أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 31 - صـ 366

جلسة 31 من يناير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمدي الخولي، يوسف أبو زيد، مصطفى صالح سليم وعزت حنورة.

(73)
الطعن رقم 1451 لسنة 48 القضائية

دعوى. "انقضاء الخصومة".
الدعوى والخصومة، ماهية كل منهما، انقضاء الخصومة. لا يترتب عليه المساس بأصل الحق المرفوع به الدعوى.
(2، 3) بيع. "ضمان عدم التعرض". دعوى. دفوع.
(2) التعرض الشخصي الذي يضمنه البائع. ماهيته. دعوى صحة التعاقد. دفوع البائع فيها الموجهة لإجراءات الخصومة. لا تعد من قبيل التعرض.
(3) طلب الحكم بسقوط الخصومة أو انقضائها بمضي المدة القانونية. لا يعتبر ثمة تعسف في استعمال الحق. علة ذلك.
(4) دعوى. "انقطاع سير الخصومة".
تعجيل الدعوى بعد القضاء بانقطاع سير الخصومة. إجراءاته. م 133 مرافعات. إقامة المدعيين دعوى أخرى بذات الطلبات ضد نفس الخصوم دون الإشارة إلى الدعوى السابقة. لا يعد تعجيلاً لها.
(5) دعوى. عقد. "فسخ العقد". حكم. قوة الأمر المقضي.
القضاء برفض دعوى العقد. لا يعد قضاء ضمنياً بصحته الحكم النهائي برفض الفسخ. لا يحوز قوة الأمر المقضي إلا بالنسبة لسبب الفسخ أساس الدعوى.
(6) بيع. "دعوى صحة التعاقد". دعوى. "الخصوم فيها. حكم.
دعوى صحة التعاقد. ماهيتها. البائع هو الخصم الأصيل فيها ولو كان قد باع ذات المبيع لمشتر آخر. للبائع حق الطعن في الحكم الصادر فيها.
(7) استئناف. "أثره". بيع. ملكية.
استئناف البائع الحكم الصادر ضده بصحة التعاقد. جواز تمسكه. بانتقال ملكية المبيع إلى مشتر آخر منه. لا يعد هذا الدفاع تعرضاً منه للمشتري الأول.
(8) بيع. "دعوى صحة التعاقد". تسجيل. ملكية.
دعوى صحة التعاقد. عدم تسجيل المشتري صحيفة الدعوى قبل المشتري الآخر من ذات البائع. القضاء برفض الدعوى بطلب نقل الملكية إلى المدعي. لا خطأ.
1 - الدعوى هي حق الالتجاء إلى القضاء للحصول على حماية قانونية للحق المدعى به. أما الخصومة فهي وسيلة، ذلك أنها مجموعة الأعمال الإجرائية التي يطرح بها هذا الادعاء على القضاء ويتم بها تحقيقه والفصل فيه. والقانون المدني هو الذي ينظم قواعد سقوط وانقضاء الدعاوى والحقوق بمضي المدة. بينما ينظم قانون المرافعات قواعد سقوط وانقضاء الخصومة. وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن انقضاء الخصومة لا يترتب عليه أي مساس بأصل الحق المرفوعة به الدعوى بل يبقى خاضعاً في انقضائه للقواعد المقررة في القانون المدني.
2 - التعرض الشخصي الذي يضمنه البائع في مفهوم المادة 439 من القانون المدني هو كل عمل يعكر على المشتري حقه في حيازة المبيع والانتفاع به. فلا يدخل في ذلك ما يبديه البائع في دعوى صحة التعاقد التي يقيمها عليه المشتري من دفوع أو طلبات يهاجم بها إجراءات الخصومة سواء لعوار فيها أو لسقوطها أو انقضائها بمضي المدة، إذ لا يعتبر هذا من قبيل التعرض لحقوق المشتري الناشئة عن عقد البيع.
3 - الأصل أن التقاعس عن موالاة الخصومة يرتب بذاته مصلحة قانونية مشروعة لكل خصم حقيقي فيها للتخلص منها حتى لا يظل معلقاً دون حدود بإجراءات تخلي أطرافها عن إكمال السير فيها خلال المدة القانونية، ومن ثم فقد أجاز المشرع لأي منهم طلب الحكم بسقوطها أو انقضائها حسب الأحوال دون أن يكون في هذا الطلب شبهة تعسف في استعمال الحق لاستناده إلى مصلحة مشروعة وعدم مساسه بأصل الحق المرفوعة به الدعوى.
