أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 4 - صـ 11

جلسة 16 من أكتوبر سنة 1952
(3)
القضية رقم 287 سنة 20 قضائية

برياسة حضرة المستشار عبد الحميد وشاحي وبحضور حضرات الأساتذة سليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان وأحمد العروسي المستشارين.
1 - دعوى إثبات تعاقد. حكم. تسبيبه. تمسك المدعي بأنه تملك العقار الذي يطلب إثبات التعاقد عنه بمضي المدة وبأنه لا يؤثر في هذه الملكية كون البائع تصرف في العقار لمشترتان بعقد سجله عدم تحدث الحكم عن هذا الدفاع الجوهري. قصور يبطله.
2 - ( أ ) قوة الأمر المقضي. دعوى من مشتر على بائع. تدخل خصم ثالث في هذه الدعوى. الحكم في الدعوى لمصلحة المشتري وبعدم قبول التدخل. استئناف هذا الحكم من البائع ضد المشتري وطالب التدخل. استبعاد الحكم الصادر في الاستئناف البحث في موضوع تدخل الخصم الثالث لعدم قيامه هو باستئناف الحكم الابتدائي القاضي برفض تدخله. هذا الحكم لا يجوز قوة الأمر المقضي بالنسبة لطالب التدخل. من حقه أن يرفع استئنافاً آخر عن الحكم الابتدائي القاضي برفض تدخله.
(ب) حكم. تسبيبه. إهماله الرد على دفع بعدم جواز نظر الاستئناف لسابقة الفصل فيه بالحكم الصادر في استئناف سابق. ثبوت أن الحكم الصادر في الاستئناف السابق لا يجوز قوة الأمر المقضي بالنسبة للمستأنف في الاستئناف اللاحق. خطأ الحكم في الرد على الدفع لا يؤثر في سلامة قضائه بقبول الاستئناف اللاحق.
(1) متى كان يبين من الأوراق المقدمة إلى هذه المحكمة أن الطاعنة تمسكت في جميع مراحل دعوى إثبات التعاقد المرفوعة منها أنها كسبت ملكية العقار موضوع النزاع بوضع يدها عليه المدة الطويلة المكسبة للملكية، وبأن تحرير عقد بيع من نفس البائعة إلى المطعون عليهما عن هذا العقار وقيامهما بتسجيل عقدهما لا يؤثر على التملك بوضع اليد، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه خلو من التحدث عن هذا الدفاع، وهو دفاع جوهري له أثره لو صح في تغيير وجه الرأي في الدعوى، فإن هذا الحكم يكون قد عاره قصور يبطله مما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.
2 - ( أ ) متى كان يبين من الحكم الصادر في الاستئناف المرفوع من بائعة العقار ضد الطاعنة والمطعون عليهما أنه لم يفصل في الخصومة الخاصة بطلب قبول المطعون عليهما خصمين ثالثين في الدعوى وإنما استبعد هذا الطلب لأن المطعون عليهما - وهما صاحبا الحق فيه - لم يستأنفا الحكم الابتدائي القاضي برفضه ومن ثم فلا يجوز هذا الحكم قوة الأمر المقضي في هذا الخصوص، ويكون دفع الطاعنة بعدم قبول الاستئناف الذي رفعه المطعون عليهما لسابقة الفصل فيه بالحكم الصادر في استئناف البائعة المذكورة على غير أساس.
(ب) وإذا كان الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على دفع الطاعنة بعدم قبول استئناف المطعون عليهما لسابقة الفصل فيه بالحكم الصادر في استئناف البائعة وبنى قضاءه على أسباب أخرى لا تتصل بهذا الدفع، فإن هذا الخطأ يكون غير منتج ولا يؤثر في سلامة النتيجة التي انتهى إليها من رفض الدفع وقبول الاستئناف بعد أن تبين مما تقدم أن الحكم السابق لم يحز قوة الأمر المقضي في خصوص طلب قبول المطعون عليهما خصمين ثالثين في الدعوى.


