أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 29 - صـ 265

جلسة 19 من يناير سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عبد العال السيد وعضوية السادة المستشارين: أحمد صلاح زغو، الدكتور عبد الرحمن عياد، محمد فاروق راتب وعماد الدين بركات.

(55)
الطعن رقم 58 لسنة 44 القضائية

(1) نقض "الاختصام في الطعن". "التزام التضامن".
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه. اختصام الطاعن لآخرين كان مطلوباً إلزامهما معه بالتضامن. غير مقبول طالما لم تكن له طلبات قبلهما.
(2) بيع. رسوم. عقد "فسخ العقد".
سحب رخصة السيارة المبيعة لعدم سداد البائع الرسوم الجمركية المستحقة. اعتباره تعرضاً من الغير للمشتري. أثره. للمشتري طلب فسخ العقد أو الرجوع بدعوى الاستحقاق.
(3، 4) حكم "تسبيب الحكم". تعويض. مسئولية "مسئولية تقصيرية"
3 - التعويض عن فسخ العقد. أساسه المسئولية التقصيرية. القضاء به استناداً إلى توافر الخطأ وعلاقة السبب والضرر. لا يعيب الحكم وصف الخطأ بأنه عقدي طالما لم يؤثر على نتيجته الصحيحة التي انتهى إليها.
4 - التناقض. ماهيته. إلزام وزارة الداخلية بتعويض مشتري السيارة بترخيصها باسم البائع قبل سداد الرسوم الجمركية وإلزام البائع لها بالتعويض لعلمه بعدم جواز التصرف فيها. لا تناقض.
1 - شرط قبول الخصومة أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها على الحق موضوع التقاضي حتى تعود على المدعي منفعة من اختصام المدعى عليه للحكم عليه بطلبه مما وصفته المادة الثالثة من قانون المرافعات بأنه المصلحة القائمة التي يقرها القانون والطعن بالنقض لا يخرج على هذا الأصل فلا يكفي لقبوله مجرد أن يكون المطعون عليه طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بل يجب أيضاً أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو، وإذ يبين من وقائع الدعوى أن المطعون عليهما الثاني والثالث لم ينازعا الطاعن كما لم يوجه الطاعن لهما أي طلب فلا تكون للطاعن مصلحة في اختصامهما أمام محكمة النقض مما يوجب الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة لهما دون أن يغير من هذا النظر أن يكون المطعون عليه الأول قد طلب الحكم على الطاعن والمطعون عليهما الثاني والثالث متضامنين إذ لا ينال التضامن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من استقلال كل من المتضامنين عن الآخر في الخصومة وفي الطعن في الحكم الصادر فيها.
2 - إذ كان الثابت من الأوراق ومن الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه أن السيارة محل النزاع دخلت البلاد تحت نظام الإفراج المؤقت طبقاً لقانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 والقرارات المنفذة له ويوجب هذا النظام على من أدخلها إعادة تصديرها أو أداء الضرائب الجمركية المستحقة عليها في حالة توافر الشروط اللازمة لاستيرادها، وإذ بيعت قبل أداء الضريبة انتقلت ملكيتها محملة بعبء الضريبة المستحقة وهو دين ممتاز له أسبقية على غيره من الديون عملاً بالمادة 1139 من القانون المدني، وإذ كان الطاعن قد باع السيارة للمطعون عليه الأول بالعقد المؤرخ 6/ 4/ 1970 قبل سداد الضرائب الجمركية المستحقة عليها مما يترتب عليه إصدار أمر بضبطها وسحب رخصتها في 12/ 9/ 1970 وهو تعرض من الغير الذي كان له حق على المبيع وقت البيع ترتب عليه منع المشتري من الانتفاع به وهو ما يجير للأخير الحق في طلب فسخ العقد أو الرجوع بدعوى الاستحقاق سواء كان يعلم سبب الاستحقاق أو لا يعلم به فإن الحكم المطعون عليه إذ قضى بفسخ عقد البيع الذي تضمن بيع الطاعن للمطعون عليه الأول السيارة لا يكون قد خالف القانون.
