مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد المدنية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع - صـ 601

جلسة 29 مارس سنة 1945

برياسة سعادة محمد زكي علي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك وأحمد علي علوبة بك المستشارين.

(228)
القضية رقم 134 سنة 14 القضائية

أ - قوة الشيء المحكوم فيه. دعوى من المشتري على البائع بطلب تثبيت ملكيته للعين المبيعة وتسليمها إليه بما عليها من بناء. الحكم له بطلباته. إقامة الحكم على أن البائع الذي يمتنع عن تسليم العقار المبيع ويبني فيه قبل تسجيل عقد البيع مع مطالبة المشتري له بنقل الملكية يعتبر كالباني في ملك الغير ولا يحق له حبس البناء لاستيفاء مصاريفه. رفع البائع على المشتري دعوى بطلب تكاليف البناء. القضاء له بذلك. إقامته على أن البائع إذ بنى كان حسن النية. مخالفة هذا الحكم للحكم السابق الحائز قوة الشيء المقضى به.
(المادة 65 مدني)
ب - بناء في ملك الغير. الفقرة الرابعة من المادة 65 مدني. مجال تطبيقها. في حالة رفع يد الباني بحكم يقرر حسن نيته. لا تطبق إذا كان رفع يده بحكم قرر أنه سيئ النية.
جـ - دعوى بطلب ريع المبيع. القضاء للمدعي بفوائد الثمن المدفوع منه لوجود نزاع حول مدة الريع ومقداره. لا يجوز. يجب إصدار الحكم في النزاع المطروح.
1 - إذا رفع المشتري دعواه على البائع بطلب تثبيت ملكيته للعين المبيعة وتسليمها إليه بما عليها من مبان وقضت له المحكمة بطلباته وأقامت قضاءها بذلك على أن البائع الذي يمتنع عن تسليم العقار المبيع ويبني فيه قبل تسجيل عقد البيع مع مطالبة المشتري له بنقل الملكية يعتبر كالباني في ملك غيره ولا يحق له، لسوء نيته، حبس البناء لاستيفاء مصاريفه، ثم رفع البائع على المشتري دعواه بطلب قيمة تكاليف البناء كاملة فقضت له المحكمة بطلبه وأقامت قضاءها بذلك على أن البائع إذ بنى قبل تسجيل عقد البيع كان حسن النية في هذا البناء لاعتقاده أنه يبني في أرض مملوكة له وأن هذا الاعتقاد يرفع عنه سوء النية الخاص الذي يشترطه القانون لتطبيق الفقرتين الأولى والثالثة من المادة 65 من القانون المدني، فإن هذا الحكم يقع مخالفاً للحكم السابق الحائز قوة الشيء المقضى به.
2 - إن تطبيق الفقرة الرابعة من المادة 65 من القانون المدني إنما يكون في حالة رفع يد الباني عن الأرض التي بنى فيها على زعم أنها ملكه بحكم يقرر حسن نيته، ولكنها لا تطبق إذا كان رفع يده بحكم قرر أنه حين بنى كان سيئ النية.
3 - إذا كانت المحكمة قد عدلت عن الفصل في طلب الريع المرفوعة به الدعوى إلى القضاء للمدعي بفوائد الثمن المدفوع منه متعللة لذلك بوجود نزاع حول مدة الريع وقيمته فإنها تكون قد أخطأت، إذ أن واجب القاضي هو أن يصدر حكمه في النزاع المطروح أمامه لا أن يستبدل به غيره من تلقاء نفسه.


