مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
السنة الخمسون (من أول أكتوبر سنة 1995 إلى آخر سبتمبر سنة 1996) - صـ 415

(فتوى رقم 360 في 15/ 5/ 1996 جلسة 3/ 4/ 1996 ملف رقم 58/ 1/ 72)
(148)
جلسة 3 من إبريل سنة 1996

الجهاز المركزي للمحاسبات - مجال رقابته - قانون سرية الحسابات بالبنوك رقم 205 لسنة 1992 - حظر الاطلاع على حسابات وودائع وأمانات وخزائن ومعاملات العملاء أو الإفصاح عنها إلا في الحالات المحددة بالقانون المذكور.
اختصاص الجهاز المركزي للمحاسبات بالرقابة القانونية على القرارات الصادرة في المخالفات المالية يوجب موافاته بها مشفوعة بالأوراق والبيانات.
هذا الاختصاص أضحى مقيداً فيما يتعلق بالمخالفات المالية التي تقع بالبنوك بالخطر الوارد بقانون سرية الحسابات بالبنوك - الالتزام بموافاة الجهاز بأوراق الموضوع محل التحقيق يقتصر على تلك التي لا تتضمن بيانات أو معلومات عن حسابات العملاء بالبنك.
استثناء - أداء الجهاز لوظيفته كمراقب لحسابات البنوك على حسابات العملاء للجهاز الحق في الاطلاع على الأوراق والمستندات والبيانات اللازمة لأداء هذا الدور مع التزام السرية - نتيجة ذلك - سلطة الجهاز المركزي للمحاسبات في مراقبة القرارات الصادرة في شأن المخالفات المالية لا تجيز كشف سرية حسابات العملاء وودائعهم وأماناتهم وخزائنهم لدى البنوك.
استبان للجمعية العمومية لقسمي الفتوى التشريع أن المادة (1) من قانون سرية الحسابات بالبنوك رقم (205) لسنة 1990 تنص على أن "تكون جميع حسابات العملاء وودائعهم وأماناتهم وخزائنهم في البنوك وكذلك المعاملات المتعلقة بها سرية، ولا يجوز الإطلاع عليها أو إعطاء بيانات عنها بطريق مباشر أو غير مباشر إلا بإذن كتابي من صاحب الحساب أو الوديعة أو الأمانة أو الخزينة أو من أحد ورثته أو من أحد الموصي لهم، بكل أو بعض هذه الأموال، أو من النائب القانوني أو الوكيل المفوض في ذلك أو بناءً على حكم قضائي أو حكم محكمين. ويسري الحظر المنصوص عليه في الفقرة السابقة على جميع الأشخاص والجهات بما في ذلك الجهات التي يخولها القانون سلطة الإطلاع أو الحصول على الأوراق أو البيانات المحظور إفشاء سريتها طبقاً لأحكام هذا القانون، ويظل هذا الحظر قائماً حتى ولو انتهت العلاقة بين العميل والبنك لأي سبب من الأسباب". وتنص المادة (3) على أن "النائب العام أو لمن يفوضه من المحامين العامين الأول على الأقل من تلقاء نفسه أو بناءً على طلب جهة رسمية أو أحد ذوي الشأن أن يطلب من محكمة استئناف القاهرة الأمر بالإطلاع أو الحصول على أية بيانات أو معلومات تتعلق بالحسابات أو الودائع أو الأمانات أو الخزائن المنصوص عليها في المادتين السابقتين أو المعاملات المتعلقة بها وذلك في أي من الحالتين الآتيتين:
( أ‌ ) إذا اقتضى ذلك كشف الحقيقة في جناية أو جنحة قامت الدلائل الجدية على وقوعها.
(ب‌) التقرير بما في الذمة بمناسبة حجز موقع لدى أحد البنوك الخاضعة لأحكام هذا القانون. وتفضل المحكمة منعقدة في غرفة المشورة في الطلب خلال الثلاثة الأيام التالية لتقديمه بعد سماع أقوال النيابة العامة" كما تنص المادة (5) على أن "يحظر على رؤساء وأعضاء مجالس إدارة البنوك ومديريها أو العاملين بها إعطاء أو كشف أية معلومات أو بيانات عن عملاء البنوك أو حساباتهم أو ودائعهم أو الأمانات أو الخزائن الخاصة بهم أو معاملاتهم في شأنها أو تمكين الغير من الإطلاع عليها في غير الحالات المرخص بها بمقتضى أحكام هذا القانون ويسري هذا الحظر على كل من يطلع بحكم مهنته أو وظيفته أو عمله بطريق مباشر أو غير مباشر على البيانات والمعلومات المشار إليها". وتنص المادة (6) من ذات القانون على أن "لا تخل أحكام هذا القانون بما يأتي: 1 - الواجبات المنوط أداؤها قانوناً بمراقبي حسابات البنوك وبالاختصاصات المخولة قانوناً لكل من البنك المركزي المصري أو وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية .... ".
