مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
السنة الخمسون (من أول أكتوبر سنة 1995 إلى آخر سبتمبر سنة 1996) - صـ 318

(فتوى رقم 197 في 24/ 3/ 1996 جلسة 28/ 2/ 1996 ملف رقم 37/ 2/ 527)
(116)
جلسة 28 من فبراير سنة 1996

ضرائب - ضريبة عامة على المبيعات - عقود المقاولات - عدم الخضوع لضريبة المقاولات - وجوب إعمال إفتاء الجمعية العمومية - تنفيذ أحكام القانون لا يتوقف على إذن أو اعتماد من جهة ما.
تنفيذ الفتاوى الصادرة من هيئات الإفتاء بمجلس الدولة لا يتوقف على موافقة وزير المالية بل يجرى إعمال مقتضاها باعتبار أن الفتوى تكشف عن صحيح حكم القانون في المسالة التي طلب الإفتاء بشأنها وأن الفتوى تترجم عن المشرع وتبين حكمه فيما يعرض من حالات - تنفيذ حكم القانون على المسائل التي تعرض لا يحتاج إلى موافقة وزير المالية ولا يتوقف تنفيذ حكم القانون على إذن أو اعتماد من الوزير ولا على سماح منه وإذنه واعتماده ليس عنصراً من عناصر استكمال المراكز القانونية وتوفية الحقوق المستمدة من التشريعات التي سنتها سلطة التشريع ولم يقل أحد أن العبء المالي الذي يراه وزير المالية من شأنه أن يحجب من أصحاب الحقوق حقوقهم التي كفلتها القوانين.
تبين للجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع أن المادة (1) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 تنص على أنه "يقصد في تطبيق أحكام هذا القانون بالألفاظ والعبارات الآتية التعريفات الموضحة قرين كل منها: ....... المكلف: الشخص الطبيعي أو المعنوي المكلف بتحصيل وتوريد الضريبة للمصلحة سواء كان منتجاً صناعياً أو تاجراً أو مؤدياً لخدمة خاضعة للضريبة بلغت مبيعاته حد التسجيل المنصوص عليه في هذا القانون وكذلك كل مستورد لسلعة أو خدمة خاضعة للضريبة بغرض الاتجار مهما كان حجم معاملات السلعة: كل منتج صناعي سواء كان محلياً أو مستورداً ..... الخدمة: كل خدمة واردة بالجدول رقم (2) المرافق ...... المنتج الصناعي: كل شخص طبيعي أو معنوي يمارس بصورة اعتيادية أو عرضية وبصفة رئيسية أو تبعية أية عملية تصنيع ...." وتنص المادة (2) من ذات القانون على أن "تفرض الضريبة العامة على المبيعات على السلع المصنعة المحلية والمستوردة إلا ما استثني بنص خاص. وتفرض الضريبة على الخدمات الواردة بالجدول رقم (2) المرافق لهذا القانون ....." كما تنص المادة (6) على أن تستحق الضريبة بتحقيق واقعة بيع السلعة أو أداء الخدمة بمعرفة المكلفين وفقاً لأحكام هذا القانون ........ كما تستحق الضريبة بالنسبة إلى السلع المستوردة في مرحلة الإفراج عنها من الجمارك بتحقق الواقعة المنشئة للضريبة الجمركية وتحصل وفقاً للإجراءات المقررة في شأنها.
ومفاد ما تقدم أن المشرع في قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 وضع تنظيماً شاملاً للضريبة العامة على المبيعات عين بمقتضاه السلع والخدمات الخاضعة للضريبة, فأخضع السلع المحلية والمستوردة والخدمات التي أورد بيانها بالجدول المرافق للقانون لهذه الضريبة بحيث تستحق الضريبة بتحقق واقعة بيع السلعة أو أداء الخدمة بمعرفة المكلفين بتحصيلها وتوريدها. أما بالنسبة إلى السلع المستوردة فجعل استحقاق تلك الضريبة منوطاً بتحقق الواقعة المنشئة للضريبة الجمركية. وأخضع المشرع للضريبة كل شخص طبيعي أو معنوي يقوم باستيراد سلع صناعية أو خدمات من الخارج خاضعة للضريبة متى كان استيراده لها بغرض الاتجار فيها أياً كان حجم معاملاته. كما أوجب على كل منتج صناعي بلغ إجمالي مبيعاته للتسجيل أن يتقدم إلى مصلحة الضرائب على المبيعات بطلب تسجيل من السلع المنتجة محلياً أو مورد الخدمة الخاضعة للضريبة الحد المقرر اسمه وبياناته بغية حصر السلع والخدمات المبيعة والرقابة على تحصيل الضريبة المقررة عليها وتوريدها.
