مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
السنة الخمسون (من أول أكتوبر سنة 1995 إلى آخر سبتمبر سنة 1996) - صـ 63

(فتوى رقم 781 في 31/ 10/ 1995 جلسة 18/ 10/ 1995 ملف رقم 86/ 4/ 1310)
(21)
جلسة 18 من أكتوبر سنة 1995

هيئات قضائية - هيئة قضايا الدولة - مدى التزام صندوق أراضي الاستصلاح بأداء مقابل الأتعاب الذي تطالب به هيئة قضايا الدولة لقاء الدعاوى التي تباشرها نيابةً عن الصندوق.
المواد 1، 6 من القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم هيئة قضايا الدولة المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1986 - المادة 3 من مواد إصدار القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارة القانونية - المواد 1، 3 من مواد ذات القانون السالف الإشارة إليه - المواد 1، 2، 3، 4 من مواد قرار رئيس الجمهورية رقم 34 لسنة 1977 بإنشاء صندوق أراضي الاستصلاح المعدل بالقرار رقم 592 لسنة 1977.
المشرع ناط بهيئة قضايا الدولة النيابة القانونية عن الدولة بكافة شخصياتها الاعتبارية العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها - صندوق أراضي الاستصلاح يتمتع بالشخصية الاعتبارية العامة - نتيجة ذلك: نيابة هيئة قضايا الدولة عنه نيابة قانونية وهي ليست رهينة بإرادة هيئة قضايا الدولة ولا بإرادة الصندوق الأصل أن الهيئة لا تتقاضى مقابلاً اتفاقياً عن اضطلاعها بالدور المنوط بها قانوناً كما لا تملك أن تفرض مقابلاً تقرره على الجهات العامة - مؤدى ذلك: لا إلزام على صندوق أراضي الاستصلاح بأداء مقابل الأتعاب إلى هيئة قضايا الدولة عن الدعاوى التي تباشرها نيابة عنه - تطبيق.
تبين للجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع أن المادة (1) من القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم هيئة قضايا الدولة المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1986 تنص على أن "هيئة قضايا الدولة هيئة قضائية مستقلة تلحق بوزير العدل" وتنص المادة (6) منه على أن "تنوب هذه الهيئة عن الدولة بكافة شخصياتها الاعتبارية العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصاً قضائياً وتسلم إليها صور الإعلانات الخاصة بصحف الدعاوى وصحف الطعون والأحكام المتعلقة بتلك الجهات ما اتصل منها بجهات القضاء العادي أو جهة القضاء الإداري أو أي هيئة قضائية أخرى ..." هذا في حين تنص المادة الثالثة من مواد إصدار القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها على أن "لا يترتب على تطبيق أحكام القانون المرافق، الإخلال باختصاصات الهيئات القضائية المقررة في قوانينها ولا بأحكام قانون المحاماة". وتنص المادة الثالثة من المواد ذاتها على أن "استثناءً من الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية تسلم إعلانات صحف الدعاوى وصحف الطعون والأحكام المتعلقة بالهيئات العامة أو المؤسسات العامة أو الوحدات التابعة لها في مراكز إدارتها لرئيس مجلس الإدارة". في حين تنص المادة (1) من القانون المشار إليه على أن "الإدارات القانونية في المؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات الاقتصادية أجهزة معاونة للجهات المنشأة فيها وتقوم بأداء الأعمال القانونية اللازمة لحسن سير الإنتاج والخدمات والمحافظة على الملكية العامة للشعب. وتتولى الإدارة القانونية في الجهة المنشأة فيها ممارسات الاختصاصات التالية: أولاً - المرافعة ومباشرة الدعاوى والمنازعات أمام المحاكم وهيئات التحكيم ولدى الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي ومتابعة تنفيذ الأحكام". وتنص المادة (3) من القانون ذاته على أن "لرئيس مجلس إدارة الهيئة العامة أو المؤسسة العامة تكليف إدارتها القانونية بأي عمل ... كما يجوز لمجلس إدارة الهيئة أو المؤسسة العامة أو الوحدة التابعة لها بناءً على اقتراح إدارتها القانونية إحالة بعض الدعاوى والمنازعات التي تكون المؤسسة أو الهيئة أو إحدى الوحدات الاقتصادية التابعة لها طرفاً فيها إلى إدارة قضايا الحكومة لمباشرتها. أو التعاقد مع مكاتب المحامين الخاصة لمباشرة بعض الدعاوى والمنازعات بسبب أهميتها". كما تبين للجمعية العمومية أن المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 34 لسنة 1977 بإنشاء صندوق أراضي الاستصلاح المعدل بقرار رئيس الجمهورية رقم 592 لسنة 1977 تنص على أن "ينشأ صندوق يسمى "صندوق أراضي الاستصلاح" تكون له الشخصية الاعتبارية ويتبع وزير الزراعة". وإن المادة (2) منه تنص على أن "يكون للصندوق موازنة خاصة تبدأ ببداية السنة وتنتهي بانتهائها ويفتح له حساب خاص بالبنك المركزي أو بأحد البنوك التجارية ...". وتنص المادة (3) على أن "يسري على أموال الصندوق الأحكام المتعلقة بالأموال العامة كما تخضع هذه الأموال لرقابة أجهزة الدولة". وتنص المادة (4) من القرار ذاته على أن "يختص الصندوق بما يأتي: ( أ ) وضع السياسة العامة للإنفاق طبقاً للأولويات التي يحددها مجلس إدارة الصندوق (ب) متابعة تنفيذ مشروعات استصلاح الأراضي واستكمال تحسينها. يقتصر التصرف ...".
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم، أن المشرع ناط بهيئة قضايا الدولة بموجب المادة (6) من قانون الهيئة آنف الذكر، النيابة القانونية عن الدولة بكافة شخصياتها الاعتبارية العامة، فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، ولدى الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصاً قضائياً، وذلك بعد أن كانت تلك النيابة مقصورة، وفقاً للقانون ذاته قبل تعديله بالقانون رقم (10) لسنة 1986، على الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية. مما ينبئ عن اتجاه قصد المشرع إلى إزالة ما كان عساه يثور من شبهة انحصار ولاية الهيئة في نطاق جهات بعينها دون غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، تفسيراً للنص قبل تعديله بالقانون رقم (10) لسنة 1986. ويكشف في الوقت ذاته عن إرادته في بسط نطاق اختصاص الهيئة إلى كافة الأشخاص الاعتبارية العامة، أياً كان الاسم الذي يطلق عليها. وإذ كان صندوق أراضي الاستصلاح، طبقاً للقرار الجمهوري الصادر بإنشائه يتمتع بالشخصية الاعتبارية، وله موازنة خاصة، ويقوم على مرفق عام بغية تحقيق منفعة عامة أو مصلحة عامة وتسري على أمواله الأحكام المتعلقة بالأموال العامة، ومؤدى ذلك أنه يندرج في عداد الأشخاص الاعتبارية العامة التي ينعقد لهيئة قضايا الدولة النيابة القانونية عنها لدى المحاكم وجهات القضاء.
والحاصل أن تلك النيابة، طبقاً لما سبق أن خلصت إليه الجمعية العمومية بجلسة 29/ 4/ 1971، ليست رهينة بإرادة هيئة قضايا الدولة ولا بإرادة صندوق أراضي الاستصلاح، فهي ليست من قبيل الوكالة، وإنما هي اختصاص قرره القانون لجهة ناط بها النيابة عن الدولة بكافة شخصياتها الاعتبارية العامة، فذلك أمر يدخل في نطاق ترتيب المصالح، يتعين ممارسته على النحو الذي رسمه المشرع. ومما يؤيد تلك النيابة أن المشرع في المادة (3) من القانون رقم 47 لسنة 1973، جعل لمجلس إدارة الأشخاص الاعتبارية العامة الخاضعة لأحكامه إحالة بعض الدعاوى والمنازعات التي تكون تلك الأشخاص طرفاً فيها، دون تعليق ذلك على قبول هيئة قضايا الدولة، كما هو الحال في التعاقد أو التفويض. وذلك مما لا يتأتى القول به إلا بحسبان تلك الهيئة صاحبة ولاية في هذا الصدد، وفقاً لما سبق أن ارتأته الجمعية العمومية بجلستها المنعقدة في 30/ 5/ 1962.
