أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 31 - صـ 894

جلسة 25 من مارس سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ عز الدين الحسيني نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد فاروق راتب، مصطفى قرطام، عبد الحميد المنفلوطي وجلال الدين أنسى.

(176)
الطعن رقم 990 لسنة 46 القضائية

(1) دعوى "التدخل في الدعوى". استئناف. حكم "حجية الحكم".
التدخل في الدعوى. أثره. صيرورة المتدخل طرفاً في الدعوى، الحكم الصادر فيها حجة له أو عليه. للمتدخل منضماً لأحد الخصوم حق استئنافه ولو لم يستأنفه الخصم الأصلي الذي انضم إليه.
(2) حكم "حجية الحكم". صورية. قوة الأمر المقضي. بيع.
حجية الحكم. مناطه. طلب صحة ونفاذ عدة عقود بيع مستقلة. الدفع بصوريتها. القضاء برفضه بالنسبة لإحداها. لا يقيد المحكمة عند الفصل في صورية باقي العقود.
(3) استئناف. تجزئة. حكم.
استئناف الحكم من بعض المحكوم عليهم في نزاع غير قابل للتجزئة. عدم تقيد المحكمة بالحكم الابتدائي الذي لم يستأنفه باقي المحكوم عليهم.
(4) بطلان. دعوى. رسوم.
تحصيل رسوم الدعوى. من شأن قلم الكتاب. عدم أدائها. لا يترتب عليه البطلان. للمحكمة أن تستبعد القضية من جدول الجلسة. ق 90 لسنة 1944 المعدل.
(5، 6) إثبات "شهادة الشهود".
(5) الشهادة السماعية. جائزة حيث تجوز الشهادة الأصلية.
(6) حصول الخصم على ورقة عرفية من تحت يد خصمه بطريق غير مشروع دون علمه أو رضاه. أثره. عدم جواز الاحتجاج بالدليل المستمد منها أو الدفع بعدم جواز إثبات عكسها بالبينة.
1 - يترتب على التدخل سواء كان للاختصام أو الانضمام لأحد طرفي الخصومة، أن يصبح المتدخل طرفاً في الدعوى ويكون الحكم الصادر فيها حجة له أو عليه، فمن حقه الطعن فيه بطرق الطعن القانونية المقبولة شأنه في ذلك شأن سائر الخصوم الأصليين. إذ كان ذلك فإن للمتدخل أمام محكمة أول درجة منضماً لأحد الخصوم في الدعوى حق استئناف الحكم الصادر فيها ولو لم يستأنفه الخصم الأصلي الذي انضم إليه.
2 - الحكم الصادر بين نفس الخصوم لا يكون حجة عليهم في دعوى أخرى إلا إذا اتحدت الدعويان في الموضوع والسبب، ولما كانت عقود البيع المؤرخة... و... و... هي تصرفات قانونية مستقلة تماماً عن بعضها، فإن مجرد التمسك بصورية جميع هذه العقود وصدور حكم نهائي برفض هذا الدفاع بالنسبة لواحد منها، لا يقيد المحكمة عند الفصل في صورية باقي العقود. إذ كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدعوى بصحة ونفاذ العقود الثلاثة الأولى لا يكون قد صدر على خلاف حكم سابق.
3 - إذا انفرد بعض المحكوم عليهم باستئناف الحكم ولو كان موضوع النزاع غير قابل للتجزئة، فإن المستأنفين يستفيدون من استئنافهم ويجب على محكمة الاستئناف أن تفصل فيه غير مقيدة بالحكم الابتدائي الذي لم يستأنفه باقي المحكوم عليهم.