3 - النص في المادة 157 من القانون المدني على أنه في "العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذار المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو بفسخه مع التعويض إن كان له مقتض" يدل على أن الفسخ إذا كان مرده خطأ أحد المتعاقدين فإن هذا الطرف لا يلزم برد ما حصل عليه فقط وإنما يلزم فوق ذلك بتعويض الطرف الآخر عما لحقه من ضرر نتيجة لذلك الفسخ. وإذ كان ما بني عليه الحكم قضاءه على الطاعن بالتعويض مؤسساً على توافر الخطأ من جانبه وعلاقة السببية بين هذا الخطأ وما أصاب المطعون عليه الأول من ضرر وهي الأركان اللازمة لقيام المسئولية التقصيرية فلا يعيبه وصفه خطأ الطاعن بأنه خطأ عقدي ما دام أن ذلك لم يؤثر في النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها.
4 - التناقض الذي يعيب الحكم ويفسده الذي تتماحى به الأسباب ويعارض بعضها بعضاً بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه. وإذ كان الثابت من الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بمسئولية المطعون عليه الثاني (وزير الداخلية) عن التعويض على أن موظفي المرور التابعين له قد بدر منهم خطأ يتمثل في الاستجابة للطاعن (البائع) بإصدار ترخيص للسيارة ثم إصدار ترخيص لها بعد ذلك للمطعون عليه الأول (المشتري) حتى تاريخ سحبها مع عدم جواز ذلك البيع إلا بعد أداء الضرائب الجمركية المستحقة عليها وأن هذا الخطأ جعل المطعون عليه الأول يتعرض للأضرار التي أحاطت به عند شرائه للسيارة نتيجة سحب الترخيص، بينما بنى قضاءه بمسئولية الطاعن عن الأضرار التي أصابت المطعون عليه الأول على توافر الخطأ قبله الذي يتمثل في علمه السابق على البيع بأن السيارة دخلت البلاد تحت نظام الإفراج المؤقت وبتصرفه فيها بالبيع بالرغم من عدم جواز ذلك التصرف قبل أداء الضرائب الجمركية المستحقة عليها وليس في ذلك ثمة تناقض بينهما إذ من المقرر أن الضرر الذي يصيب المضرور قد يرجع إلى خطأ أكثر من شخص فيلزم كل منهم في هذه الحالة بالتعويض بمقدار ما ساهم فيه بخطئه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما بين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 7562 سنة 1971 مدني كلي جنوب القاهرة ضد الطاعن والمطعون عليهما الثاني والثالث للحكم أولاً وبصفة مستعجلة ندب خبير ميكانيكي لإثبات حالة السيارة المبينة بالصحيفة وتقدير ثمنها بالحالة التي هي عليها في 12/ 9/ 1970 وثانياً بفسخ عقد بيع السيارة المؤرخ 6/ 4/ 1970 الصادر إليه من الطاعن وإلزامه والمطعون عليهما الثاني والثالث متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 1638 جنيه قيمة التكاليف المترتبة على الفسخ ومبلغ ألف جنيه تعويضاً عن الإضرار التي أصابته مع الفوائد من تاريخ الإنذار والحكم بتقرير حقه في حبس السيارة تحت يده والاقتضاء حقوقه من ثمن بيعها بالمزاد العلني. وقال بياناً للدعوى أنه اشترى من الطاعن السيارة المبينة بالصحيفة بعقد مؤرخ 6/ 4/ 1970 بثمن قدره 1250 جنيهاً واتفق على إعدادها مبلغ 250 جنيه وقام بترخيصها باسمه غير أن وحدة مرور جنوب القاهرة قامت في 12/ 9/ 1970 بسحب الترخيص لاستحقاق ضرائب جمركية