أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 4 - صـ 125

جلسة 20 نوفمبر سنة 1952
(20)
القضية رقم 294 سنة 21 قضائية

برئاسة حضرة المستشار الأستاذ عبد الحميد وشاحي وبحضور حضرات الأساتذة: سليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان وأحمد العروسي المستشارين.
(1) إجارة. اختصاص. طلب إخلاء المستأجر من العين المؤجرة لعدم دفع الأجرة. رفض الدعوى تأسيساً على أن المستأجر تملك العين المؤجرة. هذا لا يعتبر تطبيقاً لنصوص القانون رقم 121 لسنة 1947 وإنما هو وفقاً للقواعد العامة.
(2) إجارة. اختصاص. نقض. دعوى أمام المحكمة الابتدائية بطلب إخلاء المستأجر لعدم وفائه بالأجرة. دفعه بأنه تملك العين المؤجرة. رفض الدعوى تأسيساً على هذا الدفع. اختصاص المحكمة الابتدائية بالدعوى. اختصاصها بالدفع تبعاًً. قيمة الدعوى وعقد الإيجار لا تتجاوز مائتين وخمسين جنيهاً. حكم نهائي من محكمة ابتدائية. الطعن فيه بطريق النقض. جائز. المادة 425 مرافعات.
(3) دفاع. إجراءات تقاضي. حجز القضية للحكم بعد مرافعة الخصوم وتقديم مستنداتهم. طلب أحد الخصوم فتح باب المرافعة لتقديم مستندات أو مد أجل الحكم لتقديم مذكرة. الحكم في الدعوى دون إجابة هذا الطلب. لا إخلال بحق الدفاع.
(4) إجارة. ملكية. حكم. تسبيبه. دعوى من المؤجر بطلب إخلاء المستأجر من العين المؤجرة لعدم وفائه بالأجرة. رفض المحكمة الدعوى تأسيساً على ما دفع به المستأجر من أنه تملك العين المؤجرة بالشراء. تعرضها إلى ما قدمه المستأجر من المستندات لمجرد التحقق من انتهاء عقد الإيجار بشرائه العين دون البحث في الشروط اللازمة لنقل الملكية. النعي على الحكم بالخطأ في القانون لاعتماده على هذه المستندات حالة كونها لا تفيد انتقال الملكية للمستأجر. نعي في غير محله.
(5) إجارة. حكم. تسبيبه. رفض طلب المؤجر إخلاء المستأجر من العين تأسيساً على شراء المستأجر لهذه العين. النعي على الحكم مخالفة القانون بحجة أن للمؤجر ولو كان غير مالك طلب إخراج المستأجر لعدم وفائه بالأجرة. في غير محله.
(1) متى كان الواقع هو أن الطاعنة أقامت دعواها بطلب إخلاء المطعون عليه الأول من العين المؤجرة لعدم وفائه بالأجرة المستحقة استناداً إلى المادة الثانية من القانون رقم 121 لسنة 1947 وكانت المحكمة إذ رفضت طلب الإخلاء قد أسسته على دفاع المستأجر من أن علاقة الإيجار التي كانت قائمة بينه وبين المؤجرة قد انتهت بشرائه العين المؤجرة، فإن هذا الذي قررته المحكمة ليس تطبيقاً لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 وإنما هو وفقاً لقواعد القانون العام.
(2) متى كانت المحكمة الابتدائية مختصة بالفصل في طلب الإخلاء المشار إليه وفقاً لقواعد القانون العام فتكون مختصة تبعاً بالفصل فيما دفع به المستأجر من أن عقد الإيجار قد انتهى بشرائه العين المؤجرة. ولما كان الثابت بالأوراق أن قيمة كل من الدعوى وعقد الإيجار الذي دفع بانتهائه تقل عن مائتين وخمسين جنيهاً فيكون الحكم قد صدر من المحكمة الابتدائية بصفة انتهائية. ومن ثم يكون الطعن فيه بطريق النقض جائزاً وفقاً لنص المادة 425 من قانون المرافعات.
