أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 31 - صـ 162

جلسة 15 من يناير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار محمد صدقي العصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد طه سنجر؛ وحسن النسر؛ ومنير عبد المجيد، ومحمد إبراهيم خليل.

(36)
الطعن رقم 713 لسنة 45 القضائية

(1) حكم. "إصدار الحكم". بطلان. قضاة.
المستشار المنتدب لرئاسة المحكمة الابتدائية. عدم اقتصار ولايته على العمل الإداري. امتدادها إلى ولاية القضاء. رئاسته إحدى الدوائر بالمحكمة الابتدائية لا بطلان.
(2، 3) حكم."حجية الحكم". خلف. بيع. تجزئة.
(2) حجية الحكم. مناطه. اتحاد الخصوم والموضوع والسبب في الدعويين. اختلاف الخصوم. أثره. انحسار الحجية عن الحكم السابق ولو كان صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة.
(3) الأحكام الصادرة على السلف. حجة على الخلف بشأن الحق الذي تلقاه منه. الأحكام الصادرة على الخلف الخاص. لا حجية لها قبل السلف.
(4) إرث. حيازة. ملكية. نقض."السبب غير المنتج".
إقامة الحكم قضاءه في ثبوت الملكية على الميراث. النعي عليه في خصوص ما قرره بشأن الملكية بوضع اليد. غير منتج.
(5) إثبات. إرث. حيازة. ملكية.
ثبوت الملكية بالميراث أو وضع اليد. جواز الإثبات فيها بكافة طرق الإثبات. لا تثريب على المحكمة إن هي استندت في قضائها إلى شهود سمعهم الخبير دون حلف يمين.
1 - النص في المادة 9 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية على أن "... وتؤلف كل محكمة - ابتدائية - من عدد كاف من الرؤساء والقضاة ويندب لرئاستها أحد مستشاري محكمة الاستئناف التي تقع بدائرتها المحكمة الابتدائية... ويكون بكل محكمة عدد كاف من الدوائر يرأس كلاً منها رئيس المحكمة أو أحد الرؤساء بها... وتصدر الأحكام من ثلاثة أعضاء..."، يدل على أن المستشار المنتدب لرئاسة المحكمة الابتدائية لا تتحدد ولايته بالعمل الإداري بالمحكمة، بل تمتد إلى ولاية القضاء ذاتها. ولو أراد المشرع غير ذلك، لما نص على أن يرأس الدائرة رئيس المحكمة أو أحد الرؤساء بها. يؤكد ذلك ما أوردته المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المذكور من أن المادة 9 من القانون قد أسبغت على المستشار الذي يرأس المحكمة الابتدائية ولاية الفصل في الدعاوى التي ترفع للمحكمة الابتدائية التي يرأسها. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي - المؤيد استئنافياً - قد صدر من الدائرة الأولى المدنية بمحكمة شبين الكوم الابتدائية المشكلة من السيد المستشار رئيس المحكمة وأحد القضاة بها، وهو تشكيل يسوغه القانون، فإن النعي عليه بالبطلان لذلك يكون غير سديد.
2 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مناط حجية الحكم الصادر في إحدى الدعاوى، في دعوى تالية سواء كان الحكم السابق صادراً في ذات الموضوع أو في مسألة كلية شاملة، أو في مسألة أساسية واحدة، في الدعويين أن يكون الحكم السابق صادراً بين ذات الخصوم في الدعوى التالية مع اتحاد الموضوع والسبب في الدعويين، فلا تقوم متى كان الخصمان في الدعوى الأولى قد تغير أحدهما أو كلاهما في الدعوى التالية حتى ولو كان الحكم السابق صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة، إذ لا يستفيد الخصم من أو يضار به إلا إذا تدخل - أو أدخل - في الدعوى وأصبح بذلك طرفاً في هذا الحكم.
3 - إذا جاز أن الأحكام الصادرة على السلف حجة على الخلف بشأن الحق الذي تلقاه منه، فإنه لا حجية للأحكام التي تصدر في مواجهة الخلف الخاص قبل مانح الحق متى كان هذا الأخير لم يختصم في الدعوى.