على السيارة كما أمرت بضبطها على ذمة مصلحة الجمارك، واستبان له أن السيارة دخلت البلاد سنة 1960 باسم السيدة/...... وأفرج عنها من الجمارك لمدد محددة متتالية بموافقة وزير الخزانة تحت نظام الموقوفات ورخصت باسمها ولدى مغادرتها البلاد تركتها في جراج مملوك للطاعن وزوجته التي استصدرت حكماً بمبلغ 630 مليماً و107 جنيه أجرة حفظ السيارة به ونفذته في 8/ 10/ 1979 ببيعها حيث رسا مزادها على زوجها الطاعن الذي تمكن من ترخيصها باسمه دون اشتراط وجوب الحصول على إذن استيراد أو دفع الضرائب الجمركية. فور سحب الترخيص قام المطعون عليه الأول بإنذار الطاعن للحصول على إذن استيراد للسيارة وسداد الضرائب الجمركية المستحقة عليها ثم أعاد إنذاره هو والمطعون عليهما بذلك وبفسخ العقد والتعويض الذي قدره بالإنذار وأقام الدعوى للحكم بطلباته. وفي 23/ 9/ 1971 قضت المحكمة بندب خبير لمعاينة السيارة وإثبات حالتها وتقدير قيمتها في الفترة بين تاريخ شراء المطعون عليها الأول في 2/ 4/ 1970 حتى 12/ 9/ 1970 وبيان سبب ملكية الطاعن لها وما طرأ على ملكيتها منذ دخولها البلاد حتى سحب رخصتها المنصرفة إلى المطعون عليه الأول. بعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 30/ 11/ 1972 أولاً بفسخ عقد البيع المؤرخ 6/ 4/ 1970 المتضمن بيع الطاعن إلى المطعون عليه الأول السيارة ثانياً: بإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون عليه الأول مبلغ 1600 جنيه والفوائد القانونية لمبلغ 1250 جنيهاً من تاريخ المطالبة القضائية في 20/ 3/ 1971 ولمبلغ 350 جنيه من تاريخ الحكم بواقع 4% سنوياً. ثالثاً: بتقرير حق المطعون عليه الأول في حبس السيارة لحين استيقاء ما هو محكوم له به قبل الطاعن. رابعاً: بإلزامه المطعون عليه الثاني بصفته (وزير الداخلية) بأن يؤدي إلى المطعون عليه الأول مبلغ 150 جنيه مائة وخمسين جنيهاً والفوائد القانونية من تاريخ الحكم بواقع 4% سنوياً خامساً: برفض الدعوى قبل المطعون عليه الثالث بصفته (وزير الخزانة) ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه ورفض الدعوى. وقيد الاستئناف برقم 122 سنة 90 ق. واستأنفه المطعون عليه الثاني طالباً إلغاءه ورفض الدعوى وقيد استئنافه برقم 200 لسنة 90 ق القاهرة. وقررت المحكمة ضم الاستئناف الثاني للأول ليصدر فيهما حكم واحد. وبتاريخ 27/ 11/ 1973 قضت المحكمة أولاً: بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة للفوائد عن التعويض المحكوم به بجعلها من تاريخ الحكم الاستئنافي.
ثانياً: بتعديل مبلغ التعويض المحكوم به ضد المطعون عليه الثاني بصفته (وزير الداخلية) بجعله مائة جنيه. ثالثاً: بتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وطلب المطعون عليهما الثاني والثالث عدم قبول الطعن بالنسبة لهما. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليهما الثاني والثالث ورفضه بالنسبة للمطعون عليه الأول.
وحيث إن مبنى الدفع بعد قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليهما الثاني والثالث أيهما ليسا خصمين للطاعن ينازعانه في طلباته أو ينازعهما في طلباتهما بما لا يجيز له اختصامهما أمام محكمة النقض.