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن في أنه بموجب عقد ابتدائي مؤرخ في 4 من مارس سنة 1925 باع نسيم فهمي أفندي مورث المطعون ضدهم إلى شاكر حنا أفندي الطاعن قطعة أرض مساحتها 219.45 متراً مربعاً وما عليها من بناء منزلين رقمي 59 و61 بشارع القبيسي قسم الأزبكية بمدينة القاهرة بثمن قدره 812 جنيهاً دفع منه يومئذ 112 جنيهاً وتعهد بدفع الباقي عند إمضاء العقد النهائي في خلال ستة أشهر من تاريخ العقد الابتدائي الذي نص فيه على أنه في حالة تأخير المشتري عن دفع باقي الثمن في المدة المذكورة يصبح مبلغ الـ 112 جنيهاً حقاً للبائع وكذلك إن تأخر البائع عن توقيع العقد النهائي كان ملزماً بأن يدفع إلى المشتري مبلغ 112 جنيهاً تعويضاً مع نفاذ البيع. وفي 23 من يوليو سنة 1925 أرسل البائع إلى المشتري كتاباً قال فيه إنه مسافر إلى الإسكندرية لقضاء إجازة مرضية، وإنه قد وكل محامياً سماه له للاتفاق معه على ما يلزم. وفي 5 من سبتمبر سنة 1925 كتب المحامي إلى المشتري يذكره بكتاب البائع وبأن يوم 5 من سبتمبر سنة 1925 هو آخر يوم لدفع باقي الثمن وتحرير العقد النهائي، وأنه كان منتظراً منه الاتصال به لهذا الغرض، ولما كان لم يصله حتى تاريخه أي خبر فقد انتهى الميعاد المفروض وهو يخبره بذلك ليكون على علم بما يترتب على هذا التأخير من النتائج والمسئوليات المنصوص عليها في العقد الابتدائي. وكان المشتري في 25 من أغسطس سنة 1925 قد وجه إلى البائع إنذاراً بأنه بالرغم من المطالبة الودية المتكررة بتحرير العقد النهائي وتسليم الثمن كان البائع يراوغه من وقت إلى آخر ليتوصل إلى فسخ البيع، ولذلك فإنه يكلفه بالحضور بقلم كتاب محكمة الأزبكية الأهلية يوم 30 من أغسطس سنة 1925 لتوقيع العقد النهائي وقبض باقي الثمن وإلا فإنه يودعه على ذمته ويكون هو (البائع) ملزماً بدفع 112 جنيهاً قيمة التعويض المذكور في العقد ويكون المشتري مالكاً للعين المبيعة. وفي 30 من أغسطس سنة 1925 أثبت المشتري عدم حضور البائع إلى قلم كتاب المحكمة. وفي 5 من سبتمبر سنة 1925 أودع المشتري باقي الثمن خزينة المحكمة ووجه إنذاراً بذلك إلى البائع. وفي 12 من سبتمبر سنة 1925 أنذر المشتري البائع بأنه وقد أصبح مالكاً للعين المبيعة فله الاستيلاء على إجارتها ولذا فهو يكلف البائع بالكف عن قبضها، وقد أبلغ المستأجرين ذلك. وقد أعلنت تلك الإنذارات إلى المحافظة لسفر البائع إلى الإسكندرية وغلق محله، دون أن يتصل المشتري بالمحامي وكيل البائع.
وفي 21 من سبتمبر سنة 1925 كتب محامي البائع إلى المشتري بأنه قد تسلم إنذاره لموكله الذي يقول فيه بمنعه من الاستيلاء على إجارة العين المبيعة لأنه (المشتري) أصبح مالكاً لها وصاحب الحق في قبض أجرتها، وإنه أبلغ المستأجرين ذلك، فهو (المحامي) يلفته إلى قانون التسجيل الذي يجعل الملكية لا تنتقل إلا بالتسجيل، ويحمله مسئولية امتناع المستأجرين عن دفع الأجرة إلى موكله حتى يسجل عقد البيع النهائي إذا تم الاتفاق على تحريره. وفي 26 من أكتوبر سنة 1925 وجه البائع إلى المشتري إنذاراً بأنه بالرغم من كتابي البائع ووكيله المؤرخين في 23 من يوليو سنة 1925 و5 من سبتمبر سنة 1925 قد انتهز المشتري فرصة غيابه ووجه إليه الإنذارات المذكورة وأعلنها إليه في المحافظة مما يدل على سوء نيته. لأنه يريد أن يدخل في المبيع قطعة مملوكة لوالد البائع، ولذا فهو يعلنه باستعداده لإمضاء العقد النهائي على شرط إخراج تلك القطعة من المبيع ويكلفه بتعيين يوم الإمضاء ودفع الثمن وإلا فيعتبر المشتري ناكلاً عن البيع ويصير التعويض المشروط في العقد الابتدائي مستحقاً عليه مع اعتبار العقد المذكور لاغياً.
