مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
السنة الخمسون (من أول أكتوبر سنة 1995 إلى آخر سبتمبر سنة 1996) - صـ 68

(فتوى رقم 782 في 31/ 10/ 1995 جلسة 18/ 10/ 1995 ملف رقم 86/ 3/ 799)
(22)
جلسة 18 من أكتوبر سنة 1995

عاملون مدنيون بالدولة - تعيين - ضم مدة خدمة حكمية - أقدمية - وجوب مراعاة قيد الزميل سابق التعيين في عدم المساس بأقدميته.
المادتان (24، 27) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
المادة (44) من قانون الخدمة العسكرية والوطنية الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1980.
المادة (1) من القانون رقم 76 لسنة 1973 من شأن الخدمة للشباب الذي أنهى المراحل التعليمية المعدل بالقانونين رقمي 98 لسنة 1975، 19 لسنة 1977.
المشرع في القانون العام للتوظف قنن أصلاً عاماً من مقتضاه أن أقدمية العامل في الوظيفة المعين عليها تتحدد اعتباراً من تاريخ هذا التعيين، وهو وإن كان عدل عن هذا الأصل العام في ذات القانون لصالح العامل حينما أوجب في الفقرة الثانية من المادة 27 منه حساب مدة الخبرة العملية التي تزيد على مدة الخبرة والمطلوب توافرها لشغل الوظيفة على أساس أن تضاف إلى بداية أجر التعيين عن كل سنة من السنوات الزائدة قيمة علاوة دورية بحد أقصى خمس علاوات من علاوات درجة الوظيفة المعين عليها العامل، متى توافرت فيه شروط حسابها، واستهدف المشرع من ذلك مصلحة العامل في عدم الإضرار به بإسقاط مدة عمل سابقة له متفقة مع طبيعة عمل الوظيفة المعين عليها شريطة ألا يضر بمصلحة الزميل سابق التعيين - راعى المشرع التوفيق بين مصلحة العامل في الضم ومصلحة زميله الأقدم منه في ألا يضار من جراء هذا الضم وبذلك يكون قد أرسى مبدأ عاماً تجب مراعاته ولو لم ينص عليه صراحةً شأن الحال في قانون الخدمة العامة بحسبان أن هذا المبدأ قد أملته المفاهيم المستخلصة من أحكام قانون نظام العاملين وأكدته المادة 44 من قانون التجنيد وهي مفاهيم تأبى أن يسبق الأحدث الأقدم في أقدمية الوظيفة بسبب ضم مدة خدمة اعتبارية لم تقضى فعلاً في الوظيفة - تطبيق.
تبين للجمعية العمومية لقسمي للفتوى والتشريع أن المادة 24 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص في فقرتها الأولى على أن "تعتبر الأقدمية في الوظيفة من تاريخ التعيين ..." في حين تنص المادة 27 من ذات القانون على أنه "تحسب مدة الخبرة المكتسبة علمياً التي تتفق مع طبيعة عمل الوظيفة المعين عليها العامل وما يترتب عليها من أقدمية افتراضية وزيادة في أجر بداية التعيين للعامل الذي تزيد مدة خبرته عن المدة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة. كما تحسب مدة الخبرة العملية التي تزيد على مدة الخبرة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة على أساس أن تضاف إلى بداية أجر التعيين عن كل سنة من السنوات الزائدة قيمة علاوة دورية بحد أقصى خمس علاوات من علاوات درجة الوظيفة المعين عليها العامل بشرط ... وعلى ألا يسبق زميله المعين في ذات الجهة في وظيفة من نفس الدرجة في التاريخ الفرضي لبداية الخبرة المحسوبة سواءً من حيث الأقدمية في درجة الوظيفة أو الأجر ...". كما تبين للجمعية العمومية أن المادة 44 من قانون الخدمة العسكرية والوطنية الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1980 تنص على أن "تعتبر الخدمة العسكرية والوطنية الفعلية الحسنة بما فيها مدة الاستبقاء بعد إتمام مدة الخدمة الإلزامية العاملة للمجندين الذين يتم تعيينهم أثناء مدة تجنيدهم أو بعد انقضائها بالجهاز الإداري للدولة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة و... كأنها قضيت بالخدمة المدنية وتحسب هذه المدة في الأقدمية واستحقاق العلاوات المقررة كما تحسب كمدة خبرة وأقدمية بالنسبة إلى العاملين بالقطاع العام والجهات التي تتطلب الخبرة أو تشترطها عند التعيين أو الترقية ويستحقون عنها العلاوات المقررة ... وفي جميع الأحوال لا يجوز أن يترتب على حساب هذه المدة على النحو المتقدم أن تزيد أقدمية المجندين أو مدد خبرتهم على أقدمية أو مدد خبرة زملائهم في التخرج الذين عينوا في ذات الجهة"، وأخيراً تلاحظ الجمعية العمومية أن المادة (1) من القانون رقم 76 لسنة 1973 في شأن الخدمة العامة للشباب الذي أنهى المراحل التعليمية المعدل بالقانونين رقمي 98 لسنة 1975 و19 لسنة 1977 تنص على أنه "يجوز بقرار من وزير الشئون الاجتماعية تكليف الشباب من الجنسين الذين أتموا المراحل التعليمية أو ... ممن يزيدون عن حاجة القوات المسلحة أو بتقرير إعفاؤهم من الخدمة العسكرية للعمل في المجالات الآتية ..." كما تنص المادة (3) من ذات القانون على أن "مدة التكليف بالخدمة العامة سنة ..... وتضاف مدة التكليف إلى مدة الخدمة للمكلف بعد تعيينه ويتقاضى عنها العلاوات المقررة".
