أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 29 - صـ 1529

جلسة 22 من يونيه سنة 1978

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عز الدين الحسيني وعضوية السادة المستشارين: عثمان الزيني، محمدي الخولي، سعد العيسوي وإبراهيم هاشم.

(294)
الطعن رقم 437 لسنة 45 القضائية

آثار.
اعتبار الأرض أثرية. شرطه. صدور قرار من مجلس الوزراء أو الوزير المختص باعتبارها كذلك. لا يكفي صدور قرار من مراقبة الأملاك أو وصفها بأنها أثريه في قوائم المساحة والتحديد.
نصت الفقرة العاشرة من المادة التاسعة من القانون المدني السابق - المنطبق على واقعة الدعوى - على أن الآثار العمومية وكافة ما يكون مملوكاً للحكومة من مصنوعات الفنون أو الأشياء التاريخية يكون معتبراً بذاته من المنافع العامة، كما ذكرت الفقرة الحادية عشرة منها أن المال الثابت أو المنقول إذا تخصص بالفعل للمنفعة العامة كان عاماً أيضاً، ولما كانت المادة السادسة من قانون الآثار رقم 14 الصادر في 12 يونيه سنة 1912 تنص على أن "أراضي الحكومة المقررة أو التي سيتقرر أنها أثرية تعد جميعها من أملاك الحكومة العامة" وكان هذا النص واضح الدلالة على أن الأرض لا تعتبر أثرية إلا إذا تقرر ذلك من قبل الحكومة، أي صدر به قرار من مجلس الوزراء أو على الأقل من قبل وزير الأشغال المكلف بتنفيذ هذا القانون فيما يخصه بمقتضى المادة الثانية والعشرين منه، فإن كل ورقة أو مخاطبة إدارية ليست قراراً من هذا القبيل لا يمكن - في علاقة الحكومة بالجمهور - أن تعتبر مغيرة لوصف الأرض وتخرجه لها من ملك الحكومة الخاص إلى ملكيتها العامة ومن ثم لا يكفي لاعتبار الأرض أثرية غير ممكن اكتسابها بوضع اليد بمضي المدة مجرد صدور قرار من مراقبة الأملاك باعتبارها كذلك ولا وصفها بأنها أثرية في قوائم المساحة والتحديد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الآثار أقام ضد الطاعنين وأخرى الدعوى رقم 1194 سنة 46 مدني كلي القاهرة للحكم باعتبار القطع أرقام 3، 4، 5، 6، 7، 8 بحوض الباشا رقم 17 زمام ناحية أبو مسلم مركز ومديرية الجيزة ومساحتها 9 فدان 3 قيراط 4 سهم من أملاك الدولة العامة وإزالة تعديهما على هذه الأرض من مبان أو مزروعات، مع إلزامهما بدفع مقابل الانتفاع بها من يوم التعدي. وأسس دعواه على أن هذه الأرض ملك الآثار ومنافع عامة بموجب قرار الإضافة رقم 359 لسنة 1910 الصادر من مراقبة الأملاك ومثبتة بسجلات المساحة الحديثة باسم المنافع العامة التابعة لمصلحة الآثار. وتمسك المدعى عليهما الأولان (الطاعنان) بأن مورثهما المرحوم....... اشترى الأرض بموجب عقدين مسجلين في سنة 1902 وسنة 1903 ووضع اليد عليها من تاريخ الشراء وفي 4/ 4/ 1955 حكمت المحكمة بندب خبير من مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة لتحقيق الملكية وسببها. وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت المحكمة في 27/ 11/ 1961 وحكمت برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 1169 سنة 74 ق القاهرة. وفي 4/ 3/ 1975 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وثبوت أن أرض النزاع الموضحة بصحيفة الدعوى تدخل ضمن المنافع العامة المخصصة للآثار وبإزالة تعدي الطاعنين عليها. طعن الطاعنان في الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم استند في قضائه باعتبار الأرض موضوع النزاع من الأموال