أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 31 - صـ 508

جلسة 13 من فبراير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار مصطفى كمال سليم، نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: سليم عبد الله سليم، محمد عبد العزيز الجندي، أمين طه أبو العلا والدكتور منصور محمود وجيه.

(100)
الطعن رقم 415 لسنة 46 القضائية

(1، 2) أمر الأداء. دعوى.
(1) أمر الأداء عمل قضائي وليس عملاً ولائياً. عريضة استصدار الأمر. هي بديلة صحيفة الدعوى. تقديم العريضة يرتب كافة ما يترتب على رفع الدعوى من آثار. لا يغير من ذلك كله تعديل قانون المرافعات بالقانون 100 لسنة 1962 وقانون المرافعات الحالي.
(2) إلغاء محكمة التظلم لأمر الأداء بسبب تخلف شرط تعيين مقدار الدين. أثره. وجوب الفصل في موضوع النزاع طالما أن العيب لم يمتد إلى عريضة الأمر.
(3) إثبات "عبء الإثبات". تعويض. عقد. مسئولية.
تحقق الشرط الجزائي. أثره. افتراض وقوع الضرر. نفي ذلك. وقوع عبء إثباته على المدين أو إثبات أن التعويض مبالغ فيه.
1 - التعديل الذي أدخله القانون رقم 100 لسنة 1962 على قانون المرافعات السابق بالنسبة لأوامر الأداء بحذفه من المادة 857 الحكم القاضي باعتبار الأمر بمثابة حكم غيابي وإبرازه صفة الأمر باعتباره أمراً وليس حكماً وأن يكون الطعن فيه في صورة تظلم وليس في صورة معارضة في حكم غيابي إنما كان تمشياً مع ما استحدثه القانون المشار إليه من إلغاء طريق الطعن بالمعارضة في الأحكام الغيابية كقاعدة عامة كما استهدف - وعلى ما أفصحت عنه مذكرته التفسيرية - تفادي الصعوبات التي تترتب على اعتبار التظلم من الأمر معارضة كجواز أو عدم جواز إبداء الطلبات العارضة في المعارضة أو كإبداء الدفع بعدم الاختصاص النوعي أو المحلي أو بالإحالة. ومن ثم فليس من شأن هذا التعديل تغيير طبيعة أمر الأداء كعمل قضائي يصدر من القاضي بمقتضى سلطته القضائية لا سلطته الولائية وكطريق استثنائي لرفع الدعاوى فرتب القانون على تقديم عريضته كافة ما يرتبه على رفع الدعوى من آثار يؤكد ذلك ما نصت عليه المادة 857 المعدلة بالقانون 100 لسنة 1962 من أنه يترتب على تقديم العريضة قطع التقادم، وما أشارت إليه المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات الحالي بقولها: أسقط المشروع في المادة 208 من الفقرة الثانية من المادة 857 من القانون القائم التي تقضي بأن تقديم عريضة أمر الأداء يترتب عليه قطع التقادم لأنه إذا كان ثمة ما يبرر وجود هذا الحكم في القانون القائم، فإن هذا المبرر ينتفي بعد أن اتجه المشروع إلى جعل رفع الدعوى بتقديم صحيفتها لقلم الكتاب ولا شك بعد ذلك أن تقديم عريضة أمر الأداء يترتب عليه كافة الآثار المترتبة على رفع الدعوى. ومفاد ذلك أن العريضة التي تقدم لاستصدار أمر الأداء لا زالت - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بديلة صحيفة الدعوى بها تتصل الدعوى بالقضاء [(1)].
2 - إذا ألغت محكمة التظلم أمر الأداء لسبب لا يتعلق بعيب في هذه العريضة فإنها لا تقتصر على الإلغاء بل عليها أن تفصل في موضوع النزاع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء أمر الأداء المتظلم منه لتخلف شرط تعيين المقدار في الدين المطالب به ولم ينع الطاعن بأي عيب على عريضة طلب استصدار الأمر فإن قضاء محكمة الاستئناف بإلغاء الأمر لا يحجبها - وقد اتصلت الخصومة بالقضاء اتصالاً صحيحاً - عن الفصل في موضوع النزاع [(2)].
