز التنازل عنه. علة ذلك.
(5) نقض. حكم. قضاة. دعوى "مصاريف الدعوى".
قضاء محكمة النقض بنقض الحكم وبإلغاء الحكم المستأنف وبإثبات تنازل الطاعن عن طلب رد القاضي. أثره وجوب إلزام الطاعن والمصاريف عن كافة درجات التقاضي. علة ذلك.
(6) قضاء. قانون. كفالة. نقض.
تقديم طلب رد القاضي قبل العمل بالقانون 95 لسنة 1973 بتعديل قانون المرافعات لا محل للقضاء بمصادرة الكفالة في حالة التنازل عن الطلب.
1 - إن ما ذكر في الحكم الابتدائي من أنه صدر من دائرة استئنافية بمحكمة القاهرة الابتدائية لا يعدو أن يكون خطأ مادياً ليس من شأنه أن يشكك في بيان المحكمة التي أصدرته، إذ الثابت من الوقائع التي أوردها الحكم ومن أسبابه ومنطوقه أنه صدر من المحكمة باعتبارها محكمة أول درجة وليس باعتبارها محكمة استئنافية.
2 - إذ كانت الدائرة التي أصدرت الحكم في طلب رد القاضي قد اختصت بنوع معين من القضايا مما يدخل في التنظيم الداخلي لكل محكمة، فإن ذلك لا يتعلق بالاختصاص النوعي للمحاكم وتكون هذه الدائرة باعتبارها إحدى دوائر المحكمة الابتدائية مختصة نوعياً بالفصل ابتدائياً في طلب الرد.
3 - المستفاد من نصوص المواد 153، 154، 155، 156، 157 من قانون المرافعات الخاصة بإجراءات نظر طلب رد القاضي أن المشرع خرج بها - بالنظر لطبيعة هذا الطلب عن الإجراءات العادية لرفع الدعوى إذ لم يتطلب القانون حضور القاضي في طلب رده إلا إذ رأت المحكمة التي تنظر الطلب سماع أقواله عند الاقتضاء على ما جاء بالمادة 157 من قانون المرافعات سالفة الذكر ومن ثم فلا محل لإعلان المطلوب رده بتقرير الاستئناف وتكليفه بالحضور فيه.
4 - إذ كان نص المادة 141 من قانون المرافعات الذي أجاز ترك الخصومة نصاً عاماً لم يخصصها بنوع معين من الدعاوى التي يختص القضاء المدني بنظرها وكانت المواد 146 وما بعدها من قانون المرافعات في شأن عدم صلاحية القضاة وردهم وتنحيتهم لم تنص على عدم جواز التنازل عن طلب الرد وكانت طبيعة طلب الرد لا تتجافى مع التنازل عنه، وكان الشارع عندما أصدر أخيراً القانون رقم 95 لسنة 1976 بتعديل بعض أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968 قد أضاف مادة جديدة رقم 162 مكرر تنص على أنه "إذا قضى برفض طلب الرد أو سقوط الحق فيه أو عدم قبوله أو بإثبات التنازل عنه، لا يترتب على تقديم أي طلب آخر وقف الدعوى الأصلية" وعدل المادة 159 من قانون المرافعات فأضاف فقرة جديدة تنص على أنه "وفي حالة التنازل عن طلب الرد تحكم المحكمة بمصادرة الكفالة" مما يؤكد أن القانون لا يمنع التنازل عن طلب الرد شأنه شأن أي طلب آخر لصاحبه التمسك به أو التنازل عنه، ولا يحول دون ذلك ما نصت عليه المادة 142/ 1 من قانون المرافعات من أن الترك لا يتم بعد إبداء المدعي طلباته إلا بقبوله، لأن القاضي ليس طرفاً ذا مصلحة شخصية في الخصومة فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض طلب الطاعن التنازل عن طلب الرد يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
5 - قضاء محكمة النقض بإلغاء الحكم المستأنف - الذي التفت عن إثبات تنازل المدعي عن طلب رد القاضي - وبإثبات تنازل المدعي (الطاعن) عن طلب الرد، يوجب إلزامه بمصاريف الدرجة الأولى عملاً بنص المادة 143 من قانون المرافعات وبمصاريف الدرجة الثانية ومصاريف الطعن بالنقض، لأن القاضي المطلوب رده ليس خصماً ذا مصلحة شخصية في طلب الرد.
