أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 29 - صـ 1020

جلسة 18 من إبريل 1978

برئاسة السيد المستشار صلاح الدين حبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: زكي الصاوي صالح، جمال الدين عبد اللطيف، عبد الحميد المرصفاوي ومحمد طه سنجر.

(201)
الطعن رقم 663 لسنة 44 القضائية

(1) عقد "الشرط الجزائي".
الشرط الجزائي. التزام تابع للالتزام الأصلي. القضاء بفسخ العقد المتضمن للشرط. أثره عدم الاعتداء بالتعويض المقدر بمقتضاه. عبء إثبات الضرر في هذه الحالة على عاتق الدائن.
(2) بيع "عربون" نقض. عقد.
النعي بأن العقد موضوع النزاع هو بيع بالعربون. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - الشرط الجزائي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - التزام تابع للالتزام الأصلي إذ هو اتفاق على جزاء الإخلال بهذا الالتزام، فإذا سقط الالتزام الأصلي بفسخ العقد سقط معه الشرط الجزائي ولا يعتد بالتعويض المقدر بمقتضاه، فإن استحق تعويض للدائن تولى القاضي تقديره وفقاً للقواعد العامة التي تجعل عبء إثبات الضرر وتحققه ومقداره على عاتق الدائن.
2 - إذ كان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بأن العقد موضوع الدعوى هو بيع بالعربون فإنه لا يقبل التحدي بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 6024 سنة 1966 مدني القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهما بصفتيهما بطلب الحكم بفسخ عقد البيع الابتدائي المؤرخ في 12/ 3/ 1966 وبإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 875 جنيه، وقال بياناً للدعوى إنه بموجب هذا العقد باع للمطعون عليهما قطعة أرض فضاء مقابل ثمن قدره 7500 جنيه دفع منه وقت العقد 2000 جنيه من هذا المبلغ 1125 جنيه نقداً والباقي وقدره 875 جنيه حرر به شيك على بنك مصر واتفق على سداد باقي الثمن عند التوقيع على العقد النهائي الذي حدد له أجل لا يجاوز ثلاثة أشهر بحيث إذا امتنع أحد الطرفين من التوقيع خلاله على العقد كان للطرف الآخر أن يرجع عليه بتعويض قدره 2000 جنيه وهو قيمة العربون المدفوع، وبمقتضى ملحق مؤرخ في 4/ 4/ 1966 استرد المطعون عليهما الشيك الذي استلمه الطاعن واتفق الطرفان على أنه إن تبين أن الأرض المبيعة تخضع لشروط التقسيم الخاصة بمدينة الأوقاف أو أي شروط أخرى خلاف قوانين البناء حق للمطعون عليهما فسخ البيع واسترداد مبلغ 1069 جنيه مع إلغاء الشرط الجزائي المنصوص عليه في العقد، أما إذا تبين عدم خضوع الأرض للشروط سالفة البيان أصبح البيع ساري المفعول بكافة شروطه ومنها الشرط الجزائي. وإذ امتنع المطعون عليهما عن تنفيذ التزاماتهما رغم ثبوت عدم خضوع الأرض للشروط المشار إليها وأصبح من حقه فسخ البيع ومطالبتهما بالتعويض المتفق عليه، فقد أقام الدعوى للحكم له بطلباته. وأثناء نظر الدعوى طلب المطعون عليهما الحكم بإلزام الطاعن بأن يدفع لهما مبلغ 2125 جنيه استناداً إلى أنهما لم يقصرا في تنفيذ التزاماتها وأنه تبين لهما أن الأرض المبيعة تخضع لشروط تقسيم مدينة الأوقاف فتعذر عليهما الانتفاع بها انتفاعاً كاملاً. وبتاريخ 27/ 2/ 1968 حكمت المحكمة بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وبتاريخ 10/ 3/ 1970 فحكمت بفسخ عقد البيع وإلزام المطعون عليهما بأن يدفعا للطاعن مبلغ 800 جنيه وبرفض الدعوى الفرعية. استأنف المطعون عليهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 1495 سنة 87 ق مدني القاهرة طالبين إلغاءه والحكم لهما بطلباتهما في الدعوى الفرعية وبرفض الدعوى الأصلية، وأقام الطاعن استئنافاً فرعياً قيد برقم 3456 سنة 87 ق القاهرة طالباً زيادة مبلغ التعويض المقضى به إلى ألفى جنيه. وبتاريخ 17/ 4/ 1974 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من فسخ العقد بإلغائه فيما عدا ذلك وبرفض الاستئناف الفرعي. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن عقد البيع موضوع الدعوى تضمن شرطاً جزائياً مقتضاه أن إخلال أحد الطرفين بالتزاماته يوجب عليه أن يدفع للآخر مبلغ 2000 جنيه تعويضاً عما يلحقه من ضرر يعتبر - وفقاً لحكم الشرط - واقعاً في تقدير المتعاقدين ما لم يثبت المدين بالتعويض انتفاءه. إلا أن محكمة الاستئناف رغم قضائها بفسخ البيع بسبب تراضي المطعون عليهما - المشتريين في الوفاء بباقي الثمن، ورغم أن هذين الأخيرين لم يقدما الدليل على أنه لم يلحقه ضرر، رفضت الحكم له بالتعويض المتفق عليه تأسيساً على أن فسخ العقد عاد عليه بفائدة مرجعها تلك الزيادة الملحوظة في أسعار أراضي البناء، وأن الثابت من صورة قرار لجنة تقدير الإيجارات المقدمة في الدعوى عن بناء أقيم على جزء من أرض النزاع أن سعر المتر منها قدر بمبلغ 16 جنيهاً. هذا في حين أن القرار المذكور لا يعتبر حجة عليه وأنه أصيب بإضرار تتمثل في عدم وفاء المطعون عليهما منذ سنة 1966 بباقي الثمن الذي يزيد مقداره على خمسة آلاف جنيه مما اضطره بعد صدور الحكم الابتدائي بفسخ العقد سنة 1970 إلى بيع جزء من أرض النزاع بثمن يقل عن الثمن الذي اشترى به المطعون عليهما بسبب حاجته إلى مال سائل في أعماله التجارية. ولو كانت المحكمة قد طالبته بتقدير هذا العقد الأخير واطلعت عليه لاستبان لها صحة دفاعه في هذا الخصوص.