4 - تحصيل الرسوم المستحقة على الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو من شأن قلم الكتاب ولا يترتب البطلان على عدم رفعها لما هو مقرر من أن المخالفة المالية في القيام بعمل لا ينبني عليه بطلان هذا العمل ما لم ينص القانون على البطلان عن هذه المخالفة. وإذ تقضي المادة 13/ 2 من القانون رقم 90 لسنة 1944 المعدل بالقانون رقم 66 لسنة 1964 بشأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية بأن تستبعد المحكمة القضية من جدول الجلسة إذا تبين لها عدم أداء الرسم ودون أن يرد بالنص البطلان جزاء على عدم أدائه، فإن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى أن تحصيل الرسوم المستحقة على طلب الخصم المتدخل هو من شأن قلم كتاب محكمة أول درجة ولا يترتب على عدم أدائها بطلان طلب التدخل، لا يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
5 - الشهادة السماعية جائزة حيث تجوز الشهادة الأصلية وهي مثلها تخضع لتقدير قاضي.
6 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر من أقوال شهود المطعون عليه الأول وبما لا خروج فيه عن مدلولها أن الطاعن قد استولى على عقود البيع من تحت يد والده المطعون عليه الأول دون علمه أو رضاه، وكان لا يجوز لمن حصل على ورقة عرفية بطريق غير مشروع الاحتجاج بالدليل المستمد من هذه الورقة وبالتالي لا يقبل منه التمسك بعدم جواز إثبات عكس ما اشتملت عليه إلا بالكتابة، إذ كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ استخلص أن الطاعن قد استولى على عقود البيع دون علم المطعون عليه الأول ورضاه ورتب على ذلك قضاءه بجواز إثبات ما يخالف ما اشتملت عليه العقود بالبينة لا يكون قد خالف قواعد الإثبات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 929 لسنة 1966 كلي طنطا ضد المرحوم.... مورث المطعون عليهم من الثاني إلى الحادية عشرة للحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين 25/ 10/ 1960، 7/ 11/ 1962 الصادرين منه للطاعن أولهما عن 8 ط و12 س بثمن مقداره 340 ج والثاني عن 1 ط بثمن مقداره 35 ج كما أقام الطاعن الدعوى رقم 930 لسنة 1966 كلي طنطا ضد المطعون عليه الأخير للحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين 14/ 11/ 1962، 5/ 11/ 1963 والمتضمنين شراء الطاعن من المطعون عليه المذكور 15 ط بثمن مقداره 563 ج بالعقد الأول و16 ط و12 س بثمن مقداره 650 ج بالعقد الثاني. طلب المطعون عليه الأول (والد الطاعن) قبول تدخله في كل من الدعويين منضماً للمدعى عليهما والحكم برفضهما استناداً إلى صورية العقود الأربعة صورية مطلقة، وبعد أن قضت المحكمة بقبول تدخله حكمت في 7/ 4/ 1973 في كل من الدعويين برفض طلبات المطعون عليه الأول (الخصم المتدخل) وبإجابة المدعي لطلباته. استأنف المطعون عليه الأول الحكم الصادر في الدعوى الأولى بالاستئناف رقم 238 سنة 23 ق طنطا، كما استأنف الحكم الصادر في الدعوى الثانية بالاستئناف رقم 239 سنة 23 ق طنطا، وفي 22/ 12/ 1975 قضت المحكمة في الاستئناف الأول بعدم جوازه بالنسبة للعقد المؤرخ 7/ 11/ 1962 وبإحالة الدعوى إلى التحقيق بالنسبة للعقد المؤرخ 25/ 10/ 1960 ليثبت المستأنف بجميع طرق الإثبات صوريته صورية مطلقة، كما قضت بتاريخ 23/ 2/ 1976 في الاستئناف الثاني بقبوله شكلاً وبإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنف صورية عقدي البيع المؤرخين 14/ 11/ 1962، 5/ 11/ 1963 صورية مطلقة، وبعد أن سمعت المحكمة أقوال الشهود في الاستئنافين، أمرت بضم الاستئناف الثاني إلى