مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد المدنية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع - صـ 610

جلسة 29 مارس سنة 1945

برياسة سعادة محمد زكي علي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك وأحمد علي علوبة بك المستشارين.

(229)
القضية رقم 136 سنة 14 القضائية

دعوى منع تعرض. المستأجر لا يملك رفعها. دفعها بأن وضع اليد لم يكن بنية التملك. قبول الدعوى. يجب على المحكمة في هذه الصورة أن تثبت توافر الأركان القانونية لدعوى منع التعرض وأن تورد الدليل على حصول التغيير فعلاً في سبب وضع يد المدعي.
(المواد 26 وما بعدها مرافعات و76 مدني)
المستأجر لا يملك أن يرفع دعوى منع التعرض. فإذا دفعت هذه الدعوى بأن رافعها لم يضع يده على الأرض موضوع النزاع بنية التملك لأنه لم يكن إلا مستأجراً، ورأت المحكمة قبول الدعوى، وجب عليها أن تثبت توافر الأركان القانونية لدعوى منع التعرض وأن تورد الدليل على حصول التغيير فعلاً في سبب وضع يد المدعي، فإن هي اكتفت بقولها إن التغيير في سبب وضع اليد غير محظور قانوناً على المستأجر فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون.


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن في أن المطعون ضده رفع على الطاعنين وآخرين في 14 من فبراير سنة 1943 الدعوى رقم 1201 سنة 1943 لدى محكمة ببا الجزئية وقال في صحيفتها إن من ضمن الأطيان المملوكة له بعقود وبوضع اليد المدة الطويلة 1 ف و18 ط على قطعتين مساحة كل منهما 21 ط وقد زرع الأطيان المذكورة برسيماً وبعد أن أخذ "الرعية" الأولى منه تعرض له المدعى عليهم فيها وتركوا مواشيهم ترعى البرسيم في إحدى القطعتين ومنعوه من مباشرة القطعة الأخرى معتمدين على سلطتهم المادية والأدبية حتى أن المعلن إليه الرابع وهو العمدة سخر شيخ الخفراء والخفراء في التعرض والاستيلاء على زراعة البرسيم، وطلب الحكم له عليهم بإعادة وضع يده على الـ 1 ف و18 ط المذكورة المبينة الحدود بصحيفة الدعوى وتسليمها إليه ومنع تعرضهم له فيها مع إلزامهم بالمصاريف والأتعاب.
وفي 2 من مارس سنة 1943 حكمت المحكمة تمهيدياً بإحالة الدعوى إلى التحقيق وذكرت في حكمها أن المدعى عليهما الأول والثالث (الطاعنين الأول والثالث) دفعا الدعوى بمقولة إن المدعى عليه الرابع (أبا المطعون ضده) استأجر منها الأرض موضوع النزاع وإنه هو الزارع للبرسيم دون ابنه، وطلبا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات دعواهما ورأت المحكمة إجابتهما إلى هذا الطلب على أن يكون للمدعي والمدعى عليه الرابع النفي. وبعد إجراء التحقيق قضت المحكمة في 8 من يونيه سنة 1943 بإعادة وضع يد المطعون ضده على الـ 1 ف 18 ط وتسليمها إليه ومنع تعرض المدعى عليهم له فيها مع إلزام الطاعنين بالمصاريف و300 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
وفي 18 من يوليو سنة 1943 استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة بني سويف الابتدائية وطلبوا إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون ضده بكامل أجزائها مع إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وفي 12 من يونيه سنة 1944 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف وإلزام الطاعنين بالمصاريف و100 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
أعلن الحكم الاستئنافي المذكور إلى الطاعنين في 2 من أغسطس سنة 1944 فقرروا الطعن فيه بطريق النقض في 31 من ذلك الشهر بتقرير أعلن إلى المطعون ضده إلخ إلخ.


المحكمة

وحيث إن حاصل سبب الطعن أن دعوى المطعون ضده جاءت خليطاً من دعوى منع التعرض ودعوى استرداد الحيازة، وكانت طلباته داخلة في الدعويين معاً، والمحكمة إذ قضت له بتلك الطلبات جارته في هذا الخلط ولم تكيف دعوى اليد التي أصدرت فيها قضاءها التكييف القانوني الصحيح، لأنها لو كانت اعتبرتها دعوى منع تعرض لبينت توافر الشروط التي يتطلبها القانون لوضع اليد المصحوب بنية الملك، ولو كانت رأت أنها دعوى استرداد حيازة لتثبتت من أن سلب الحيازة كان بالقوة أو الإكراه، وأن صاحب اليد قام برفع أمره إلى القضاء في الميعاد القانوني. ولكنها قالت قولاً مبهماً مبنياً على مجرد إمكان وجود نية التملك عند المطعون ضده دون إثبات وجودها بالفعل، فتكون قد أخطأت في تطبيق القانون.
وحيث إن المستفاد مما جاء بأسباب الحكم المطعون فيه أن المحكمة الاستئنافية قد اعتبرت الدعوى دعوى منع تعرض، وعلى هذا الاعتبار أوردت دفاع الطاعنين وردها عليه، فقالت إنهم تمسكوا بأن وضع يد المطعون ضده على الأرض موضوع النزاع لم يكن مصحوباً بنية التملك لأنه كان مستأجراً، وفي ردها على ذلك قالت بأن القانون لا يمنع المستأجر من تغيير نيته ووضع يده بنية التملك.
وحيث إنه لما كان المستأجر لا يملك رفع دعوى منع التعرض فكان الواجب على المحكمة - وقد دفع أمامها بذلك ورأت هي قبول الدعوى على اعتبار أنها دعوى منع تعرض خلافاً لمحكمة أول درجة التي كانت اعتبرتها دعوى استرداد حيازة - كان الواجب عليها أن تثبت توافر الأركان القانونية لدعوى منع التعرض، وأن ترد على دفاع الطاعنين بإيراد الدليل على حصول التغيير فعلاً في سبب وضع يد المطعون ضده، أما وهي لم تفعل شيئاً من ذلك واكتفت بالقول بأن التغيير في سبب وضع اليد غير محظور قانوناً على المستأجر فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون.