مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد المدنية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع - صـ 481

جلسة 14 ديسمبر سنة 1944

برياسة حضرة محمد زكي علي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات: محمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك المستشارين.

(172)
القضية رقم 50 سنة 14 القضائية

(تنحى عن نظر هذه القضية حضرة كامل مرسي بك وحل محله عند نظرها حضرة أحمد حسن بك).
رهن حيازي. شرط صحة هذا الرهن. وضع المرهون في حيازة المرتهن. عقد الإيجار يضع العين المؤجرة في حيازة المستأجر. رجوع الحيازة إلى الراهن يبطل الرهن. القانون رقم 49 لسنة 1923 لم يقصد به إلغاء حكم المادة 541 مدني.
(المادة 540 مدني والقانون رقم 49 لسنة 1923 المعدل لها والمادة 541 مدني)
إن القانون يوجب لصحة رهن الحيازة وضع المرهون في حيازة الدائن المرتهن، ويقضي ببطلان هذا الرهن إذا رجع المرهون إلى حيازة راهنه. وإذ كان عقد الإيجار يضع العين المؤجرة في حيازة المستأجر فإنه يكون على المحكمة، متى أثبتت في حكمها أن الراهن استأجر العين المرهونة في اليوم الذي حصل فيه رهنها، أن تعتبر أن حيازة المرهون لم تنتقل إلى المرتهن أو أنها على الأقل قد رجعت على الفور إلى الراهن، وفي كلتا الحالتين يجب عليها أن تحكم ببطلان الرهن. والقول بأن رجوع الحيازة إلى الراهن بطريق الإيجار لا يبطل الرهن مردود بعموم نص المادة 541 من القانون المدني، وبمخالفة ذلك لطبيعة الرهن الحيازي. وعلى أنه إذا كان القانون رقم 49 لسنة 1923 المعدل للمادة 540 قد رخص للدائن في إيجار العقار المرهون إلى المدين بشرط النص على ذلك في عقد الرهن أو التأشير به في هامش تسجيله فإنه لم يقصد بهذا الترخيص الذي جاء به إلغاء حكم المادة 541 من القانون المدني وإنما قصد تسهيل المعاملات بين الناس، ملاحظاً في ذلك أن إشهار الإيجار بطريق التسجيل فيه ما يغني عن حيازة الدائن العقار المرهون.


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن في أن الطاعنة أقامت الدعوى على المطعون ضدهم وقالت في صحيفتها إنها تملك 8 و19/ 24 ط من 24 ط مشاعاً في المنزل الموضح بها بموجب عقدين صادرين لها من المطعون ضده الثاني ومسجلين في 18 من يوليو سنة 1929 و12 من ديسمبر سنة 1940، وقد رفع المطعون ضده الرابع الشريك في هذا المنزل دعوى قسمة أمام محكمة فوة الجزئية، ولعدم إمكان قسمة المنزل قضت المحكمة ببيعه فرساً المزاد عليه، وإنه عند توزيع الثمن تبين وجود عقد صادر من المطعون ضده الثاني وهو البائع لها إلى المطعون ضده الأول في 2 من سبتمبر سنة 1921 ومسجل بقلم رهون محكمة الإسكندرية في 3 من نوفمبر سنة 1922 برهن 1/ 2 و7 ط من 24 ط شائعة في المنزل المذكور، وإنه لما كان هذا العقد باطلاً باعتباره عقد رهن حيازة إذ هو لم يقترن بحيازة الدائن للعين المرهونة، ولم يكن عقد رهن عقاري لأنه لم يحرر به عقد رسمي، فهي لذلك تطلب الحكم ببطلانه واعتباره كأن لم يكن وشطب التسجيل المتوقع بناءً عليه مع إلزام المطعون ضده الأول بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 19 من يونيه سنة 1943 حكمت المحكمة للطاعنة بهذه الطلبات.
فاستأنف المطعون ضده الأول الحكم أمام محكمة استئناف مصر. وفي 2 من فبراير سنة 1944 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنة وإلزامها بمصاريف الدرجتين.
أعلن هذا الحكم إلى الطاعنة في 26 من مارس سنة 1944 فقررت الطعن فيه بطريق النقض إلخ إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف، وقد قالت إن العقد موضوع الدعوى هو عقد رهن حيازة عقاري ثم أثبتت أن الدائن آجر المدين العين المرهونة في نفس الوقت الذي حصل فيه الرهن واستمر المدين مستأجراً لها مما يدل على أن الرهن لم يقترن بانتقال حيازة العين المرهونة إلى الدائن المرتهن، كان يتعين عليها القضاء ببطلانه تطبيقاً لحكم المادتين 540 و541 من القانون المدني قبل التعديل الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1923. ولذلك يكون حكمها بصحته مخالفاً للقانون.
وحيث إن محكمة الاستئناف بعد أن استخلصت من واقع الدعوى أن العقد هو في الحقيقة رهن حيازة عقاري تعرضت لدفاع الطاعنة ببطلانه لعدم وضع المرهون في حيازة الراهن، وقالت في صدد ردها عليه: "وحيث إنه بالنسبة لحيازة المستأنف (المطعون ضده الأول) للعين المرهونة فإنها ثابتة من عقد الإيجار الصادر من المرتهن للراهن بتاريخ 2 سبتمبر سنة 1921 لمدة سنة ومن دعوى الإيجار المضمومة رقم 20 لسنة 1932 فيكون وضع يد المستأنف على العين المرهونة ثابتاً وليس هناك دليل على أن المستأنف تنازل عن وضع اليد وأعاد العين المرهونة للراهن ويكون ما دفعت به المستأنف عليها من بطلان الرهن لهذا السبب في غير محله".
وحيث إن القانون قد أوجب لصحة رهن الحيازة وضع المرهون في حيازة الدائن المرتهن، ويقضي ببطلانه إذا رجع المرهون إلى حيازة راهنه. وإذ كان عقد الإيجار يضع العين المؤجرة في حيازة المستأجر فإن ما أثبتته المحكمة من استئجار الراهن للعين المرهونة في يوم 2 من سبتمبر سنة 1921 الذي حصل فيه رهنها كان واجباً أن يؤدي بها إلى القول بأن حيازة المرهون لم تنتقل أصلاً إلى الدائن المرتهن أو على الأقل أنها رجعت على الفور إلى الراهن مما يوجب على أي حال الحكم ببطلان الرهن. لكنها استدلت بعقد الإيجار على نقيض مدلوله ثم أقامت حكمها على ذلك فتكون قد أخطأت.
وحيث إن القول بأن رجوع الحيازة إلى الراهن بطريق الإيجار لا يبطل الرهن في معنى المادة 541 - هذا القول مردود بعموم النص وبمخالفته لطبيعة الرهن الحيازي. وإنه وإن كان القانون رقم 49 لسنة 1923 المعدل للمادة 540 قد رخص للدائن بإيجار العقار المرهون إلى المدين بشرط النص على ذلك في عقد الرهن أو التأشير به في هامش تسجيله، فإن هذا الترخيص الذي قصد به تسهيل المعاملات بين الناس قد جعل من شهر الإيجار بطريق التسجيل ما يغني عن حيازة الدائن للعقار المرهون ولم يأت ملغياً لحكم المادة 541 التي بقيت على حالها.
وحيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد جاء مخالفاً للقانون ويتعين نقضه.