مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد المدنية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع - صـ 680

جلسة 17 مايو سنة 1945

برياسة سعادة محمد زكي علي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل مرسي بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك وأحمد علي علوبة بك المستشارين.

(253)
القضية رقم 91 و96 سنة 14 القضائية

أ - عقد. تكييفه بأنه قرض لا شركة. الأسباب التي اعتمدت عليها المحكمة في ذلك. مؤدية إلى ما انتهت إليه. لا معقب عليها في ذلك.
ب - قرض. زيادة الفائدة على الحد القانوني. حظر ذلك من النظام العام. هو وارد على كل الديون. نية المدين في عدم استرداد الزائد على الفائدة. لا تأثير لها في الأمر.
جـ - رد ما أخذ بغير حق. يتناول الفائدة المدفوعة زيادة على القدر الجائز الاتفاق عليه. الزيادة تكون ديناً لمن دفعها على من قبضها يستحق أداؤه يوم قبضه وتحصل به المقاصة يومئذ. (المادة 145 مدني)
1 - إذا قضت المحكمة بأن المحرر المتنازع على تكييفه عقد قرض لا شركة، مقيمة ذلك على أن عبارة المحرر تفيد القرض لا الشركة، وأن من يدعي أنه شركة قد كرر هو نفسه وصفه في صحيفة افتتاح الدعوى بأنه قرض وأكد هذا الوصف في دفاعه أمام المحكمة الابتدائية وتمسك في صحيفة استئنافه أيضاً بالدفاع الذي أبداه أمام المحكمة الابتدائية القائم على أنه قرض، هذا فضلاً عن أن القرائن التي استند إليها فيما بعد قد فندتها المحكمة، فإن هذه الأسباب التي أقامت عليها حكمها تبرر قانوناً التكييف الذي كيفت به المحرر المتنازع عليه، ولا يكون ثمة محل للقول بمخالفة هذا الحكم للقانون [(1)].
2 - إن الشارع قد حرم زيادة فائدة الديون على حد أقصى معلوم ونص على تخفيضها إليه وحرم على الدائن قبض الزيادة وألزمه برد ما قبضه منها. ولما كان هذا التحريم مطلقاً لا استثناء فيه، وهو من النظام العام، فإنه يكون وارداً على الزيادة في فائدة الديون جميعاً بلا تفرقة بينها، سواء منها الديون ذات الفائدة المحققة والديون ذات الفائدة المحتملة. وإذ كان الاتفاق على مثل هذه الفوائد باطلاً بطلاناً مطلقاً لا تلحقه الإجازة بحال، وكان لمن دفع تلك الفوائد حق استرداد الزائد منها على الحد القانوني، فإن تعرض المحكمة لنية المتعاقدين وقولها إن المدين لم يكن ينوي استرداد المدفوع منه زائداً على الفائدة القانونية يكون من الخطأ، لأن هذه النية، لو صح وجودها، لا يمكن أن يكون لها تأثير في الاسترداد المقرر بحكم القانون.
3 - إن القانون المدني إذ نص في المادة 145 على أن من أخذ شيئاً بغير استحقاق وجب عليه رده، وهذا نص عام يشمل كل مبلغ مدفوع لغير مستحقه فيدخل تحته المدفوع زائداً على الفائدة الجائز الاتفاق عليها، وإذ نص في المادة 146 على إلزام الآخذ بفوائد ما أخذ إذا أخذه مع علمه بعدم استحقاقه إياه - إذ نص على هذا وذاك فإنه يكون قد أوجب على الآخذ أن يرد ما أخذه في الحال، وأن يكون المبلغ المدفوع زائداً على الفائدة القانونية ديناً لمن دفعه على من قبضه مستحق الأداء يوم قبضه، ومن ثم تحصل به المقاصة يومئذ بحكم القانون طبقاً للمادة 194 من القانون المدني.