4 - تجديد الدعوى بعد القضاء بانقطاع سير الخصومة فيها يتم - على مقتضى المادة 133 من قانون المرافعات - بصحيفة تعلن بناء على طلب أحد الخصوم إلى باقيهم تتضمن الأخبار بسبق قيام الخصومة التي اعتراها الانقطاع وتكليفهم بحضور الجلسة التي حددت مجدداً لاستئناف سير ذات الخصومة. وهو ما لم يفعله الطاعنون بل أقاموا الدعوى بإيداع صحيفة افتتاحها قلم الكتاب دون أن تتضمن هذه الصحيفة - المودعة صورتها الرسمية ملف الطعن - أية إشارة إلى الدعوى السابقة الأمر الذي يفصح عن استقلال هذه عن تلك.
5 - دعوى فسخ العقد لسبب من أسباب الفسخ تقتصر فيها وظيفة المحكمة على بحث هذا السبب وحده، وقضاؤها برفض الدعوى لا يتعدى ذلك إلى القضاء ضمناً بصحة العقد وبالتالي لا يمنع من التمسك بسبب آخر من أسباب الفسخ سواء في صورة دفع أو برفع دعوى فسخ جديدة، إذ لا يحوز الحكم النهائي برفض الفسخ قوة الأمر المقضي إلا بالنسبة لسبب الفسخ المقام عليه الدعوى الصادر فيها ذلك الحكم.
6 - دعوى صحة التعاقد يقصد بها رافعها المشتري إجبار البائع على تنفيذ التزامه بنقل ملكية المبيع إلى المشتري تنفيذاً عينياً، ومن ثم فالبائع هو الخصم الأصيل فيها حتى ولو كان قد باع ذات المبيع إلى مشتر آخر. ومن ثم يحق للبائع - المستأنف - الطعن في الحكم الصادر فيها ضده بكافة طرق الطعن الجائزة قانوناً.
7 - الاستئناف يعيد الدعوى إلى الحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف، ومن ثم فإنه يحق للبائع - المستأنف - أن يرفع دعوى صحة التعاقد أمام محكمة ثاني درجة باستحالة تنفيذه التزامه بنقل ملكية العقار المبيع إلى المشتري رافع هذه الدعوى نظراً لانتقال الملكية فعلاً إلى مشتر آخر. ولا يعتبر هذا الدفاع في ذاته تعرضاً منه لواقع الدعوى وإنما هو تقرير لحقيقة واقعية لا مناص من إنتاج أثرها القانوني بغض النظر عن جواز اعتبار البيع الثاني تعرضاً من البائع للمشتري الأول.
8 - إذا كان البيع - الصادر من ذات البائع - إلى المطعون ضده السابع قد تم تسجيله ولم يكن الطاعنون قد سجلوا صحيفة دعوى صحة التعاقد قبل تسجيل عقد شراء المطعون ضده السابع حتى يستطيعوا التأشير بالحكم الذي يصدر فيها لصالحهم في هامش تسجيل تلك الصحيفة ويكون حقهم حجة على المطعون ضده السابع ولا يتأثرون بتسجيله عقد شرائه؛ عملاً بالمادتين 15، 17 من القانون رقم 114 لسنة 1946. فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى صحة التعاقد لاستحالة تنفيذ التزام البائع بنقل الملكية، يكون قد أصاب صحيح القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بموجب عقد عرفي مؤرخ 26/ 9/ 1965 باع المطعون ضدهم - عدا السابع - إلى الطاعنين ومورثهم الدكتور.... المنزل محل التداعي وأقام المشترون المذكورون الدعوى رقم 1092 سنة 1966 مدني كلي القاهرة ضد البائعين بطلب صحة ونفاذ ذلك العقد. ونظراً لوفاة مورث الطاعنين فقد قضى في تلك الدعوى بانقطاع سير الخصومة بتاريخ 27/ 3/ 1966 ولم يعجل الطاعنون السير فيها وإنما أقاموا الدعوى رقم 8862 لسنة 1971 مدني كلي شمال القاهرة بطلب فسخ العقد المذكور نظراً لعدم إجازة المطعون ضده الأخير لذلك التعاقد الذي صدر من الوصية عليه حينما كان قاصراً دون صدور إذن من محكمة الأحوال الشخصية. وقبل الفصل في دعوى الفسخ أقام الطاعنون دعوى ثالثة برقم 4343 سنة 1971 مدني كلي شمال القاهرة ضد البائعين بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد المذكور بالنسبة لمقدار ستة أسباع المنزل المبيع. وإذ ضمت الدعوتان الأخيرتان تدخل في الخصومة المطعون ضده السابع