أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 4 - صـ 144

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1952
(23)
القضية رقم 268 سنة 20 القضائية

برئاسة حضرة المستشار الأستاذ عبد الحميد وشاحي وبحضور حضرات الأساتذة: سليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان وأحمد العروسي المستشارين.
(1) مرض موت. حكم. تسبيبه. تقريره لأسباب سائغة أن البائع لم يكن مريضاً مرض الموت عند تحرير عقد البيع. رفضه ضمناً طلب الإحالة على التحقيق لإثبات هذا المرض. لا خطأ في تطبيق القانون ولا قصور.
(2) مرض موت. نقض. طعن. حكم. تسبيبه. تقريره بأسباب سائغة أن الادعاء بمرض موت البائع عند تحرير عقد البيع غير جدي. الطعن بصورية تاريخ العقد. غير منتج. النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد لقوله إن التاريخ غير متنازع فيه. نعي غير منتج أيضاً.
(1) متى كان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تر فيما قاله الطاعن من أن البائعة كانت مريضة مرض الموت عند تحرير عقد البيع إلا مجرد ادعاء غير جدي لأن الطاعن لم يقدم دليلاً أو حتى قرينة على أنها كانت مريضة، فإن المحكمة بناء على هذه الأسباب السائغة التي أوردتها - تكون قد رفضت ضمناً طلب الإحالة على التحقيق لإثبات مرض الموت، وهذا لا خطأ فيه في تطبيق القانون كما لا يشوبه القصور.
(2) متى كانت المحكمة - بناء على الأسباب السائغة التي أوردتها - قد رأت فيما قاله الطاعن من أن البائعة كانت مريضة مرض الموت عند تحرير عقد البيع ادعاءاً غير جدي، فإنه يكون غير منتج الطعن بصورية تاريخ عقد البيع وطلب تحقيق هذه الصورية، وكذلك النعي بالخطأ في الإسناد على قول المحكمة بأن التاريخ المذكور غير متنازع فيه. ذلك أن المقصود بصورية التاريخ في هذا المقام أن يوضع على العقد تاريخ غير صحيح يكون سابقاً على تاريخه الحقيقي لإخفاء أنه حرر في مرض الموت، وهو ما رأت المحكمة عدم جدية الادعاء به.


