أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 31 - صـ 217

جلسة 19 من يناير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: د. إبراهيم علي صالح، ومحمود حسن رمضان، وحسن عثمان عمار، رابح لطفي جمعة.

(45)
الطعن رقم 134 لسنة 47 القضائية

حق المالك في زيادة الوحدات السكنية في المبنى المؤجر بالإضافة أو التعلية. عدم جواز إخلاء المستأجر ولو مؤقتاً تمكيناً للمالك من استعمال هذا الحق ق 52 لسنة 1969. علة ذلك.
إن استقراء المراحل التشريعية التي مرت بها قوانين تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين يبين منه أن المشرع قد حرص فيها على تحديد أسباب إخلاء المكان المؤجر على سبيل الحصر، ولئن كان من بينها ما نص عليه في المادة 20 من القانون رقم 121 لسنة 1947 من أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان المؤجر ولو عند انتهاء المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية"... "هـ" إذا أراد المالك هدم المكان المؤجر لإعادة بنائه بشكل أوسع يشتمل على عدة مساكن أو عدة محال، "وذلك بقصد تسهيل هدم المباني القديمة محدودة الانتفاع لإقامة عمارات حديثة في مكانها لما يؤدى إليه ذلك في تفريج أزمة المساكن، إلا أنه إزاء ما لوحظ من إساءة استعمال هذا الحق فقد تدخل المشرع لإلغائه بإصدار القانون 24 لسنة 1965 الذي نص في مادته الأولى على إلغاء الفقرة "هـ" من المادة 2 من القانون رقم 121 لسنة 1947. ثم تلاه القانون رقم 52 لسنة 1969 الذي أخذ بذلك - أيضا حيث أغفل في المادة 23 منه - التي حدد فيها أسباب الإخلاء - إيراد ما يقابل نص الفقرة "هـ" من المادة 2 من القانون رقم 121 لسنة 1947، وبذلك لم تعد الرغبة في الهدم لإعادة البناء بشكل أوسع مسوغاً لطلب إخلاء المكان المؤجر في ظل أحكام القانون رقم 52 لسنة 1969. ولما كان ذلك وكان النص في المادة 24 من هذا القانون على أنه "يجوز للمالك زيادة عدد الوحدات السكنية في المبنى المؤجر بالإضافة أو التعلية ولو كان عقد الإيجار يمنع ذلك، ولا يخل هذا بحق المستأجر في إنقاص الأجرة إن كان لذلك محل، يدل على أن المشرع - سعياً منه إلى تفريج ضائقة الإسكان في إطار من التكافل الاجتماعي بين المستأجرين وبين طالبي السكنى - ارتأى استغلال مساحات الأرض غير المستغلة في أغراض السكنى والداخلة ضمن الأعيان المؤجرة وكذلك أسطح هذه الأعيان بتحويل هذه المسطحات من الأرض أو الأسطح إلى وحدات سكنية وذلك بما أجازه للملاك من إجراء زيادات أفقية أو رأسية في البناء علاوة على ما هو قائم منه فعلاً، كما أنه توفيقاً بين مصالح الملاك والمستأجرين أجاز لهؤلاء الأخيرين طلب إنقاص أجرة الأعيان المؤجرة إليهم بما يقابل ما يترتب على هذه الزيادة من حرمانهم من بعض ما كانوا يستمتعون به من مزايا، وبهذا يكون المشرع قد وفق بين استعمال المستأجر للعين المؤجرة إليه في الحدود المناسبة وبين إتاحة الفرصة لسواه للسكنى، فلا هو حرم المستأجر من العين المؤجرة إليه. لحساب المالك - ولا هو حرم المالك من تحويل الأرض غير المستغلة في السكنى والأسطح إلى وحدات سكنية ينتفع بها طالبوا السكنى، مما مؤداه أنه إذا ترتب على استعمال المالك لحقه حرمان المستأجر من العين المؤجرة له بإخراجه منها كان ذلك إخلاء للعين في غير ما أجازه المشرع من حالات. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالإخلاء المؤقت للعين المؤجرة للطاعن على سند من أن المادة 24 من القانون رقم 52 لسنة 1969 تغلب مصلحة المالك وأن ذلك لا يخل بحق المستأجر في إنقاص الأجرة مما مؤداه أنه حال الإخلاء بالانتفاع الكامل يتحول حق المستأجر قانوناً إلى إنقاص الأجرة، وكان هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه - لا يصلح سنداً للقضاء بإخلاء مستأجر العين - ولو كان مؤقتاً - في حالة زيادة عدد الوحدات السكنية بالمبنى سواء بالإضافة أو بالتعلية، كما أن الإخلاء بالانتفاع الكامل للمستأجر بالعين عن طريق إجراء هدم فيها توصلاً إلى توسعة المبنى، أمر لا يجيزه القانون رقم 52 لسنة 1969 على ما سلف بيانه، فمن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد قضاء الحكم الابتدائي بإخلاء العين التي يشغلها الطاعن مؤقتاً تمكيناً للمطعون عليه من القيام بأعمال التعلية في المبنى يكون قد جانب صحيح حكم القانون في هذا الشأن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1673 لسنة 1975 مدني كلي الزقازيق ضد الطاعن للحكم بتمكينه من تنفيذ الأعمال المرخص له بها بالترخيص رقم 78 لسنة 1975 الصادر من مجلس مدينة فاقوس برفع سقف الدور الأرضي من العقار المملوك له وإعادة بنائه بالمسلح مع بناء الدور الأول العلوي من أربع شقق وإخلاء الجراج استئجار الطاعن حتى يمكنه القيام بتلك الأعمال. وقال بياناً لدعواه أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 27/ 1/ 1958 استأجر الطاعن من المالك السابق للعقار الجراج المبين بذلك العقار، وإذ آلت إليه ملكية هذا العقار وحول إليه عقد الإيجار الخاص بالطاعن، وكان الجراج الذي يستأجره الأخير مقاماً على مساحة لا تستقل على الوجه المناسب فقد رخص له مجلس المدينة برفع سقف الدور الأرضي وإعادة بنائه علاوة على إقامة الدور الأول العلوي من أربع شقق، وإذ رفض الطاعن تمكينه من القيام بهذه الأعمال رغم ما أباحته أحكام القانون رقم 52 لسنة 1969 للمالك من زيادة الوحدات السكنية بالإضافة أو التعلية، فقد أقام عليه الدعوى. قضت المحكمة بتمكين المطعون عليه من تنفيذ الأعمال المرخص له بها بالترخيص رقم 68 لسنة 1975 وبإخلاء الجراج الذي يشغله الطاعن مؤقتاً حتى يستطيع المطعون عليه القيام بهذه الأعمال. استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم 234 لسنة 19 ق المنصورة "مأمورية الزقازيق"، وبتاريخ 7/ 12/ 1976 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين لا يجيز إخلاء العين المؤجرة إلا لأسباب محددة وردت فيه على سبيل الحصر، وأن ما كان منصوصاً عليه في الفقرة "هـ" من المادة 2 من القانون رقم 121 لسنة 1947 السابق على ذلك القانون من إجازة الإخلاء للرغبة في هدم المكان المؤجر لإعادة بنائه بشكل أوسع قد ألغاه القانون رقم 24 لسنة 1965، وسار على نهجه في ذلك القانون رقم 52 لسنة 1969 الذي حدد في المادة 23 منه أسباب الإخلاء هذا إلى أن النص في المادة 24 منه على حق المالك في زيادة عدد الوحدات السكنية في المبنى المؤجر بالإضافة أو التعلية، ولو كان عقد الإيجار يمنع ذلك، لا يعني المساس بالمكان المؤجر بالهدم أو التغيير ولا يجيز إخلاء المستأجر للقيام بهذه الأعمال، ولما كان الحكم المطعون فيه - في تطبيقه نص هذه المادة على واقعة التداعي - قد قضى بهدم جزء من العين المؤجرة للطاعن هو سقفها لإقامة دور فوقه وإخلاء الطاعن منها للقيام بهذه الأعمال، الأمر الذي تضحى معه دعوى المطعون عليه في جوهرها دعوى إخلاء للهدم وإعادة البناء بشكل أوسع وهو ما لم يعدله وجود قانوناً في ظل أحكام القانون رقم 52 لسنة 1969، كما التفتت المحكمة عن تحقيق ما قام عليه دفاع الطاعن من أن الأعمال المرخص بإجرائها في المبنى طبقاً للرسم الهندسي المعتمد في الرخصة من شأن تنفيذها هدم حوائط العين المؤجرة له نظراً لأنها لا تتحمل إنشاء طابق فوقها، وهو دفاع جوهري لو عنيت المحكمة بتحقيقه لتغير وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه يكون فضلاً عن مخالفته للقانون وخطئه في تطبيقه قد شابه قصور معيب.