منضماً للبائعين لأنه اشترى منهم ذات القدر محل التداعي بعقد مؤرخ 29/ 3/ 1973 رفع عنه الدعوى رقم 176 سنة 1974 مدني كلي جنوب القاهرة بطلب صحته ونفاذه وقضى فيها بإلحاق عقد الصلح بمحضر جلسة 4/ 2/ 1974 متضمناً صحة ونفاذ هذا العقد، وإنه بسبيل إشهار ذلك الحكم. وبتاريخ 13/ 2/ 1975 قضت محكمة أول درجة بقبول تدخل المطعون ضده السابع، وفي دعوى الفسخ رقم 8862 سنة 1971 برفض طلب ترك الخصومة وبعدم قبول الدعوى، وفي دعوى صحة التعاقد رقم 4343 سنة 1971 بصحة ونفاذ العقد بالنسبة لستة أسباع المنزل. استأنف المطعون ضدهم عدا السابع (المتدخل) ذلك الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1372 سنة 92 ق بطلب إلغائه والقضاء بفسخ العقد وبرفض دعوى صحة التعاقد تأسيساً على أن المطعون ضده السابع - الذي تدخل في الاستئناف أيضاً منضماً إليهم - قد أتم شهر سند شرائه كذلك أقام البائعون المذكورون الدعوى رقم 4817 سنة 1975 مدني كلي جنوب القاهرة بطلب الحكم بانقضاء الخصومة في دعوى صحة التعاقد الأولى التي كانت مرفوعة من الطاعنين ومورثهم رقم 1092 سنة 1966 مدني كلي القاهرة نظراً لانقضاء أكثر من ثلاث سنوات على حكم انقطاع سير الخصومة فيها. وإذ قضى في هذه الدعوى بعدم قبولها بتاريخ 7/ 12/ 1976 فقد استأنف البائعون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 231 سنة 94 ق وضمت محكمة الاستئناف هذا الاستئناف إلى الاستئناف الأول للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد، وبتاريخ 28/ 6/ 1978 قضت (أولاً) في الاستئناف رقم 231 سنة 94 ق بإلغاء الحكم المستأنف وبانقضاء الخصومة في الدعوى رقم 1092 سنة 1966 مدني كلي القاهرة. (ثانياً) في الاستئناف رقم 1372 سنة 92 ق بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به في دعوى الفسخ وبإلغاء ما قضى به في دعوى صحة التعاقد وبرفضها. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق المقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بالأوجه الثلاثة الأولى من السبب الأول وبالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون أن البيع غير المسجل ينشئ جميع التزامات البائع فيلتزم بموجبه بنقل الملكية وبتسليم المبيع وبضمان التعرض والاستحقاق والعيوب الخفية. ومن ثم لا يجوز للبائع أن يتعرض للمشتري في المبيع. ولما كان الطاعنون قد سجلوا صحيفة دعوى صحة التعاقد الأولى رقم 1092 سنة 1966 كلي القاهرة قبل تسجيل المشتري الثاني - المطعون ضده السابع - عقد شرائه. فإن إقامة البائعين دعوى انقضاء الخصومة في الدعوى رقم 1092 سنة 1966 المذكورة يهدف إلى إزالة صحيفة تلك الدعوى وأثر تسجيلها في الأسبقية مما يجعل المشتري الثاني مفضلاً على الطاعنين وبالتالي ينطوي على تعرض متعمد من البائعين ولا يقبل منهم فضلاً عن انتفاء المصلحة المشروعة لديهم في رفع دعوى الانقضاء وتعسفهم في استعمال حقهم في رفعها. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا الدفاع على سند من القول بأن البائعين أقاموا تلك الدعوى لأنهم ملزمون بضمان التعرض والاستحقاق للمشتري الجديد وأن الطاعنين قد أقاموا دعوى الفسخ رقم 8862 سنة 1971 وهو ما يفيد عدولهم عن دعوى صحة التعاقد الأولى التي أصبحت غير ذات موضوع يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه القصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في جملته مردود، ذلك أن الدعوى هي حق الالتجاء إلى القضاء للحصول على حماية قانونية للحق المدعى به. أما الخصومة فهي وسيلة ذلك أي أنها مجموعة الأعمال