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن في أنه في 18 من فبراير سنة 1943 رفع صمويل جيد تادرس أفندي على الخواجة سند ميخائيل مقار وأربعة آخرين من مديري البنوك بالقاهرة الدعوى رقم 1396 سنة 1943 كلي أمام محكمة مصر الابتدائية قال في صحيفتها إنه في أول مارس سنة 1926 أقرض الخواجة سند ميخائيل 1300 ج بفائدة 7% وضم مبلغ فوايد السنة إلى الأصل وحرر بالجميع سند لأمر صمويل أفندي بمبلغ 1391 ج مستحق الدفع في أول مارس سنة 1927، وأنه في 17 من يونيه سنة 1926 سمح باستعمال اسمه بلا مقابل على محلين للخواجة سند لتجارة الغلال بساحلي روض الفرج وأثر النبى. وأنه بعد ذلك طلب منه الخواجة سند أن يقرضه مبلغاً آخر على ذمة أعماله التجارية فأقرضه مبلغ 1500 ج حرر به سند في 29 من يونيه سنة 1931 نص فيه على أن يكون لصمويل أفندي حصة في الأرباح قدرها 300 ج سنوياً. وقد قام الخواجة سند بدفع الفوائد المستحقة عليه عن السنة الأولى لغاية مارس سنة 1942وبدفع حصة الأرباح المستحقة عليه عن السند الآخر لغاية يونيه سنة 1942 ومن بعد ذلك لم يدفع إلا مبلغ 50 ج. ولذلك فهو يطلب الحكم أولاً بإلزام الخواجة سند بأن يدفع إليه (1) مبلغ 1391 ج وفوائده بسعر 7% سنوياً اعتباراً من أول مارس سنة 1942 للوفاء. (2) مبلغ 1500 ج وفوائده 6% اعتباراً من يوم رفع الدعوى إلى الوفاء. (3) مبلغ 150 ج قيمة الأرباح المستحقة لغاية يناير سنة 1943 مع فوائده 6% اعتباراً من يوم رفع الدعوى إلى الوفاء. ثانياً - تثبيت الحجز التحفظي الموقع تحت يد مديري البنوك المعلنين وجعله نافذاً. ثالثاً - تقرير نهاية العلاقة التي كانت قائمة بينه وبين الخواجة سند اعتباراً من آخر مارس سنة 1943. رابعاً - إلزام الخواجة سند بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة. وفي مذكرته الختامية المؤرخة في 25 من إبريل سنة 1943 أصر على هذه الطلبات مع تعديل فيما يختص بالمبلغ الأول بجعله 1300 ج لا 1391 ج وفيما يختص بفوائده بجعلها 100 ج سنوياً لا 7%.
وفي 20 من مايو سنة 1943 قضت محكمة مصر الابتدائية برفض دعوى المدعي وإلزامه بالمصاريف و300 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
وفي 27 من أكتوبر سنة 1943 استأنف صمويل جيد تادرس أفندي هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر ضد الخواجة سند ومديري البنوك طالباً إلغاء الحكم المستأنف وإلزام المستأنف عليه الأول في مواجهة الآخرين بأن يدفع إليه أولاً مبلغ 1300 ج قيمة السند الإذني المؤرخ في أول مارس سنة 1926 مع فوائده بسعر 5% سنوياً ابتداءً من أول مارس سنة 1942 إلى الوفاء. ثانياً - مبلغ 1500 ج قيمة السند المؤرخ في 29 من يونيه سنة 1931 مع فوائده بسعر 9% من تاريخ المطالبة الرسمية إلى الوفاء. وثالثاً - مبلغ 150 ج مقابل إيجار اسم المستأنف حتى نهاية سنة 1943 مع جميع مصاريف الدعوى عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة عنهما. وبجلسة المرافعة الأخيرة تنازل المستأنف عن الطلب الخاص بمقابل إيجار الاسم، وصمم على ما جاء بمذكرته التي طلب فيها الحكم له بباقي طلباته الواردة بصحيفة الاستئناف ومن باب الاحتياط الكلي طلب الحكم له بمبلغ القرض البالغ 1300 ج وفوائده مع حفظ الحق بالنسبة إلى المبلغ الآخر باعتباره مدفوعاً في الشركة. وطلب المستأنف عليه الأول تأييد الحكم المستأنف.