4 - إذا كانت الملكية بالميراث كافية وحدها لحمل قضاء الحكم ويستقيم بها وهو سبب مستقل لاكتساب الملكية، فإن النعي عليه في خصوص وضع اليد، وهي دعامة مستقلة - بفرض صحته - يكون غير منتج.
5 - الملكية بالميراث من الوقائع المادية، وكذلك الحال بالنسبة لوضع اليد فيجوز إثبات أيهما بكافة طرق الإثبات، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي اعتمدت في تحقيق كل منهما بوصفه سبباً مستقلاً لاكتساب الملكية على تحقيق أجراه الخبير وأقوال شهود سمعهم دون حلف يمين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن.... بصفته ولياً شرعياً على ولده القاصر.... أقام الدعوى رقم 1008 لسنة 1965 تلا الجزئية بطلب الحكم بطرد المطعون عليه الأول من أرض النزاع وتسليمها إليه مع إلزامه بأن يؤدى إليه مبلغ 13 ج قيمة ريعها عن سنة 64/ 1965. وقال شرحاً لدعواه أنه اشترى 13 ط موضحة بالصحيفة بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 15/ 11/ 1961، قضى بصحته ونفاذه مع التسليم في الدعوى رقم 315 لسنة 1964 تلا الجزئية وسلمت الأرض إليه بمحضر رسمي في 21/ 2/ 1965. وأن المطعون عليه الأول اغتصبها ووضع يده عليها دون سند، فأقام الدعوى بالطلبات سالفة البيان. وبعد أن أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي أن عقد الإيجار المؤرخ 28/ 10/ 1958 الذي يستند إليه المدعى عليه - المطعون عليه الأول - والصادر إليه من.... صوري، واستمعت إلى شهود الطرفين عادت فحكمت بتاريخ 6/ 2/ 1968 بإلزام المطعون عليه الأول بأن يؤدي إلى الطاعن مبلغ 13 ج قيمة الريع، وبعدم اختصاصها بنظر طلب التسليم وأمرت بإحالته إلى محكمة شبين الكوم الابتدائية، فقيدت الدعوى أمامها برقم 174 لسنة 1968 واختصم المدعي... بصحيفة معلنة في 28/ 4/ 1970 موجهاً إليها طلب الطرد والتسليم أقام الطاعن الدعوى رقم 821 لسنة 1968 تلا الجزئية بطلب الحكم بإلزام المطعون عليه الأول بأن يؤدي إليه مبلغ 45 ج قيمة الريع المستحق عن المدة من 65/ 1966 حتى 67/ 1968 استناداً إلى الحكم رقم 1008 لسنة 1965 تلا، فأحالتها المحكمة إلى محكمة شبين الكوم الابتدائية لنظرها مع الدعوى رقم 174 لسنة 1968 وقيدت أمامها برقم 576 لسنة 1969. وبعد أن أمرت المحكمة بضم الدعوى الأخيرة إلى الأولى، وندبت خبيراً في الدعوى لأداء المأمورية الموضحة بمنطوق هذا الحكم، وقدم الخبير تقريره، عادت فحكمت بتاريخ 15/ 10/ 1973 برفض الدعويين. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 193 لسنة 6 ق طنطا. وبتاريخ 23/ 4/ 1975 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم في خصوص الدعوى رقم 576 لسنة 1969 شبين الكوم الابتدائية وبرفضه في خصوص الدعوى رقم 174 لسنة 1968 شبين الكوم الابتدائية وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة قرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على أسباب ثلاثة، حاصل أولها بطلان الحكم الابتدائي لصدوره من دائرة مشكلة برئاسة المستشار رئيس المحكمة، وهو تشكيل لا يجيزه القانون، وإذ أيده الحكم المطعون فيه، فإنه يكون باطلاً بدوره بطلاناً متعلقاً بالنظام العام، يجوز التحدي به ولأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 9 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية على أن "... وتؤلف كل محكمة - ابتدائية - من عدد كاف من الرؤساء والقضاة. ويندب لرئاستها أحد مستشاري محكمة الاستئناف التي تقع بدائرتها المحكمة الابتدائية... ويكون بكل محكمة عدد كاف من الدوائر يرأس كلاً منها رئيس المحكمة أو أحد الرؤساء بها... وتصدر الأحكام من ثلاثة أعضاء..." يدل على أن المستشار المنتدب لرئاسة المحكمة الابتدائية لا تتحدد ولايته بالعمل الإداري بالمحكمة، بل تمتد إلى ولاية القضاء ذاتها. ولو أراد المشرع غير ذلك. لما نص على أن يرأس الدائرة رئيس المحكمة أو أحد الرؤساء بها. يؤكد ذلك ما أوردته المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المذكور من أن المادة 9 من القانون قد أسبغت على المستشار الذي يرأس المحكمة الابتدائية ولاية الفصل في الدعاوى التي ترفع للمحكمة الابتدائية التي يرأسها. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي - المؤيد استئنافياً - قد صدر في 15/ 10/ 1973 من الدائرة الأولى المدنية بمحكمة شبين الكوم الابتدائية المشكلة من السيد المستشار رئيس المحكمة وأحد الرؤساء وأحد القضاة بها، وهو تشكيل يسوغه القانون، فإن النعي عليه بالبطلان غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكمين الابتدائي والاستئنافي لم يتقيدا بالحكم الصادر في الدعوى رقم 1008 لسنة 1965 تلا الجزئية، الذي لم يعتد بعقد الإيجار المؤرخ 28/ 10/ 1958 الصادر من مورثة المطعون عليهم عدا الأول إلى المطعون عليه الأول، لأنه صوري لم ينفذ بوضع يده على أطيان النزاع وأنه وضع يده عليها بدون سند قانوني، فاستحق قبله ريع الأرض. وأن.... - المؤجرة - لم تضع يدها هي الأخرى على أعيان النزاع، وأن الطاعن تسلمها من البائعين له بموجب محضر تسليم رسمي بتاريخ 21/ 2/ 1965 نفاذاً للحكم الصادر في الدعوى رقم 315 لسنة 1964 تلا الجزئية، بدعوى أنه صدر قبل إدخال.... التي لم تكن ممثلة في الدعوى، ومن ثم فلا تحاج بالحكم القاضي بالريع، في حين أن هذا الحكم حاز قوة الشيء المحكوم فيه، وحجيته لا تقتصر على المطعون عليه الأول، بل تمتد إلى... والدة زوجته - المؤجرة له ومورثه المطعون عليهم من الثانية إلى السادس، لأن الصورية لا تقبل التجزئة ولأن المطعون عليه الأول يعتبر دائناً بحق الإيجار والانتفاع بالعين قبل من أجرت له، وأن الدائن يعتبر ممثلاً لمدينه ووكيلاً عنه في ممارسة الحق المشترك بينهما بحكم القانون. فضلاً عن أنه لم يطلب الحكم له بالملكية، وإنما طلب الحكم له بالريع وبالتسليم باعتبار أنه المشتري للأرض وآلت إليه ثمرات المبيع وأن النزاع في حقيقته يقوم على أحقيته في الانتفاع بالأرض التي اشتراها وهو ما أقره عليه وقرره الحكم الصادر في الدعوى رقم 1008 لسنة 1965 تلا الجزئية.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط حجية الحكم الصادر في إحدى الدعاوى، في دعوى تالية سواء كان الحكم السابق صادراً في ذات الموضوع، أو في مسألة كلية شاملة أو في مسألة أساسية واحدة في الدعويين أن يكون الحكم السابق صادراً بين ذات الخصوم في الدعوى التالية مع اتحاد الموضوع والسبب في الدعويين فلا تقوم متى كان الخصمان في الدعوى الأولى قد تغير أحدهما أو كلاهما في الدعوى التالية حتى ولو كان الحكم السابق صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة، إذ لا يستفيد الخصم منه أو يضار به إلا إذا تدخل - أو أدخل - في الدعوى