أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 31 - صـ 696

جلسة 4 من مارس سنة 1980

برئاسة السيد المستشار محمد كمال عباس نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صلاح الدين يونس، محمد وجدي عبد الصمد، ألفى بقطر ومحمد علي هاشم.

(136)
الطعن رقم 260 لسنة 43 القضائية

(1 - 3) أهليته. بطلان. عمل.
(1) القاصر المأذون. اعتباره كامل الأهلية فيما أذن فيه. ما عداه، قابل للإبطال متى كان دائراً بين النفع والضرر.
(2) عقد العمل وعقد التدريب. ماهيته كل منهما. عدم اشتراط أن يتلقى العامل أجراً عند التدريب.
(3) عقد التدريب. التزام العامل القاصر فيه بأداء تعويض عند فسخه. اعتباره تصرفاً دائر بين النفع والضرر. لا يدخل في نطاق ما أذن القانون للقاصر فيه. قابليته للإبطال لمصلحة القاصر.
(4) عمل. نقض "السبب الجديد".
العامل المدرب بإحدى شركات القطاع العام. التزامه بالتعويض. شرطه. الاستناد إلى قاعدة الإثراء بلا سبب في طلب التعويض. عدم جواز التحدي بهذا الواقع الجديد لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - النص في المادتين 62، 64 من القانون رقم 119 لسنة 1952 وفي الفقرة الثانية من المادة 111 من القانون المدني يدل على أن القاصر المأذون يعتبر كامل الأهلية فيما أذن فيه. وأما التصرفات التي لم يؤذن فيها فإنها تكون قابلة للإبطال لمصلحته. متى كانت دائرة بين النفع والضرر.
2 - عقد العمل هو الذي يتعهد بمقتضاه شخص أن يعمل مقابل أجر في خدمة آخر وتحت إدارته وإشرافه، أما عقد التدريب فهو الذي يتعهد بمقتضاه شخص بالالتحاق لدى صاحب عمل بقصد تعلم مهنة، وليس شرطاً أن يتلقى أجراً فالتزامه بالعمل ليس هو التزام الأساس وإنما هو تابع للالتزام الأصلي بالتعليم.
3 - إذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الالتزام الأساسي في العقد سند الدعوى هو تعلم المطعون ضده مهنة ميكانيكا النسيج، فإنه يكون عقد تدريب، لا يدخل في نطاق ما أذن القانون للقاصر في إبرامه، على ذلك يخضع للقواعد العامة في قانون الولاية على المال، ولأنه حوي شرطاً جزائياً بإلزام المطعون ضده بأداء تعويض في حالة فسخ العقد ولأن العبرة في وصف العقد بوقت نشوئه لا بما قد يسفر عنه تنفيذه فإنه يكون منذ انعقد تصرفاً دائراً بين النفع والضرر، وقابلاً للإبطال لمصلحة القاصر.
4 - لا يلزم العامل بالتعويض - وفقاً للمادة 14 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر به القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 إلا إذا أخل بالتزامه بالعمل لدى الشركة المدة التي تحددها بعد انتهاء تدريبه، كما أن الاستناد إلى قاعدة الإثراء بلا سبب يتطلب إثبات ما عاد من منفعة على المطعون ضده بسبب تدريبه، وكلا الأمرين خروج على واقع الدعوى الذي كان معروضاً على محكمة الموضوع بواقع جديد فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن الوقائع تخلص - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 1328 سنة 1971 دمنهور الابتدائية ضد المطعون ضده طالبة إلزامه بأن يؤدي لها ثلاثمائة جنيه، وقالت بياناً لذلك أنها تعاقدت مع المطعون ضده بمقتضى عقد مؤرخ 27/ 3/ 1971 على تدريبه بمركز التدريب المهني بها وتضمنت نصوص العقد أن يتم التدريب خلال ثمانية عشر شهراً تعقبها فترة اختبار لمدة ستة أشهر ثم تقوم بامتحان المطعون ضده فإن اجتازه بنسبة 70 % تلحقه بالعمل لديها بوظيفة ميكانيكي نسيج، ونص في البند السابع من العقد على أنه في حالة انقطاع المطعون ضده مدة عشرة أيام متصلة خلال فترة التدريب ينفسخ العقد تلقائياً ويستحق للشركة الطاعنة مبلغ ثلاثمائة جنيه تعويضاً لقاء ما تكبدته في تدريبه، ولأن المطعون ضده التحق بمركز التدريب المهني من تاريخ العقد في 27/ 3/ 1971. وأنهت الشركة عقده في 21/ 8/ 1971 بسبب غيابه فإنه يلتزم بالتعويض المتفق عليه بتاريخ 25/ 3/ 1972 حكمت المحكمة برفض الدعوى، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 98 سنة 28 ق الإسكندرية (مأمورية دمنهور) وبتاريخ 27/ 1/ 1973 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