وفي أول إبريل سنة 1944 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المستأنف عليه الأول سند ميخائيل مقار بأن يدفع للمستأنف صمويل جيد تادرس مبلغ 1109 ج و447 م وفوائده بسعر 7% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 18 من فبراير سنة 1943 حتى الوفاء والمصاريف المناسبة لهذا المبلغ عن الدرجتين إلخ.
وفي 7 من يونيه سنة 1944 أعلن صمويل جيد تادرس أفندي هذا الحكم إلى الخواجة سند ميخائيل مقار الذي قرر في 2 يوليو سنة 1944 الطعن فيه بطريق النقض.
وفي 6 من يوليه سنة 1944 قرر صمويل جيد تادرس أفندي أنه يطعن بطريق النقض ضد الخواجة سند ميخائيل مقار في جزء الحكم المذكور الخاص بوصف ورقة 29 من يونيه سنة 1931 أنها قرض لا شركة وما انبنى على هذا الوصف من اعتبار مبلغ الـ 300 ج فوائد ربوية لا حصة في أرباح شركة وعدم الحكم للطاعن بناءً على ذلك بباقي طلباته إلخ.


المحكمة

وحيث إنه لما كان تكييف الورقة المؤرخة في 29 من يونيه سنة 1931 يؤثر في باقي الطلبات الخاصة بطريق إجراء الحساب بين الطرفين فيتعين البدء بالطعن رقم 96 سنة 14 القضائية الخاص بالتكييف.
وحيث إن هذا الطعن بني على أربعة أسباب.
وحيث إن السببين الأول والثاني يتحصلان في أن الحكم المطعون فيه إذ كيف الورقة المؤرخة في 29 من يونيه سنة 1931 بأنها قرض وأجرى المحاسبة بين الطرفين على هذا الأساس - قد أخطأ في تطبيق القانون لأن هذا الوصف مخالف لمدلول نص الورقة ولقصد الطرفين منها. فقد خلت عبارتها من كلمة قرض أو سلفة أو فوائد أو استحقاق أو رد أو أي التزام على المطعون ضده، بل إن عبارتها تفيد وجود عقد شركة متوافر الأركان القانونية إذ لم يشترط استرداد المبلغ المدفوع لأن قصد الطرفين انصرف إلى اعتباره رأس مال للشركة، وقد نص على أن الحصة المقدرة للطاعن إنما تدفع من أرباح المحل أي أنه عند عدم الربح لا يستحق الطاعن شيئاً ولا يلتزم المطعون ضده بشيء.
وحيث إن نص المحرر المؤرخ في 29 من يونيه سنة 1931 هو "بتاريخه أدناه أنا الموقع على هذا سند ميخائيل مقار وصلني من الخواجة صمويل جيد تادرس مبلغ ألف وخمسمائة جنيه مصري، وهذا المبلغ نظير حصة في أرباح المحل المعروف باسم الخواجة صمويل جيد تادرس بمصر العتيقة ومقدارها ثلثمائة جنيه مصري سنوياً تدفع على ثلاثة أقساط كل أربعة شهور مائة جنيه مصري وذلك من ابتداء أول يونيو سنة 1931. أيضاً الخواجة صمويل جيد تادرس غير مسئول مطلقاً عن أي خسارة أو ضرر أو ترميمات تحصل أم لم تحصل ولا عن أي مصروف من مصاريف المحل المذكور سواء كانت مهيات أو خلافه مطلقاً، وهذا المبلغ بخلاف مبلغ ألف وثلثمائة جنيه مصري المحرر بها كمبيالة باسمنا لإذن حضرته. وتحرر هذا إيصالاً منا بذلك ولاعتماد ما به للمعاملة به عند اللزوم - 29 يونيو سنة 1931 سند ميخائيل مقار، ثم في سطر بعد ذلك وردت العبارة الآتية "يا رب اجعلها مباركة، سند".