ومفاد ما تقدم أن المشرع أحاط جميع حسابات العملاء بالبنوك وودائعهم وأماناتهم وخزائنهم والمعاملات المتعلقة بها بسياج من السرية بحيث لا يجوز الإطلاع عليها أو الإفصاح عن بياناتها بطريق مباشر أو غير مباشر إلا بإذن كتابي من صاحب الحساب أو الوديعة أو الأمانة أو الخزينة أو غيره من الأشخاص التي حددتهم المادة (1) من قانون سرية الحسابات بالبنوك، لذلك حظر المشرع - في غير الحالات المرخص بها - على رؤساء وأعضاء مجالس إدارة البنوك ومديريها أو العاملين بها إعطاء أو الكشف عن أية بيانات أو معلومات في هذا الشأن. ومد المشرع هذا الحظر إلى كل من يطلع بحكم مهنته أو وظيفته أو عمله بطريق مباشر أو غير مباشر على البيانات والمعلومات المشار إليها وكذلك إلى الجهات التي يخولها القانون سلطة الإطلاع أو الحصول على الأوراق أو البيانات التي كفل القانون سريتها، وإمعاناً في ذلك قرر المشرع استمرار الحظر حتى ولو انتهت العلاقة بين العميل والبنك لأي سبب من الأسباب صوناً لسرية هذه الحسابات وحفاظاً عليها كي تغدو في مأمن من أي إفشاء. وجعل المشرع هذا الواجب شاملاً لكل شخص يعمل بالبنوك أو على صلة بهذا العمل، ولم يبح المشرع هتك سرية هذه الحسابات إلا في الأحوال التي حددها القانون بنص خاص، ومنها إجازته للنائب العام أو من يفوضه من المحامين العامين الأول - من تلقاء نفسه أو بناءً على طلب جهة رسمية أو أحد ذوي الشأن - أن يطلب من محكمة استئناف القاهرة الأمر بالإطلاع أو الحصول على أية بيانات تتعلق بحسابات العملاء أو ودائعهم أو أماناتهم أو خزائنهم أو المعاملات المتعلقة بها إذا اقتضى الأمر الكشف عن الحقيقة في جناية أو جنحة قامت دلائل جدية على وقوعها. أو للتقرير بما في الذمة حال توقيع حجز لدى أحد البنوك الخاضعة لأحكام هذا القانون. كذلك قيام مراقبو حسابات البنوك بأداء واجباتهم المنوطة بهم قانوناً أو مباشرة البنك المركزي المصري أو وزارة الاقتصاد لاختصاصاتهما المقررة.
ومن حيث إن المادة (2) من قانون الجهاز المركزي للمحاسبات الصادر بالقانون رقم 144 لسنة 1988 تنص على أن "يمارس الجهاز أنواع الرقابة الآتية:
1 - الرقابة المالية بشقيها المحاسبي والقانوني.
2 - الرقابة على الأداء ومتابعة تنفيذ الخطة.
3 - الرقابة القانونية على القرارات الصادرة في المخالفات المالية". وتنص المادة (3) على أن "يباشر الجهاز اختصاصاته بالنسبة للجهات الآتية: .......... 2 - الهيئات العامة والمؤسسات العامة وهيئات القطاع العام وشركاته والمنشآت والجمعيات التعاونية التابعة لأي منها في الأنشطة المختلفة بكافة مستوياتها طبقاً للقوانين الخاصة لكل منها". وتنص المادة (5) من ذات القانون على أن "يباشر الجهاز اختصاصاته في الرقابة المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القانون على الوجه الآتي: ....... ثالثاً: في مجال الرقابة القانونية على القرارات الصادرة في شأن المخالفات المالية: يختص الجهاز بفحص ومراجعة القرارات الصادرة من الجهات الخاضعة لرقابته في شأن المخالفات المالية التي تقع بها وذلك للتأكد من أن الإجراءات المناسبة قد اتخذت بالنسبة لتلك المخالفات وأن المسئولية عنها قد حددت وتمت محاسبة المسئولين عن ارتكابها ويتعين موافاة الجهاز بالقرارات المشار إليها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدورها مصحوبة بكافة أوراق الموضوع ولرئيس الجهاز ما يأتي:
1 - أن يطلب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ ورود الأوراق كاملة للجهاز إذا رأي وجهاً لذلك تقديم العامل إلى المحاكمة التأديبية..
