أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 31 - صـ 470

جلسة 11 من فبراير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار مصطفى الفقي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: الدكتور سعيد عبد الماجد، عاصم المراغي، محمد فتح الله، وسيد عبد الباقي.

(91)
الطعن رقم 159 لسنة 46 القضائية

(1) دعوى. "سقوط الخصومة".
انقطاع سير الخصومة. بدء سريان ميعاد سقوطها من تاريخ إعلان من حل محل الخصم بمعرفة خصمه المتمسك بالسقوط لا عبرة بالعلم المؤكد بقيام الخصومة بأي طريقة أخرى. لا محل للتمسك بتحقيق الغاية من الإعلان.
(2) استئناف. "أثره".
استئناف الحكم. أثره. انتقال الدعوى للمحكمة الاستئنافية بما سبق أن أبداه المستأنف عليه أمام المحكمة الابتدائية من دفوع وأوجه دفاع طالما لم يتنازل عنها صراحة أو ضمناً.
(3) بنوك. "خطاب الضمان".
خطاب الضمان. التزام البنك خلال الأجل بسداد قيمته للمستفيد بمجرد طلبه دون حاجة لموافقة العميل. وجوب الحصول على موافقته قبل مد الأجل.
1 - النص في المادة 135 من قانون المرافعات على أنه "لا تبدأ مدة سقوط الخصومة في حالات الانقطاع إلا من اليوم الذي قام فيه من يطلب الحكم بسقوط الخصومة بإعلان ورثة خصمه الذي توفى أو من قام مقام من فقد أهليته للخصومة أو مقام من زالت صفته بوجود الدعوى بينه وبين خصمه الأصلي". يدل على أن مدة السقوط لا تبدأ في السريان إلا من تاريخ إعلان من حل محل من قام به سبب الانقطاع بمعرفة خصمه الذي تمسك بهذا السقوط فلا يغني عن ذلك علمه المؤكد بوجود الخصومة بأية طريقة أخرى ولو كانت قاطعة، ومتى كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين لم يعلنوا المطعون ضده بعد الانقطاع بوجود الخصومة حتى يتمسكوا بمبدأ تحقق الغاية من الإعلان، فإن الحكم المطعون فيه إذ استلزم هذا الإعلان كمبدأ لسريان ميعاد السقوط يكون قد التزم صحيح القانون.
2 - يترتب على استئناف الحكم نقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بما سبق أن أبداه المستأنف عليهم أمام محكمة أول درجة من دفوع وأوجه دفاع، فتعتبر مطروحة أمام محكمة الاستئناف للفصل فيها بمجرد رفع الاستئناف، وعلى المحكمة أن تفصل فيها ما دام أن المستأنف عليهم لم يتنازلوا عن التمسك بشيء منها صراحة أو ضمناً. وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين (المستأنف عليهم) لم يتخلوا عن دفاعهم الذي تمسكوا به أمام محكمة أول درجة فإنه يعتبر مطروحاً على محكمة الاستئناف.
3 - من المقرر أنه وإن كان البنك - مصدر خطاب الضمان - يلتزم بسداد قيمته إلى المستفيد بمجرد مطالبته بذلك أثناء سريان أجله دون حاجة إلى الحصول على موافقة العميل، إلا أنه لا يسوغ للبنك مد أجل خطاب الضمان إلا بموافقة العميل [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 966 سنة 57 تجاري كلي القاهرة على الطاعنين طالباً الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا له من تركة مورثهم المرحوم... مبلغ 6950 ج و41 م وفوائده القانونية، وقال شرحاً لدعواه أنه أصدر بناءً على طلب مورث الطاعنين لصالح مصلحة الأشغال العسكرية خطاب ضمان مؤرخاً 26/ 10/ 1948 بمبلغ 2235 ج لمد سنتين ضماناً لتنفيذ مقاولة رصف مطار الدخيلة التي أسندت إلى المورث وقام بإيداع نصف هذه القيمة نقداً لدى البنك المطعون ضده، وإذ قام البنك بدفع قيمة خطاب الضمان إلى الجهة المستفيدة بناء على طلبها في 24/ 10/ 1955 فقد أصبح دائناً للمورث في المبلغ المتبقي المطالب به، وبتاريخ 10/ 4/ 1962 قضت محكمة القاهرة الابتدائية بندب مكتب خبراء وزارة العدل لفحص كشف الحساب المقدم من المطعون ضده الخاص بخطاب الضمان، وبعد تقديم التقرير قضت المحكمة بجلسة 26/ 1/ 1967 برفض الدعوى، فاستأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 179 سنة 84 ق، وبجلسة 4/ 11/ 1969 قضت محكمة استئناف القاهرة بانقطاع سير الخصومة لوفاة الممثل القانوني للمستأنف (البنك المطعون ضده) وعجل الاستئناف بصحيفة أودعت قلم الكتاب في 5/ 4/ 1970 وأعلنت إلى الطاعنين في 22، 30/ 6/ 1971، وبجلسة 28/ 12/ 1975 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المستأنف ضدهم (الطاعنين) مما آل إليهم من أموال مورثهم بأن يدفعوا للمستأنف (المطعون ضده) مبلغ 6950 ج و41 م وفوائده القانونية، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنون بأولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون. وفي بيان ذلك يقولون أنهم دفعوا بسقوط الخصومة في الاستئناف إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفع على سند من القول بأن مدة سقوط الخصومة في حالات الانقطاع