وحيث إن المحكمة إذ قضت بأن هذا المحرر عقد قرض لا شركة أقامت ذلك على أن عبارته تفيد القرض لا الشركة، وعلى أن الطاعن نفسه كرر وصفه في صحيفة افتتاح الدعوى بأنه قرض، وعلى أنه أكد هذا الوصف في دفاعه أمام المحكمة الابتدائية فقال إن حقيقة الواقع أنه ليس قرضاً خالصاً بل هو قرض من جهة وعارية اسم الطاعن مقابل أجر من جهة أخرى، وإن مبلغ الثلثمائة جنيه هو عبارة عن فائدة المبلغ القانونية 6% سنوياً والباقي هو أجر عارية الاسم، وعلى أن الطاعن تمسك أيضاً في صحيفة استئنافه بالدفاع الذي أبداه أمام المحكمة الابتدائية القائم على أنه قرض، وأن دفاعه الجديد بأنه شركة إنما أبدي أثناء المرافعة الشفوية وفي مذكرته الختامية. وقد أوردت المحكمة القرائن التي يستند إليها الطاعن في القول بأنه شركة وفندتها بالأسباب التي أوردتها في حكمها.
وحيث إنه لما كانت الأسباب التي أقيم عليها الحكم تبرر قانوناً التكييف الذي كيفت به المحكمة المحرر المذكور فلا محل للقول بمخالفته للقانون.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في أن بالحكم المطعون فيه عيباً في التسبيب من وجهين: الأول - أن المحكمة لم تورد الأدلة التي استخلصت منها اعتبار الورقة قرضاً. والوجه الآخر - أن الطاعن تمسك في مذكرته الختامية أمام محكمة الاستئناف بكثير من الأدلة المثبتة أن المعاملة التي قامت بينه وبين المطعون ضده بموجب هذه الورقة كانت شركة لا قرضاً والمحكمة إذ اعتبرتها قرضاً لم ترد على دليلين وأغفلت الباقي مع أهميته وخطره.
وحيث إن الوجه الأول من هذا السبب مردود بأن المحكمة قد أوردت في أسباب تلك الأدلة التي استخلصت منها استخلاصاً سائغاً أن ذلك المحرر قرض لا شركة، فغير صحيح أن ينعى عليها الطاعن خلو الحكم من الأسباب. والوجه الآخر مردود أيضاً بأن الطاعن لم يذكر فيه تلك الأدلة التي يدعي أنه تمسك بها أمام محكمة الاستئناف ومن ثم لا يؤبه لهذا الطعن الخالي من البيان الذي أوجبه القانون.
وحيث إنه في السبب الرابع يقول الطاعن في تقرير الطعن وفي مذكرته الشارحة إنه مع التسليم الجدلي بأن تلك الورقة تفيد القرض لا الشركة، فإن مبلغ 300 جنيه المقرر سنوياً بموجبها للطاعن لا يدفع إلا من الأرباح. ومعنى هذا أنه قرض مصحوب بشرط يجعل الفوائد كلها أو بعضها مجرد احتمال غير محقق مما يجيز الاتفاق على أن يكون سعرها زائداً على الحد الأعلى المقرر بالمادة 125 من القانون المدني التي لا تنطبق إلا على القروض التي تكون فيها الفوائد ثابتة ومحققة، والمحكمة إذ عاملت الطاعن بموجب هذه المادة تكون قد أخطأت في تطبيق القانون.
وحيث إن الشارع حرم زيادة فائدة الديون على حد أقصى معلوم، ونص على تخفيضها إليه، وحرم على الدائن قبض تلك الزيادة وألزمه بردها، ولما كان هذا التحريم مطلقاً لا استثناء فيه وهو من النظام العام فإنه يكون منصباً على الزيادة في فائدة كل الديون بلا تفرقة بينها سواء في ذلك الديون ذات الفائدة المحققة والديون ذات الفائدة المحتملة. ومتى كان الثابت بالحكم أن المدفوع بالفعل من فائدة الدين يزيد على الحد الأقصى وجب قانوناً محاسبة الدائن على تلك الزيادة وخصمها من أصل الدين. وإذ كان هذا هو ما عاملت به المحكمة الطاعن فباطل نعيه عليها أنها أخطأت في تطبيق القانون.