الوقائع

في يوم 5 من سبتمبر سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكمي محكمة القاهرة الابتدائية الصادر أولهما في 12 - 12 - 1948 وثانيهما في 6 - 6 - 1950 في القضية رقم 493 سنة 1947 - وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع أصلياً الحكم بقبول الدفع الفرعي وبعدم جواز الاستئناف واحتياطياً بإحالة القضية على دائرة أخرى للفصل فيها مجدداً مع إلزام المطعون عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 7 من سبتمبر سنة 1950 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن - وفي 26 منه أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها وفي 7 من أكتوبر سنة 1950 أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنة بالمصروفات وأتعاب المحاماة - وفي 25 منه أودعت الطاعنة مذكرة بالرد مشفوعة بمستنداتها - ولم يقدم المطعون عليه الثاني دفاعاً. وفي 29 من مارس سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ونقض الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون عليهما بالمصروفات. وبجلسة 2 من أكتوبر سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطاعنة والمطعون عليه الأول النيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطاعنة والمطعون عليه الأول والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكمين المطعون فيهما، وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعنة (منتهى حسين محمود الجاكي) أقامت الدعوى رقم 74 سنة 1944 مدني محكمة حلوان الجزئية على زينب محمود الجاكي وقالت شرحاً لها إنها بموجب عقد محرر في 28 من ديسمبر سنة 1925 وثابت التاريخ في 13 من فبراير سنة 1926 اشترت من المدعى عليها 4 ط و19.4 س شيوعاً في أرض وبناء المنزلين المبينين بالصحيفة بثمن مقداره 47 ج وأنها وضعت يدها على العقار المبيع من تاريخ التعاقد، وطلبت الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المشار إليه. وبجلسة 13 من يناير سنة 1944 تدخل المطعون عليهما في الدعوى وطلبا قبولهما خصمين فيها وقدما بيع محرراً في 6 من أكتوبر سنة 1943 ومسجلاً في 2 من فبراير سنة 1944 صادراً إليهما من ذات البائعة عن العين محل النزاع. ودفعت المدعى عليها بسقوط حق الطاعنة في رفع الدعوى لمضى أكثر من خمس عشرة سنة من تاريخ التعاقد كما دفعت ببطلان صحيفة الدعوى لعدم مرورها بمكتب المساحة. وفي 4 من ديسمبر سنة 1944 قضت المحكمة برفض الدفعين، وبرفض قبول المطعون عليهما خصمين ثالثين في الدعوى، وفي الموضوع بصحة التعاقد. استأنفت المدعى عليها زينب محمود الجاكي هذا الحكم ضد الطاعنة والمطعون عليهما وقيد استئنافها برقم 389 سنة 1945 مستأنف محكمة مصر الابتدائية واستندت فيه إلى الدفاع الذي أبدته أمام محكمة الدرجة الأولى مضيفة إليه أن المحكمة أخطأت في عدم قبول المطعون عليهما خصمين ثالثين في الدعوى طلبت قبولهما فيها ودفعت الطاعنة بعدم قبول الاستئناف لعدم وجود صفة أو مصلحة للمستأنفة في رفعه - وفي 12 من ديسمبر سنة 1945 قضت المحكمة برفض هذا الدفع، وبقبول الاستئناف شكلاً وبرفض الدفعين المقدمين من المستأنفة، وقبول الدعوى وعدم سقوط الحق في رفعها، وفي الموضوع برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف بعد ذلك، رفع المطعون عليهما استئنافاً عن الحكم الابتدائي قيد برقم 493 سنة 1947 مستأنف محكمة مصر الابتدائية ودفعت الطاعنة بعدم قبوله لسبق الفصل فيه بحكم نهائي هو الحكم الصادر في الاستئناف رقم 389 سنة 1945 الآنف ذكره كما دفعت بصورية عقد البيع الصادر من زينب محمود الحاكي إلى المطعون عليهما، وبأنها تملكت العقار موضوع النزاع بمقتضي عقد البيع المحرر في 28 من ديسمبر سنة 1928. وبوضع يدها عليه المدة الطويلة المكسبة للملكية. وفي 12من ديسمبر سنة 1948 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف وبقبوله شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ونفي صورية عقد المطعون عليهما ثم قضت في 6 من يونيو سنة 1950 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنة بناء على ما