أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 31 - صـ 794

جلسة 12 من مارس سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ أحمد سيف الدين سابق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمود الباجوري، إبراهيم محمد هاشم، إبراهيم محمد فراج وصبحي رزق داود.

(156)
الطعن رقم 232 لسنة 46 القضائية

إيجار "القواعد العامة في الإيجار". ملكية.
إقامة المستأجر بناء بالعين المؤجرة من ماله الخاص بدون إذن من المؤجر. م 592 مدني. عدم إبداء المؤجر رغبته في تملك هذا البناء. أثره. اعتباره مملوكاً للمستأجر. عدم جواز إلزامه بمقابل انتفاعه به.
خول الشارع في المادة 592 من القانون المدني - الذي ينطبق على واقعة النزاع - المؤجر الحق في طلب إزالة البناء الذي يقيمه المستأجر في العين المؤجرة دون علمه أو رغم معارضته، أو استبقائه، فإن طلب إزالته وجب على المستأجر أن ينزعه من العين المؤجرة وأن يعيد العين إلى أصلها، وللمؤجر أن يطلب تعويضاً عن الضرر الذي يصيب العين إن كان له مقتض، وإن طلب استبقاءه فعليه أن يرد للمستأجر أدنى القيمتين، ما أنفقه في هذه المباني أو ما زاد في قيمة العقار، ومؤدى ذلك أن البناء الذي يقيمه المستأجر من ماله الخاص دون إذن من المؤجر يكون ملكاً لصاحب العين المؤجرة معلقاً على شرط واقف هو إعلان رغبته في تملك البناء، ويعد مملوكاً للمستأجر تحت شرط فاسخ هو ظهور رغبة المؤجر في تملكه. ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه إن المطعون عليهم - المؤجرين - لم يبدو رغبتهم في تملك المباني التي أقامها الطاعن - المستأجر - من ماله الخاص، فإن هذه المباني تبقى مملوكة لهذا الأخير ولا يحق للمطعون عليهم أن يطالبوا بمقابل انتفاع عنها [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 7107 لسنة 1971 مدني كلي شمال القاهرة بطلب الحكم أصليا بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 26/ 7/ 1938 واحتياطياً بإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي لهم مبلغ 2186 ج و940 م، تأسيساً على أنه بعقد مؤرخ 26/ 7/ 1938 استأجر الطاعن بصفته الفيلا والحديقة المحيطة بها المملوكة لهم والمبينة بالصحيفة وأقام مبان بالعين المؤجرة دون إذن أو تصريح من الملاك مما يجيز لهم طلب فسخ العقد واحتياطياً إلزامه بالمبلغ المطالب به مقابل زيادة الانتفاع بالعين المؤجرة وبتاريخ 30/ 12/ 1972 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بصفته بأن يدفع للمطعون عليهم مبلغ 787 ج و320 م، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 878 لسنة 90 ق القاهرة، وبتاريخ 20/ 1/ 1976 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الثاني والثالث منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن الحديقة التي أقام على جزء منها المباني من ملحقات العين المؤجرة وأنه لا يجوز إلزامه بدفع مقابل عن الانتفاع بها يجاوز الأجرة التي يدفعها شاملة الفيلا والحديقة، غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع واستند في قضائه إلى أن المطعون عليهم يستحقون ريعاً مقابل الانتفاع بالمباني التي استحدثها الطاعن من ماله الخاص بأرض الحديقة مخالفاً بذلك حكم المادة 592/ 2 من القانون المدني إذ لم يبد المطعون عليهم رغبتهم في استبقاء المباني مقابل دفع أدنى القيمتين المنصوص عليهما في هذه المادة.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن عقد الإيجار قد خلا من نص ينظم العلاقة بين الطرفين بخصوص إنشاء المستأجر مباني على العين المؤجرة، وأن المطعون عليهم استندوا في المطالبة بالمبلغ محل النزاع إلى أنه مقابل زيادة الانتفاع بالعين المؤجرة، نتيجة المباني التي استحدثها الطاعن بها دون إذن منهم، وإذ كان الطاعن قد عاب في صحيفة الاستئناف على الحكم الابتدائي قضاءه بمقابل انتفاع عن استغلاله للحديقة، لأن الإيجار شمل المبنى والحديقة الملحقة به ويحق له الانتفاع بالعين المؤجرة بكل السبل التي تمكنه من استعمالها في الغرض المؤجرة من أجله كمدرسة، وقد رد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع، بأن المباني التي أقامها الطاعن لم تكن موجودة وقت التعاقد وأن الانتفاع بالحديقة باعتبارها من ملحقات العين المؤجرة، لا يجوز له إقامة مبان بها، وانتهى إلى تأييد قضاء محكمة أول درجة لأن الريع المقضى به مقابل الانتفاع بالمباني التي استحدثها الطاعن لما كان ذلك وكان الشارع في المادة 592 من القانون المدني الذي ينطبق على واقعة النزاع قد خول المؤجر الحق في طلب إزالة البناء الذي يقيمه المستأجر في العين المؤجرة دون علمه أو رغم معارضته، أو استبقائه، فإن طلب إزالته وجب على المستأجر أن ينزعه من العين المؤجرة وأن يعيد العين إلى أصلها، وللمؤجر أن يطلب تعويضاً عن الضرر الذي يصيب العين إن كان له مقتض، وإن طلب استبقاءه فعليه أن يرد للمستأجر أدنى القيمتين، ما دفعه في هذه المباني أو ما زاد عن قيمة العقار، ومؤدى ذلك أن البناء الذي يقيمه المستأجر من ماله الخاص دون إذن من المؤجر يكون ملكاً لصاحب العين المؤجرة معلقاً على شرط واقف هو إعلان رغبته في تملك البناء، ويعد مملوكاً للمستأجر تحت شرط فاسخ هو ظهور رغبة المؤجر في تملكه، ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليهم لم يبدوا رغبتهم في تملك المباني التي أقامها الطاعن من ماله الخاص فإن هذه المباني تبقى مملوكة لهذا الأخير ولا يحق للمطعون عليهم أن يطالبوا بمقابل انتفاع عنها وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث سبب الطعن الأول.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.


[(1)] راجع نقض 26/ 5/ 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 1251.