مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد المدنية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع - صـ 382

جلسة 18 مايو سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

(138)
القضيتان رقم 75 ورقم 86 سنة 13 القضائية

أ - إثبات. خبير. مباشرته عمله أمام المجلس الحسبي في غير مواجهة الخصوم. اعتماد المحكمة على قرينة مستفادة من هذا التقرير مع قرائن أخرى. جوازه.
ب - شركة تجارية. من شركات الأشخاص. تنتهي بوفاة أحد الشريكين. تعتبر قائمة حكماً في دور التصفية. دين ناشئ عن تصفية هذه الشركة. إثباته بالبينة والقرائن على أساس أنه دين تجاري. لا خطأ.
ج - قوة الشيء المحكوم فيه. متى تلحق أسباب الحكم؟ عند ارتباطها بالأسباب ارتباطاً وثيقاً. مثال. صلح. بحث واقعته في الأسباب والقضاء في الدعوى على أساس ما تبينته المحكمة في شأنه. خلو منطوق الحكم عن ذكر الصلح. هذا الحكم يحوز قوة الشيء المحكوم فيه فيما يتعلق بالصلح.
د - دين تجاري. ينتقل إلى الورثة بصفته. احتساب فوائد هذا الدين على أساس أنه تحول إلى دين مدني بوفاة الدائن والمدين. خطأ في تطبيق القانون. صفة الدين لا تتغير إلا باستبداله. وجوب احتساب الفوائد بواقع 7%.
هـ - إثبات. طلب إجراء تحقيق بالبينة. إجابته. متروكة لتقدير المحكمة.
1 - إن قاضي الموضوع له - بحسب الأصل - السلطة المطلقة في استنباط القرائن التي يعتمد عليها في تكوين عقيدته. فله إذن أن يعتمد على القرينة المستفادة من تقرير خبير كان قد باشر عمله أمام المجلس الحسبي في غير مواجهة الخصوم ما دامت هذه القرينة يعززها غيرها من القرائن القائمة في الدعوى.
2 - إذا كان الثابت بالحكم المطعون فيه أن الشركة التي كانت قائمة بين مورثي طرف الخصومة هي شركة تجارية عملها شراء القطن والذرة وبيعها، ولا خلاف بين الخصوم على ذلك، فإن هذه الشركة تكون من شركات الأشخاص التي وإن كانت تنتهي بوفاة أحد الشريكين إلا أنها، لوجوب دخولها بعد الوفاة في دور التصفية، تعتبر قائمة حكماً بالقدر اللازم للتصفية [(1)]. فإذا أجازت المحكمة إثبات الدين الناشئ بين الشركاء عن تصفية هذه الشركة بالبينة والقرائن على أساس أنه دين تجاري فإنها لا تكون قد أخطأت في ذلك.
3 - إذا قرر المجلس الحسبي الموافقة على صلح عقد بين أخ وجميع ورثة أخيه ومنهم قصر، ولم توافق وزارة العدل على هذا الصلح، وكلفت المجلس الحسبي بالسير في نظر الشكاوى المقدمة ضد هذا الأخ بأنه اختلس أقطاناً وبذرة ونقوداً من أموال الشركة التي كانت معقودة بينه وبين أخيه مورث القصر، وانتهى الأمر في هذه الشكاوى برفع دعوى أمام المحكمة الأهلية بشأن حساب هذه الشركة، فدفع المدعى عليهم (ورثة العم لأنه كان قد مات) الدعوى بحصول صلح فيها، فقضت المحكمة تمهيدياً بندب خبير لتصفية الحساب بين طرفي الدعوى وبإرجاء الفصل في النزاع على الصلح، فاستأنف الطرفان هذا الحكم، وكان الظاهر مما جاء بصحيفة استئناف المدعى عليهم أنهم إذ تمسكوا باعتبار هذا الصلح صحيحاً بالنسبة للبالغين، كانوا مسلمين بعدم سريانه على القصر، وطلبوا جعل مأمورية الخبير مقصورة على تصفية حسابهم، فحكمت المحكمة في الدعوى على هذا الأساس برفض دعوى البلغ وبتأييد الحكم فيما يتعلق بندب خبير لتصفية حساب القصر وحدهم، فهذا الحكم وإن كان منطوقه لم يرد به ذكر للصلح إلا أنه ما دام قد عرض في أسبابه للصلح وفصل فيه فصلاً قاطعاً ورتب قضاءه على ذلك يحوز قوة الشيء المحكوم فيه فيما يختص بالصلح لارتباط تلك الأسباب بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً. وإذن فلا يصح فيما بعد التمسك بهذا الصلح في مواجهة القصر قولاً بأن قرار المجلس الحسبي بالتصديق على الصلح هو قرار نافذ ما دامت وزارة العدل لم تطعن في هذا القرار بالاستئناف وهو الطريقة الوحيدة لإبطال أثره.
4 - متى ثبت أن الدين تجاري فيجب أن تسري عليه جميع الأحكام التي رتبها القانون للديون التجارية، ومنها أن يكون احتساب الفوائد باعتبار سبعة في المائة. أما القول بأن صفة الدين قد تغيرت لرفع الدعوى من ورثة على ورثة فلا مسوغ له قانوناً. لأن صفة الدين لا تتغير إلا بالاستبدال، وما دام الدين تجارياً فهو ينتقل إلى ورثة الدائن بوصفه القانوني الذي كان عليه، كما أن ورثة المدين يلزمون بأدائه من مال مورثهم على هذا الأساس. وإذن فالحكم الذي يقضي بفائدة لهذا الدين بواقع 5% سنوياً على اعتبار أنه دين مدني يكون خاطئاً في تطبيق القانون.
5 - إذا كانت المحكمة قد اقتنعت للأسباب التي أوردتها في حكمها بعدم أحقية المدعي للمبالغ التي يطلب الحكم له بها زاعماً أن المدعى عليه اختلسها وطالباً تمكينه من إثبات هذا الاختلاس بالبينة فلا تثريب عليها إذا هي لم تجب طلب التحقيق، لأن إجراء التحقيق لإثبات وقائع جائز إثباتها بالبينة ليس حقاً للخصوم يتعين على المحكمة إجابته في كل الأحوال بل هو متروك لتقديرها، فإذا هي لم تر حاجة إليه كان لا محل لإجرائه.


[(1)] يراجع مع هذا، الحكم الصادر بجلسة 27 إبريل سنة 1944 في القضية رقم 74 سنة 13 المنشور بهذا الجزء بصفحة 338 تحت رقم 125.