فرفع المشتري على البائع الدعوى رقم 470 سنة 1926 أمام محكمة الأزبكية الجزئية طالباً وضع العين المبيعة تحت الحراسة، وحكم في 6 من ديسمبر سنة 1925 برفضها. وفي 13 من مايو سنة 1926 رفع المشتري على البائع الدعوى رقم 787 سنة 1926 كلي أمام محكمة مصر الابتدائية طلب فيها الحكم له بتثبيت ملكيته إلى العقار المبيع بالعقد الصادر في 4 من مارس سنة 1925 ثم عدل طلباته إلى الحكم بصحة التوقيع. وفي أثناء سير هذه الدعوى عاينت مصلحة التنظيم المنزلين المبيعين فوجدت بهما خللاً فأمرت بصلبهما وتنكيسهما أو هدم الدورين العلويين منهما في ظرف 20 يوماً - فقام البائع بهدم المنزلين في مارس سنة 1926 وأقام على أرضهما عمارة جديدة تم بناؤها في آخر سنة 1927. وفي أغسطس سنة 1926 رفع المشتري أمام محكمة الأزبكية أيضاً الدعوى رقم 3043 سنة 1926 طالباً إيقاف هدم المنزلين فرفضت، فرفع دعوى إثبات حالة قيدت برقم 179 سنة 1927 أزبكية وقضى فيها بتعيين خبير.
وفي 4 من يوليو سنة 1927 حكم في الدعوى رقم 787 سنة 1926 كلي مصر بصحة التوقيع على عقد البيع المؤرخ في 4 من مارس سنة 1925 وأعلن الحكم إلى البائع في 18 من يوليو سنة 1927. فاستأنفه ولكنه لم يقيد الاستئناف فأصبح الحكم نهائياً. فقام المشتري بتسجيله مع العقد في 23 من يوليو سنة 1927. ثم رفع الدعوى رقم 622 سنة 1928 كلي لدى محكمة مصر الابتدائية على البائع يطالبه فيها بتسليمه العين المبيعة بناءً على حكم صحة التوقيع فقضى فيها ابتدائياً واستئنافياً بالإيقاف حتى يفصل نهائياً في الملكية بناءً على أن الحكم بصحة التوقيع لم يبحث في صحة ونفاذ العقد، وأن البائع يدعي أن المشتري لم يقم بالتزاماته.
وفي 15 من مايو سنة 1929 رفع المشتري أمام محكمة مصر الابتدائية الدعوى رقم 1230 سنة 1929 على البائع طالباً: أولاً - ثبوت قيامه بالتزاماته الواردة في عقد البيع المؤرخ في 4 من مارس سنة 1925 وثبوت ملكيته للعقار المبين به مع مشتملاته وملحقاته وكف منازعة البائع له فيه وإلزامه بتسليمه إليه. وثانياً - إلزام البائع بدفع 112 جنيهاً تعويضاً. وثالثاً - إلزامه بالريع على أساس 850 قرشاً في الشهر ابتداءً من أول سبتمبر سنة 1925 حتى التسليم. وفي 25 من يناير سنة 1931 حكم بتثبيت ملكية المشتري لقطعة الأرض المبيعة دون البناء القائم عليها وبإلزام البائع بمبلغ 112 جنيهاً تعويضاً للمشتري و200 قرش مقابل أتعاب محاماة مع حفظ الحق للمشتري في مقاضاة البائع بدعوى على حدة فيما يختص بالبناء الجديد والريع. وفي 19 من مارس سنة 1931 رفع المشتري استئنافاً عن هذا الحكم لدى محكمة استئناف مصر قيد برقم 554 سنة 48 قضائية طالباً تعديله والحكم له بطلباته المبينة بصحيفة دعواه بما فيها ما اشتمل عليه العقار من البناء الجديد والريع والتسليم، واستأنفه البائع كذلك وقيد استئنافه برقم 756 سنة 48 القضائية طالباً إلغاءه ورفض دعوى المشتري. وفي 23 من فبراير سنة 1932 قضت محكمة استئناف مصر بتعديل الحكم المستأنف وبتثبيت ملكية شاكر حنا أفندي المشتري إلى المنزل المبين الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى أرضاً وبناءً وكف منازعة نسيم أفندي فهمي له فيه وإلزامه بتسليمه إليه وبعدم قبول دعوى شاكر أفندي حنا عن مبلغ 112 جنيهاً قيمة التعويض وبحفظ الحق له في مطالبة نسيم أفندي فهمي بالريع المطلوب بدعوى على حدة وألزمت نسيم أفندي فهمي بجميع المصاريف عن الدرجتين و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. وفي 21 من يونيه سنة 1932 طعن البائع بطريق النقض في هذا الحكم وقيد طعنه برقم 56 سنة 2 قضائية وفي 8 من ديسمبر سنة 1932 قضى برفض الطعن.