ولا ينال من ذلك أن المشرع، بموجب القانون رقم 47 لسنة 1973 المشار إليه عقد للإدارة القانونية بالهيئات العامة المرافعة ومباشرة الدعاوى والمنازعات أمام المحاكم وهيئات التحكيم، ولدى الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي، إذ فضلاً عن أن الهيكل التنظيمي للصندوق المشار إليه لا يتضمن إدارة قانونية يقع على عاتقها أداء ذلك الدور. كما أنه لا إلزام عليه قانوناً بإنشاء تلك الإدارة. وفضلاً عن أن تطبيق أحكام ذلك القانون يجب ألا يترتب عليه الإخلال بالاختصاصات المعقودة للهيئات القضائية، ومن بينها هيئة قضايا الدولة، وفقاً لقوانينها السارية، سواءً حالاً أو مستقبلاً وذلك إعمالاً للمادة الثانية من مواد الإصدار، فضلاً عن كل ذلك، فإن ما ورد بالقانون المذكور في شأن الدور المنوط بالإدارات القانونية بالجهات الخاضعة لأحكامه لا يعدو أن يكون مكنة الأشخاص الاعتبارية العامة الداخلة في عداد هذه الجهات في أن تباشر قضاياها بنفسها عن طريق المحامين العاملين بها، غير أن هذه المكنة، نزولاً على ذات الفكر الذي أرسته الجمعية العمومية بجلستها سالفة الذكر، ليس من شأنها إلغاء النيابة القانونية المقررة لهيئة قضايا الدولة في هذا الصدد أو الحد منها، فهذه النيابة - كما سبقت الإشارة - اختصاص قرره المشرع لجهة أولاها وظيفة الدفاع عن الدولة بكافة شخصياتها الاعتبارية العامة. وقد ورد قانون الإدارات القانونية بالهيئات والمؤسسات العامة وشركات القطاع العام خلواً من نص صريح يحسر حدود تلك النيابة عن الأشخاص الاعتبارية العامة التي يسري عليها. بالإضافة إلى أنه لا وجه للقول بأن أحكام ذلك القانون تتعارض مع أحكام قانون هيئة قضايا الدولة المشار إليه تعارضاً ينسخه. يؤيد ذلك ما أوردته المحكمة الإدارية العليا في الحكم الصادر بجلستها المنعقدة في 25/ 6/ 1989 "الطعن رقم 2607 لسنة 31 القضائية" من أن اختصاص الإدارات القانونية بالجهات الخاضعة لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 آنف البيان بالمرافعة ومباشرة الدعاوى والمنازعات نيابة عنها أمام المحاكم لا يخل باختصاص هيئة قضايا الدولة بأن تنوب عن الجهات المنصوص عليها في المادة السادسة من قانونها، فيما يرفع من هذه الجهات أو عليها لدى المحاكم، على اختلاف أنواعها ودرجاتها، لدى الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصاً قضائياً، وذلك دونما حاجة إلى تفويض خاص في كل قضية.
إذا كان الأصل أن هيئة قضايا الدولة لا تتقاضى مقابلاً اتفاقياً عن اضطلاعها بالدور المنوط به قانوناً، كما لا تملك أن تفرض مقابلاً تقرره على الجهات العامة، كما أن الغرض مما خصها به المشرع من النيابة القانونية من الأشخاص الاعتبارية العامة لا ينصرف إلى تحقيق خدمة خاصة لهذه الأشخاص، وإنما القصد فيه تحقيق الصالح العام بإسناد ولاية الدفاع عنها، وإقامة الدعاوى ومباشرتها إلى هيئة تتمتع بالاستقلال، ولديها من الخبرات والتخصصات القانونية الكوادر القادرة على حمل تلك الأمانة، والاضطلاع بتبعاتها وبذل العناية المرجوة، وتلك غايات ومقاصد أنشئت الهيئة من أجلها ونظمت وشملتها ميزانية الدولة والأصل ألا تتقاضى جهة عامة من جهة عامة أخرى مقابلاً عما تؤديه لها من مهام، وإذا كان المشرع يقصد تقرير حق الهيئة على وجه الخصوص في تقاضي مقابل من الأشخاص الاعتبارية العامة التي تتولى النيابة عنها ما أعوزه النص استثناءً من ذلك الأصل. وبمراعاة أيضاً أن المنح على خلاف الأصل يحتاج إلى نص صريح يقرره.

لذلك

انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى أنه لا إلزام على صندوق أراضي الاستصلاح بأداء مقابل الأتعاب إلى هيئة قضايا الدولة عن الدعاوى التي تباشرها نيابة عنه.