وحيث إن هذا الدفع سديد ذلك أنه لما كان شرط قبول الخصومة أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها على الحق موضوع التقاضي حتى تعود على المدعي منفعة من اختصام المدعى عليه للحكم عليه بطلبه مما وصفته المادة الثالثة من قانون المرافعات بأنه المصلحة القائمة التي يقرها القانون وكان الطعن بالنقض لا يخرج على هذا الأصل فإنه لا يكفي لقبوله مجرد أن يكون المطعون عليه طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بل يجب أيضاً أن يكون قد نازع خصمه أمامهما في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو. ولما كان يبين من وقائع الدعوى آنفة الذكر أن المطعون عليهما الثاني والثالث لم ينازعا الطاعن كما لم يوجه الطاعن لهما أي طلب فلا تكون للطاعن مصلحة في اختصامهما أمام محكمة النقض مما يوجب الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة لهما دون أن يغير من هذا النظر أن يكون المطعون عليه الأول قد طلب الحكم على الطاعن والمطعون عليهما الثاني والثالث متضامنين إذ لا ينال التضامن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من استقلال كل من المتضامنين على الآخر في الخصومة في الطعن في الحكم الصادر فيها.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون عليه الأول استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه قضى بفسخ عقد البيع المبرم بينه وبين المطعون عليه الأول على أساس استحالة نقل ملكية السيارة لأنها دخلت البلاد تحت نظام الإفراج المؤقت الذي يقضي بعدم جواز التصرف فيها بالبيع داخل البلاد قبل الوفاء بالضرائب الجمركية وهو قول من الحكم غير صحيح فقد ثبت من تقرير الخبير أن السيارة المبيعة رخصت أولاً باسم المالكة الأصلية وصرفت لها لوحات معدنية وبقيت بالبلاد ما يزيد على ثماني سنوات كما أصدر ترخيص لكل من الطاعن والمطعون عليه الأول بعد شراء الأخير لها وهو ما يبين منه أن الملكية انتقلت إلى الطاعن ومن بعده إلى المطعون عليه الأول الذي لم يطلب إبطال البيع لعدم جواز التصرف في السيارة بل اقتصر على طلب الفسخ بما يتضمن إجازته للبيع ولما كانت ملكية السيارة تستقر بحيازتها وصدور الترخيص طليقاً من أي قيد وهو ما تحقق بالنسبة للمالكة الأصلية ومن بعدها الطاعن والمطعون عليه الأول كالثابت من تقرير الخبير فإن التفات الحكم المطعون فيه عن ذلك وقضاءه بالفسخ يكون مخالفاً للقانون وللثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كان الثابت من الأوراق ومن الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه، أن السيارة محل النزاع دخلت البلاد تحت نظام الإفراج المؤقت طبقاً لقانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 والقرارات المنفذة له ويوجب هذا النظام على من أدخلها إعادة تصديرها أو أداء الضرائب الجمركية المستحقة عليها في حالة توافر الشروط اللازم لاستيرادها، وإذا بيعت قبل أداء الضريبة انتقلت ملكيتها محملة بعبء الضريبة المستحقة وهو دين ممتاز له أسبقية على غيره من الديون عملاً بالمادة 1139 من القانون المدني وكان الطاعن قد باع السيارة للمطعون عليه الأول بالعقد المؤرخ 6/ 4/ 1970 قبل سداد الضرائب الجمركية المستحقة عليها مما ترتب عليه إصدار أمر بضبطها وسحب رخصتها في 12/ 9/ 1970 وهو تعرض من الغير الذي كان له حق على المبيع وقت البيع ترتب عليه منع المشتري من الانتفاع به وهو ما يجيز للأخير الحق في طلب فسخ العقد أو الرجوع بدعوى الاستحقاق سواء كان يعلم سبب الاستحقاق أو لا يعلم به فإن الحكم المطعون عليه إذ قضى بفسخ عقد البيع الذي تضمن بيع الطاعن للمطعون