وفي 2 من يونيه سنة 1932 نفذ المشتري حكم محكمة الاستئناف ذلك وتسلم العقار المحكوم له به. فرفع البائع الدعوى رقم 1832 سنة 1932 كلي لدى محكمة مصر الابتدائية على المشتري طالباً الحكم بعدم جواز تنفيذ الحكم المذكور وبحبس العين تحت يده هو إلى أن يستوفي كامل قيمة البناء الجديد. ثم رفع عليه الدعوى رقم 2242 سنة 1932 كلي مصر طلب فيها رد العقار إليه وحبسه تحت يده إلى أن ينتهي النزاع القائم بينهما في جميع أدواره. ولكنه في جلسة 17 من نوفمبر سنة 1935 ترك المرافعة في الدعويين المذكورتين.
وفي 20 من يوليو سنة 1932 رفع شاكر حنا على نسيم فهمي الدعوى رقم 2195 سنة 1932 كلي أمام محكمة مصر الابتدائية قال في صحيفتها إن محكمة استئناف مصر بحكمها الصادر في 23 من فبراير سنة 1932 أثبتت له حق المطالبة بالريع ابتداءً من التاريخ الذي يجب إتمام البيع فيه وهو 4 من مارس سنة 1925 وهو قد تسلم المنزل في 2 من يونيه سنة 1932، ولما كان الريع أثناء هذه المدة يبلغ 688 جنيهاً و500 مليم فإنه يطلب الحكم بإلزام نسيم أفندي فهمي بدفع المبلغ المذكور مع الفوائد من تاريخ المطالبة الرسمية السابقة الحاصلة في 15 من مايو سنة 1929 والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وبجلسة التحضير المنعقدة في 3 من يناير سنة 1933 رفع نسيم فهمي دعوى فرعية على شاكر حنا طلب فيها الحكم عليه بدفع مبلغ 2303 جنيه و400 مليم قيمة تكاليف البناء الذي تسلمه مع إلزامه بفوائد هذا المبلغ من أول يناير سنة 1928 حتى الوفاء. وفي 21 من ديسمبر سنة 1933 قضت المحكمة بندب خبير لبيان تكاليف العمارة الجديدة ومقدار ريعها لغاية التسليم الحاصل في 2 من يونيه سنة 1932 ولتقدير ريع المباني القديمة قبل هدمها ابتداءً من سبتمبر سنة 1925 لغاية الهدم وتقدير قيمة الأرض خالية من كل بناء وتقدير قيمة العمارة الجديدة مستحقة الهدم، وقد باشر الخبير مأموريته وقدم تقريره. وفي 5 من يناير سنة 1936 حكمت المحكمة في الدعويين الأصلية والفرعية بإلزام شاكر أفندي حنا بأن يدفع لنسيم أفندي فهمي مبلغ 294 ج و560 م والمصاريف المناسبة وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.