6 - إذا كان الطاعن قد قرر بالرد في 19/ 5/ 1973 قبل صدور القانون رقم 95 لسنة 1976 الذي قضى بمصادرة الكفالة في حالة التنازل، فلا محل لمصادرة الكفالة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2415 لسنة 1973 جنوب القاهرة الابتدائية للحكم برد المطعون عليه قاضي محكمة الجمالية - من نظر الدعوى رقم 261 لسنة 1973 مدني تنفيذ الجمالية التي رفعها الطاعن استشكالاً في الأمر الوقتي رقم 4 لسنة 1973 الجمالية الذي أصدره المطعون عليه تأسيساً على أن إصداره لهذا الأمر يتضمن إبداء لرأيه في الدعوى المذكورة بما يجعله غير صالح لنظرها عملاً بالمادة 46/ 5 من قانون المرافعات. وبجلسة 23/ 6/ 1973 قرر الطاعن تنازله عن طلب الرد لأن الدعوى رقم 261 لسنة 1973 أحيلت إلى محكمة الدرب الأحمر وفصل فيها. وبجلسة 24/ 2/ 1974 قرر انسحابه تاركاً الدعوى للشطب ثم تقدم بعد ذلك بمذكرة طلب فيها أصلياً إثبات تركه للخصومة واحتياطياً الحكم بعدم قبولها لانقضاء مصلحته فيها. وفي 7/ 4/ 1974 قضت المحكمة برفض طلب الرد وبتغريم الطاعن مائة جنيه استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والقضاء بشطب دعوى الرد أو إثبات ترك الخصومة فيها واحتياطياً عدم قبولها أو انتهاء الخصومة فيها ومن باب الاحتياط الكلي رد المطعون عليه عن نظر الدعوى رقم 261 لسنة 1973 مدني تنفيذ الجمالية، وقيد الاستئناف برقم 2382 لسنة 91 ق. وبتاريخ 27/ 6/ 1974 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على تسعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون لأنه قضى بتأييد الحكم الابتدائي رغم بطلانه بطلاناً جوهرياً لصدوره من دائرة استئنافية مستعجلة لا تختص إلا بنظر طعون الأحكام الابتدائية المستعجلة التي تصدر من محاكم أول درجة.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن ما ذكر في الحكم الابتدائي من أنه صدر من دائرة استئنافية بمحكمة القاهرة الابتدائية لا يعدو أن يكون خطأ مادياً ليس من شأنه أن يشكك من بيان المحكمة التي أصدرته، إذ الثابت من الوقائع التي أوردها الحكم ومن أسبابه ومنطوقه أنه صدر من المحكمة باعتبارها محكمة أول درجة وليس باعتبارها محكمة استئنافية، وإذ كانت الدائرة التي أصدرته قد اختصت بنوع معين من القضايا مما يدخل في التنظيم الداخلي لكل محكمة، فإن ذلك لا يتعلق بالاختصاص النوعي للمحاكم، وتكون هذه الدائرة باعتبارها إحدى دوائر المحكمة الابتدائية مختصة نوعياً بالفصل ابتدائياً في طلب الرد، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه البطلان، لأنه لم يتم إعلان المطعون عليه بتقرير الاستئناف أو بتكليفه بحضوره على الوجه المبين بالمادة السادسة من قانون المرافعات، كما وأن الاستئناف لم ينظر ولم يحقق في غرفة مشورة، ولم يتل مع أسبابه في جلسة علنية وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المستفاد من نصوص المواد 153، 154، 155، 156، 157، من قانون المرافعات الخاصة بإجراءات نظر طلب الرد أن المشرع خرج بها - بالنظر لطبيعة هذا الطلب - عن الإجراءات العادية