كما تبين للجمعية العمومية أن المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات تنص على أن " يكون سعر الضريبة على السلع 10% وذلك عدا السلع المبينة في الجدول رقم (1) المرافق للقانون فيكون سعر الضريبة على النحو المحدد قرين كل منها. ويحدد الجدول رقم (2) المرافق سعر الضريبة على الخدمات ........ كما يجوز لرئيس الجمهورية تعديل الجدولين رقمي (1) و (2) المرافقين ......." وبناءً عليه صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992 بتعديل الجدولين المرافقين للقانون آنف الذكر ونص في المادة (2) على أن تضاف إلى الجدول رقم (2) الخدمات الواردة بالكشف حرف (ب) المرفق به ومنها خدمات التشغيل للغير بفئة ضريبية 10%.
ومن حيث أن عقد المقاولة - وفقا لأحكام القانون المدني - من العقود المسماة التي ترد على العمل فإذا قدم المقاول مادة العمل كلها أو بعضها كان العقد مزيجاً من بيع ومقاولة, فيقع البيع على المادة وتقع المقاولة على العمل والمميز للعمل في المقاولة أنه لا يجري تحت إدارة صاحب العمل وإشرافه ولما كان قانون الضريبة العامة على المبيعات عرف المفاهيم والمصطلحات الواردة بالمادة (1) منه تعريفاً عاماً, وخص مفهوم الخدمة بأنها كل خدمة واردة بالجدول رقم (2) المرافق للقانون, بما يعني أن المشرع قد عزف عن التعريف للخدمة بالمفهوم العام المجرد وشاء أن يضع لكل خدمة يرى شمول الضريبة لها اسما تنفرد به على سبيل الحصر والتعيين في الجدول المرافق للقانون والذي يملك رئيس الجمهورية مكنة الإضافة إليه وتعديله. بيد أن هذه المكنة يتعين أن تكون في إطار ما رسمه المشرع بأن يكون بيان الخدمة بالتفريد العيني لها وليس بالتعريف العام المجرد التي لم يشأ المشرع أن يسلك سبيله فيما يتعلق بتحديد الخدمة في تطبيق أحكام هذا القانون وفي ضوء من ذلك ينبغ فهم قرار رئيس الجمهورية رقم (77) لسنة 1992 بما يحمله على الصحة ويبعده عن اللبس والغموض والتعريفات العامة بما مؤداه أن عبارة خدمات التشغيل للغير المضافة إلى الجدول رقم (2) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات بقرار رئيس الجمهورية آنف الذكر تضبط بالسياق وتحمل في إطاره ولو من باب العموم الذي قصد به الخصوص باعتباره استخلاص عقلي لحكم النص الذي ليس أمراً خارجاً عنه. ودلالة ذلك أن المشرع بعد أن عين في الجدول رقم (2) المرافق للقانون آنف الذكر عدداً من الخدمات التي تدخل في عموم خدمات التشغيل للغير مثل خدمات الفنادق والمطاعم السياحية وخدمات شركات النقل السياحي وخدمات التلكس والفاكس والنقل المكيف بين المحافظات وخدمات الوسطاء الفنيين لإقامة الحفلات العامة أو الخاصة, صدر قرار رئيس الجمهورية رقم (77) لسنة 1992 بإضافة خدمات التليفون والتلغراف المحلي وخدمات الاتصالات الدولية وخدمات التركيبات والتوصيلات التليفونية ثم أورد عبارة خدمات التشغيل للغير وهي عبارة تتسع لكل الخدمات المذكورة آنفاً وبما مفاده أنه قصد بها سائر الخدمات المتعلقة بهذا النوع المشار إليه من قبل ومن ثم تخرج عنها عقود المقاولة إذ أنها ليست من جنس ما ذكر, ولو قصد المشرع إخضاعها للضريبة على المبيعات ما أعوزه النص على ذلك صراحة, وآية ذلك أيضاً أن رئيس الجمهورية أصدر بعد ذلك القرار رقم 295 لسنة 1993 بإضافة خدمات أخرى إلى ما يخضع للضريبة وهي تتعلق بتأجير السيارات والبريد السريع وشركات النظافة, ولو كان يقصد من القرار السابق رقم (77) لسنة 1992 عموم خدمات التشغيل لما احتاج إلى إصدار القرار الأخير. وبناءً عليه لا تخضع عقود المقاولات التي تبرمها الوحدات المحلية ومديريات الخدمات بمحافظة البحيرة للضريبة العامة على المبيعات لعدم اشتمال أحكام القرار رقم (77) لسنة 1992 عليها. وبمثل هذا الإفتاء انتهت الجمعية العمومية بجلستها المعقودة في 21 من ديسمبر سنة 1994 و22 من مارس سنة 1995 و3 من أغسطس سنة 1995 تأييداً لإفتائها الصادر بجلستها المعقودة بتاريخ 7 من ديسمبر سنة 1994.