3 - مؤدى حكم المادة 224 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه متى وجد شرط جزائي في العقد بأن تحققه يجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعاقدين فلا يكلف الدائن بإثباته وإنما يقع على المدين عبء إثبات أن الضرر لم يقع أو أن التعويض مبالغ فيه إلى درجة كبيرة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بموجب سند إذني صادر من الطاعن للمطعون ضده الثاني ومحول للمطعون ضده الأول استصدر الأخير في 1/ 3/ 1972 أمر الأداء 45 لسنة 1972 مدني كلي الإسكندرية بإلزام الطاعن أن يؤدي له مبلغ ألفي جنيه، تظلم الطاعنين من الأمر بالدعوى 779 لسنة 1972 مدني كلي الإسكندرية طالباً إلغاءه تأسيساً على أن المبلغ الثابت بالسند يمثل تعويضاً اتفاقياً ضماناً لتنفيذ ما اتفق عليه مع المطعون ضده الثاني من إجراء التحكيم فيما ينشأ بينهما من أنزعة وبتاريخ 10/ 3/ 1974 قضت المحكمة برفض التظلم وتأييد أمر الأداء، استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف 379 لسنة 30 قضائية الإسكندرية، وبتاريخ 28/ 3/ 1976 قضت المحكمة في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وأمر الأداء وبإلزام الطاعن بأن يؤدى للمطعون ضده الأول مبلغ ألفي جنيه، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من وجهين ويقول في بيان أولهما أن الحكم المطعون فيه اعتبر طلب إصدار أمر الأداء بديلاً لورقة التكليف بالحضور وهو نظر كان سائغاً في ظل قانون المرافعات السابق قبل تعديله بالقانون 100 لسنة 1962 حيث كان أمر الأداء بمثابة حكم غيابي بينما أصبح بعد التعديل مجرد أمر على عريضة يخضع لما تخضع له الأوامر على العرائض من أحكام فلا يكون طلب استصداره منشئاً لخصومة، ومن ثم كان على محكمة الاستئناف أن تقف عند حد القضاء ببطلان الأمر دون أن تقضي في نظر الموضوع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن ما أدخله القانون رقم 100 لسنة 1962 من تعديل على قانون المرافعات السابق بالنسبة لأوامر الأداء بحذفه من المادة 857 الحكم القاضي باعتبار الأمر بمثابة حكم غيابي وإبرازه صفة الأمر باعتباره أمراً وليس حكماً وأن يكون الطعن في صورة تظلم وليس في صورة معارضة في حكم غيابي إنما كان تمشياً مع ما استحدثه القانون المشار إليه من إلغاء طريق الطعن بالمعارضة في الأحكام الغيابية كقاعدة عامة كما استهدف، وعلى ما أفصحت عنه مذكرته التفسيرية - تفادي الصعوبات التي تترتب على اعتبار التظلم من الأمر معارضة كجواز أو عدم جواز الطلبات العارضة في المعارضة أو كإبداء الدفع بعدم الاختصاص النوعي أو المحلي أو بالإحالة، ومن ثم فليس من شأن هذا التعديل تغير طبيعة أمر الأداء كعمل قضائي يصدر من القاضي بمقتضى سلطته القضائية لا سلطته الولائية كطريق استثنائي لرفع الدعاوى يرتب القانون على تقديم عريضته كافة ما يرتبه على رفع الدعوى من آثار يؤكد ذلك ما نصت عليه المادة 857 المعدلة بالقانون 100 سنة 1962 من أنه يترتب على تقديم العريضة قطع التقادم، وما أشارت إليه المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات الحالي بقولها "أسقط المشروع في المادة 208 منه الفقرة الثامنة من المادة 857 من القانون القائم التي تقضي بأن تقديم عريضة أمر الأداء يترتب عليه قطع التقادم لأنه إذا كان ثمة ما يبرر وجود هذا الحكم في القانون القائم فإن هذا المبرر ينتفي بعد أن اتجه المشروع إلى جعل رفع الدعوى بتقديم صحيفتها لقلم الكتاب ولا شك بعد ذلك أن تقديم عريضة أمر الأداء يترتب عليه كافة الآثار المترتبة على رفع الدعوى ومفاد ذلك أن العريضة التي تقدم لاستصدار أمر الأداء لا زالت - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة بديلة صحيفة الدعوى بها تتصل الدعوى بالقضاء فإذا ألغت محكمة التظلم الأمر لسبب لا يتعلق بعيب في هذه العريضة فإنها لا تقتصر على الإلغاء بل عليها أن تفصل في موضوع النزاع، لما كان ذلك. وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء أمر الأداء المتظلم منه لتخلف شرط تعين المقدار في الدين المطالب به ولم ينع الطاعن بأي عيب على عريضة طلب استصدار الأمر فإن قضاء محكمة الاستئناف بإلغاء الأمر لا يحجبها - وقد اتصلت الخصومة بالقضاء اتصالاً صحيحاً - عن الفصل في موضوع النزاع.