2 - أن يطلب إلى الجهة الإدارية مصدرة القرار في شأن المخالفة المالية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ ورود الأوراق كاملة للجهاز إعادة النظر في قرارها..
3 - الطعن في القرارات أو الأحكام الصادرة من جهات التأديب في شأن المخالفات المالية ... ".
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم أن المشرع ناط بالجهاز المركزي للمحاسبات سلطة الرقابة المالية بشقيها المحاسبي والقانوني والرقابة على الأداء ومتابعة تنفيذ الخطة والرقابة القانونية على القرارات الصادرة في المخالفات المالية. كما حدد الجهات التي يباشر الجهاز اختصاصاته بالنسبة لها بتلك المشار إليها في المادة (3) من قانون إنشاء الجهاز المشار إليه، وتمكيناً له من بسط رقابته القانونية على القرارات الصادرة في المخالفات المالية أوجب المشرع موافاته بهذه القرارات مشفوعة بما يطلبه من أوراق وبيان بيد أن هذا الاختصاص قد أضحى مقيداً - فيما يتعلق بالمخالفات المالية التي تقع بالبنوك - بالحظر الوارد بقانون سرية الحسابات بالبنوك رقم 205 لسنة 1990 الذي أحاط حسابات العملاء وودائعهم وأماناتهم وخزائنهم وكذلك المعاملات المتعلقة بها بالسرية، ومن ثم يغدو الالتزام بموافاة الجهاز بأوراق الموضوع محل التحقيق قاصراً على تلك التي لا تتضمن بيانات أو معلومات عن حسابات العملاء بالبنك صوناً لها من أي إفشاء لما في ذلك من بالغ الأثر وعظيم الخطر التزاماً بصريح نص القانون الذي ضرب على هذه البيانات والمعلومات بسياج من السرية والحيطة. كما لا يسوغ أن يحظر القانون المشار إليه على النائب العام، المنوط به تحريك الدعوى الجنائية في الجرائم الجنائية، الإطلاع على حسابات العملاء أو ودائعهم أو أماناتهم أو خزائنهم أو المعاملات المتعلقة بها للكشف عن الحقيقة في جناية أو جنحة قامت دلائل جدية على وقوعها إلا بعد الحصول على أمر بذلك من محكمة استئناف القاهرة بينما يجوز ذلك للجهاز المركزي للمحاسبات في المخالفات المالية، وذلك دون إخلال بحقه في أن يرفع الأمر للنائب العام أو من يفوضه كي يطلب من المحكمة المشار إليها الأمر له بالإطلاع أو الحصول على أي بيانات أو معلومات تتعلق بحسابات العملاء بالبنك إذا اقتضى ذلك كشف الحقيقة في جناية أو جنحة قامت دلائل جدية على وقوعها وفقاً لحكم المادة (3) من القانون رقم 205 لسنة 1990 آنف الذكر. وغني عن البيان أن أداء الجهاز المركزي للمحاسبات لوظيفته كمراقبي لحسابات البنوك. وعلى ما انتهت إليه الجمعية العمومية في إفتائها الصادر بجلستها المنعقدة في 15 من ديسمبر سنة 1993. هو استثناء من السرية المضروبة على حسابات العملاء بالبنوك وذلك بسند من قانون السرية ذاته الذي استثنى مراقبي الحسابات وبمقتضى كونه موصوفاً بوصف مراقب حسابات في قانونه فيبقى محتفظاً بحقه في الإطلاع على أوراق وبيانات ومستندات تلك البنوك التي تكفل له دوره، مع التزامه بالسرية. وهذه الرقابة تبتغي تحقيق الانضباط المالي لقطاع البنوك وتمثل ضمانة لحقوق أصحاب الحسابات والودائع والأمانات والخزائن، وليس فيها إخلال بالسرية التي يحظر على الجهاز بوصفه مراقباً للحسابات الكشف عنها أو الخروج على مقتضياتها كما أن مراقب الحسابات يعتبره واحدة من هيئات البنك أو شركة المساهمة التي يتولى الإشراف على حساباتها ويعرض نتائج مراقبته على الجمعية العمومية للبنك أو للشركة عند نظرها في اعتماد الميزانية، وهو في ذلك يعتبر وكيلاً عن الجمعية العامة للشركة أو البنك فلا يعتبر إطلاعه على الحسابات إفشاء لسريتها لجهة خارجة عن هيئات البنك غير مندرجة في صميم تكويناته.

لذلك

انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى أن سلطة الجهاز المركزي للمحاسبات في مراقبة القرارات الصادرة في شأن المخالفات المالية لا تجيز للجهاز كشف سرية حسابات العملاء وودائعهم وأماناتهم وخزائنهم لدى البنوك.