ومن حيث إن حاصل السبب الأول من أسباب الطعن أن الحكم الابتدائي أقام قضاءه برفض الدعوى على أن عقد التدريب باطل بطلاناً نسبياً لمصلحة المطعون ضده لقصره، ولكن هذا الأخير أو من ينوب عنه لم يدفع ببطلان العقد فيكون الحكم باطلاً لقضائه بما لم يطلبه الخصوم وإذ أيده الحكم المطعون فيه فإنه يكون باطلاً كذلك.
ومن حيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن دفاع الطاعنة أمام محكمة الاستئناف اقتصر على أن العقد سند الدعوى هو عقد عمل وأن القاصر من ثم مأذون قانوناً في إبرامه، ولم تثر بدفعها أن الحكم الابتدائي قضى بما لم يطلبه الخصوم وإذ كان ذلك وكانت الأوراق قد خلت مما يدل على سبق تمسك الطاعنة بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف فإن ما تضمنه النعي بشأنه يكون سبباً جديداً لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض، فضلاً عن أن الثابت من الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - أن المطعون ضده طلب إبطال العقد لقصره.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم كيف العقد بأنه عقد تدريب وليس عقد عمل وأنه من التصرفات الدائرة بين النفع والضرر في حين أنه عقد عمل تتعهد فيه الطاعنة بتدريب المطعون ضده وصرف مكافأة شهرية له وتلتزم بإلحاقه بالعمل بعد نجاحه ولا يسأل المطعون ضده عن التعويض إلا في حالة فسخه، ولكونه عقد عمل فالقاصر مأذون في إبرامه ويعتبر كامل الأهلية في هذا التصرف طبقاً للمادة 64 من القانون رقم 119 لسنة 1952، كما أن العقد نافع له نفعاً محضاً لأن التعويض لا ينشأ إلا في حالة تركه العمل أو التدريب وبالتالي لا يكون هذا العقد قابلاً للإبطال.
ومن حيث إن هذا النعي مردود ذلك أن النص في المادة 62 من القانون رقم 119 لسنة 1952 على أن "للقاصر أن يبرم عقد العمل الفردي وفقاً لأحكام القانون" وفي المادة 64 من ذات القانون على أن "يعتبر القاصر المأذون من قبل وليه أو المحكمة أو نص القانون، كامل الأهلية فيما أذن له فيه وفي التقاضي. وفي الفقرة الثانية من المادة 111 من القانون المدني على أن أما التصرفات المالية الدائرة بين النفع والضرر فتكون قابلة للإبطال لمصلحة القاصر" يدل على أن القاصر المأذون يعتبر كامل الأهلية فيما أذن فيه، وأما التصرفات التي لم يؤذن فيها فإنها تكون قابلة للإبطال لمصلحته متى كانت دائرة بين النفع والضرر، لما كان ذلك، وكان عقد العمل هو الذي يتعهد بمقتضاه شخص أن يعمل مقابل أجر في خدمة آخر وتحت إدارته وإشرافه أما عقد التدريب فهو الذي يتعهد بمقتضاه شخص بالالتحاق لدى صاحب عمل بقصد تعلم مهنة وليس شرطاً أن يتلقى أجراً بالتزامه بالعمل ليس هو الالتزام الأساسي، وإنما هو تابع للالتزام الأصلي بالتعليم، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الالتزام الأساسي في العقد سند الدعوى هو تعلم المطعون ضده مهنة ميكانيكا النسيج، فإنه يكون عقد تدريب لا يدخل في نطاق ما إذن القانون للقاصر في إبرامه، وعلى ذلك يخضع للقواعد العامة في قانون الولاية على المال، ولأنه حوي شرطاً جزائياً بإلزام المطعون ضده بأداء تعويض في حالة فسخ العقد ولأن العبرة في وصف العقد بوقت نشوئه لا بما يسفر عنه تنفيذه فإنه يكون منذ انعقد تصرفاً دائراً بين النفع والضرر، وقابلاً للإبطال لمصلحة القاصر، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث إن حاصل السبب الرابع الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم وقد أبطل العقد سند الدعوى فقد كان يتعين عليه أن يلزم المطعون ضده بالتعويض تأسيساً على المادة 14 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر به القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 وكذلك قواعد الإثراء بلا سبب المنصوص عليها في المادة 179 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن العامل لا يلزم بالتعويض - وفقاً للمادة 14 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر به القرار الجمهوري رقم 3309 سنة 1966 إلا إذا أخل بالتزامه بالعمل لدى الشركة المدة التي تحددها بعد انتهاء تدريبه، كما أن الاستناد إلى قاعدة الإثراء بلا سبب يتطلب إثبات ما عاد من منفعة على المطعون ضده بسبب تدريبه، وكلا الأمرين خروج على واقع الدعوى الذي كان معروضاً على محكمة الموضوع بواقع جديد فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة.