مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد المدنية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع - صـ 326

جلسة 20 إبريل سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

(121)
القضية رقم 87 سنة 13 القضائية

موظف:
أ - التعديل في كادر الوظائف. لا شأن للمحاكم به ما دام لم يمس حقاً مكتسباً للموظف ولم يجئ مخالفاً للقوانين واللوائح الموضوعة للموظفين. مثال.
ب - حكم تأديبي. تمسك الموظف ببطلان الحكم التأديبي الصادر ضده لمخالفته للقانون من جهة تشكيل المجلس أو من جهة إجراءات المحاكمة. عدم الأخذ بدفعه هذا. طعنه في الحكم. عدم بيان وجوه المخالفات القانونية في وجه الطعن. لا يقبل.
1 - إن التعديل في كادر الوظائف ما دام لم يمس حقاً مكتسباً للموظف ولم يخالف القوانين واللوائح الموضوعة للموظفين فلا شأن للمحاكم به ولا دخل لها فيه. فالمهندس الذي كان بحسب كادر معين، في الدرجة الأولى بمرتب ثابت قدره 25 جنيهاً، إذا وضع في كادر جديد في الدرجة الثانية التي جعل مربوطها فيه من 24 ج إلى 28 بعلاوات دورية، لا يقبل منه أن يتظلم من ذلك إلى المحاكم ما دام الكادر الجديد قد جعله أحسن حالاً مما كان.
2 - إذا تمسك الموظف ببطلان الحكم التأديبي الصادر ضده لمخالفته للقانون، سواء من جهة تشكيل المجلس الذي أصدره أو من جهة إجراءات المحاكمة، فلم تقره المحكمة على دعواه، فطعن في حكمها بطريق النقض ولم يبين في تقرير الطعن وجوه المخالفات القانونية التي يدعي وقوعها في محاكمته، فهذا التجهيل، من جانبه، في بيان وجه الطعن يجعله غير مقبول.