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الشرط الجزائي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - التزام تابع للالتزام الأصلي إذ هو اتفاق على جزاء الإخلال بهذا الالتزام، فإذا سقط الالتزام الأصلي بفسخ العقد سقط معه الشرط الجزائي ولا يعتد بالتعويض المقدر بمقتضاه، فإن استحق تعويض للدائن تولى القاضي تقديره وفقاً للقواعد العامة التي تجعل عبء إثبات الضرر وتحققه ومقداره على عاتق الدائن. ولما كان الشرط الجزائي الذي يتمسك به الطاعن ويطلب أعمال حكمه قد سقط بقضاء الحكم المطعون فيه بفسخ عقد البيع، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يقدم ثمة دليل على أن ضرراً ما قد أصابه من جراء تقصير المطعون عليهما، إذ أن عليه عبء إثبات ما يدعيه دون أن تكون المحكمة ملزمة بتكليفه بتقديم الدليل عليه أو لفت نظره إلى مقتضيات دفاعه، فإن الحكم المطعون فيه بقضائه برفض طلب التعويض استناداً إلى "أنه لم يثبت من أوراق الدعوى أن البائع - الطاعن - قد حصل له ضرر يستأهل من أجله تعويضاً" لا يكون قد خالف القانون ولما كانت هذه الدعامة الصحيحة تكفي لحمل الحكم، فإن النعي عليه فيما أورده زائداً عن حاجة الدعوى - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج - ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور، وفي بيان ذلك يقول إنه وإن كان المبلغ الذي يلتزم به الطرف الذي يمتنع عن تنفيذ التزامه قد وصف في بعض بنود العقد والملحق بأنه تعويض، إلا أنه في حقيقته عربون، ذلك أنه وصف بهذا الوصف في البند الرابع من ملحق عقد البيع الذي حدد مقداره وبين الحالة التي يحق فيها للمشتريين استرداده وتلك التي يحق للبائع فيها الاحتفاظ به مما يدل على أن نية الطرفين اتجهت إلى التعامل بالعربون. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتبره تعويضاً دون أن يستظهر النية المشتركة للطرفين وبين الأساس الذي بني عليه هذا التكييف فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه متى كان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بأن العقد موضوع الدعوى هو بيع بالعربون فإنه لا يقبل التحدي بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض، هذا إلى أنه يبين من عقد البيع المؤرخ في 12/ 3/ 1966 أنه نص في البند السادس منه على حق المطعون عليهما في التمسك بنفاذ العقد إن لم يرغبا في الرجوع على الطاعن بالتعويض وباسترداد ما دفعاه في حالة امتناعه عن التوقيع على العقد النهائي، كما يبين من الملحق المؤرخ في 4/ 4/ 1966 أنه نص في البند الثاني منه على أن العقد الابتدائي يصبح ساري المفعول بكافة شروطه بما فيها الشرط الجزائي إذا ثبت أن الأرض المبيعة لا تخضع لشروط تقسيم مدينة الأوقاف. وإذا كان الحكم الابتدائي بعد أن أورد نص هذين البندين قضى بفسخ العقد تأسيساً على ما انتهى إليه من عدم خضوع الأرض المبيعة للشروط المشار إليها وامتناع المطعون عليهما عن دفع باقي الثمن ثم قضى بالمبلغ الذي قدره للطاعن عما لحقه من ضرر نتيجة لهذا الفسخ مما مفاده أنه كيف العقد بأنه بيع بات أخذاً بظاهر عباراته، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كانت محكمة الموضوع في تفسيرها ورقة من أوراق الدعوى لم تخالف ظاهر معناها فلا يكون عليها أن تورد أسباباً لذلك. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه في هذا الخصوص فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الرابع أن الحكم المطعون فيه شابه القصور، ذلك أن الطاعن تمسك في مذكرته المقدمة إلى محكمة الاستئناف بأن عدم دفع المطعون عليهما لباقي الثمن فوت كسباً قدره عشرة في المائة منه في السنة لو كان قد استعمله في تجارته وبأن مجموع هذا الربح في السنوات التي استغرقها التقاضي يزيد على مبلغ التعويض المتفق عليه. وإذ أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع وقضى برفض طلب التعويض تأسيساً على ارتفاع أسعار أراضي البناء ودون أن يوازن بين هذه الزيادة وبين ما فاته من ربح؛ فإنه يكون معيباً بالقصور.
وحيث إنه لما كان الثابت من الصورة الرسمية لمذكرة الطاعن المقدمة إلى محكمة الاستئناف والمشتملة على وجه الدفاع المبين بسبب النعي أنها قدمت في فترة حجز الدعوى للحكم. وإذ لم يقدم الطاعن ما يدل على أنه كان مصرحاً له بتقديمها وإن هذا الدفاع كان بذلك مطروحاًَ على المحكمة، فإن نعيه على الحكم المطعون فيه بالقصور لإغفاله له يكون عارياً من الدليل.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.