الأول وحكمت في 28/ 6/ 1976 بإلغاء الحكمين المستأنفين في خصوص قضائهما بصحة العقود وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وفي الحكم الصادر بتاريخ 22/ 12/ 1975 في الاستئناف رقم 238 سنة 23 ق طنطا بقبوله شكلاً بالنسبة للعقد المؤرخ 25/ 10/ 1960 وفي الحكم الصادر في 23/ 2/ 1976 بقبول الاستئناف رقم 239 سنة 23 ق طنطا شكلاً، وأبدت النيابة في مذكرتها الرأي بفرض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب، تناول الطاعن في السبب الثالث منها قضاء محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً، بينما انصبت باقي الأسباب على قضائها في الموضوع.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم الصادر بتاريخ 23/ 2/ 1976 بقبول الاستئناف رقم 239 سنة 23 ق شكلاً والحكم الصادر بتاريخ 22/ 12/ 1975 بقبول الاستئناف رقم 238 سنة 23 ق شكلاً بالنسبة للعقد المؤرخ 25/ 10/ 1960 قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المطعون عليه الأول لم يكن في الدعويين إلا خصماً منضماً إلى البائعين اللذين لم يرفع أي منهما استئنافاً عن الحكم الصادر ضده، وإذ كان الاستئناف المطعون عليه الأول للحكمين استقلالاً عن البائعين غير جائز، فإن القضاء بقبول استئنافه شكلاً يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يترتب على التدخل سواء كان للاختصام أو الانضمام لأحد طرفي الخصومة، أن يصبح المتدخل طرفاً في الدعوى ويكون الحكم الصادر فيها حجة له أو عليه، فمن حقه الطعن فيه بطريق الطعن القانونية المقبولة شأنه في ذلك شأن سائر الخصوم الأصليين. إذ كان ذلك فإن للمتدخل أمام محكمة أول درجة منضماً لأحد الخصوم في الدعوى حق استئناف الحكم الصادر فيها ولو يستأنفه الخصم الأصلي الذي انضم إليه، ويكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول وبالشق الأول من السبب السادس على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والفساد في الاستدلال والقصور، وفي بيان ذلك يقول إنه على الرغم من أن المطعون عليه الأول اقتصر في دفاعه على الادعاء بصورية عقود البيع الثلاثة صورية مطلقة إلا أن الحكم المطعون فيه لم يواجه هذا الادعاء ويفصل فيه بالقبول أو الرفض، ولكنه بني قضاءه برفض الدعوى على تكييف هذه العقود بأنها وصية قصد بها المطعون عليه الأول أن يملك ولده الطاعن - الذي كان مشغولاً بولايته - الأطيان المتعاقد عليها تمليكاً مضافاً إلى ما بعد موته بطريق التبرع، وأن إنكاره حق الطاعن في الأطيان يعتبر رجوعاً منه عن هذه الوصية، في حين أن التصرف بعقود البيع الثلاثة لم يصدر أصلاً عن المطعون عليه الأول إلى ولده الطاعن حتى يصح القول بأن القصد من التصرف هو الإيصاء للطاعن، وقد استخلص الحكم تكييفه الخاطئ لعقود البيع من أقوال شهود المطعون عليه الأول في التحقيق الذي أجرته محكمة الاستئناف ومن وضع يده على الأطيان المبيعة وانتفاعه بها من تاريخ الشراء، مع أن ما قرره هؤلاء الشهود من أنه رفض تمييز ابنه الطاعن عن باقي أولاده يفيد بذاته انتفاء قصد الإيصاء لديه، كما أن وضع يد المطعون عليه الأول على الأطيان لا يدل على احتفاظه بحق الانتفاع بها لحساب نفسه لأن ذلك كان بصفته ولياً على ابنه الطاعن، هذا إلى أن موقف المطعون عليه الأول في الخصومة لا يعتبر رجوعاً منه عن الوصية لأن جحد الوصية لا يعد رجوعاً عنها كصريح نص المادة 19 من القانون رقم 71 لسنة 1946.