مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد المدنية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع - صـ 37

جلسة 21 يناير سنة 1943

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

(16)
القضية رقم 19 سنة 12 القضائية

نقض وإبرام. دعوى إثبات الحالة. الدفع لدى المحكمة بعدم قبول تهيئة الدليل على يدها. متى يعتبر دفعاً موضوعياً؟ الحكم بقبول هذا الدفع. بناؤه على ما كان بين الطرفين من اتفاق وعلى ظروف التعاقد. لا علاقة لهذا القضاء بالاختصاص. الطعن فيه بطريق النقض. لا يجوز.
(المادة 10 من قانون محكمة النقض)
ما دام الغرض من دعوى إثبات الحالة هو توفير الدليل وتهيئته للانتفاع به مستقبلاً، فإنه إذا دفع لدى المحكمة بعدم قبول تهيئة الدليل على يدها، ورأت هي أن الدفع في محله لما اتفق عليه الطرفان في العقد مراعاة لظروف خاصة، كان فصلها في ذلك قضاءً في دفع موضوعي مبناه الاتفاق وظروف التعاقد، ولا علاقة له بأحكام الولاية والاختصاص. ومثل هذا الحكم إذا صدر من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية لا يكون الطعن فيه بطريق النقض جائزاً بحكم المادة 10 من قانون محكمة النقض.


الوقائع

تتحصل وقائع الدعوى في أن الطاعن تعاقد مع المطعون ضدها على أن ينشئ لها مطاراً حربياً بالواحات البحرية ثم حدث في أثناء سير العمل خلاف فاستولت المطعون ضدها على ما كان الطاعن قد أتمه من الأعمال وحصرت ما كان له من الأدوات والمهمات بمعرفة لجنة متفق على تشكيلها في عقد الحكومة. وعلى أثر ذلك رفع الطاعن أمام القضاء المستعجل بمحكمة مصر الابتدائية هذه الدعوى وقيدت برقم 2030 سنة 1941 لإثبات حالة المطار وما قام به الطاعن من الأعمال فقضى فيها في 19 من أغسطس سنة 1941 بندب خبير للغرض المطلوب. فاستأنفت المطعون ضدها هذا الحكم أمام محكمة مصر الابتدائية بهيئة استئنافية وقيد استئنافها برقم 1004 سنة 1941 وطلبت في صحيفته إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم قبول الدعوى. وفي مذكرتها التي قدمتها للمحكمة الاستئنافية أصرت على هذا الطلب وشفعته بطلب احتياطي هو الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر هذا النزاع, وفي 4 من فبراير سنة 1942 قضت محكمة مصر بإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول الدعوى وألزمت الطاعن بالمصاريف عن الدرجتين و400 قرش أتعاباً للمحاماة.
وفي 23 من مارس سنة 1942 قرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير أعلنه للمطعون ضدها في أول إبريل سنة 1942 إلخ إلخ.


المحكمة

من حيث إن محامي المطعون ضدها دفع بعدم جواز الطعن بناءً على أن الحكم المطعون فيه صادر من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية في غير الحالات المنصوص على جواز الطعن فيها استثناءً من الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية في قضايا استئناف أحكام المحاكم الجزئية (المادة 10 من قانون إنشاء محكمة النقض).
وحيث إن الحكم المطعون فيه صادر في دعوى طلب فيها الطاعن إثبات حالة المطار المتفق على إنشائه بين طرفي الخصومة وما تم من الأعمال فدفعت المطعون ضدها الدعوى بعدم قبولها لاتفاق الطرفين عند نشوب خلاف على طريقة خاصة لإثبات تلك الحالة. وقد أخذت المحكمة بهذا الدفع، واستندت في حكمها إلى اعتبارات شتى تتحصل في أن التعاقد ملحوظ فيه أن المأمورية الخاصة بإنشاء المطار الحربي في الظروف الراهنة على جانب كبير من الخطورة بلغ من إدراك الطرفين لها أن حرصا عند التوقيع على المناقصة الخاصة بها على أن العملية تبقى في طي الكتمان فلا يجوز للمقاول إفشاء سرها، وأن للحكومة حق سحب العمل في حالة تباطؤ المقاول في تنفيذه في المدة المقررة، وأن إثبات الحالة تقوم به هيئة معينة بحضور المقاول أو من ينوب عنه. ثم خلصت المحكمة من ذلك إلى أنه لا خلاف بين الطرفين في أن المطعون ضدها قد سحبت العمل من الطاعن وقامت اللجنة المتفق عليها بعد إخطار الطاعن بجرد الأعمال والأدوات والمهمات. ويقول الطاعن رداً على ما استندت إليه محكمة الموضوع في قضائها بأن الحكم المطعون فيه صادر في الواقع في مسألة اختصاص، وأن الحكم بعدم قبول الدعوى معناه عدم ولاية المحكمة للفصل في النزاع المطروح عليها إذ العبرة بأثر الدفع لا بلفظه.
وحيث إنه ظاهر مما سلف أن الغرض من دعوى إثبات الحالة التي أقامها الطاعن هو توفير الدليل وتهيئته للانتفاع به مستقبلاً. فإذا دفع لدى المحكمة بعدم قبول تهيئة الدليل على يدها، ورأت هي أن الدفع في محله لما اتفق عليه الطرفان مراعاة لظروف خاصة متعلقة بسلامة الدولة كان فصلها في ذلك قضاء في دفع موضوعي مبناه الاتفاق وظروف التعاقد ولا علاقة له بأحكام الولاية والاختصاص.
وحيث إنه لا محل بعد ذلك للنظر فيما إذا كانت محكمة الموضوع قد أخطأت أم أصابت في قضائها بعدم قبول الدعوى، لأن العبرة هي بما إذا كان القضاء صادراً أم لا في غير الاستثناءات التي أجاز فيها القانون الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية (المادة 10 من قانون النقض). فإذا ما تبين مما ذكر آنفاً أن الحكم المطعون فيه ليس من تلك الاستثناءات كان الطعن فيه بطريق النقض غير جائز.
وحيث إنه لما تقدم يكون الدفع في محله ويتعين قبوله.