وحيث إن الطاعن يقول في بيان الوجه الثاني من السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف قواعد الإثبات إذا اعتبره عاجزاً عن تقديم الدليل على أن المطلوب ضده الثاني لم يصبه أي ضرر في حين أن هذا الأخير لم يقدم أي دليل على أن ضرراً أصابه مكتفياً بإطلاق القول مرسلاً مما استحال عليه مع أن يقدم دليلاً أكثر تحديداً.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن مؤدى حكم المادة 224 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه متى وجد شرط جزائي في العقد فإن تحققه يجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعاقدين فلا يكلف الدائن بإثباته وإنما يقع على المدين عبء إثبات أن الضرر لم يقع أو أن التعويض مبالغ فيه إلى درجة كبيرة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على تحقق الشرط الجزائي المتفق عليه بين الطاعن والمطعون ضده الثاني مما يجعل الضرر واقعاً في تقدير الطرفين وأن الطاعن لم يقدم أي دليل ينبئ عن أن المطعون ضده الثاني لم يصبه أي ضرر من جراء عدم تنفيذ مهمة التحكيم وهي إنهاء التضارب الناشئة بين الطرفين وغيرها من المنازعات أو أن التعويض المتفق عليه بينهما في هذا الخصوص مبالغ فيه إلى درجة كبيرة، وهو ما يكفي لحمل قضائه فإن النعي عليه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من ثاني سببي الطعن الخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت في الأوراق والفساد في الاستدلال ويقول في بيانه أن الحكم المطعون فيه اكتفى في الرد على أوجه دفاعه بالقول بأنه خطأه ثابت من حكم النقض الصادر في الطعن الجنائي 989 سنة 44 قضائية استناداً إلى عبارة وردت في تلخيص الحكم المشار إليه لقرار غرفة المشورة المطعون فيه ولم تتبنى محكمة النقض وجهة نظر هذا القرار ولم تقل بأن فشل التحكيم كان بخطأ الطاعن فلا يكون حكمها صالحاً لإثبات الخطأ في جانبه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن الطاعن لم يقدم رفق طعنه صورة رسمية من الحكم الصادر في الطعن الجنائي 989 سنة 44 قضائية الذي أشار إليه بوجه النعي حتى تتحقق المحكمة من صحة ما ينعاه على الحكم المطعون فيه من مخالفة الثابت في الأوراق والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال مما يجعله عارياً عن دليله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثاني القصور في التسبيب وفي بيانه يقول أنه أبدى في دفاعه أمام محكمة الاستئناف حججاً عديدة منتجة في نفي الخطأ عن سلوكه وفي انتفاء الضرر ورابطة السببية إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعن بتحصيلها أو الرد عليها مما يشوبه بالقصور ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه متى كانت محكمة الاستئناف وعلى ما سلف بيانه قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله فإنها لا تكون ملزمة بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم ما دام أن قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها في الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض جلسة 16/ 6/ 1974 مجموعة المكتب الفني السنة 23 ص 1082.
[(2)] نقض جلسة 25/ 6/ 1975 مجموعة المكتب الفني السنة 26 ص 1292.