أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 29 - صـ 1495

جلسة 19 من يونيه سنة 1978

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة مصطفى الفقي وعضوية السادة المستشارين حافظ رفقي، جميل الزيني، محمود حمدي عبد العزيز وعاصم المراغي.

(288)
الطعن رقم 950 لسنة 45 القضائية

إرث. تركة.
استقلال شخصية الوارث عن شخصية المورث. انفصال التركة عن أشخاص الورثة وأموالهم. تعلق التزامات المورث بتركته دون أن تنتقل إلى ذمة الوارث إلا في حدود ما آل إليه.
إذ كانت شخصية الوارث مستقلة عن شخصية المورث وكانت التركة منفصلة شرعاً عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة فإن ديون المورث تتعلق بتركته ولا تنشغل بها ذمته ورثته ومن ثم لا تنتقل التزامات المورث إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثاً إلا في حدود ما آل إليه من أموال التركة، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أن الدعوى الحالية أقيمت على مورث الطاعنين بطلب فسخ عقد البيع الصادر من المورث إلى المطعون ضده بالنسبة إلى الأطيان التي تثبت ملكيتها للغير وإلزام المورث برد ثمنها، وإذ انقطع سير الخصومة في الدعوى لوفاة المورث قام المطعون ضده بتعجيلها في مواجهة الورثة (الطاعنين) بذات الطلبات فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من إلزام الطاعنين شخصياً بأن يدفعوا للمطعون ضده ثمن الأطيان المشار إليها ولم يحمل التركة بهذا الالتزام يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 500 سنة 1966 مدني كلي أسيوط على مورث الطاعنين……. بطلب الحكم بفسخ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 27/ 10/ 1956 بالنسبة لمساحة 10 قراريط، 2 سهم وإلزامه بأن يدفع له مبلغ 500 جنيه وذلك في مواجهة………… وقال بياناً لدعواه إنه بمقتضى عقد البيع المشار إليه باعه مورث الطاعنين أطياناً مساحتها 19 قيراطاً مبينة بصحيفة الدعوى نظير ثمن مقبوض قدره 600 جنيه وقد نازعته الأخيرة في ملكية جزء من هذه الأطيان المبيعة واستصدرت في مواجهة مورث الطاعنين حكماً في الدعوى رقم 678 سنة 1958 مدني كلي أسيوط قضى بتثبيت ملكيتها إلى 10 قراريط، 2 سهم من هذه المساحة استناداً إلى تقرير الخبير المنتدب وملحقه المودعين بتلك الدعوى، وقد تأيد هذا الحكم بالاستئناف رقم 67 سنة 40 ق، ولما كان هذا العقد يعتبر مفسوخاً بالنسبة للقدر الذي قضى فيه نهائياً لصالح…….. فقد أقام دعواه بطلباته السابقة، وبتاريخ 1/ 2/ 1969 قضت محكمة أسيوط الابتدائية بانقطاع سير الخصومة لوفاة مورث الطاعنين فعجلها المطعون ضده قبل الورثة (الطاعنين) بذات الطلبات وبتاريخ 23/ 5/ 1970 قضت المحكمة بفسخ عقد البيع المذكور بالنسبة للمساحة المشار إليها وألزمت الطاعنين بأن يردوا للمطعون ضده مبلغ 318 جنيه، 848 مليم فاستأنف الطاعنون في هذا الحكم بالاستئناف رقم 219 سنة 49 ق، وبتاريخ 2/ 6/ 1975 قضت محكمة استئناف أسيوط بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بالوجه الأول من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن مورثهم باع إلى المطعون ضده بتاريخ 27/ 10/ 1956 أطياناً مساحتها 19 قيراطاً من ضمن الأطيان التي يمتلكها بالميراث عن والده والبالغ مساحتها 1 فدان، 2 قيراط، 19 سهم وأن المطعون ضده لم يكتف بحيازة القدر المبيع له بل امتدت حيازته إلى الأطيان المملوكة……. والتي قضى بتثبيت ملكيتها لها بالحكم الصادر لصالحها في الدعوى رقم 678 سنة 58 مدني كلي أسيوط الذي تأيد استئنافياً ومن ثم فإن المساحة المبيعة إلى المطعون ضده لا تشمل على أي من أطيان السيدة المذكورة وإذ أطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع وقضى بفسخ عقد البيع المشار إليه بالنسبة لمساحة 10 قراريط، 2 سهم بمقولة أنها مملوكة للسيدة…… استناداً إلى قرائن استخلصها من أوراق ومستندات وإجراءات إثبات قدمت وتمت في دعوى أخرى، وكان لا يجوز للمحكمة أن تركن إلى إجراءات إثبات لم تتم أمامها فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود: ذلك أن البين من مدونات الحكم الصادر في الدعوى رقم 678 لسنة 1958 مدني كلي أسيوط