وأصبح بذلك طرفاً في هذا الحكم. وإذا جاز أن تكون الأحكام الصادرة على السلف حجة على الخلف بشأن الحق الذي تلقاه منه، فإنه لا حجية للأحكام التي تصدر في مواجهة الخلف الخاص قبل مانح الحق متى كان هذا الأخير لم يختصم في الدعوى. لما كان ذلك، وكان الثابت أن... المالكة لهذه الأطيان لم تكن خصماً في دعوى الريع رقم 1008 لسنة 1965 تلا الجزئية، فلا يسوغ في القانون أن يحتج عليها بحكم لم تكن طرفاً في الخصومة التي صدر فيها، كما أن الموضوع يختلف في الدعويين، فالدعوى الأولى أمام المحكمة تلا الجزئية كان الشق الذي فصلت فيه المحكمة خاصاً بطلب الريع فحسب، في حين أن الدعوى الحالية هي دعوى مطالبة بالريع والتسليم، وهي في حقيقتها. مؤسسة على الملكية بعد أن أدخلت فيها... دفعت الدعوى بأنها هي المالكة للأطيان موضوع النزاع. ولما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي قد رد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص بأن المحكمة "لا تتقيد بالحكم الصادر في الدعوى رقم 1008 لسنة 1965 تلا... والقاضي بإلزام المدعى عليه - المطعون عليه الأول - بالريع عن المدة السابقة، ذلك أن هذا الحكم قد صدر قبل أن تعرض المحكمة المذكورة لبحث الملكية باعتبارها مسألة أولية أثارها المدعى عليه - المطعون عليه الأول - منذ بداية التداعي، وإذ تكشفت الملكية بعد تحقيقها في التداعي الحالي بين المدعي والخصيمة المدخلة المالكة، والتي لم تكن ممثلة في الدعوى أمام محكمة تلا الجزئية، فإنه لا يحتج بهذا الحكم القاضي بالريع في التداعي الحالي، بعد أن تم بحث الملكية، وهي المسألة الأولية المترتب عليها الفصل في التداعي الحالي بشقيه، طلب الطرد والتسليم والريع والذي لم يكن محل بحث محكمة تلا الجزئية"، كما أضاف الحكم المطعون فيه أن حكم محكمة تلا الجزئية لا تقوم له حجية قبل... المؤجرة والتي لم تكن مختصمة في الدعوى المذكورة، وخلص إلا تأييد الحكم المستأنف لأسبابه، فإن النعي عليه بالخطأ في القانون والقصور في التسبيب لا يكون في محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثاني وبالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي فيما ذهب إليه ملكية.... مورثة المطعون عليهم من الثانية إلى السادس لأرض النزاع بالميراث وبوضع اليد، دون بيان سند هذا الميراث مع أن تقرير الخبير الأول أورد أن ما يخص.... بالميراث عن والديها 2 ط و4 س شائعة في القطعة 114 بحوض قبالة، في حين ذهب تقرير الخبير الأخير إلى أن حقيقة أرض النزاع 10 س و11 ط وأنها في وضع يد... بصفتها مالكة لها بالميراث الشرعي. وقد أخذ الحكم الابتدائي بالتقرير الأخير وأيده الحكم المطعون فيه، مع أن هذا القول يحتاج إلى بيان كيفية أيلولة أرض النزاع إليها بالميراث بتحديد مقدار ما يملكه كل من والديها ونصيبها هي فيه. ولم يعول الحكم على دليل رسمي لإثبات ذلك، وإنما اكتفى بأقوال الشهود أمام الخبير، وإذ اعتمد الحكم للقضاء بملكية لمدخلة في الدعوى على الميراث ووضع اليد، فإن انهيار الأساس القائم على الميراث ينهار به أيضاً الأساس الآخر القائم على وضع اليد لأن الحكم قام على الدليلين معاً هذا إلى أن إسناد ملكية... إلى وضع اليد إسناد خاطئ وفاسد، لأن وضع اليد فصل فيه بحكم محكمة تلا وهو قضاء مانع من العودة إلى مناقشة وضع يد المطعون عليه الأول، ذلك أن قول الخبير