الوقائع

تتحصل وقائع الدعوى في أن الطاعن عين مهندساً مساعداً بوزارة الأشغال عقب تخرجه من مدرسة الهندسة في 16 من يوليو سنة 1896 وأنه في سنة 1912 كان مهندساً في الدرجة الأولى براتب قدره 25 جنيهاً غير أن الوزارة وضعته في الدرجة الثانية بنفس الراتب، وحدث في سنة 1917 أن أحيل إلى مجلس التأديب فقضى هذا المجلس بفصله من الخدمة إلا أن المجلس المخصوص عدل هذا القرار واكتفى بتنزيله إلى الدرجة التالية لدرجته بأقصى مربوطها، وفي سنة 1921 عندما عدلت درجات الموظفين جميعاً وضع في الدرجة الخامسة من أول أكتوبر سنة 1910، مع أنه كان يجب اعتبار أقدميته من أول يناير سنة 1907، وبذلك ضاع عليه ثلاثة جنيهات شهرياً من مقدار العلاوة التي كان يستحقها. ولهذا رفع دعواه على المطعون ضدهما أمام محكمة مصر الابتدائية، وشرح في صحيفتها الوقائع السالفة الذكر وطلب فيها إلى المحكمة إلزامهما بمبلغ 3053 جنيهاً تعويضاً عن قيمة فرق الراتب الذي ضاع عليه مع القضاء برفع معاشه إلى 500 مليم و52 جنيهاً من تاريخ تركه الخدمة وصرف المتجمد من فرق المعاش إليه وإلزام المطعون ضدهما بالمصاريف والأتعاب والنفاذ. ثم عدل مبلغ التعويض أخيراً إلى 70 مليماً و3515 جنيهاً مع باقي طلباته الأخرى. وبتاريخ 26 من يناير سنة 1941 قضت المحكمة برفض الدعوى وإلزامه بالمصاريف إلخ.
استأنف الطاعن هذه الحكم أمام محكمة استئناف مصر وقضى فيه بجلسة 25 إبريل سنة 1943 بتأييد الحكم المستأنف إلخ. إلخ.
أعلن هذا الحكم إلى الطاعن في 7 من يونيه سنة 1943 فقرر وكيله الطعن فيه بطريق النقض في 27 من الشهر المذكور إلخ إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق وتأويل القوانين واللوائح الخاصة بالموظفين. وفي بيان ذلك يقول: أولاً إن الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون الصادر في سنة 1912 بتعديل الدرجات، فبدلاً من أن ترفع الوزارة راتبه (وكان يشغل وظيفة مهندس من الدرجة الأولى) وضعته في الدرجة الثانية، وفي هذا إخلال بحقه المكتسب وتنزيل له لا يجوز أن يحصل إلا بقرار من مجلس التأديب. وثانياً - إنه بالرغم من تمسكه ببطلان الحكم التأديبي الصادر في سنة 1917 لمخالفته للقانون، سواء في تشكيل المجلس أو إجراءات المحاكمة، فإن الحكم المطعون فيه لم يعر هذه المخالفات التفاتاً، وثالثاً - إن الحكم المطعون فيه لم يقم وزناً لتسليم لجنة تعديل الدرجات في سنة 1921 بوجهة نظر الطاعن إذ اعتبرته لا يزال مهندساً في الدرجة الأولى التي رقي إليها في سنة 1910 رغم حكم المجلس المخصوص القاضي بتنزيله، وكان من الواجب، وقد رأت اللجنة هذا، أن تصرف للطاعن فرق راتبه على هذا الأساس، وهو ما لم يعرض له الحكم المطعون فيه.
وحيث إنه فيما يختص بالخطأ المقول بحصوله في تطبيق قانون سنة 1912 فقد قال الحكم المطعون فيه بصدده ما يأتي: "إن تعديل الدرجات الذي حصل في سنة 1912 هو تعديل عام للدرجات بسبب تعديل في ميزانية تلك السنة ولم ينله منه ضرر ولم يحرمه من أي حق اكتسبه بل هو في الواقع قد استفاد منه ولو أن درجته سميت في الترتيب الجديد درجة ثانية بعد أن كانت أولى، إذ كان مرتبه في الدرجة الأولى القديمة 25 جنيهاً شهرياً، وهو مرتب ثابت، فجعل مرتب الدرجة الثانية التي وضع فيها من 24 جنيهاً إلى 28 جنيهاً بعلاوات دورية، فأصبح بالوضع الجديد عنده المجال للوصول إلى مرتب 28 جنيهاً في هذه الدرجة دون أن يحرم من أمل الترقية إلى باشمهندس". وهذا الذي ذكره الحكم المطعون فيه صحيح، ولا إخلال فيه بما قد يكون للطاعن من حق مكتسب، بل إن الوضع الجديد قد جعله أحسن حالاً إذ رفع الحد الأقصى لراتب الدرجة التي وضع فيها إلى 28 جنيهاً بعد أن كان 25 جنيهاً.
وحيث إنه عن تمسك الطاعن ببطلان الحكم التأديبي لمخالفته للقانون سواء في تشكيل المجلس أو إجراءات المحاكمة فإن الطاعن لم يذكر في تقرير الطعن كيف خولف القانون في تشكيل المجلس ولا في الإجراءات التي تمت أمامه، وما هي المخالفات التي يدعي بحصولها، وهل حصلت أمام مجلس التأديب الابتدائي أو أمام المجلس المخصوص أو أمام كليهما، مما يجعل هذا الوجه غير مقبول. على أن الطاعن أقر صراحة في مذكرته الشارحة لأسباب الطعن بأن مجلس التأديب والمجلس المخصوص كانا مشكلين تشكيلاً صحيحاً، وأن العقوبة التي قضى بها مجلس التأديب أولاً والمجلس المخصوص ثانياً تدخل في نطاق العقوبات التأديبية المقررة في القانون.
وحيث إنه فيما يتعلق بادعاء الطاعن أن الحكم المطعون فيه لم يقم وزناً لتقرير لجنة تعديل الدرجات في سنة 1921 فإن الحكم المطعون فيه قد قال بحق في هذا الخصوص ما يأتي: "إن قبوله الوضع الذي جعل فيه في ترتيب الدرجات الحاصل في سنة 1921 بإقراره المؤرخ 24 إبريل سنة 1923 فضلاً عن أنه يعتبر قبولاً نهائياً له كما ذكرت ذلك محكمة أول درجة فإنه من جهة أخرى يعتبر إقراراً للحالة السابقة عليه، ولا يجوز له بعده التظلم من إجراءات قديمة حصلت في سنة 1912 و1917 خصوصاً وأن الإقرار المذكور قد استعرض حالته من سنة 1896 وما استحقه بعدها من العلاوات والدرجات إلى تاريخ ذلك التعديل". فأمام هذا الإقرار الصريح لا يجوز للطاعن أن يشكو من شيء.