أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 31 - صـ 1160

جلسة 21 من إبريل سنة 1980

برئاسة السيد المستشار مصطفى الفقي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: الدكتور سعيد عبد الماجد، عاصم المراغي، محمد فتح الله والدكتور أحمد حسني.

(223)
الطعن رقم 877 لسنة 47 القضائية

إثبات "القرينة القانونية". نقل بحري. معاهدة بروكسل.
عدم إخطار المرسل إليه الناقل كتابة بهلاك البضاعة قبل أو وقت تسليمها. اعتباره قرينة على أن الناقل قد سلم البضاعة بالحالة الموصوفة بها في السند. م 3/ 6 من معاهدة بروكسل. جواز إثبات عكس هذه القرينة.
مفاد نص المادة 3/ 6 من معاهدة بروكسل لسندات الشحن أنه إذا لم يوجه المرسل إليه إخطاراً كتابياً إلى الناقل أو وكيله في ميناء التفريغ قبل أو في وقت تسليم البضاعة المشحونة يخطره فيه بما أصابها من هلاك أو تلف وبماهية هذا الهلاك أو التلف، إذ جاء هذا الإخطار غير موضح به الضرر على وجه التحديد، فإن استلام المرسل إليه للبضاعة يعتبر قرينة - إلى أن يثبت العكس - على أن الناقل قد سلمه البضاعة بالحالة الموصوفة بها في سند الشحن، وكان الثابت بالأوراق أن الإخطار الذي أرسلته الطاعنة إلى المطعون ضدها بتاريخ 21/ 6/ 1975 وقبل استلامها الشحنة بصفة نهائية لم تتضمن تحديداً للعجز أو التلف المدعى به بل اقتصر على تحفظ الطاعنة على ما قد يظهر من عجز آو تلف في الشحنة عند استلامها النهائي، كما خلت أوراق الدعوى مما يدل على حصول إخطار كتابي موضح للضرر على وجه التحديد عقب تسليم الشحنة بصفة نهائية في 25/ 6/ 1975، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر استلام الطاعنة (المرسل إليها) للبضاعة قرينة - إلى أن يثبت العكس - على أن المطعون ضدها (الناقلة) قد سلمتها البضاعة المشحونة بالحالة الموصوفة بها في سند الشحن بالتطبيق لنص المادة 3/ 6 من معاهدة بروكسل سالفة البيان، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الهيئة العامة للسلع التموينية (الطاعنة) أقامت الدعوى رقم 57 لسنة 1975 تجاري كلي بور سعيد على الشركة المطعون ضدها - توكيل دمنهور للملاحة - بصفتها وكيلة عن ملاك ومباني السفينة "كابون" طالبة إلزامها بأن تدفع لها مبلغ 287 ج و179 م وفوائده وقالت بياناً لدعواها أنها استوردت رسالة من الشحومات الحيوانية مقدارها 1711 برميلاً تزن 502 طناً و380 كيلو شحنت على السفينة المشار إليها وعند تفريغها تبين وجود عجز بالرسالة. وإذ كانت الشركة المطعون ضدها الناقلة مسئولة عن هذا العجز فقد أقامت الطاعنة دعواها الحالية مطالبة بالتعويض، وبتاريخ 27/ 3/ 1976 قضت محكمة بور سعيد الابتدائية برفض الدعوى. استأنفت الهيئة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 8 لسنة 17 تجاري بور سعيد، وبتاريخ 9/ 4/ 1977 قضت محكمة استئناف الإسماعيلية (مأمورية بور سعيد) برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتفسيره والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن محكمة الاستئناف اعتبرت يوم 25/ 6/ 1975 تاريخاً لتسليم الشحنة استناداً إلى المحاضر التي قدمتها الطاعنة - المرسل إليها - والتي تفيد قيامها بتسليم البضاعة المشحونة إلى بعض الشركات ولم تعتد المحكمة بالاحتجاج المرسل من الطاعنة إلى المطعون ضدها، كما لم تعتد المحكمة بمحاضر تسليم الشحنة إلى بعض الشركات خلال الفترة من 16/ 6/ 1975 حتى 25/ 6/ 1975 ولا بمحضر تصفية الشحنة نهائياً المحرر في 26/ 6/ 1975 بمقولة أن الاحتجاج جاء غير محدد وأن محاضر التسليم لم تحرر في حضور مندوب الشركة المطعون ضدها - الناقلة - فلا تحاج بها وخلصت محكمة الاستئناف في حكمها المطعون فيه إلى أن الاحتجاج ومحاضر التسليم سالفة البيان لا تصلح دليلاً على العجز المدعى به ولا تؤدى إلى تفويض القرينة المستفادة من المادة 3/ 6 من معاهدة بروكسل لسندات الشحن - أن المطعون ضدها - الناقلة - قد سلمت البضاعة بالكيفية الموصوفة بها في سند الشحن، في حين أن المطعون ضدها لم تسلم الشحنة عقب تفريغها إلى الطاعنة بل قامت بإيداعها مخازن الجمارك ولذا لم يكن في وسع الطاعنة - المرسل إليها - إلا التحفظ في احتجاجها بأنها لم تتسلم الشحنة وبحقها في تحديد العجز أو التلف عند استلامها بمقتضى محاضر تسليم نهائية، وإذ امتنعت المطعون ضدها - رغم هذا الاحتجاج - عن التوقيع على محاضر التسليم فإن ذلك لا يعني أن البضاعة قد سلمت بالحالة، الموصوفة بها في سند الشحن ولا يبرر إهدار حجية محاضر التسليم سالفة البيان في إثبات العجز إذ ليس هناك من وسيلة لإجبار المطعون ضدها على توقيع تلك المحاضر، ومن ثم فإن محكمة الاستئناف تكون قد أخطأت في تفسير نص المادة 3/ 6 من معاهدة بروكسل لسندات الشحن كما مسخت عبارات الاحتجاج وخرجت عن معناها الظاهر.