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض دفاع الخصوم ومستنداتهم وأقوال شهود الإثبات والنفي، أقام قضاءه على قوله "أن المحكمة تستخلص مما تطمئن إليه من أقوال الشهود وما قدم في الدعوى من أوراق ومستندات وقرائن الأحوال الوقائع التالية، أولاً: أن المستأنف عليه الأول (الطاعن) كان وقت إبرام العقد المؤرخ 25/ 10/ 1960 حدثاً في حوالي السابعة عشرة من عمره كما كان في تاريخ إبرام العقدين المؤرخين 14/ 11/ 1962، 5/ 11/ 1963 في حوالي التاسعة عشرة والعشرين من عمره؛ وكان وقتئذ هو الولد الذكر الوحيد لوالده المستأنف (المطعون عليه الأول) ولم يكن المستأنف عليه الأول يملك مالاً أو مورداً يستطيع أن يدفع شيئاً من الثمن الوارد بالعقود، في حين كان المستأنف يملك بضعة أفدنة بطريق الشراء بعقود قدمها فضلاً عما ورثه عن والده، ثانياً: أن المستأنف هو الذي أبرم العقود الثلاثة المذكورة مع البائعين.... و.... ودفع الثمن من ماله الخاص، ثالثاً: أن المستأنف عند إبرامه لهذه العقود الثلاثة مع البائعين أثبت فيها اسم ابنه....، رابعاً: أن المستأنف حرص على أن يحتفظ بالعقود الثلاثة ولم يسلمها لابنه.... حتى قام هذا الأخير بالاستيلاء عليها قبيل رفع الدعوى دون علم والده المستأنف أو رضاه، كما أن المستأنف وضع يده على الأطيان المبيعة منتفعاً بها من تاريخ التعاقد حتى الآن" ثم استخلص الحكم من كل ذلك أن المطعون عليه الأول هو المشتري الحقيقي للأطيان موضوع تلك العقود وأنه أثبت فيها اسم ابنه الطاعن بقصد تمليكها له تمليكاً مضافاً إلى ما بعد موته بطريق التبرع، وإذ كان لمحكمة الموضوع سلطة تصوير وقائع النزاع وتكييف العقود دون معقب عليها من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة ومستمدة من أوراق الدعوى، وكان تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منه هو مما تستقل به محكمة الموضوع ولا سلطان عليها لأحد من ذلك إلا أن تخرج بتلك الأقوال إلى غير ما يؤدي إليه مدلولها، فلها أن تأخذ بمعنى للشهادة دون معنى آخر تحتمله أيضاً متى كان المعنى الذي أخذت به لا يتجافى مع عباراتها، وكان ما استظهره الحكم من أقوال الشهود لا يخرج عما هو ثابت في محضر التحقيق ولا يتجافى مع عباراتها ومن شأنه وبالإضافة إلى القرائن التي ساقها أن يؤدى إلى ما انتهى إليه من أن عقود البيع الثلاثة قد صدرت لصالح المطعون عليه الأول باعتباره المشتري الحقيقي وأنه أثبت فيها اسم الطاعن بقصد الإيصاء له بالأطيان بعد موته، ويكفي لحمل قضائه برفض دعوى الطاعن بصحة ونفاذ هذه العقود، وكان ما استطرد إليه الحكم في شأن الرجوع عن الوصية مجرد تزيد لا أثر له في النتيجة التي انتهى إليها، مما يجعل تعييبه في هذا الخصوص غير منتج. إذ كان ذلك فإن النعي على الحكم بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال والقصور يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والرابع على الحكم المطعون فيه صدوره على خلاف حكم نهائي حائزاً لقوة الأمر المقضي، وفي بيان ذلك يقول إن القضاء برفض دعواه بصحة ونفاذ عقود البيع المؤرخة 25/ 10/ 1960، 14/ 11/ 1962، 5/ 11/ 1963 والتي تنتظمها مع عقد البيع المؤرخ 7/ 11/ 1962 مسألة كلية شاملة هي النزاع حول صحتها كعقود بيع منجزة، يتعارض مع الحكم بصحة ونفاذ العقد الأخير والذي أصبح نهائياً بالقضاء بعدم جواز الاستئناف المرفوع عنه، كما أن موضوع النزاع حول صحة العقود الثلاثة الأخرى غير قابل للتجزئة، وإذ حكم ابتدائياً بصحتها ونفاذها ولم يستأنف البائعان هذا الحكم وأصبح نهائياً بالنسبة لهما، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدعوى بالنسبة للعقود المذكورة يكون مخالفاً لذلك الحكم النهائي.
