أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 29 - صـ 1180

جلسة 8 من مايو سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة مصطفى الفقي وعضوية السادة المستشارين/ حافظ رفقي، جميل الزيني، محمود حسن حسين، وعاصم المراغي.

(232)
الطعن رقم 657 لسنة 42 القضائية

(1) تعويض. كفالة. مسئولية "مسئولية المتبوع".
مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه. اعتبار المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون حقه في الرجوع على تابعه بما يفي به من تعويض للمضرور.
(2) نقل بحري. مسئولية "مسئولية تقصيرية". تعويض.
عقد القطر من عقود النقل البحري. جواز الاتفاق على أن تكون القاطرة تحت رقابة وتوجيه مالك المنشأة المقطورة. اعتباره في هذه الحالة مسئولاً عما تحدثه القاطرة من ضرر للغير بصفتها تابعه له. جواز رجوع المضرور عليه مباشرة بطلب التعويض. لا يغير من ذلك عدم استعمال المتبوع سلطته في التوجيه والإشراف.
1 - النص في المادتين 174/ و175 من القانون المدني يدل على أن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور تقوم على فكرة الضمان القانوني فالمتبوع يعتبر في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد، ومن ثم فإن للمتبوع الحق في الرجوع على تابعه محدث الضرر بما يفي به من التعويض للمضرور لا على أساس أنه مسئول معه بل لأنه مسئول عنه.
2 - عقد القطر وإن كان يعتبر من عقود النقل البحري إلا أنه ليس ثمة ما يمنع قانوناً من اتفاق طرفيه على أن تكون القاطرة وربانها ورجالها طاقمها تحت رقابة وتوجيه الشركة المطعون ضدها - مالكة المنشأة المقطورة - وتابعين لها ومن ثم تسأل عن خطئهم، ولا يعد ذلك منهم اتفاقاً على نفي أو درء للمسئولية التقصيرية - وهو الأمر الذي حظرته المادة 217/ 3 مدني - إذ أن مسئولية المطعون ضدها على أساس مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة غير المشروعة - وعلى ما سلف البيان - هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور بضم مسئول آخر يكفل بالتضامن المسئول الأصلي دون أن ينقص ذلك من حق المضرور في الرجوع إن شاء على المسئول الأصلي مباشرة أو على المتبوع، فإذا استأدى تعويضه من المتبوع كان للأخير الرجوع على تابعة محدث الضرر بما يفي به من التعويض للمضرور، كما أن عدم الاتفاق في عقد القطر على تنظيم كيفية ملازمة ملاك الحوض العائم أو وكلائهم (المطعون ضدها) للرحلة البحرية أثناء القطر لا ينفي تبعية ربان ورجال طاقم القاطرة للمطعون ضدها، تلك التبعية الثابتة بشروط عقد القطر والتي تعطيها السلطة الفعلية في الرقابة والإشراف والتوجيه على ربان وبحارة القاطرة، ذلك أن علاقة التبعية تقوم على السلطة الفعلية التي تثبت للمتبوع في رقابة التابع وتوجيهه سواء عن طريق العلاقة العقدية أو غيرها وسواء استعمل المتبوع هذه السلطة أو لم يستعملها طالما أنه كان في استطاعته استعمالها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزارة الحربية الطاعنة أقامت الدعوى رقم 28 سنة 65 تجاري كلي السويس على المطعون ضدها بصفتها وكيلة عن ملاك الحوض العائم (سورابايا) بطلب إلزامها بأن تدفع لها مبلغ 10335 جنيه و150 مليماً وقالت شرحاً للدعوى أنه بتاريخ 18/ 3/ 1964 كان الحوض العائم المشار إليه يمر بقناة السويس تقطره قاطرتان إحداهما من الأمام والثانية من الخلف مملوكتان لشركة أخرى وعند الكيلو 134 بمنطقة سلاح المهندسين، اصطدم الحوض العائم بالذراع الشرقي لكوبري ملك للطاعنة فأحدث به تلفيات وقد تحرر عن ذلك محضر شرطة، وأنه لما كانت الشركة المطعون ضدها مسئولة عن هذا الحادث فقد أقامت الطاعنة الدعوى الحالية للمطالبة بتكاليف إصلاح الكوبري. وبتاريخ 16/ 1/ 1971 قضت محكمة السويس الابتدائية للطاعنة بطلباتها. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 87 سنة 88 ق وبتاريخ 6/ 6/ 1972 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أيدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت في الأوراق والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إن الشروط العامة لعقد القطر المبرم بين الشركة المطعون ضدها والشركة القاطرة - والتي تعتبر جزءاً مكتملاً لذلك العقد - قد نصت بما لا يدع مجالاً للشك على توافر علاقة التبعية بينهما بما يتحقق معه اعتبار الشركة المطعون ضدها مسئولة عن أخطاء الشركة القاطرة مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه وفقاً للضوابط القانونية التي تضمنتها المادة 174 من القانون المدني إلا أن الحكم المطعون فيه قد أهدر علاقة التبعية هذه وقضى برفض الدعوى تأسيساً على أن الشروط المطبوعة التي تضمنت اعتبار ربان القاطرة ورجالها تحت أمره ومراقبة وقيادة ملاك المنشأة المقطورة لا تغير من طبيعة عقد القطر ولا من كون الشركة القاطرة هي الناقل البحري الذي لا يملك أن يدرأ عن نفسه مسئولية النقل وما يحدثه من أضرار للغير، فضلاً عن عدم وجود اتفاق على تنظيم كيفية ملازمة ملاك المنشأة المقطورة أو وكلائهم للمرحلة البحرية أثناء القطر، وهذا الذي