وفي 11 من فبراير سنة 1936 رفع نسيم أفندي فهمي استئنافاً عن هذا الحكم لدى محكمة استئناف مصر طالباً تعديله وإلزام شاكر أفندي حنا بأن يدفع إليه مبلغ 2403 جنيه و400 مليم مع فوائده بسعر 5% من أول يناير سنة 1928 وبمصاريف الدرجتين. وبجلسة 4 من مايو سنة 1936 رفع شاكر أفندي حنا استئنافاً فرعياً قيد برقم 655 سنة 53 القضائية طالباً إلزام نسيم أفندي فهمي بأن يدفع له مبلغ 688 جنيهاً و500 مليم مع فوائده من 15 من مايو سنة 1929 إلى الوفاء وإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به لنسيم أفندي فهمي. وفي 31 من مايو سنة 1944 قضت محكمة الاستئناف في الاستئنافين بتعديل الحكم المستأنف وإلزام شاكر أفندي حنا بأن يدفع إلى نسيم أفندي فهمي مبلغ 3078 جنيهاً و523 مليماً مع فوائده بسعر 5% من 2 يونيه سنة 1932 حتى الوفاء مع المصاريف المناسبة عن الدرجتين.
أعلن ذلك الحكم إلى الطاعن في 31 من يوليو سنة 1944 فطعن فيه بطريق النقض إلخ إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه فيما قضى به سواء في دعوى مورث المطعون ضدهم بما هو مستحق له على الطاعن مقابل تملكه المنزل الجديد أو في دعوى الطاعن بالريع المستحق له على المورث المذكور.
وحيث إنه عن الدعوى الأولى فإن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أقيم على أن مورث المطعون ضدهم إذ بنى المنزل الجديد كان يبني بحسن نية في أرض يعتقد أنها ملكه وذلك على خلاف الحكم السابق صدوره بين طرفي الخصومة في 23 من فبراير سنة 1932 الحائز قوة الشيء المقضى به.
وحيث إن المحكمة بعد أن ذكرت أن موضوع النزاع يدور حول مقدار المبلغ المستحق لمورث المطعون ضدهم على الطاعن مقابل تملكه المنزل الجديد الذي بلغت تكاليفه 2372 ج و872 م حسب تقدير الخبير، فيقول البائع إنه حين بناه كان يبني في ملكه فيستحق عنه أقل القيمتين من تكاليفه والزيادة في قيمة الأرض بسببه طبقاً لحكم الفقرة الرابعة من المادة 65 من القانون المدني ولقاعدة عدم جواز الإثراء على حساب الغير، ويقول المشتري إن البائع بنى في غير ملكه وبسوء نية فلا يستحق إلا مبلغ 340 ج و600 م قيمة البناء مستحق الهدم طبقاً للفقرتين الأولى والثالثة من المادة المذكورة - بعد أن ذكرت المحكمة ذلك أخذت في بحث حكم بناء البائع في الأرض المبيعة قبل تسجيل عقد البيع وخلصت إلى القول بأن مورث المطعون ضدهم إذ بنى المنزل الجديد كان حسن النية في هذا البناء لأنه كان يبني في أرض معتقداً أنها ملكه وكان اعتقاده مطابقاً للواقع، وهذا الاعتقاد يرفع عنه سوء النية الخاص الذي يشترطه القانون لتطبيق الفقرتين الأولى والثالثة من المادة 65. ثم قالت إن ذلك لا يخالف ما أثبته الحكم الصادر في 23 من فبراير سنة 1932 من سوء نيته وقت البناء لأن هذا كان في معرض نفي حقه في حبس المنزل الجديد تحت يده حتى يستوفي مصاريفه لا في معرض كونه بنى في ملك نفسه أو في ملك غيره بسوء نية لأن النزاع في هذا الخصوص لم يكن مطروحاً على المحكمة، ورتبت المحكمة على ذلك أن الطاعن وقد اختار بناء المنزل الجديد يكون ملزماً بأقل القيمتين من تكاليف البناء والزيادة التي حصلت في الأرض بسببه وأصدرت قضاءها على هذا الأساس. والمستفاد من كل ذلك الذي جاء بالحكم أنه أخذ بدفاع مورث المطعون ضدهم وطبق الفقرة الرابعة من المادة 65 على واقعة الدعوى.