(3) إذا كان الثابت بالحكم أنه بعد أن قدم الخصوم مستنداتهم في الدعوى وترافعوا فيها قررت المحكمة بالجلسة الأخيرة حجزها للحكم، فإنه لا تثريب عليها إذ هي فصلت في الدعوى دون أن تجيب الطاعنة إلى طلب إعادتها إلى المرافعة لتقديم مستندات أو مد أجل الحكم لتقديم مذكرات، إذ أن هذا الطلب لا يعتبر دفعاً تمسكت به الطاعنة أمام المحكمة، ومن ثم فإنه يكون في غير محله النعي عليها بأنها أخلت بحق الطاعنة في الدفاع.
(4) متى كانت المحكمة إذ قضت بانتهاء عقد الإيجار الذي تستند إليه الطاعنة في طلب الإخلاء، لم تكن في صدد البحث في انتقال ملكية العين المؤجرة منها إلى المطعون عليه الأول فتبحث الشروط الواجب توافرها قانوناً حتى تنتقل الملكية إليه وإنما تعرضت لمستنداته للاستدلال منها على انتهاء عقد الإيجار بشرائه العين المؤجرة بصرف النظر عن البحث في انتقال الملكية، فليس فيما استندت إليه في هذا الخصوص أية مخالفة للقانون.
(5) إذا كان الحكم قد خلص في قضائه إلى اعتبار أن عقد الإيجار الذي تستند إليه الطاعنة صار لا وجود له بشراء المستأجر للعين المؤجرة إليه، وبالتالي تكون دعوى الإخلاء على غير أساس. فإن هذا الذي قرره الحكم لا خطأ فيه. ذلك أنه بعد أن أقامت المحكمة قضاءها على انتهاء عقد الإيجار يكون في غير محله اعتمادها على هذا العقد بحجة أن للمؤجر حتى لو كان غير مالك الحق في طلب إخلاء المستأجر إذا تأخر في دفع الأجرة المستحقة.


الوقائع

في 11 من يوليه سنة 1951 طعن بطريق النقض في حكم محكمة المنصورة الابتدائية الصادر في 27 من مارس سنة 1951 في القضية رقم 935 سنة 1950 - وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاًًً وفي الموضوع أصلياً الحكم بنقض الحكم المطعون فيه وإخلاء العين المؤجرة المبينة الحدود والمعالم بصحيفة افتتاح الدعوى مع إلزام المطعون عليهما الأول والثالث بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة واحيتاطياً إحالة القضية على محكمة المنصورة الابتدائية للفصل فيها مجدداً وفي 14 و17 من يوليه سنة 1951 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن - وفي 24 منه أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها - وفي 2 من أغسطس سنة 1951 أودع المطعون عليهما الأول والثالث مذكرة بدفاعهما مشفوعة بمستنداتهما طلبا فيها الحكم بعدم قبول الطعن لعدم جوازه بالنسبة إلى الحكم المطعون فيه أو الحكم برفضه مع إلزام الطاعنة بالمصروفات وأتعاب المحاماة - ولم تقدم المطعون عليها الثانية دفاعاً. وفي 26 من إبريل سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بعدم جواز الطعن وإلزام الطاعنة بالمصروفات وبجلسة 2 من أكتوبر سنة 1952 أجلت الدعوى لإيداع مذكرات تكميلية في الدفع بعدم جواز الطعن - وبتاريخ 11 من أكتوبر سنة 1952 أودعت الطاعنة مذكرة تكميلية طلبت فيها الحكم برفض الدفع وبقبول الطعن شكلاًًً والحكم بالطلبات المبينة بتقرير الطعن - وفي نفس اليوم وضعت النيابة العامة مذكرتها وعدلت فيها عن رأيها طالبة رفض الدفع بعدم جواز الطعن وبجوازه وقبوله شكلاًًً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات. وبجلسة 6 من نوفمبر سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها التكميلية - والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة النيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون عليه الأول الدعوى رقم 935 سنة 1950 محكمة المنصورة الابتدائية وقالت شرحاً لها. إنه استأجر منها بموجب عقد إيجار محرر في أول أغسطس سنة 1938 دكانين لمدة سنة جددت من