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن استقراء المراحل التشريعية التي مرت بها قوانين تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين يبين منه أن المشرع قد حرص فيها على تحديد أسباب إخلاء المكان المؤجر على سبيل الحصر، ولئن كان من بينها ما نص عليه في المادة 20 من القانون رقم 121 لسنة 1947 من أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان المؤجر ولو عند انتهاء المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية.... "هـ" إذا أراد المالك هدم المكان المؤجر لإعادة بنائه بشكل أوسع يشتمل على عدة مساكن أو عدة محال"، وذلك بقصد تسهيل هدم المباني القديمة محدودة الانتفاع لإقامة عمارات حديثة في مكانها لما يؤدى إليه ذلك من مساهمة في تفريج أزمة المساكن، إلا أنه إزاء ما لوحظ من أن إساءة استعمال هذا الحق فقد تدخل المشرع لإلغاء القانون رقم 24 لسنة 1965 الذي نص في مادته الأولى على إلغاء الفقرة "هـ" من المادة 2 من القانون رقم 121 لسنة 1947. ثم تلاه القانون رقم 52 لسنة 1969 الذي أخذ بذلك أيضاً حيث أغفل في المادة 23 منه - التي حدد فيها أسباب الإخلاء - إيراد ما يقابل نص الفقرة "هـ" من المادة 2 من بإصدار القانون رقم 121 لسنة 1947، وبذلك لم تعد الرغبة في الهدم لإعادة البناء بشكل أوسع مسوغاً لطلب إخلاء المكان المؤجر في ظل أحكام القانون رقم 52 للسنة 1969. لما كان ذلك وكان النص في المادة 24 من هذا القانون على أنه "يجور للمالك زيادة عدد الوحدات السكنية في المبنى المؤجر بالإضافة أو التعلية ولو كان عقد الإيجار يمنع ذلك، ولا يخل هذا بحق المستأجر في إنقاص الأجرة إن كان ذلك محل، يدل على أن المشرع - سعياً منه إلى تفريج ضائقة الإسكان في إطار من التكافل الاجتماعي بين المستأجرين وبين طالبي السكنى - ارتأى استغلال مساحات الأرض غير المستغلة في أغراض السكنى والداخلة ضمن الأعيان المؤجرة وكذلك أسطح هذه الأعيان بتحويل هذه المسطحات من الأرض أو الأسطح إلى وحدات سكنية وذلك بما أجازه للملاك من أجراء زيادات أفقية أو رأسية في البناء علاوة على ما هو قائم منه فعلاً، كما أنه توفيقاً بين مصالح الملاك والمستأجرين أجاز لهؤلاء الأخيرين طلب إنقاص أجرة الأعيان المؤجرة إليهم بما يقابل ما يترتب على هذه الزيادة من حرمانهم من بعض ما كانوا يستمتعون به من مزايا، وبهذا يكون المشرع قد وفق بين استعمال المستأجر للعين المؤجرة إليه في الحدود المناسبة وبين إتاحة الفرصة لسواه للسكنى، فلا هو حرم المستأجر من العين المؤجرة إليه. لحساب المالك - ولا هو حرم المالك من تحويل الأرض غير المستغلة في السكنى والأسطح إلى وحدات سكنية ينتفع بها طالبوا السكنى، مما مؤداه أنه إذا ترتب على استعمال المالك لحقه حرمان المستأجر من العين المؤجرة له بإخراجه منها كان ذلك إخلاء للعين في غير ما أجازه المشرع من حالات. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالإخلاء المؤقت للعين المؤجرة للطاعن على سند من المادة 24 من القانون 52 لسنة 1969 تغلب مصلحة المالك وأن ذلك لا يخل بحق المستأجر في إنقاص الأجرة مما مؤداه أنه حال الإخلال بالانتفاع الكامل يتحول حق المستأجر قانوناً إلى إنقاص الأجرة، وكان هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه لا يصلح سنداً للقضاء بإخلاء مستأجر العين - ولو كان مؤقتاً - في حالة زيادة عدد الوحدات السكنية بالمبنى سواء بالإضافة أو بالتعلية، كما أن الإخلال بالانتفاع الكامل للمستأجر بالعين عن طريق إجراء هدم فيها توصلاً إلى توسعة المبنى، أمر لا يجيزه القانون رقم 52 لسنة 1969 على ما سلف بيانه، فمن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد قضاء الحكم الابتدائي بإخلاء العين التي يشغلها الطاعن مؤقتاً تمكيناً للمطعون عليه من القيام بأعمال التعلية في المبنى يكون قد جانب صحيح حكم القانون في هذا الشأن، وقد حجبه هذا النظام الخاطئ عن تقصي دفاع الطاعن بالتحقق مما إذا كانت حالة العين المؤجرة له تسمح ببناء طابق فوقها بغير هدم العين ذاتها من عدمه، وهو دفاع جوهري لو صح لتغير به الرأي في الدعوى، الأمر الذي يعيب الحكم بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.