الإجرائية التي يطرح بها هذا الادعاء على القضاء ويتم بها تحقيقه والفصل فيه والقانون المدني هو الذي ينظم قواعد سقوط وانقضاء الدعاوى والحقوق بمضي المدة بينما ينظم قانون المرافعات قواعد سقوط وانقضاء الخصومة. وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن انقضاء الخصومة لا يترتب عليه أي مساس بأصل الحق المرفوعة به الدعوى بل يبقى خاضعاً في انقضائه للقواعد المقررة في القانون المدني. ولما كان التعرض الشخصي الذي يضمنه البائع في مفهوم المادة 439 من القانون المدني هو كل عمل يعكر على المشتري حقه في حيازة المبيع والانتفاع به. فلا يدخل في ذلك ما يبديه البائع في دعوى صحة التعاقد الذي يقيمها عليه المشتري من دفوع أو طلبات يهاجم بها إجراءات الخصومة سواء لعوار فيها أو لسقوطها أو انقضائها بمضي المدة، إذ لا يعتبر هذا من قبيل التعرض لحقوق المشتري الناشئة عن عقد البيع. ولما كان الأصل أن التقاعس عن موالاة الخصومة يرتب بذاته مصلحة قانونية مشروعة لكل خصم حقيقي فيها للتخلص منها حتى لا يظل معلقاً دون حدود بإجراءات تخلي أطرافها عن إكمال السير فيها خلال المدة القانونية فقد أجاز المشرع لأي منهم طلب الحكم بسقوطها أو انقضائها حسب الأحوال دون أن يكون في هذا الطلب شبهة تعسف في استعمال الحق لاستناده إلى مصلحة مشروعة وعدم مساسه بأصل الحق المرفوعة به الدعوى. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر بقضائه بانقضاء الخصومة في الدعوى رقم 1092 سنة 1966 لمضي المدة القانونية من تاريخ آخر إجراء صحيح فيها فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون فيما انتهى إليه. ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بالأوجه المشار إليها على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بعدم جواز الحكم بانقضاء الخصومة في الدعوى رقم 1092 سنة 1966 لأن الدعوى رقم 4343 لسنة 1971 ليست سوى تجديد للدعوى الأولى لوحدة الخصوم والطلبات والعقد بل ونفس المحكمة. وأن تسجيلهم صحيفة الدعوى رقم 1092 سنة 1966 قد حفظ لهم مرتبة أسبقيتهم وأنهم أقاموا الدعوى رقم 2769 سنة 1975 مدني كلي جنوب القاهرة بطلب الحكم بأفضلية عقد شرائهم وبمحو تسجيل عقد شراء المطعون ضده السابع. ولكن الحكم المطعون فيه لم يتعرض لكل هذا الدفاع بما يشوبه بالقصور المبطل ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن تجديد الدعوى بعد القضاء بانقطاع سير الخصومة فيها يتم - على مقتضى المادة 123 من قانون المرافعات - بصحيفة تعلن بناء على طلب أحد الخصوم إلى باقيهم تتضمن الأخبار بسبق قيام الخصومة التي اعتراها الانقطاع وتكليفهم الحضور بالجلسة التي حددت مجدداً لاستئناف سير ذات الخصومة. وهذا لم يفعله الطاعنون بل أقاموا الدعوى رقم 4343 لسنة 1971 بإيداع صحيفة افتتاحها قلم كتاب المحكمة دون أن تتضمن هذه الصحيفة - المودعة صورتها الرسمية ملف الطعن - أية إشارة إلى الدعوى السابقة رقم 1092 سنة 1966 الأمر الذي يفصح عن استقلال هذه عن تلك. ولما كانت إقامة الطاعنين الدعوى رقم 3769 سنة 1975 مدني كلي جنوب القاهرة بطلب الحكم بأفضلية عقد شرائهم وبقائها دون الفصل فيها، أمراً غير ذي أثر قانوني على التداعي موضوع الحكم المطعون فيه لأن ما تثيره من نزاع يندرج فعلاً فيما هو مطروح على محكمة الموضوع المطعون في حكمها وداخل في اختصاصها ومقضي فيه ضمناً بذلك الحكم. وإذ كان هذا الدفاع بشقيه ظاهر البطلان فإن النعي على الحكم المطعون فيه لعدم الرد عليه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الرابع من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون أن قضاء الحكم المذكور بتأييد ما قضى به حكم محكمة أول درجة بعدم قبول دعوى الفسخ مؤداه حتماً وعلى وجه اللزوم القانوني قيام عقد شراء الطاعنين وقطع كل وجه لمنازعة البائعين في نفاذه. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن دعوى فسخ العقد لسبب من أسباب الفسخ تقتصر فيها وظيفة المحكمة على بحث هذا السبب وحده، وقضاؤها برفض الدعوى لا يتعدى ذلك إلى القضاء ضمناً بصحة العقد وبالتالي لا يمنع من التمسك بسبب آخر من أسباب الفسخ سواء في صورة دفع أو برفع دعوى فسخ جديدة. إذ لا يحوز الحكم النهائي برفض الفسخ قوة الأمر المقضي إلا بالنسبة لسبب الفسخ المقام عليه الدعوى الصادر فيها ذلك الحكم. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يقصد برفض دعوى الفسخ المقامة من الطاعنين وإنما أيد القضاء بعدم قبولها على سند من عدول رافعيها عنها برفعهم دعوى صحة تعاقد جديدة. فإنه لا يكون قد فصل في موضوع دعوى الفسخ وبالتالي لم يحز حجية في هذا الخصوص. ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجهين الثالث والرابع من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون أن المطعون ضده السابع - المشتري الثاني - تدخل أمام محكمة أول درجة وإذ قضى بصحة ونفاذ عقد الطاعنين ولم يستأنف هذا المتدخل ذلك الحكم فقد أضحى نهائياً بالنسبة له. ولما كان قد سجل سند شرائه بعد صدور ذلك وقبل استئنافه من البائعين فقد زالت صفة البائعين في تمثيله في هذا الاستئناف. بل أنهم لا يمثلونه أصلاًَ حتى قبل تسجيل عقد شرائه لالتزامهم نحو الطاعنين بضمان التعرض. فضلاً عن انعدام مصلحتهم في ذلك الاستئناف ولأن استئنافهم هذا يشكل تعرضاً للطاعنين. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا الدفاع الذي تمسكوا به يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن دعوى صحة التعاقد يقصد بها رافعها المشتري إجبار البائع على تنفيذ التزامه بنقل ملكية البيع إلى المشتري تنفيذاً عينياً ومن ثم فالبائع هو الخصم الأصيل فيها حتى لو كان قد باع ذات المبيع إلى مشتر آخر. ومن ثم يحق للبائع الطعن في الحكم الصادر فيها ضده بكافة طرق الطعن الجائزة قانوناً. ولما كان الاستئناف يعيد الدعوى إلى الحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فإنه يحق للبائع أن يدفع دعوى صحة التعاقد أمام محكمة ثاني درجة باستحالة تنفيذه التزامه بنقل ملكية العقار المبيع إلى المشتري رافع هذه الدعوى نظراً لانتقال الملكية فعلاً إلى مشتر آخر. ولا يعتبر هذا الدفاع في ذاته تعرضاً منه لرافع الدعوى وإنما هو تقرير لحقيقة واقعية لا مناص من إنتاج أثرها القانوني بغض النظر عن جواز اعتبار البيع الثاني تعرضاً من البائع للمشتري الأول. وإذ كان البيع الثاني الصادر إلى المطعون ضده السابع قد تم تسجيله ولم يكن الطاعنون قد سجلوا صحيفة دعوى صحة التعاقد رقم 4343 سنة 1971 قبل تسجيل عقد شراء المطعون ضده السابع حتى يستطيعوا التأشير بالحكم الذي يصدر فيها لصالحهم في هامش تسجيل تلك الصحيفة ويكون حقهم حجة على المطعون ضده السابع ولا يتأثرون بتسجيله عقد شرائه، عملاً بالمادتين 15، 17 من القانون رقم 114 سنة 1946. فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى صحة التعاقد لاستحالة تنفيذ التزام البائع بنقل الملكية يكون قد أصاب صحيح القانون ولم يغفل دفاعاً جوهرياً يستأهل الرد.
ومن ثم يكون النعي عليه بهذين الوجهين على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.