وحيث إن سبب الطعن المرفوع من الخواجة سند ميخائيل مقار يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون ضده على الطاعن بمبلغ 1109ج و447 م أقام ذلك على أن الزائد على الفائدة القانونية المدفوع إلى المطعون ضده عن القرض البالغ 1500 ج لا يجب تخصيصه للوفاء بأصل الدين إلا من يوم رفع الدعوى لا من يوم دفعه وهذا مخالف لأحكام القانون في المقاصة وفي استرداد ما دفع بغير حق.
وحيث إن الحكم المطعون فيه - بعد أن قرر أن السند المحرر في 29 من يونيه سنة 1931 ليس إلا قرضاً، وأن المطعون ضده كان يتقاضى عنه فائدة تزيد على الحد الأقصى المقرر قانوناً، وأن هذه الزيادة تكون من حق الطاعن - أخذ في بيان طريقة تخصيصها لوفاء رأس المال فقال إن نية الطرفين لم تكن منصرفة إلى استنزال الزيادة المذكورة من رأس المال وقت دفعها بل لم يكن الطاعن ينوي استردادها. ولذلك ترى المحكمة أن الطاعن يستحق تلك الزيادة إما من يوم المطالبة بها ادعاءً وإما من يوم إبداء الدفع بأنها من حقه، وأنه يطلب تخصيصها للوفاء بأصل الدين ثم اعتبرت الطاعن مبدياً لهذا الدفع من يوم رفع الدعوى عليه وقررت أنه من يومئذ فقط يجب تخصيص الزيادة المذكورة للوفاء بأصل الدين. وعلى هذا الأساس قضت على الطاعن بمبلغ 1109 ج و447 م.
وحيث إن الاتفاق على فوائد تزيد على الحد الأقصى المقرر قانوناً باطل بطلاناً مطلقاً لمخالفته للنظام العام ولا تصح إجازته بحال ويكون لمن دفع تلك الفوائد حق استرداد الزائد منها على الحد القانوني. ولذلك فقد أخطأ الحكم المطعون فيه بتعرضه إلى نية المتعاقدين وقوله إن الطاعن لم يكن ينوي استرداد المدفوع منه زائداً على الفائدة القانونية لأن هذه النية لو صح وجودها لا تأثير لها في الاسترداد المقرر بحكم القانون.
وحيث إن القانون المدني نص في المادة 145 على أن من أخذ شيئاً بغير استحقاق وجب عليه رده. وهو نص عام يشمل كل مبلغ مدفوع لغير مستحقه فيدخل تحته المدفوع زائداً على الفائدة الجائز الاتفاق عليها. وإذ نص في المادة 146 على إلزامه بفوائده إذا أخذه مع علمه بعدم استحقاقه له، فإنه يكون قد أوجب على هذا الآخذ أن يرد ما أخذه في الحال ويكون المبلغ المدفوع زائداً على الفائدة القانونية ديناً لمن دفعه على من قبضه مستحق الأداء يوم قبضه. ومن ثم تحصل به المقاصة يومئذ بحكم القانون طبقاً للمادة 192 من القانون المدني.
وحيث إنه إذ كان الأمر كذلك فإن المبالغ التي دفعها الطاعن إلى المطعون ضده زيادة على الفائدة القانونية يجب أن يكون تخصيصها للوفاء بأصل الدين على أساس أنها مستحقة للطاعن من يوم دفعها وعلى أساس حصول المقاصة بها يوم الدفع. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يقم على هذا الأساس فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين نقضه في هذا الجزء منه.


[(1)] المراد أن محكمة الموضوع قد استظهرت انعقاد نية العاقدين على القرض - دون الشركة - من الظروف والوقائع التي ذكرتها، وأن ما استندت إليه في ذلك من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، فلا يكون على حكمها معقب في هذا الاستدلال الموضوعي. أما تكييف العقد بحكم القانون وما يقتضيه ذلك من المقارنة بين مقومات القرض وأحكامه في القانون وبين مقومات الشركة وأحكامها ثم تطبيق ذلك على واقعة الدعوى فلم تتعرض له محكمة الموضوع ولا احتاجت محكمة النقض إليه لإعمال رقابتها عليها فيه.