الوقائع

في يوم 15 من أغسطس سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف المنصورة الصادر في 22 من مايو سنة 1950 في القضية رقم 8 سنة 2 ق - وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على دائرة أخرى للفصل فيها مجدداً مع إلزام المطعون عليه بالمصروفات وأتعاب المحاماة عن جميع درجات التقاضي.
وفي 20 من أغسطس سنة 1950 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن - وفي 28 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته - وفي 26 من سبتمبر سنة 1950 أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 31 من مايو سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وبجلسة 13 من نوفمبر سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطرفين والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة؛
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية؛
ومن حيث إن الوقائع تتحصل في أن المطعون عليه بصفته ولياً على ولديه نظمي الشهير بيوسف ومنجدة الشهيرة بنوسة أقام على الطاعن الدعوى رقم 48 كلي سنة 1949 محكمة الزقازيق الابتدائية بطلب الحكم بإثبات صحة التعاقد الصادر إليه بهذه الصفة في 15 من أغسطس سنة 1943 ببيع 3 أفدنة و10 قراريط و12 سهماً بثمن مقداره 371 جنيه و250 مليم من هيلانه منقريوس بدوي جدة القاصرين لأمهما وشقيقة الطاعن. ودفع الطاعن بأن العقد يخفي وصية لأن البائعة احتفظت لنفسها في العقد بحق الانتفاع بالمبيع مدى الحياة كما حظرت على المطعون عليه أن يتصرف في الأطيان بغير إذن من المجلس الحسبي. ودفع الطاعن أيضاً بأن العقد حرر في مرض موت البائعة وأنه مستعد لإثبات ذلك بالبينة. وذهبت محكمة أول درجة إلى أن البيع ليس مضافاً إلى ما بعد الموت، إذ هو بحسب نصوصه بيع منجز مقترن بشروط صحيحة وأنه لم يقم دليل على نوع مرض البائعة بل لم يقدم الطاعن أي دليل أو قرينة على أنها كانت مريضة ثم إن البيع لغير وارث، وليس في القضية دليل على أن الثمن الوارد بالعقد فيه محاباة تزيد على الثلث ومن ثم قضت بإثبات صحة التعاقد. واستأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 8 سنة 2 ق محكمة استئناف المنصورة التي قضت في 22 من مايو سنة 1950 بتأييده مقرة محكمة أول درجة على أسبابها وأضافت إليها أن البائعة توفيت في سنة 1946 أي بعد البيع بأكثر من ثلاث سنوات وأنه لم يثبت بحال أن المرض قد أصابها قبل وفاتها. وقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب تتحصل في أن الطاعن تمسك في صحيفة الاستئناف بأن عقد البيع المنسوب إلى مورثته حرر إبان مرض موتها وأن التاريخ الموضوع عليه غير صحيح وأنه مستعد لإثبات هاتين الواقعتين بالبينة، ولكن المحكمة لم تجب الطاعن إلى هذا الطلب ولم تشر إليه حيثيات حكمها بل قالت إن تاريخ العقد غير متنازع فيه ولذلك ينعى الطاعن على الحكم الخطأ في تطبيق القانون إذ لم يجز للطاعن وهو يعتبر أجنبي في هذا الخصوص أن يثبت بكافة الطرق القانونية أن العقد حرر في مرض الموت وأن التاريخ الموضوع عليه صوري، كما ينعى على الحكم القصور في التسبيب إذ أغفل الرد على هذا الدفاع، وينعى عليه الخطأ في الإسناد إذ قرر أن التاريخ غير متنازع فيه رغم أن الطاعن يقول بصوريته.
ومن حيث إنه جاء بالحكم المطعون فيه في خصوص ما دفع به الطاعن من أن العقد صدر في مرض موت المورثة ".... فضلاً عن أنه لم يثبت بحال أن البائعة قد أصابها المرض قبل وفاتها المجمع عليها من الطرفين أنها لم تتوف إلا في سنة 1946 أي بعد البيع بثلاث سنوات أو تزيد ولم يثبت أن مرضاً من الأمراض المميتة بطبيعتها قد أقعدها في دارها طول تلك المدة ولهذا كان الحكم المستأنف صائباً فيما انتهى إليه والطعن فيه غير سديد ومن ثم فقد حق إقراره" كما جاء بالحكم الابتدائي الذي أقره الحكم المطعون فيه "ولم يقم دليل على نوع مرض البائعة بل لم يقدم المدعى عليه الطاعن أي دليل أو حتى قرينة على أنها كانت مريضة" ويبين من ذلك أن المحكمة لم تر فيما قاله الطاعن من أن البائعة كانت مريضة مرض الموت عند تحرير عقد البيع إلا مجرد ادعاء غير جدي لأن الطاعن لم يقدم دليلاً أو حتى قرينة على أنها كانت مريضة، وبذلك تكون المحكمة بناء على هذه الأسباب السائغة التي أوردتها قد رفضت ضمناً طلبت الإحالة على التحقيق لإثبات مرض الموت، وهذا لا خطأ فيه في تطبيق القانون كما لا يشوبه بالقصور. ومتى تقرر ذلك يكون غير منتج الطعن بصورية تاريخ العقد وطلب تحقيق هذه الصورية، وكذلك النعي بالخطأ في الإسناد على قول المحكمة بأن التاريخ المذكور غير متنازع فيه - ذلك أن المقصود بصورية التاريخ في هذا المقام أن يوضع على العقد تاريخ غير صحيح يكون سابقاً على تاريخه الحقيقي لإخفاء أنه حرر في مرض الموت، وهو ما رأت المحكمة عدم جدية الادعاء به.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.