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان مفاد نص المادة 3/ 6 من معاهدة بروكسل لسندات الشحن - التي تحكم واقعة الدعوى - أنه إذا لم يوجه المرسل إليه إخطاراً كتابياً إلى الناقل أو وكيله في ميناء التفريغ قبل أو في وقت تسليم البضاعة المشحونة يخطره فيه بما أصابها من هلاك أو تلف وبماهية هذا الهلاك آو التلف، إذ جاء هذا الإخطار غير موضح به الضرر على وجه التحديد، فإن استلام المرسل إليه للبضاعة يعتبر قرينة - إلى أن يثبت العكس - على أن الناقل قد سلمه البضاعة بالحالة الموصوفة بها في سند الشحن، وكان الثابت بالأوراق أن الإخطار الذي أرسلته الطاعنة إلى المطعون ضدها بتاريخ 21/ 6/ 1975 وقبل استلامها الشحنة بصفة نهائية لم يتضمن تحديداً للمقدار من عجز أو تلف في الشحنة عند استلامها النهائي، كما خلت أوراق الدعوى مما يدل على حصول إخطار كتابي موضح للضرر على وجه التحديد عقب تسليم الشحنة بصفة نهائية في 25/ 6/ 1975، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر استلام الطاعنة (المرسل إليها) للبضاعة قرينة - إلى أن يثبت العكس - على أن المطعون ضدها (الناقلة) قد سلمتها البضاعة المشحونة بالحالة الموصوفة بها في سند الشحن بالتطبيق لنص المادة 3/ 6 من معاهدة بروكسل سالفة البيان، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون، لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير ما يقدم إليها في الدعوى من الأدلة وترجيح ما تطمئن إلى ترجيحه منها دون معقب عليها في ذلك من محكمة النقض، وكان الحكم المطعون فيه لم يرقى محاضر تسليم البضاعة المشحونة إلى بعض الشركات ما يكفي لإثبات وجود العجز المدعى به لعدم تحريرها في حضور مندوب المطعون ضدها (الناقلة) وخلوها من توقيعه عليها، فإن مجادلة الطاعنة في هذا الصدد تعتبر مجادلة موضوعية في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة تنحسر عنها رقابة محكمة النقض، ولا يقبل من الطاعنة ما تمسكت به أمام هذه المحكمة من أن المطعون ضدها قد امتنعت عن التوقيع على محضر التسليم النهائي للشحنة وأنه لم يكن في وسعها إجبارها على هذا التوقيع ذلك أن هذا الدفاع يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع فلا يقبل من الطاعنة إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث من أسباب الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وقصوره في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أن الحكم المطعون فيه قد عول في قضائه على التحفظ الذي دونه الناقل (المطعون ضدها) في سند الشحن تدليلاً على جهله بوزن البضاعة في حين أن هذا التحفظ لا يعتد به ولا يكون له اعتبار في رفع مسئوليته طبقاً للمادة 3/ 3 من معاهدة بروكسل لسندات الشحن إلا إذا أقام الناقل الدليل على عدم كفاية وسائل التحقق من الوزن، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أعمل الأثر القانوني لهذا التحفظ دون أن يبين الأسباب التي دعت الناقل إلى تدوينه في سند الشحن فإنه يكون مشوباً بالقصور بما أدى به إلى مخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا أقيم الحكم على دعامتين، وكان يكفي بناء الحكم على واحدة منهما فإن تعييبه في الدعامة الأخرى - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما انتهى إليه صحيحاً - على النحو الوارد بصدد الرد على السببين الأول والثاني من أسباب الطعن - من أن الهيئة الطاعنة قد تسلمت الرسالة موضوع النزاع بالحالة الموصوفة بها في سند الشحن، وكانت هذه الدعامة كافية بذاتها لحمل قضاء الحكم فإن النعي عليه فيما ورد بأسبابه من أن الناقل ضمن سند الشحن تحفظاً بعدم الاعتداد بالوزن فأصبح السند دالاً على العدد فقط - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج ويضحى النعي بهذا السبب غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.