سنة إلى أخرى برضاء الطرفين بأجرة شهرية مقدارها 120 قرشاً صاغاً تضاف إليها الزيادة المقررة قانوناً، وأنه استمر منتفعاً بالعين المؤجرة، ولكنه تأخر في دفع الأجرة من أول فبراير سنة 1949 حتى سبتمبر سنة 1950، فاستصدرت أمراً بالحجز على ما يوجد بالعين المؤجرة0 ورفعت عليه الدعوى رقم 859 سنة 1950 محكمة شربين الجزئية تطلب الحكم عليه بمبلغ 3240 قرشاً صاغاً، ثم نبهت عليه بالدفع بخطاب موصى عليه في 30 - 11 - 1949، وأنها لذلك طلبت الحكم بفسخ عقد الإيجار وإخلاء العين المؤجرة استناداً إلى القانون رقم 121 لسنة 1947، ودفع المطعون عليه الأول الدعوى بأنه وأخاه المطعون عليه الثالث اشتريا مباني الدكانين من زوج الطاعنة محمد القصبي عبد العاطي بعقد محرر في 28 - 11 - 1943 وكذلك الأرض المقامين عليها من مصلحة الأملاك (المطعون عليها الثانية) ودفعا ثمنها إليها في 19 - 10 - 1945 ثم أدخل هذه المصلحة خصماً في الدعوى كما تدخل المطعون عليه الثالث خصماً ثالثاً فيها منضماً إلى المطعون عليه الأول في طلباته ومتمسكاً بنفس الدفاع الذي أبداه. وقررت المحكمة قبوله. ثم قضت في 27 - 3 - 1951 برفض دعوى الطاعنة وإلزامها بمصروفاتها وبمبلغ 400 قرش صاغ مقابل أتعاب المحاماة للمطعون عليهما الأول والثالث، تأسيساً على أنهما اشتريا الأرض من المطعون عليها الثانية والمباني المقامة عليها من مالكها زوج الطاعنة، وأن الطاعنة أقرت هذا الشراء بالإقرارات الموقع عليها منها والتي تفيد قبضها مبالغ من الثمن لتسليمها إلى زوجها، وأن المطعون عليهما الأول والثالث قاما بهدم الدكانين وإعادة بنائهما بشكل جديد وربطت العوائد عليهما باعتبارهما مالكين لهما، وأنه بذلك يكون وضع يد المطعون عليه الأول قد تغير إلى مشتر بعد أن كان مستأجراً، وصار عقد الإيجار الذي تستند إليه الطاعنة لا وجود له من وقت الشراء، وبالتالي تكون دعوى الإخلاص لا أساس لها من القانون والواقع. وقررت الطاعنة الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن المطعون عليهما الأول والثالث دفعا بعدم جواز الطعن تأسيساً على أن الحكم المطعون فيه قد صدر وفقاً للقانون رقم 121 لسنة 1947، وتنص الفقرة الرابعة من مادته الخامسة عشرة على أن الأحكام التي تصدر في المنازعات الناشئة عن تطبيقه لا تكون قابلة لأي طعن. هذا فضلاً عن أن الطاعنة قررت الطعن بطريق النقض مباشرة دون أن ترفع استئنافاً عن الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق: أن الطاعنة، وإن كانت أقامت دعواها بطلب إخلاء الدكانين لأن المطعون عليه الأول لم يقم بوفاء الأجرة المستحقة استناداً إلى المادة الثانية من القانون رقم 121 لسنة 1947، إلا أنه دفع الدعوى بأن صفة وضع يده قد تغيرت لشرائه الدكانين المذكورين أرضاً وبناء من المطعون عليها الثانية وزوج الطاعنة محمد القصبي وبأنه لذلك صار عقد الإيجار الذي تستند إليه الطاعنة لا وجود له قانوناً: وأن محكمة الموضوع أخذت بهذا الدفاع، وذلك بعد أن أدخل المطعون عليه الأول مصلحة الأملاك خصماً في الدعوى وبعد أن قبل المطعون عليه الثالث خصماً ثالثاً فيها منضماً إلى المطعون عليه الأول في طلباته - والمحكمة، إذ رفضت طلب الإخلاء، قد أسسته على أن علاقة الإيجار التي كانت قائمة بين الطاعنة والمطعون عليه الأول قد انتهت بشرائه العين المؤجرة: وهذا الذي قررته لم يكن تطبيقاً لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 وإنما كان وفقاً لقواعد القانون العام. ولما كانت المحكمة الابتدائية مختصة بالفصل في طلب الإخلاء وفقاً للقانون المشار إليه، فتكون مختصة تبعاً بالفصل فيما دفع به المطعون عليه الأول وانضم إليه فيه المطعون عليه الثالث من أن عقد الإيجار قد انتهى لشرائهما العين المؤجرة. ولما كان الثابت بالأوراق أن قيمة كل من الدعوى وعقد الإيجار الذي دفع بانتهائه تقل عن 250 جنيهاً. فيكون الحكم قد صدر من المحكمة الابتدائية بصفة انتهائية. ومن ثم يكون الطعن فيه بطريق النقض جائزاً أو وفقاً لنص المادة 425 مرافعات.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية؛
ومن حيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب: يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه مشوب بالبطلان من وجهين (أولهما) إذ قررت المحكمة أنه على الرغم من اعتراف الطاعنة بالمذكرة المقدمة منها وبمحضر الجلسة الأخيرة بأن الأرض المقام عليها الدكانان ملك لمصلحة الأملاك (المطعون عليها الثانية) وبأن المباني ملك لزوجها محمد القصبي عبد العاطي، إلا أنها ادعت أن الأرض التي اشتراها المطعون عليهما الأول والثالث تغاير أرض الدكانين محل النزاع، وأن المباني قد اشترتها بعقد فقد منها، وإذ اعتمدت المحكمة على الإقرارات المنسوبة إلى الطاعنة بقبضها مبالغ من المطعون عليهما الأول والثالث خصماً من الثمن لتسليمها إلى زوجها - إذ قررت المحكمة ذلك تكون قد استندت إلى وقائع تخالف الثابت بالأوراق ذلك أنه يبين من مذكرة الطاعنة ومحضر الجلسة الأخيرة المقدم صورهما الرسمية بملف الطعن أنه لم يصدر منها أي اعتراف في هذا الخصوص، كما أن الإقرارات المشار إليها لم تصدر منها إذ موقع عليها بإمضاء منسوبة إليها في حين أنها تجهل القراءة والكتابة، هذا فضلاً عن التناقض الظاهر بين عقد البيع وهذه الإقرارات إذ بينما ذكر في عقد بيع المباني المحرر في 28 - 11 - 1943 أن الثمن دفع بأكمله فإنه جاء بالإقرارات الثلاثة المحررة بعد ذلك في 19 - 5 - 1945 و30 - 6 - 1946 و17 - 10 - 1946 أن الطاعنة قبضت مبالغ من الثمن لتسليمها إلى زوجها.
ومن حيث إن هذا الوجه مردود بما يبين من الحكم المطعون فيه من أنه أقيم في أساسه على أن المطعون عليه الأول لم يعد مستأجراً من وقت شرائه هو وأخيه المطعون عليه الثالث أرض ومباني الدكانين من زوج الطاعنة محمد القصبي ومصلحة الأملاك المطعون عليها الثانية وذلك بناء على ما استخلصته المحكمة من عقد بيع المباني الصادر من أولهما في 28 - 11 - 1943 ومن قول المطعون عليها الثانية بجلسة 13 - 3 - 1951 بأنها باعت الأرض للمطعون عليهما الأول والثالث في 27 - 11 - 1945 ومن اعتراف الطاعنة في إنذار صادر منها إلى المطعون عليها الثانية في 23 - 9 - 1948 بأن الأرض المقام عليها الدكانان هي التي اشتراها المطعون عليهما الأول والثالث وأنه لذلك يكون وضع يد المطعون عليه الأول قد تغيرت صفته من وضع يد بصفته مستأجراً إلى وضع يد بصفته مشترياً من تاريخ البيع كما أنه هو والمطعون عليه الثالث قاما بهدم الدكانين وأعادا بناءهما برخصة صادرة من مجلس بلدي شربين في 2 - 12 - 1947 وقد ربطت العوائد باسمهما: الأمر الذي يجعل عقد الإيجار الذي تستند إليه الطاعنة لا وجود له وبالتالي تكون دعوى الإخلاء المبنية على هذا العقد لا أساس لها من القانون والواقع: وهذا الذي قررته المحكمة مستمد من الأوراق ولا يخالف الثابت بها، وهو وحده كاف لإقامة الحكم فيما انتهى إليه، ومن ثم يكون ما تنعاه الطاعنة على الحكم في خصوص ما أورده عن أقوالها في المذكرة المقدمة منها ومحضر الجلسة الأخيرة وعن الإقرارات المنسوبة إليها. على فرض خطأ الحكم فيه - غير منتج، متى كان الحكم قد أقيم في أساسه على أسباب أخرى صحيحة تكفي لحمله كما هو الشأن في الدعوى.