العامة المخصصة للآثار إلى افتراض صدور قرار قانوني من الوزير المختص طبقاً لنص المادة 9 من القانوني المدني السابق الساري وقت صدوره ونصوص قانون الآثار الصادر في 12/ 6/ 1912 التي تشترط لاعتبار الأرض أثرية أن يصدر بذلك قرار من مجلس الوزارة أو الوزير المختص، في حين أنه لم يقم دليل على صدور مثل هذا القرار بالنسبة للأرض موضوع النزاع، وإذ افترض الحكم المطعون فيه صدور هذا القرار معتبراً قرار الإضافة رقم 359 لسنة 1910 الصادر من مراقبة أملاك الميري ومراجعته دليلاً على صدوره، ورغم ما ورد بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى من عدم تقديم الحكومة لهذا القرار، وكان قرار الإضافة سالف الذكر ليس سوى إجراء إداري غير مغير لوصف الأطيان وغير مخرج لها من الملكية الخاصة للدولة إلى ملكيتها العامة، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه باعتبار أرض النزاع من الآثار بقوله "ولما كان واقع الحال أن قرار الإضافة رقم 359 لسنة 1910 المقدم أصله إلى المحكمة صادراً من مراقب أملاك الميري في 24/ 3/ 1910 بالاستناد إلى قرار من ناظر المالية، وهو صاحب الولاية للتصرف في أملاك الدولة الخاصة وواضح أنه يعد تنفيذ القرار أعيد إلى نظارة المالية (مراقبة أملاك الميري الحرة) بتاريخ 31/ 12/ 1910 فتأشر بذيله بتاريخ 9/ 4/ 1910 بأن (النمر والأحواض المتدرجة بعاليه واردة بسجل نمرة 21 بخانة المنافع العمومية) وهو ما يفيد تمام المراجعة والتحقيق من أن التنفيذ جاء مطابقاً لسجلات (النظارة الخاصة بأملاك الدولة العامة) وكل هذا يكفي المحكمة للاطمئنان إلى أن ذلك القرار الإداري صدر موافقاً للقواعد القانونية التي كانت قائمة وقت صدوره طالما لم يقدم إليها ثمة دليل على العكس.." ولئن كانت الفقرة العاشرة من المادة التاسعة من القانون المدني السابق - المنطبق على واقعة الدعوى - نصت على "أن الآثار العمومية وكافة ما يكون مملوكاً للحكومة من مصنوعات الفنون أو الأشياء التاريخية يكون معتبراً بذاته من المنافع العامة". كما ذكرت الفقرة الحادية عشرة منها أن المال الثابت أو المنقول إذا تخصص بالفعل للمنفعة العامة كان عاماً أيضاً، إلا أنه لما كانت المادة السادسة من قانون الآثار رقم 14 الصادر في 12 يونيه سنة 1912 تنص على أن "أراضي الحكومة المقررة أو التي سيتقرر أنها أثرية تعد جميعاً من أملاك الحكومة العامة." وكان هذا النص واضح الدلالة على أن الأرض لا تعتبر أثرية إلا إذا تقرر ذلك من قبل الحكومة، أي صدر به قرار من مجلس الوزراء أو على الأقل من قبل وزير الأشغال المكلف بتنفيذ هذا القانون فيما يخصه بمقتضى المادة الثانية والعشرين منه، فإن كل ورقة أو مخاطبة إدارية ليست قراراً من هذا القبيل لا يمكن - في علاقة الحكومة بالجمهور - أن تعتبر مغيرة لوصف الأرض ومخرجه لها من ملك الحكومة الخاص إلى ملكيتها العامة، ومن ثم لا يكفي لاعتبار الأرض أثرية - غير ممكن اكتسابها بوضع اليد بمضي المدة - مجرد صدور قرار من مراقبة الأملاك باعتبارها كذلك ولا وصفها بأنها أثرية في قوائم المساحة والتحديد. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استمد من مجرد صدور قرار مراقبة الأملاك الميري رقم 359 لسنة 1910 بإضافة أرض النزاع إلى الملكية العامة باعتبارها من الآثار دليلاً على صدور قرار بذلك من الوزير المختص، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.