واستظهرت الجمعية العمومية من مجموع النصوص المتقدمة أن المشرع في القانون العام للتوظف قنن أصلاً عاماً من مقتضاه أن أقدمية العامل في الوظيفة المعين عليها تتحدد اعتباراً من تاريخ هذا التعيين، وهو إن كان عدل عن هذا الأصل العام في ذات القانون لصالح العامل حينما أوجب في الفقرة الثانية من المادة 27 منه حساب مدة الخبرة العملية التي تزيد على مدة الخبرة والمطلوب توافرها لشغل الوظيفة على أساس أن تضاف إلى بداية أجر التعيين عن كل سنة من السنوات الزائدة قيمة علاوة دورية بحد أقصى خمس علاوات من علاوات درجة الوظيفة المعين عليها العامل، متى توافرت فيه شروط حسابها، واستهدف المشرع من ذلك مصلحة العامل في عدم الإضرار به بإسقاط مدة عمل سابقة له متفقة مع طبيعة عمل الوظيفة المعين عليها، إلا أنه لم يشأ أن يجري هذا النفع للعامل حديث التعيين على حساب زميله سابق التعيين في الوظيفة ذاتها، وراعى - في الوقت ذاته ومن باب العدالة واحترام الواقع - مصلحة زميله المعين في ذات الجهة في وظيفة من نفس الدرجة في التاريخ الفرضي لبداية الخبرة المحسوبة، فأراد المشرع بذلك حماية الزميل سابق التعيين في ألا يضار من حساب مدة الخبرة العملية لمن عين بعده فجعل من أقدمية الأول قيداً يجب مراعاته عند حساب المدة السابقة للثاني حتى لا يسبق الأحدث الأقدم وعلى ذات النهج وللعلة ذاتها استمد المشرع في قانون الخدمة العسكرية والوطنية ذات المبدأ فنص على اعتبار مدة الخدمة العسكرية والوطنية للمجند في مقام الخدمة المدنية فتحسب كمدة أقدمية بالنسبة إلى العاملين بالجهاز الإداري للدولة وكمدة خبرة بالنسبة إلى العاملين بالقطاع العام على ألا يسبق العامل الذي ضمت له مدة الخدمة العسكرية زميله في التخرج المعين في ذات الجهة سواءً في ذات التاريخ أو في تاريخ سابق عليه.
وبهذا يتكشف للجمعية العمومية من قراءتها للمادة 44 من قانون الخدمة العسكرية والوطنية أن نصها يتضمن حكمين، أولهما أن تضم إلى أقدمية المجند المعين مدة تجنيده حتى لا يضار بفوات هذه المدة عليه. وثانيهما ألا يخل ذلك بحقوق الغير وبما استقر له من مراكز قانونية، والغير في هذه الحالة هو الزميل سابق التعيين الذي ينبغي ألا يضار بما كسبه زميله الطارئ عليه من مدة مضمومة لم يقضها فعلاً في عمله المعين فيه وإنما ضمت له بحسبانها مدة خدمة اعتبارية في هذا العمل الأخير، والمعروف أن الواقع الفعلي أحق بالاعتبار من الوصف الاعتباري، وأن من عمل فعلاً أجدر بالمراعاة ممن اعتبر عاملاً حكماً وأن الوجود الفعلي يغلب الوجود الحكمي عندما تتعارض المراكز القانونية المترتبة عليهما.
واستخلصت الجمعية العمومية من ذلك أن المشرع بمسلكه المتقدم - سواءً في قانون العاملين المدنيين بالدولة أو قانون الخدمة العسكرية والوطنية المشار إليهما - وقد راعى التوفيق بين مصلحة العامل في الضم ومصلحة زميله الأقدم منه في ألا يضار من جراء هذا الضم - يكون قد أرسى مبدأ عاماً تجب مراعاته ولو لم ينص عليه صراحةً شأن الحال في قانون الخدمة العامة المشار إليه بحسبان أن هذا المبدأ قد أملته المفاهيم المستخلصة من أحكام قانون نظام العاملين وأكدته المادة (44) من قانون التجنيد، وهي مفاهيم تأبى أن يسبق الأحدث الأقدم في أقدمية الوظيفة بسبب ضم مدة اعتبارية لم تقض فعلاً في الوظيفة. ومن ثم أضحى متعيناً مراعاة هذا القيد عند إضافة مدة التكليف بالخدمة العامة للمكلف بعد تعيينه خاصة وأن الخدمة العامة ما هي إلا بديل عن الخدمة العسكرية ولا يسوغ أن تفوق الميزة المترتبة على البديل متمثلة في ضم التكليف بالخدمة العامة على تلك المترتبة على الأصيل وإنما الأولى أن تماثلها فيراعى قيد الزميل عند حسابها.
لما كان ذلك وكان المعروضة حالته أقدم من زملائه المعينين في ذات الهيئة سواءً في التخرج أو في تاريخ التعيين، ومن ثم فقد كان يتعين على الهيئة وهي بصدد حساب مدد الخدمة الحكمية لزملائه (تجنيداً كان أو خدمة عامة) مراعاته بعدم الإضرار به والمساس بأقدميته واعتبار تاريخ تعيينه قيداً يقف عنده حساب أي من هذه المدد الأمر الذي يستوجب المبادرة بإصدار قرار يعيد تنظيم الأقدميات بما يتفق وقيد الزميل بالمفهوم المتقدم وضعاً للأمور في نصابها الصحيح قانوناً.

لذلك

انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى وجوب مراعاة حق الزميل سابق التعيين في عدم المساس بأقدميته عند ضم مدة خدمة حكمية للأحدث منه سواءً أكانت مدة تجنيد أو مدة خدمة عامة.