أورده الحكم خطأ في تطبيق القانون وينطوي على فساد في الاستدلال ذلك أن تكييف عقد القطر بأنه من عقود النقل البحري لا يمنع الطرفين من الاتفاق على أن تكون الشركة القاطرة خاضعة لسلطة وإشراف ورقابة وتوجيه الشركة المقطورة أثناء القطر وفي هذه الحالة تكون الشركة الأخيرة مسئولة عن أخطاء الشركة الأولى مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه ولو لم يتفق الطرفان على تنظيم لكيفية ملازمة ملاك المنشأة المقطورة أو وكلائهم للمرحلة البحرية أثناء القطر هذا إلى جانب أن الاتفاق على قيام علاقة التبعية لا يعني درء أو نفي المسئولية عن الشركة القاطرة ذلك أن مسئولية الشركة المطعون ضدها كمتبوع عن أعمال القاطرة كتابع لها ليست مسئولية أصلية بل هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور وتقوم على فكرة الضمان القانوني فتعتبر في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون ومن ثم إذا أوفت الشركة المطعون ضدها بالتعويض كان لها أن ترجع به كاملاً على الشركة القاطرة؛ وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر الصحيح في القانون فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المشرع إذ نص في المادة 174/ 1 من القانون المدني على أن يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه في حالة تأدية وظيفته أو بسببها". ونص في المادة 175 من القانون المشار إليه على أن "للمسئول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغير مسئولاً عن تعويض الضرر". فقد دل على أن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور تقوم على فكرة الضمان القانوني فالمتبوع يعتبر في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد، ومن ثم فإن للمتبوع الحق في الرجوع على تابعه محدث الضرر بما يفي به من التعويض للمضرور لا على أساس أنه مسئول معه بل لأنه مسئول عنه، لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد ركنت في دعواها إلى مسئولية المطعون ضدها مسئولية المتبوع عن أعمال ربان وطاقم القاطرة كتابعين لها وفقاً لما اتفق عليه في الشروط العامة الملحقة بعقد القطر والمعتبرة جزءاً مكملاً له والتي نص عليها على أن يكون ربان القاطرة ورجال طاقهما تحت أمره ومراقبة وقيادة ملاك المنشأة المقطورة وتابعين لهم وكان البين من مدونات الحكم المطعون أنه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة على قوله "أن الاتفاق على قطر حوض عائم عديم الربان والقوة المحركة إنما هو في الواقع نوع من مقاولات النقل البحري ولا يغير من طبيعة ذلك العقد أن تطبع شروط ترفق بعقد القطر "عقد النقل" يمثل ما تضمنته تلك الشروط المبينة بأسباب الحكم المستأنف، فالقطر هو نقل أي اتفاق على تغيير المكان ومن ثم فالشركة القاطرة هي الناقل البحري الذي لا يملك أن يدرأ عن نفسه مسئولية النقل وما يحدثه من أضرار للغير بطريق طبع شروط يقال فيها ما قبل في الدعوى الحالية من أن ربان القاطرة ورجالها تحت أمر ومراقبة وقيادة ملاك المنشأة المقطورة وإلا فأين التنظيم المتفق عليه بين الطرفين في ملازمة هؤلاء الملاك أو وكلائهم للرحلة البحرية أثناء النقل أو القطر مما يكشف عن محاولة درء الناقل لمسئوليته قبل طالب النقل ومن جهة أخرى فقد قضت تلك الشروط المطبوعة حتى على مسئولية الشركة القاطرة إذا أثبت ملاك المقطورة أن المتسبب في العواريات هو خطأ القاطرة وحدها" فإن هذا الذي أورده الحكم لا يتفق وصحيح القانون ذلك أنه إن كان عقد القطر يعتبر من قبيل عقود النقل البحري إلا أنه ليس ثمة ما يمنع قانوناً من اتفاق طرفيه على أن تكون القاطرة وربانها ورجالها طاقمها تحت رقابة وتوجيه الشركة المطعون ضدها وتابعين لها ومن ثم تسأل عن خطئهم، ولا يعد ذلك منهم اتفاقاً على نفي أو درء للمسئولية التقصيرية - وهو الأمر الذي حظرته المادة 217/ 3 مدني إذ أن المسئولية المطعون ضدها على أساس مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة - وعلى ما سلف البيان - هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور بضم مسئول آخر يكفل المسئول الأصلي دون أن ينتقص ذلك من حق المضرور في الرجوع إن شاء على المسئول الأصلي مباشرة أو على المتبوع فإذا استأدى تعويضه من المتبوع كان للأخير الرجوع على تابعه محدث الضرر بما يفي به من التعويض للمضرور، كما أن عدم الاتفاق في عقد القطر على تنظيم كيفية ملازمة ملاك الحوض العائم أو وكلائهم (المطعون ضدها) للرحلة البحرية أثناء القطر لا ينفي تبعية ربان ورجال طاقم القاطرة للمطعون ضدها، تلك التبعية الثابتة بشروط عقد القطر والتي تعطيها السلطة الفعلية في الرقابة والإشراف والتوجيه على ربان وبحارة القاطرة ذلك أن علاقة التبعية تقوم على السلطة الفعلية التي تثبت للمتبوع في رقابة التابع وتوجيهه سواء عن طريق العلاقة العقدية أو غيرها وسواء استعمل المتبوع هذه السلطة أو لم يستعملها طالما أنه كان في استطاعته استعمالها. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه والإحالة دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.