وحيث إن النعي في شقه الأول مردود، ذلك أن الحكم الصادر بين نفس الخصوم لا يكون حجة عليهم في دعوى أخرى إلا إذا اتحدت الدعويان في الموضوع والسبب. ولما كانت عقود البيع المؤرخة 25/ 10/ 1960، 14/ 11/ 1962، 5/ 11/ 1963، 7/ 11/ 1962 هي تصرفات قانونية مستقلة تماماً عن بعضها، فإن مجرد التمسك بصورية جميع هذه العقود وصدور حكم نهائي برفض هذا الدفاع بالنسبة لواحد منها، لا يقيد المحكمة عند الفصل في صورية باقي العقود. إذ كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدعوى بصحة ونفاذ العقود الثلاثة الأولى لا يكون قد صدر على خلاف حكم سابق. والنعي في شقه الثاني غير سديد، ذلك أنه متى انفرد بعض المحكوم عليه باستئناف الحكم ولو كان موضوع النزاع غير قابل للتجزئة، فإن المستأنفين يستفيدون من استئنافهم ويجب على محكمة الاستئناف أن تفصل فيه غير مقيدة بالحكم الابتدائي للذي لم يستأنفه باقي المحكوم عليهم.
وحيث إن الطاعن ينعى بالشق الأول من السبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه التفت عما تمسك به الطاعن من استبعاد طلب التدخل الهجومي من جانب المطعون عليه الأول لعدم أداء الرسم المستحق عن هذا الطلب.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن تحصيل الرسوم المستحقة على الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو شأن قلم الكتاب ولا يترتب البطلان على عدم دفعها لما هو مقرر من أن المخالفة المالية في القيام بعمل لا ينبني عليه بطلان هذا العمل ما لم ينص القانون عن هذه المخالفة، وإذ تقضي المادة 13/ 2 من القانون رقم 90 لسنة 1944 المعدل بالقانون رقم 66 لسنة 1964 بشأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية بأن تستبعد المحكمة القضية من جدول الجلسة إذا تبين لها عدم أداء الرسم ودون أن يرد بالنص البطلان جزاء على عدم أدائه، فإن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى أن تحصيل الرسوم المستحقة على طلب الخصم المتدخل هو من شأن قلم كتاب محكمة أو درجة ولا يترتب على عدم أدائها بطلان طلب التدخل، لا يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن حاصل الشق الثاني من السبب الخامس والشق الثاني من السبب السادس مخالفة قواعد الإثبات والفساد في الاستدلال، ذلك أنه رغم تمسك الطاعن بعدم جواز الإثبات بالبينة فيما يخالف ما اشتمل عليه دليل كتابي فقد أباح الحكم للمطعون عليه الأول أن يثبت بشهادة الشهود عكس ما ورد بعقود البيع، متعللاً بأن الطاعن استولى على هذه العقود دون علم المطعون عليه الأول أو رضاه، واستخلص الحكم استيلاء الطاعن على العقود من أقوال شهود المطعون عليه المذكور مع أن شهادتهم كانت بطريق التسامع ولا تنصب على واقعة محددة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الشهادة السماعية جائزة حيث تجوز الشهادة الأصلية وهي مثلها تخضع لتقدير قاضي الموضوع، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر من أقوال شهود المطعون عليه الأول وبما لا خروج فيه من مدلولها أن الطاعن قد استولى على عقود البيع من تحت يد والده المطعون عليه الأول دون علمه أو رضاه، وكان لا يجوز لمن حصل على ورقة عرفية بطريق غير مشروع الاحتجاج بالدليل المستمد من هذه الورقة وبالتالي لا يقبل منه التمسك بعدم جوز إثبات عكس ما اشتملت عليه إلا بالكتابة، إذ كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذا استخلص أن الطاعن قد استولى على عقود البيع دون علم المطعون عليه الأول أو رضاه ورتب على ذلك قضاءه بجواز إثبات ما يخالف ما اشتملت عليه العقود بالبينة، لا يكون قد خالف قواعد الإثبات أو عابه الفساد في الاستدلال.
ولما تقدم جميعه يتعين رفض الطعن.