أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 29 - صـ 1311

جلسة 24 من مايو سنة 1978

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، محمد الباجوري، صلاح نصار وإبراهيم فرج.

(256)
الطعن رقم 532 لسنة 44 القضائية

قرار. تعليم.
العلاقة بين أصحاب المدارس الخاصة والجهة المشرفة على التعليم. تنظيمية وليست تعاقدية. إعانة الإيجار ليست حقاً مكتسباً لأصحاب المدارس الخاصة المجانية. هي منحة المرد في تقديرها إلى الجهة الإدارية. ق 16 لسنة 1969 بشأن التعليم الخاص. وجوب ألا يشوب هذا التقدير عيب الانحراف بالسلطة.
مؤدى الفقرات الأولى والثانية والرابعة من المادة 21 من القانون رقم 16 لسنة 1969 في شأن التعليم الخاص، والمادتين 38، 39 من اللائحة التنفيذية للقانون الصادرة بقرار وزير التربية والتعليم رقم 41 لسنة 1970، أن المشرع جعل العلاقة بين أصحاب المدارس الخاصة والجهة القوامة على التربية والتعليم علاقة تنظيمية تحكمها القواعد الإدارية وليست تعاقدية، وإن إعانة الإيجار المشار إليها في القانون واللائحة التنفيذية ليست حقاً مكتسباً لأصحاب المدارس الخاصة التي تتبع نظام المجانية وإنما هي منحة من جهة الإدارة مقيدة تعطي لهم، المرد فيها إلى تقدير كل من مديرية التربية والتعليم والمجالس المحلية المختصة استهدافاً لاستمرار السير بمرفق التعليم حسبما يتطلب صالح العمل وطبقاً لما تسمح به موارد الدولة، وتحديد الشروط اللازمة لمنح الإعانة لا يغير من طبيعتها الاختيارية المنصوص عليها صراحة، بل يؤدي إلى مجرد تقييد سلطة الجهة المختصة في منحها، بمعنى أنه قيد يرد على إرادة المنح لا إرادة الخبرة المخولة لها، ولئن كان منح إعانة الإيجار أو منعها هو في الأصل من الملاءمات التي تترخص الإدارة في تقديرها بلا معقب عليها، إلا أنه لما كان الاختصاص الذي تباشره الإدارة إنما تزاوله على مقتضى القوانين واللوائح، وفي حدود الغاية التي استهدفتها تلك التشريعات نصاً وروحاً، فيتعين عليها التزام هذه الغاية ولا تجاوزها إلى سواها، وإلا شاب تصرفها عيب الانحراف بالسلطة بحيث يفسد الاختيار ويفسد ما اتخذ على أساسه من قرار.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم 3470 لسنة 1972 مدني أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليه محافظ القاهرة بصفته وآخرين بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 15750 جنيهاً، وقال شرحاً لها أن الجمعية التي يمثلها تملك الأرض والمباني الخاصة بمدرسة....... ووفقاً لقانون التعليم الخاص رقم 16 لسنة 1969 ولائحته التنفيذية تستحق الجمعية مالكة المبنى إعانة إيجار تقدر على أساس القيمة الإيجارية المحددة قانوناً للمبنى طبقاً لأحكام المادة 10 من قانون إيجار الأماكن رقم 52 لسنة 1969. وإذ امتنعت المنطقة التعليمية عن صرف هذه الإعانة رغم الطلبات العديدة التي تقدمت بها الجمعية، فقد أقام الدعوى. دفعت الحكومة بعدم قبول الدعوى قبل غير المطعون عليه وبعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى. وبتاريخ 26/ 3/ 1973 حكمت المحكمة أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة لمن عدا محافظ القاهرة لرفعها على غير ذي صفة ثانياً: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً ثالثاً: برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1980 لسنة 90 ق القاهرة طالباً إلغاءه والحكم بالطلبات، وبتاريخ 18/ 3/ 1974 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدعوى على سند من القول بأن القانون رقم 16 لسنة 1969 بشأن التعليم الخاص ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الوزاري رقم 41 لسنة 1970 جاء خلواً مما يفيد إلزام وزارة التربية والتعليم أو أية جهة أخرى بمنح إعانة إيجارية للمدارس الخاصة بل ترك الأمر جوازياً للجهة المختصة بمنحها، فلا محل لإلزام المطعون عليه بها، في حين أن تخويل القانون إحدى الجهات الإدارية سلطة اختيارية في مجال معين لا يفيد إطلاق سلطتها فيه، وإنما يتعين ممارسة هذه السلطة في حدود القانون، ومن أجل تحقيق الصالح العام، وفي إطار مبادئ الدستور التي توجب التسوية بين المواطنين في الحقوق والواجبات وبصدور اللائحة التنفيذية للقانون سالفة الإشارة منظمة إعانة الإيجار وموضحة شروط منحها، فإن مؤدى ذلك أن يصبح من حق كل مدرسة خاصة تتوافر فيها الشروط المذكورة الحصول على هذه الإعانة ولا يجوز حرمانها منها لاستمدادها حقها فيها من القانون مباشرة وإلا كان هذا التصرف مشوباً بإساءة استعمال السلطة. ورغم تمسك الطاعن بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف، وثبوت توافر جميع الشرائط الواجبة لاستحقاق الإعانة، فقد أغفل الحكم الرد عليه رغم جوهريته، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أن النص في الفقرتين الأولى والثانية من المادة 21 من القانون رقم 16 لسنة 1969 في شأن التعليم الخاص على أنه يجوز للمجالس المحلية أن تمنح المدارس الخاصة إعانة مالية بناء على اقتراح مديرية التربية والتعليم المختصة، كما يجوز للوزارة أن تمنح إعانات المدارس التجريبية الخاصة وللجهات التي تملك أو تدير مدارس خاصة في أكثر من محافظة وفي الفقرة الرابعة منها على أنه "ويصدر بتنظيم هذه الإعانات وشروط منحها قرار من وزير التربية والتعليم" وفي المادة 38 من اللائحة التنفيذية للقانون الصادرة بقرار وزير التربية والتعليم رقم 41 لسنة 1970 على أنه يجوز للمجالس المحلية بناء على اقتراح مديرية التربية والتعليم المختصة أن تمنح أصحاب المدارس الخاصة التي تطبق نظام المجانية الإعانات المالية الآتية: 1 - إعانة إيجار وذلك مقابل إيجار المكان الذي تشغله المدرسة.... وفي المادة 39 منها على أنه "تقدر إعانة الإيجار التي تؤدي للمدرسة الخاصة المجانية على الوجه الآتي: 1 - إذا كان مبنى المدرسة مملوكاً لصاحبها فإن إعانة الإيجار تقدر على أساس القيمة الإيجارية القانونية للمبنى 2 - ........ 3 - إذا كان مبنى المدرسة موقوفاً عليها أو متبرعاً به لها فلا تستحق إعانة الإيجار 4 - ......."، يدل على أن المشرع جعل العلاقة بين أصحاب المدارس الخاصة والجهة القوامة على التربية والتعليم علاقة تنظيمية تحكمها القواعد الإدارية وليست تعاقدية، وأن إعانة الإيجار المشار إليها في القانون واللائحة التنفيذية ليست حقاً مكتسباً لأصحاب المدارس الخاصة التي تتبع نظام المجانية، وإنما هي منحة من جهة الإدارة مقيدة تعطي لهم، المرد فيها إلى تقدير كل من مديرية التربية والتعليم والمجالس المحلية المختصة استهدافاً لاستمرار السير بمرفق التعليم حسبما يتطلبه صالح العمل وطبقاً لما تسمح به موارد الدولة، وتحديد الشروط اللازمة لمنح الإعانة لا يغير من طبيعتها الاختيارية المنصوص عليها صراحة، بل يؤدي إلى مجرد تقييد سلطة الجهة المختصة في منحها، بمعنى أنه قيد يرد على إرادة المنح لا إرادة الخبرة المخولة لها، ولئن كان منح إعانة الإيجار أو منعها هو في الأصل من الملاءمات التي تترخص الإدارة في تقديرها بلا معقب عليها، إلا أنه لما كان الاختصاص الذي تباشره الإدارة إنما تزاوله على مقتضى القوانين واللوائح، وفي حدود الغاية التي استهدفتها تلك التشريعات نصاً وروحاً، فيتعين عليها التزام هذه الغاية ولا تجازوها إلى سواها وإلا شاب تصرفها عيب الانحراف بالسلطة بحيث يفسد الاختيار ويفسد ما اتخذ على أساسه من قرار. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد تمسك في صحيفة الاستئناف بأن الشروط التي أوجبتها اللائحة التنفيذية لاستحقاق إعانة الإيجار متوافرة وأنه ليس هناك من أسباب تبرر حرمانها؛ وكان المطعون عليه قد ذهب إلى عدم توافر هذه الشروط وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على الإحالة إلى أسباب حكم محكمة أول درجة الذي لم يعرض لهذا الدفاع تبعاً لعدم طرحه عليه، مع أنه دفاع جوهري قد يكون من شأن تحقيقه تغيير وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي الأسباب على أن يكون مع النقض الإحالة.