أن.... وضعت اليد على أرض النزاع خمساً وعشرين سنة إلى أن أجرتها إلى المطعون عليه الأول من حوالي 15 سنة وأن وضع يدها كان هادئاً ومستمراً وأن الطاعن والبائعين له من قبل لم يضعوا اليد على أرض النزاع، يناقض المسألة الكلية الشاملة التي أثبتها حكم محكمة تلا من أن وضع يد المطعون عليه الأول كان اغتصاباً وبناء على عقد صوري لم يقترن بوضع اليد. فضلاً عن أن محكمة الموضوع رجحت تقرير الخبير رغم أنه أقيم على أقوال شاهدين لم يثبت أقوالهما في محضر أعماله مكتفياً بإثبات أن نائب العمدة والزارع المجاور قررا أن... هي الواضعة اليد، وهو قول لا يصح أن يقاس بشهادة الشهود الذين سمعتهم محكمة تلا بعد حلف اليمين. كما استدل الخبير على وضع اليد بسداد الأموال الأميرية مع أنه قدم إليه ما يفيد سداده أموال سنتي 1968، 1969، ولم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع متجاهلاً قوة الشيء المقضي التي حازها حكم محكمة تلا الجزئية، فخالف القانون وشابه القصور في التسبب.
وحيث إن هذا النعي مردود أولاً بما سبق الرد به على الوجه الأول من السبب الثاني. وغير مقبول ثانياً فيما أثاره حول أسباب وقدر ملكية.... مورثة المطعون عليهم من الثانية إلى السادس، إذ هو دفاع يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع، ومن ثم فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض. وهو غير منتج في شقه المتعلق بوضع يد.... على أرض النزاع، ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن بأن الخبير خلص إلى أن أرض النزاع وحقيقة مساحتها 11 ط و10 س كانت في وضع يد مورثة المطعون عليهم من الثانية إلى السادس... بصفتها مالكة لها وقد اختصت بها بالميراث الشرعي عن والديها منذ حوالي 25 سنة. وقد اقترنت تلك الملكية بوضع يدها عليها وتأجيرها للمطعون عليه الأول وأن الثابت للمحكمة أن تقرير هذا الخبير قد بني على أساس من معاينته للأطيان مثار النزاع على الطبيعة وتطبيقه لمستندات الطرفين عليها وسماعه ملاحظاتهما ورجال الإدارة وجيران تلك الأطيان، وعلى أسباب صحيحة وسائغة تقرها وتأخذ بنتيجتها محمولة عليها وباعتبار التقرير جزءاً من حكمها، وأنها تطرح ما جاء بالتقريرين السابقين ولا تعول عليهما في قضائها تأسيساً على أنه لم تراع فيهما الأسس والأسانيد التي ارتكن إليها التقرير الأخير، وكان رأي الخبير مجرد دليل في الدعوى وعنصر من عناصر الإثبات فيها يخضع لتقدير محكمة لموضوع لها الموازنة والمفاضلة بين ما يقدم إليها من تقارير الخبراء والأخذ بما تراه منها، وكان ما خلص إليه الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص قد قام على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق، وكانت الملكية بالميراث كافية وحدها لحمل قضاء الحكم ويستقيم بها وهو سبب مستقل لاكتساب الملكية، فإن النعي عليه في خصوص وضع اليد، وهي دعامة مستقلة - بفرض صحته - يكون غير منتج، هذا إلى أن الملكية بالميراث من الوقائع المادية وكذلك الحال بالنسبة لوضع اليد فيجوز إثبات أيهما بكافة طرق الإثبات، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي اعتمدت في تحقيق كل منهما بوصفه سبباً مستقلاً لاكتساب الملكية على تحقيق أجراه الخبير وأقوال شهود سمعهم دون حلف يمين، لما كان ذلك فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.