ومن حيث إن الوجه الثاني من السبب الأول هو لأن الحكم أخل بحق الطاعنة في الدفاع - ذلك أن الطاعنة قدمت إلى المحكمة طلباً بإعادة القضية إلى المرافعة لتمكينها من تقديم مستندات رداً على مستندات الخصوم التي قدمت إليها بالجلسة الأخيرة - إلا أن المحكمة رفضت إجابة هذا الطلب.
ومن حيث إن هذا الوجه مردود بما هو ثابت بالحكم من أنه بعد أن قدم الخصوم مستنداتهم في الدعوى وترافعوا فيها قررت المحكمة بالجلسة الأخيرة حجزها للحكم، ولا تثريب عليها إذا هي فصلت في الدعوى دون أن تجيب الطاعنة إلى طلب إعادتها إلى المرافعة لتقديم مستندات أو مد أجل الحكم لتقديم مذكرات، إذ أن هذا الطلب لا يعتبر دفعاً تمسكت به الطاعنة أمام المحكمة.
ومن حيث إن السببين الثاني والثالث يتحصلان في أن الحكم - إذ استند في اعتباره أن المطعون عليهما الأول والثالث قد صارا مالكين للدكانين المؤجرين من الطاعنة إلى أولهما، على رخصة البناء المقدمة منه، وعلى أن الطاعنة قد أقرت البيع الصادر إليهما من زوجها ومن المطعون عليها الثانية بالإقرارات الموقع عليها منها والتي تفيد قبضها جزءاً من الثمن لتسليم إلى زوجها - فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون - ذلك أن رخصة البناء لا تفيد ملكية المرخص له، إذ هي تعطي لغير المالك وللمستأجر أو المنتفع أو المقاول - وأن المطعون عليهما الأول والثالث يستندان إلى عقود غير مسجلة لا تصلح لنقل الملكية كما يوجب قانون الشهر العقاري - وفضلاً عن ذلك فإن للمؤجرة حتى لو كانت غير مالكة الحق في طلب إخلاء المستأجر إذا تأخر في دفع الأجرة المستحقة.
ومن حيث إن هذين السببين مردودان بأن المحكمة إذ قضت بانتهاء عقد الإيجار الذي تستند إليه الطاعنة في طلب الإخلاء، فإنها لم تكن في صدد البحث في انتقال ملكية الدكانين المؤجرين منها إلى المطعون عليه الأول فتبحث الشروط الواجب توافرها قانوناً حتى تنتقل الملكية إليه وإلى المطعون عليه الثالث، وإنما تعرضت لمستندات المطعون عليهما المذكورين للاستدلال منها على انتهاء عقد الإيجار بشرائهما العين المؤجرة بصرف النظر عن البحث في انتقال الملكية، وليس فيما استند إليه الحكم في هذا الخصوص مخالفة للقانون. وأما القول بأن للطاعنة بوصفها مؤجرة الحق في طلب الإخلاء لعدم دفع الأجرة حتى لو كانت غير مالكة فمردود بأن الحكم قد خلص في قضائه إلى اعتبار أن عقد الإيجار الذي تستند إليه الطاعنة صار لا وجود له بشراء المستأجر الدكانين المؤجرين إليه، وبالتالي تكون دعوى الإخلاء على غير أساس. وهذا الذي قرره الحكم لا خطأ فيه، ذلك أنه بعد أن أقامت المحكمة قضاءها على انتهاء عقد الإيجار وزوال صفتها في طلب الإخلاء يكون اعتمادها على هذا العقد في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.