وحيث إن الحكم الصادر بين الخصوم أنفسهم في 23 من فبراير سنة 1932 بتثبيت ملكية الطاعن للمنزل الجديد أرضاً وبناءً وبتسليمه إليه قد أقام قضاءه بتثبيت الملكية على قواعد القانون المدني المقررة في شأن إضافة الملحقات إلى الملك، وعلى أن البائع الذي يمتنع عن تسليم العقار المبيع ويبني فيه قبل تسجيل عقد البيع مع مطالبة المشتري له بنقل الملكية يعتبر كأنه قد بنى في غير ملكه. وعلى هذا الأساس اعتبر أن مورث المطعون ضدهم كالباني في غير ملكه. وأقام قضاءه برفع يد المورث المذكور عن المنزل وبتسليمه إلى الطاعن على أنه لا حق له في حبسه تحت يده لاستيفاء مصاريف البناء لأنه لم يكن حسن النية وقت أن شاده فلا محل للحبس مع سوء النية.
وحيث إنه يبين مما تقدم أن الحكم المطعون فيه بتقريره أن مورث المطعون ضدهم كان يبني بحسن نية في أرض يعتقد بحق أنها ملكه قد خالف ذلك الحكم السابق الحائز قوة الشيء المقضى به الذي اعتبره بانياً في غير ملكه بسوء نية. وقد كان هذا، خلافاً لما يزعمه الحكم المطعون فيه، في معرض الفصل في النزاع القائم بين الخصوم حول حكم بناء المنزل الجديد ومن هو صاحب الحق في ملكيته وحول رفع يد الباني عنه وتسليمه إلى الطاعن المقضى له بالملكية. ثم إن الحكم المطعون فيه قد أخطأ بتطبيق الفقرة الرابعة من المادة 65 والقضاء بموجبها باستحقاق مورث المطعون ضدهم لأقل القيمتين، لأن تطبيقها إنما يكون في حالة رفع يد الباني عن الأرض التي بنى فيها على زعم أنها ملكه بحكم يقرر حسن نيته، وتلك ليست حالة الدعوى. فالحكم الصادر في 23 من فبراير سنة 1932 برفع يد مورث المطعون ضدهم عن أرض وبناء المنزل الجديد قرر أنه حين بناه كان سيئ النية.
وحيث إنه عن الدعوى الأخرى فإن المحكمة إذ تعرضت إلى طلب الريع قالت: "أما فيما يتعلق بالريع الذي يطالب به شاكر أفندي حنا فإن المنزلين القديمين المقامين على الأرض تبين من تقرير الخبير أن أحدهما وهو رقم 61 لم يكن يدر ريعاً في النصف الأخير من سنة 1925 وأن المنزل رقم 65 كان يدر ريعاً في نصف سنة 1925 قيمته 14 جنيهاً يستنزل منها نصف عوائد سنة 1925 وقدرها 1 جنيه و750 مليماً وكان وراءه خرابة محكرة بأجرة شهرية أربعين قرشاً حتى آخر سنة 1927 وقيمتها 32 جنيهاً و40 مليماً وأن هذا الريع هو عن مدة من الزمن ولا يوازي فوائد الثمن، ومع النزاع الذي يثيره المشتري حول مدة هذا الريع وقيمته ترى المحكمة الحكم له بفوائد الثمن من تاريخ إيداعه في 5 من سبتمبر سنة 1925 إلى حين التسليم في 2 من يونيه سنة 1932 لمدة سبع سنوات وثلاثة أشهر وقدره 294 جنيهاً و350 مليماً.
وهذا الذي قالته المحكمة يفيد أنها عدلت عن الفصل في طلب الريع المرفوعة به دعوى الطاعن ثم قضت له بفوائد الثمن المدفوع منه وعللت ذلك بوجود نزاع حول مدة الريع وقيمته. ولما كانت هذه العلة لا يمكن أن تبرر ما فعلته المحكمة فإن واجب القاضي هو إصدار حكمه في النزاع المطروح أمامه لاستبدال غيره به من تلقاء نفسه، فإن المحكمة بما فعلت تكون قد خالفت القانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم بلا حاجة بعد إلى الخوض في باقي أوجه الطعن.