عليه الأول السيارة لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إنه اشترى السيارة من مزاد علني طهرها مما للغير من حقوق عليها ونقل ملكيتها للمشتري ورغم ذلك فإن الحكم المطعون فيه قد نسب إليه أنه كان يعلم بما لمصلحة الجمارك من حقوق على السيارة وأورد لذلك أسباباً تنطوي على استخلاص غير سائغ ومنتزع من غير أصول تتيحه، ولما كان الحكم لم يعن بإيضاح المصدر الذي استقى منه ذلك العلم المسبق المنسوب للطاعن فإنه يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بما ورد في الرد على السبب الأول فضلاً على أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بالنسبة لعلم الطاعن بما كان لمصلحة الجمارك من حقوق على السيارة على قوله "أما القول بأن شراء السيارة في مزاد يطهرها مما عليها من حقوق للغير ومن ثم فقد انتقلت إلى المستأنف (الطاعن) ملكية السيارة سليمة وخالية فهو قول فيه كثير من التجني على الحقيقة ذلك أنه من المسلم به أن بيع العقار في المزاد الجبري هو الذي يطهره..... أما شراء المنقول بطريق المزاد فلا يطهره مما علق به من ديون للغير.... هذا ومن ناحية أخرى فإن الثابت في هذه الدعوى أن المستأنف كان يعلم بما لمصلحة الجمارك من حقوق على السيارة لأنها كانت لديه وفي الجراج المملوك له ولحرمه التي استصدرت حكماً بمبلغ 107 جنيه ضد مالكة السيارة الأصلية السيدة...... وذلك مقابل حفظ السيارة في الجراج ونفذت بهذا الحكم على السيارة التي أجرى لها مزاد واضح أنه صوري إذ تدخل زوجها والشريك معها في الجراج لشراء السيارة مع علمه المسبق بأنها دخلت البلاد تحت نظام الموقوفات وبأنه مستحق عليها رسوم جمركية" وكان لقاضي الموضوع استنباط القرائن القضائية التي يأخذ بها من وقائع الدعوى ولا شأن لمحكمة النقض فيما يستخلصه من هذه القرائن متى كان استخلاصه سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى، وكان استخلاص الحكم استخلاصاً سائغاً يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإن النعي عليه بالقصور والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم بنى قضاءه بالتعويض عن الفسخ على قيام خطأ عقدي في جانبه حال أن العقد بعد فسخه لا يصلح أن يكون أساساً للتعويض كما أنه يجب للقضاء بالتعويض أن يثبت خطأ في جانب الطاعن وهو ما لم يكشف الحكم عنه بل أن الثابت أنه قد أوفى بالتزامه كاملاً وتم نقل ملكية السيارة إلى المطعون عليه الأول - ولما كان التعرض الحاصل من الغير يرجع إلى سبب أجنبي لا علم له به بما ينفي مسئوليته عنه فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بالتعويض يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النص في المادة 157 من القانون المدني على أنه "في العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذار المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو بفسخه مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتض" يدل على أن الفسخ إذا كان مرده خطأ أحد المتعاقدين فإن هذا الطرف لا يلزم برد ما حصل عليه فقط وإنما يلزم فوق ذلك بتعويض الطرف الآخر عما لحقه من ضرر نتيجة لذلك الفسخ. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في هذا الخصوص على قوله "وحيث إنه عن التعويض فإن المدعي (المطعون عليه الأول) يطالب المدعى عليه الأول (الطاعن) بتعويضه عن فسخ العقد وتفويت الصفقة ولا شك أن المدعي قد أصيب بضرر من جراء فسخ البيع يتمثل فيما تكبده من نفقات على السيارة المبيعة وما فاته بسبب فوات الصفقة عليه واحتجاز السيارة عنه وعدم استعماله لها بسبب عدم الترخيص وهذا خطأ عقدي يسأل عنه المدعي الأول" (الطاعن) وأضاف الحكم المطعون عليه إلى ذلك قوله "ومن ناحية أخرى فإن الثابت في هذه الدعوى أن المستأنف (الطاعن) كان يعلم بما لمصلحة الجمارك من حقوق على السيارة لأنها كانت لديه وفي الجراج المملوك له ولحرمه". وكان هذا الذي بنى عليه الحكم قضاءه على الطاعن بالتعويض مؤسساً على توافر الخطأ في جانبه وعلاقة السببية بين هذا الخطأ وما أصاب المطعون عليه الأول من ضرر وهي الأركان اللازمة لقيام المسئولية التقصيرية فلا يعيبه وصفه خطأ الطاعن بأنه خطأ عقدي ما دام أن ذلك لم يؤثر في النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها بما يكون معه النعي عليه بهذا السبب غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه التناقض في أسبابه وفي بيان ذلك يقول إن انتهاء الحكم إلى توافر المسئولية التقصيرية في حق المطعون عليه الثاني بصفته بقيام موظفي إدارة المرور التابعين له بإصدار ترخيص للسيارة باسم الطاعن ومن بعده المطعون عليه الأول رغم عدم جواز ذلك، بما يعتبر تفريطاً منهم في أداء أعمالهم يتناقض مع ما قال به الحكم من توافر الخطأ في حق الطاعن وبنفيه عنه.
وحيث إن النعي في غير محله ذلك أنه لما كان التناقض الذي يعيب الحكم ويفسده هو الذي تتماحى به الأسباب وتعارض بعضها بعضاً بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه، وكان الثابت من الحكم الابتدائي الذي أحال إليها الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بمسئولية المطعون عليه الثاني (وزير الداخلية) عن التعويض على أن موظفي المرور التابعين له قد بدر منهم خطأ يتمثل في الاستجابة للطاعن (البائع) بإصدار ترخيص للسيارة ثم إصدار ترخيص لها بعد ذلك للمطعون عليه الأول (المشتري) حتى تاريخ سحبها في 12/ 9/ 1970 مع عدم جواز ذلك البيع إلا بعد أداء الضرائب الجمركية المستحقة عليها، وأن هذا الخطأ جعل المطعون عليه الأول يتعرض للأضرار التي أحاطت به عند شرائه للسيارة نتيجة سحب الترخيص بينما بنى قضاءه بمسئولية الطاعن عن الأضرار التي أصابت المطعون عليه الأول على توافر الخطأ قبله الذي يتمثل في علمه السابق على البيع بأن السيارة دخلت البلاد تحت نظام الإفراج المؤقت وبتصرفه فيها بالبيع بالرغم من عدم جواز ذلك التصرف قبل أداء الضرائب الجمركية المستحقة عليها وليس في ذلك ثمة تناقض بينهما إذ من المقرر أن الضرر الذي يصيب المضرور قد يرجع إلى خطأ أكثر من شخص فيلزم كل منهم في هذه الحالة بالتعويض بمقدار ما ساهم فيه بخطئه فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالتناقض يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه أغفل الإشارة إلى خطأ المطعون عليه الأول بتسليمه بالإجراءات التي اتخذتها جهة الإدارة وجعلها أساساً لطلبه فسخ العقد دون أن يتخذ من جانبه الإجراء الكفيل بوقف كل أثر لها وهذا الخطأ أثبته في حقه الحكم الصادر من محكمة أول درجة بجلسة 23/ 9/ 1971 والقاضي بندب الخبير لإثبات السيارة وذلك بالرغم من أن هذا الخطأ هو وحده السبب فيما حدث من ضرر.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان الطاعن لم يقدم ما يفيد أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن خطأ المطعون عليه الأول - على ما جاء بسبب النعي - هو الذي كان السبب فيما أصابه من ضرر وليس بالحكم المطعون فيه أو بالحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 30/ 11/ 1972 اللذين لم يقدم الطاعن سواهما بالأوراق - ما يفيد ذلك فإنه فضلاً عن أنه دفاع عارض الدليل فإنه يكون سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.