والحكم المؤيد له الصادر في الاستئناف رقم 67 سنة 40 ق - المودعة صورتيهما ملف الطعن - أن هذين الحكمين عرضا في أسبابهما للخلاف الذي قام بين طرفي هذا الطعن وبين….. حول ما إذا كان القدر المبيع من مورث الطاعنين إلى المطعون ضده بموجب العقد المؤرخ 27/ 10/ 1956 قد شمل جزءاً من أطيان المذكورة وحسماً هذا الخلاف بالقضاء بتثبيت ملكتيها إلى أطيان مساحتها 10 قراريط، و2 سهم، أخذاً بتقرير الخبير المنتدب في تلك الدعوى الذي اطمأنت المحكمة إلى سلامة ما انتهى إليه من شمول عقد البيع المشار إليه لتلك المساحة رغم أنها مملوكة للسيدة المذكورة وليست ملكاً للبائع (مورث الطاعنين) ولما كان القضاء في هذه المسألة الأساسية قد حاز قوة الأمر المقضي فإنه يمتنع على الخصوم أنفسهم التنازع فيها في أية دعوى تالية تكون فيها تلك المسألة هي بذاتها الأساس فيما يدعيه أي منهم قبل الآخرين من حقوق مترتبة عليها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي في قضائه بفسخ عقد البيع بالنسبة للمساحة المقضي بتثبيت ملكيتها….... وقدرها 10 قراريط، و2 سهم على قوله أنه لما كان المستأنفون (الطاعنون) قد أسسوا استئنافهم على أن ما حكم به…… لا يدخل في القدر الذي باعه مورثهم للمستأنف عليه (المطعون ضده) بالعقد الابتدائي المؤرخ 27/ 10/ 1956 وهو أمر سبق أن قضى فيه بحكم نهائي حائز لقوة الأمر المقضى به في الدعوى رقم 978 لسنة 1958 مدني كلي أسيوط والتي تأييد حكمها استئنافياً في الاستئناف رقم 67 سنة 40 ق إذ قضت المحكمة في تلك الدعوى والتي كان المستأنفون طرفاً فيها بتثبيت ملكية....... أخذاً بتقرير الخبير المقدم فيها والتي استبانت منه أن المساحة المحكوم بتثبيت ملكيتها فيها تدخل في القدر موضوع عقد البيع الصادر من مورث المستأنفين للمستأنف عليه، ومن ثم فلا يجوز العودة لإثبات هذا الشق من النزاع بعد أن فصل فيه بحكم قضائي نهائي، فإن الحكم يكون قد التزم صحيح القانون ذلك أن حق المطعون ضده في طلب فسخ عقد البيع بالنسبة لمساحة 10 قراريط، 2 سهم مترتب ومتفرع من المسألة الأساسية السابق الفصل فيها بين نفس الخصوم بأن البيع قد شمل تلك المساحة رغم إنها مملوكة…… وليس ملكاً للبائع (مورث الطاعنين)، لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون إذ أقام قضاءه على قرائن ومستندات وإجراءات إثبات قدمت وتمت في دعوى أخرى يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني من السبب الأول بأن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه إذ أيد الحكم الابتدائي في قضائه بفسخ عقد البيع الصادر من مورثهم ويلزم الطاعنين بأن يردوا للمطعون ضده مبلغ 318 جنيه، 848 مليم، في حين أنه وقد صدر عقد البيع من مورثهم فإن الالتزام برد ما قبضه من ثمن يقع على عاتق تركته لأن الورثة لا يلتزمون بديون مورثهم إلا في حدود ما آل إليهم من أموال التركة؛ ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذه النعي سديد، وذلك أنه لما كانت شخصية الوارث مستقلة عن شخصية المورث وكانت التركة منفصلة شرعاً عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة وأن ديون المورث تتعلق بتركته ولا تشغل بها ذمة ورثته ومن ثم لا تنتقل التزامات المورث إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثاً في حدود ما آل إليه من أموال التركة، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أن الدعوى الحالية أقيمت على مورث الطاعنين بطلب فسخ عقد البيع الصادر من المورث إلى المطعون ضده بالنسبة إلى الأطيان التي تثبت ملكيتها للغير وإلزام المورث برد ثمنها، وإذ انقطع سير الخصومة في الدعوى لوفاة المورث قام المطعون ضده بتعجيلها في مواجهة الورثة (الطاعنين) بذات الطلبات، فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من إلزام الطاعنين شخصياً بأن يدفعوا للمطعون ضده ثمن الأطيان المشار إليها ولم يحمل التركة بهذا الالتزام، يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين تعديل الحكم المطعون فيه بالنسبة للمبلغ المقضى به وإلزام الطاعنين بأن يدفعوا من تركة مورثهم إلى المطعون ضده مبلغ 318 جنيهاً و448 مليماً وتأييده فيما عدا ذلك.