ولا وجه للقول بأن إفتاء الجمعية العمومية المشار إليه آنفاً مقصور على عقود مقاولات تنفيذ المرحلة الثانية لمترو الأنفاق دون غيرها من عقود المقاولات. وذلك أن الجمعية العمومية أتبعت هذا التفسير وطبقته في العديد من الفتاوى التي نظرتها وأيدت بها سابق إفتائها بشأن عقد مقاولة مترو الأنفاق, وأن الجمعية العمومية في كل هذه الحالات مجتمعة أو منفردة إنما كانت تستخلص معنى عاماً من النصوص مفاده أن قرار رئيس الجمهورية المعروض لا يشمل عقود المقاولات فيما شمله من خدمات التشغيل للغير, وهو مفاد يصدق على مقاولة مترو الإنفاق كما يصدق على غيرها من المقاولات دون حصر.
وإذا كان الاختصاص المعقود للجمعية العمومية بموجب المادة (66) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بإبداء الرأي في المسائل القانونية التي تحال إليها بسبب أهميتها قد يقع على حالة واقعية بعينها مما قد يتضمن سؤالا ًعاماً عن مجال تطبيق حكم معين, وحتى إن كان متعلقاً بحالة واقعية. فإنه يسوغ قانوناً تطبيق الرأي ذاته على الحالات الأخرى المماثلة في الوضع القانوني الذي صدرت فيه الفتوى وعلى الجهات الإدارية المبادرة إلى تنفيذه وإعمال مقتضاه في تلك الحالات المماثلة حرصاً على أن يسود القانون وتغلف الشرعية تصرفاتها التزاماً منها بصحيح تلك المقتضيات.
وكذلك لا يسوغ قانوناً القول بأن إفتاء الجمعية العمومية لم يعتمد من وزارة المالية أو غيرها حتى ينفذ أثره ويعمل بمقتضاه. ذلك أن المشرع لم يعط لجهة ما التعقيب على ما تنتهي إليه الجمعية العمومية من رأي ولا يسوغ أن يكون الرأي الصادر عنها الذي تكشف به عن صحيح حكم القانون محلاً لاعتماد من جهة ما والجمعية فيما تنتهي إليه من رأي إنما تكشف عن صحيح حكم القانون في الأمر المعروض عليها وتتبين حقيقة حكم التشريع في هذه المسالة, ولا يقول أحد أن تطبيق حكم القانون وإنزاله على الواقعة إنما يحتاج إلى اعتماد من جهة ما.
وإذا كان هذا الفهم مرجعه إلى ما ورد بالمادة السادسة من القانون رقم 29 لسنة 1995 بربط الموازنة العامة للدولة والذي علق تنفيذ الفتاوى في المسائل التي من شأنها ترتيب أعباء مالية على الخزانة العامة سواء بزيادة المصروفات أو بتخفيض الموارد على موافقة وزير المالية. فإن ذلك مردود عليه بأن القانون رقم 29 لسنة 1995 المشار إليه هو قانون من حيث الشكل وليست لأحكامه من القوة التشريعية ما يلغي أو يعدل حكماً من أحكام القوانين الموضوعية القائمة, وكذلك قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1516 لسنة 1995 الذي جاء ترديداً لنص المادة السادسة من القانون رقم 29 لسنة 1995, وليس من شأن هذا القانون أو ذلك القرار أن يؤثر فيما قرره قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 من اختصاص ولا فيما رسمه من إجراءات لنظر طلبات الرأي وإبداء الرأي فيها فضلاً عن أن تنفيذ الفتاوى الصادرة من هيئات الإفتاء بمجلس الدولة لا يتوقف على موافقة وزير المالية بل يجري إعمال مقتضاها باعتبار أن الفتوى تكشف عن صحيح حكم القانون في المسألة التي طلب الإفتاء بشأنها, وأن الفتوى تترجم من المشرع وتبين حكمه فيما يعرض من حالات.
ومن الجلي أن تنفيذ حكم القانون على المسائل التي تعرض لا يحتاج إلى موافقة وزير المالية ولا يتوقف تنفيذ أحكام القانون على إذن أو اعتماد من الوزير ولا على سماح منه, وإذنه واعتماده ليس عنصراً من عناصر استكمال المراكز القانونية وتوفيه الحقوق المستمدة من التشريعات التي سنتها سلطة التشريع ولم يقل أحد أن العبء المالي الذي يراه وزير المالية من شأنه أن يحجب عن أصحاب الحقوق حقوقهم التي كفلتها القوانين.

لذلك

انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى عدم خضوع عقود المقاولات التي تبرمها الوحدات ومديريات الخدمات بمحافظة البحيرة لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991.