لرفع الدعوى إذ لم يتطلب القانون حضور القاضي في طلب رده إلا إذ رأت المحكمة التي تنظر هذا الطلب سماع أقواله عند الاقتضاء على ما جاء بالمادة 157 من قانون المرافعات سالفة الذكر ومن ثم فلا محل لإعلان المطلوب رده بتقرير الاستئناف وتكليفه بالحضور فيه والنعي في باقي ما ورد به غير صحيح، إذ الثابت من الصورة الرسمية للحكم المطعون فيه أن المحكمة سمعت المرافعة في غرفة مشورة وأن الحكم تلي بجلسة علنية.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه - الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه طلب أمام محكمة الموضوع إثبات تنازله عن طلب الرد، إلا أن الحكم الابتدائي وجاره في ذلك الحكم المطعون فيه قرر أنه لا يجوز التنازل عن دعوى الرد لتعلق حق القضاء بها ولكونها شبيهة بالدعوى العامة، مع أنه لا وجه للشبه بينهما، كما أن النصوص الخاصة بدعوى الرد في قانون المرافعات لم يميزها عن غيرها من الدعاوى إلا بالمميزات المحددة في هذه النصوص ولا يجوز التوسع في هذه الميزات أو القياس عليها.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان نص المادة 141 من قانون المرافعات الذي أجاز ترك الخصومة نصاً عاماً لم يخصصها بنوع معين من الدعاوى التي يختص القضاء المدني بنظرها وكانت المواد 146 وما بعدها من قانون المرافعات في شأن عدم صلاحية القضاة وردهم وتنحيتهم لم تنص على عدم جواز التنازل عن طلب الرد وكانت طبيعة طلب الرد لا تتجافى مع التنازل عنه وكان الشارع عندما أصدر أخيراً القانون رقم 95 لسنة 1976 بتعديل بعض أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968 قد أضاف مادة جديدة رقم 162 مكرر تنص على أن "إذا قضى برفض الرد أو سقوط الحق فيه أو عدم قبوله أو بإثبات التنازل عنه، لا يترتب على تقديم أي طلب آخر وقف الدعوى الأصلية. وعدل المادة 159 من قانون المرافعات فأضاف فقرة جديدة تنص على أنه "وفي حالة التنازل عن طلب الرد تحكم المحكمة بمصادرة الكفالة مما يؤكد أن القانون لا يمنع التنازل عن طلب الرد شأنه شأن أي طلب آخر لصاحبه التمسك به أو التنازل عنه ولا يحول دون ذلك ما نصت عليه المادة 142/ 1 من قانون المرافعات من أن الترك لا يتم بعد إبداء المدعى عليه طلباته إلا بقبوله لأن القاضي ليس طرفاً ذا مصلحة شخصية في الخصومة، فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض طلب الطاعن التنازل عن طلب الرد يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي الأسباب. ولما تقدم وكانت الدعوى صالحة للفصل فيها ويتعين الحكم في الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإثبات تنازل المدعي (الطاعن) عن طلب الرد، مع إلزامه بمصاريف الدرجة الأولى عملاً بنص المادة 143 من قانون المرافعات وبمصاريف الدرجة الثانية ومصاريف الطعن بالنقض لأن القاضي المطلوب رده ليس خصماً ذا مصلحة شخصية في طلب الرد، ولا محل للقضاء بمصادرة الكفالة لأن الطاعن قرر الرد في 19/ 5/ 1973 قبل صدور القانون رقم 95 لسنة 1976 الذي قضى على مصادرة الكفالة عند التنازل عن طلب الرد.