قررته من عجز الطاعنة عن إثبات صورية عقد المطعون عليهما ومن تفضيل هذا العقد المسجل على عقدها غير المسجل فقررت الطاعنة الطعن في الحكمين المذكورين بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على سببين، يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه الصادر في 12 من ديسمبر سنة 1948 قد أخطأ في تحصيل فهم الواقع كما أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن مبنى دفع الطاعنة بعدم قبول استئناف المطعون عليهما رقم 493 سنة 1947 هو أنه قد سبق الفصل فيه في الاستئناف رقم 389 سنة 1945 بحكم نهائي حاز قوة الأمر المقضي لوحدة الخصوم والموضوع والسبب في الاستئنافين مما يكون معه الحكم الصادر في الاستئناف الأول حجة على المطعون عليهما إذ كانا ممثلين فيه كما انضما إلى الطاعنة في طلب قبولهما خصمين في الدعوى ومن ثم فلا يجوز لهما إعادة النزاع من جديد برفع استئناف آخر - ولكن الحكم المطعون فيه، إذ قضى برفض الدفع المشار إليه مؤسساً قضاءه على أن ميعاد الاستئناف لا يزال قائماً، يكون قد أخطأ في تحصيل فهم الواقع من الدعوى. وإذ قرر أن الاستئناف السابق لا يستفيد منه غير الخصم المستأنف، في حين أن كل الأخصام الممثلين فيه يحاجون بالحكم الصادر فيه، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث إن هذا السبب مردود (أولاً) بما يبين من الحكم الصادر في الاستئناف رقم 389 سنة 1945 من أنه قرر استبعاد طلب المستأنفة (زينب محمود الجاكي) قبول المطعون عليهما خصمين ثالثين في الدعوى، استناداً إلى: أن الطلب المذكور ليس من شأن المستأنفة: وأن للمطعون عليهما وحدهما الحق في استئناف الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأول في خصوص طلب دخولهما خصمين في الدعوى: وأنه ليس للمحكمة أن تتعرض لطلبات خصوم لم يتقدموا بها إذ كان الواجب أن يقوم المطعون عليهما باستئناف الحكم الابتدائي حتى يمكن فحص سندهم من القانون والقضاء لهم أو عليهم وفقاً لما يبني عنه تحقيق أوجه دفاعهم - ويبن من هذا الذي أقيم عليه الحكم الصادر في الاستئناف رقم 389 سنة 1945 أنه لم يفصل في الخصومة الخاصة بطلب قبول المطعون عليهما خصمين ثالثين في الدعوى، وإنما استبعد هذا الطلب لأن المطعون عليهما - وهما صاحبا الحق فيه - لم يستأنفا الحكم الابتدائي القاضي برفضه ومن ثم فلا يجوز هذا الحكم قوة الأمر المقضي في هذا الخصوص، ويكون دفع الطاعنة بعدم قبول استئناف المطعون عليهما رقم 493 سنة 1947 مصر لسابقة الفصل فيه على غير أساس. ومردود (ثانياً) بأن الحكم المطعون فيه، وإن كان يبين منه أنه قد أغفل الرد على دفع الطاعنة بعدم قبول الاستئناف رقم 493 سنة 1947 لسابقة الفصل فيه بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 389 سنة 1945 وبنى قضاءه على أسباب أخرى لا تتصل بهذا الدفع، إلا أن هذا الخطأ غير منتج ولا يؤثر في سلامة النتيجة التي انتهى إليها من رفض الدفع وقبول الاستئناف بعد أن تبين مما تقدم أن الحكم السابق لم يخرقوه الأمر المقضي في خصوص طلب قبول المطعون عليهما خصمين ثالثين في الدعوى.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الطاعنة تمسكت في صحيفة دعواها وفي جميع مذكراتها بأنها كسبت ملكية العين موضوع النزاع بوضع يدها عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية، وبأن كسب الملكية بوضع اليد المدة الطويلة هو طريق من طرق التملك، وبأن تحرير عقد من المالك السابق للغير أو قيام هذا الغير بتسجيل عقده لا يؤثر على التملك بوضع اليد - ولكن الحكم المطعون فيه الصادر في 6 من يونيه سنة 1950 أغفل الرد على هذا الدفاع الجوهري فيكون شابه قصور يبطله.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق المقدمة إلى هذه المحكمة أن الطاعنة تمسكت في جميع مراحل الدعوى بأنها كسبت ملكية العقار موضوع النزاع بوضع يدها عليه المدة الطويلة المكسبة للملكية - ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه خلو من التحدث عن هذا الدفاع، وهو دفاع جوهري له أثره لو صح في تغيير وجه الرأي في الدعوى فيكون الحكم قد عاره قصوره يبطله ويستوجب نقضه في هذا الخصوص.