أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 31 - صـ 206

جلسة 19 من يناير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار الدكتور مصطفى كيره نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد حسب الله، حسن البكري، أحمد ضياء عبد الرازق عيد، الدكتور جمال الدين محمود.

(43)
الطعن رقم 99 لسنة 43 القضائية

(1 - 3) عمل "إنهاء العقد".
(1) اتهام العامل بارتكاب جناية أو جنحة داخل دائرة العمل. لرب العمل الحق في وقفه أو فصله اكتفاء بالتحقيق الإداري.
(2) عقد العمل غير محدد المدة. إنهاء رب العمل له بإرادته المنفردة. أثره. انقضاء الرابطة العقدية ولو اتسم الإنهاء بالتعسف. القضاء بإعادة العامل إلى عمله. شرطه.
(3) استحقاق العامل للأجر. شرطه. أن يكون عقد العمل ما زال قائماً. فصل العامل. أثره. انقضاء الالتزام بدفع أجره.
(1) مفاد نص المادة 67 من قانون العمل الصادر بالقانون 91 لسنة 1959 من أنه إذا نسب إلى العامل ارتكاب جناية أو جنحة داخل دائرة العمل جاز لصاحب العمل وقفه من تاريخ إبلاغ الحادث إلى السلطة المختصة لحين صدور قرار منها في هذا الشأن، لم يقيد سلطة رب العمل في إجراء فصل العامل اكتفاء بالتحقيق الإداري إذا قدر أن مصلحة منشأته تقتضى ذلك وأن ما وقع من العامل يكفي في إنهاء العلاقة العقدية بالفسخ طبقاً لما تقضي به المادة 76 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 [(1)].
(2) مؤدى نصوص المواد 694 من القانون المدني و72 و74 من قانون العمل الصادر بالقانون 91 لسنة 1959 أن لرب العمل إنهاء العقد الغير محدد المدة بإرادته المنفردة، وأن هذا الإنهاء تنقضي به الرابطة العقدية ولو اتسم بالتعسف، غاية الأمر أنه يرتب للعامل الذي أصابه ضرر في هذه الحالة الحق في التعويض، وكان المشرع - استثناء من هذا الأصل - أجاز إعادة العامل إلى عمله رغم إنهاء رب العمل للعقد، وذلك في حالة واحدة ضمنها نص المادة 75 من قانون العمل المشار إليه وهي إذا كان الفصل بسبب النشاط النقابي المكون للجريمة المنصوص عليها في المادة 231 من هذا القانون.
(3) يشترط أصلاً لاستحقاق الأجر إعمالاً للمادتين 3 من قانون العمل الصادر بالقانون 91 لسنة 1959، 692 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون عقد العمل قائماً، على اعتبار أن الأجر التزام من الالتزامات المنبثقة عنه وأن أحكام تلك المادتين تنحسر عن حالة صدور قرار بفصل العامل طالما أن فصله ينهي عقد عمله ويزيل الالتزامات الناتجة عنه ومنها الالتزام بدفع الأجر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 256 لسنة 1970 مدني كلي بني سويف على المؤسسة المطعون ضدها بطلب الحكم بإلغاء قرار إيقافه عن العمل وصرف مرتبه ووقف قرار فصله الصادر في 4/ 7/ 1970 وإحالة الدعوى إلى مكتب الخبراء للوقوف على صحة المبالغ المستحقة له. وقال بياناً لها إنه يعمل بالمؤسسة المطعون ضدها وبتاريخ 25/ 10/ 1962 اتهم في جناية الاختلاس رقم 4 لسنة 1963 أمن دولة الواسطى/ 1968 لسنة 1963 كلي بندر بني سويف وأوقف عن عمله بتاريخ 11/ 11/ 1962 ولم تحله المؤسسة المطعون ضدها إلى المحكمة التأديبية في المدة القانونية وقامت بفصله تعسفياً في 4/ 7/ 1970 وقبل الفصل في الجناية المشار إليها، وأنه يستحق مبلغ 1535 ج و400 م جملة أجره عن المدة من أول أكتوبر سنة 1962 حتى آخر ديسمبر سنة 1970 فضلاً عما يستجد من أجر حتى الفصل في الدعوى. وبتاريخ 3/ 2/ 1970 قضت محكمة بني سويف الابتدائية (أولاً) بوقف قرار فصل الطاعن من العمل لدى المؤسسة المطعون ضدها وألزمتها بصرف أجره كاملاً عن المدة من أول أكتوبر سنة 1962 حتى 24/ 10/ 1962 وبصرف نصف أجره اعتباراً من أول يونيو سنة 1970 حتى صدور مذكرة في شأنه من جهة الاختصاص (ثانياً) رفضت باقي الطلبات. استأنفت المؤسسة المطعون ضدها الحكم بالاستئناف رقم 31 لسنة 9 ق بني سويف وبتاريخ 2/ 12/ 1972 قضت محكمة استئناف بني سويف (أولاً) بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة لما قضى به من إلزام المطعون ضدها بأجر الطاعن كاملاً في المدة من 1/ 10 حتى نهاية يوم 24/ 10/ 1962 (ثانياً) بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة لما قضى به من إلزام المطعون ضدها بصرف أجر الطاعن من 1/ 6/ 1970 حتى صدور مذكرة في شأنه من جهة الاختصاص إلى إلزام المطعون ضدها بصرف نصف أجر الطعن اعتباراً من 1/ 6/ 1970 حتى يوم 4/ 7/ 1970 فقط (ثالثاً) إلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لما قضى به من وقف قرار فصل الطاعن ورفض الدعوى بالنسبة لذلك. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 15/ 12/ 1979 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ويقول بياناً لذلك أن الحكم أسس قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من وقف تنفيذ قرار فصل الطاعن استناداً إلى أن هذا القرار لم يكن لأسباب نقابية، ومن ثم لا يجوز إعادة الطاعن إلى عمله ويمتنع بذلك وقف قرار الفصل ولا يكون للطاعن إلا طلب التعويض إن كان له مقتضى في حين أن دعواه بطلب وقف قرار فصله يحكمها المادة 67 من قانون العمل الصادر بالقانون 91 لسنة 1959 التي تجيز لصاحب العمل وقف العامل من تاريخ إبلاغ السلطة المختصة بما نسب إليه من جناية أو جنحة لحين صدور قرار من هذه السلطة في شأنه بحيث إذا رأت عدم تقديم العامل للمحاكمة الجنائية وجبت إعادته إلى عمله وإلا اعتبر عدم إعادته فصلاً تعسفياً وأنه إزاء عدم الفصل في الجناية المنسوبة للطاعن فإنه لا يحق للمطعون ضدها فصله ويكون قرارها بالفصل الصادر ف 4/ 7/ 1970 مخالفاً لحكم القانون متعيناً وقفه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان ما نصت عليه المادة 67 من قانون العمل الصادر بالقانون 91 لسنة 1959 من أنه إذا نسب العامل ارتكاب جناية أو جنحة داخل دائرة العامل جاز لصاحب العمل وقفه من تاريخ إبلاغ الحادث إلى السلطة المختصة لحين صدور قرار منها في هذا الشأن لم يقيد سلطة رب العمل في إجراء فصل العامل اكتفاء بالتحقيق الإداري إذا قدر أن مصلحة منشأته تقتضي ذلك وأن ما وقع من العامل يكفي في إنهاء العلاقة العقدية بالفسخ طبقاً لما تقضى به المادة 76 من قانون العمل الصادر بالقانون 91 لسنة 1959، ولما كان الأصل وطبقاً لأحكام المواد 694 من القانون المدني و72، 74 من قانون العمل الصادر بالقانون 91 لسنة 1959 أن لرب العمل إنهاء العقد الغير المحدد المدة بإرادته المنفردة، وأن هذا الإنهاء تنقضي به الرابطة العقدية ولو اتسم بالتعسف غاية الأمر أنه يرتب للعامل الذي أصابه ضرر في هذه الحالة الحق في التعويض، وكان المشرع استثناء من هذا الأصل أجاز إعادة العامل إلى عمله رغم إنهاء رب العمل للعقد وذلك في حالة واحدة ضمنها نص المادة 75 من قانون العمل المشار إليه وهي إذا كان الفصل بسبب النشاط النقابي المكون للجريمة المنصوص عليها في المادة 231 من هذا القانون، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض دعوى الطاعن بطلب وقف قرار فصله تأسيساً على إنهاء عقد العمل تعسفياً أو بلا مبرر لا يجوز معه إعادة العامل المفصول إلى عمله ويقتصر الأمر في تلك الحالة على التعويض النقدي ولا يجوز الإعادة إلا في حالة فصل العامل لأسباب نقابية وفصل الطاعن لم يكن لأسباب نقابية فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه خطأه في تطبيق القانون ويقول في بيان ذلك أنه استناداً إلى أن فصله تم بالمخالفة لحكم المادة 76 من قانون العمل الصادر بالقانون 91 لسنة 1959 واستناداً إلى قرار رئيس مجلس الوزراء بصرف نصف أجر جميع العاملين الموقوفين عن العمل اعتباراً من أول يناير سنة 1969 يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ القانون فيما قضى به من إلغاء حكم محكمة أول درجة الذي قضى بصرف نصف أجره اعتباراً من أول يونيو سنة 1970 حتى صدور مذكرة في شأنه من جهة الاختصاص.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان فصل الطاعن وعلى ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول - تم وفق أحكام القانون، ولما كان يشترط أصلاً لاستحقاق الأجر إعمالاً للمادتين 3 من قانون العمل الصادر بالقانون 91 لسنة 1959، 1962 من القانون المدني، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون عقد العمل قائماً على اعتبار أن الأجر التزام من الالتزامات المنبعثة عنه وأن أحكام تلك المادتين ينحسر عن حالة صدور قرار بفصل العامل طالما أن فصله ينهي عقد عمله ويزيل الالتزامات الناتجة عنه ومنها الالتزام بدفع الأجر. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعن فصل من عمله في 4/ 7/ 1970 ومن ثم لا يستحق أي أجر عن المدة اللاحقة لهذا التاريخ لانتهاء عقد عمله، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض دعوى الطاعن بوقف قرار فصله الحاصل في ذلك التاريخ وكذا رفض دعواه بطلب أجره أو جزء منه عن المدة اللاحقة له فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس. وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 1/ 5/ 1974 مجموعة المكتب الفني للسنة 25 ص 895.