لا تبدأ إلا من اليوم الذي قام فيه من يطلب الحكم بسقوط الخصومة إعلان ورثة خصمه الذي توفى أو من قام مقام من فقد أهليته للخصومة أو مقام من زالت صفته جدد الدعوى بينه وبين خصمه الأصلي، حالة أن الغرض من أعمال القاعدة التي قررتها المادة 135 من قانون المرافعات هو حماية خلف من قام به سبب الانقطاع حتى لا تتخذ إجراءات في الخصومة بغير علمه وحتى لا يصدر الحكم في غفلة منه، فإذا علم من حل محل من قام به سبب الانقطاع بقيام الخصومة وعن له أيواليها وأفصح عن ذلك بقيد إجراء تعجيلها بقلم الكتاب فإنه لا يتصور بعد ذلك أن يتمسك بوجوب إعلان خصمه له بوجودها، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده (المستأنف) قد أودع صحيفة التعجيل في قلم الكتاب بتاريخ 5/ 4/ 1970 فإنه كان يتعين عليه أن يتم إجراءات تعجيلها بإعلان الطاعنين إعلاناً صحيحاً في ميعاد غايته 6/ 4/ 1971 وإلا وجب إجابتهم إلى طلب الحكم بسقوطها، وإذ حاد الحكم المطعون فيه عن أعمال هذه القاعدة الصحيحة، فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه إذ نصت المادة 135 من قانون المرافعات على أنه لا تبدأ مدة الخصومة في حالات الانقطاع إلا من اليوم الذي قام فيه من يطلب الحكم بسقوط الخصومة بإعلان ورثة خصمه الذي توفى، أو من قام مقام من فقد أهليته للخصومة، أو مقام من زالت صفته بوجود الدعوى بينه وبين خصمه الأصلي، "فقد دلت على أن مدة السقوط لا تبدأ في السريان إلا من تاريخ إعلان من حل محل من قام به سبب الانقطاع بمعرفة خصمه الأصلي الذي تمسك بهذا السقوط فلا يغني عن ذلك علمه المؤكد بوجود الخصومة بأية طريقة أخرى ولو كانت قاطعة، ومتى كان ذلك. وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين لم يعلنوا المطعون ضده بعد الانقطاع بوجود الخصومة حتى يتمسكوا بمبدأ تحقق الغاية من الإعلان، فإن الحكم المطعون فيه إذ استلزم هذا الإعلان كمبدأ لسريان ميعاد السقوط يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعي عليه لهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون أن الحكم ألزمهم ببيان قيمة خطاب الضمان الذي أوفاه البنك المطعون ضده على الجهة المستفيدة بعد انتهاء أجل الضمان مخالفاً بذلك ما اتفق عليه مورثهم مع البنك المطعون ضده في خطاب الضمان بأن يسري مفعوله لموعد غايته 25/ 4/ 1950 - وبانتهاء هذه المدة يصبح الضمان لاغياً من تلقاء نفسه دون تنبيه أو إنذار، فجاء الحكم مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان البين من مدونات الحكم الابتدائي - المقدم صورته الرسمية - أن الطاعنين قد تمسكوا أمام محكمة أول درجة بأن خطاب الضمان لم تدفع قيمته خلال سريان أجله الذي لم يوافقوا على مدة فلا يحاجون بوفاء قيمته وقد أخذت تلك المحكمة بهذا الدفاع وقضت برفض دعوى البنك المطعون ضده، وكان يترتب على استئناف البنك لهذا الحكم نقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بما سبق أن أبداه المستأنف عليهم (الطاعنون) أمام محكمة أول درجة من دفوع وأوجه دفاع، فتعتبر مطروحة أمام محكمة الاستئناف للفصل فيها بمجرد رفع الاستئناف، وعلى المحكمة أن تفصل فيها ما دام أن المستأنف عليهم لم يتنازلوا عن التمسك بشيء منها صراحة أو ضمناً، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين (المستأنف عليهم) لم يتخلوا عن دفاعهم المشار إليه الذي تمسكوا به أمام محكمة أول درجة فإنه يعتبر مطروحاً على محكمة الاستئناف، لما كان ذلك وكان من المقرر أنه وإن كان البنك - مصدر خطاب الضمان - يلتزم بسداد قيمته إلى المستفيد بمجرد مطالبته بذلك أثناء سريان أجله دون حاجة إلى الحصول على موافقة العميل، إلا أنه لا يسوغ للبنك مد أجل خطاب الضمان إلا بموافقة العميل، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلزام الطاعنين بالرصيد المدين الناتج عن وفاء البنك المطعون ضده لقيمة خطاب الضمان إلى الجهة المستفيدة تأسيساً على أنه وإن كان هذا الخطاب قد صدر لمد سنتين تنتهي في 25/ 1/ 1951 إلا أن أجله قد مد سبع مرات بموجب الخطابات المتبادلة بين الجهة المستفيدة والبنك حتى طلبت مصلحة الأشغال العسكرية (الجهة المستفيدة) صرف قيمته بخطابها المؤرخ 21/ 10/ 1955. فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إذا اكتفى في مد أجل خطاب الضمان باتفاق كل من البنك مصدر الخطاب والجهة المستفيدة دون أن يتحقق من موافقة العميل أو ورثته على هذا المد وهو أمر لازم - على ما سلف البيان - لكي يحاج العميل بمد أجل الضمان، ويتعين لذلك نقض الحكم دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


[(1)] نقض 31/ 1/ 1979 مجموعة المكتب الفني السنة 30 ع 3 ص 436.