أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 4 - صـ 194

جلسة 11 من ديسمبر سنة 1952
(31)
القضية رقم 35 سنة 21 قضائية

برئاسة المستشار حضرة الأستاذ عبد الحميد وشاحي وبحضور حضرات الأساتذة: سليمان ثابت محمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان وأحمد العروسي (المستشارين).
(1) دفاع. إجراءات تقاضي. حجز المحكمة القضية للحكم مع التصريح للخصوم بتبادل المذكرات على أن يبدأ الطاعن بتقديم مذكرته. تقديم المطعون عليها مذكرتها واطلاع محامي الطاعن عليها قبل تقديم مذكرته. أخذ المحكمة بما جاء في مذكرة المطعون عليها. نعي الطاعن بأن المحكمة أخلت بحقه في الدفاع لأنها لم تمكنه من الرد على ما جاء بمذكرة المطعون عليها. على غير أساس.
(2) ضرائب. حكم تسبيبه. اعتماده تقدير اللجنة لأرباح المعول بأكثر من السعر الجبري بناء على أسبابه سائغة. لا مخالفة في ذلك للقانون.
(1) متى كان يبين من الأوراق أن المحكمة وإن كانت قررت بعد أن سمعت المرافعة في الدعوى إرجاء الحكم لجلسة معينة مع التصريح بتبادل المذكرات في الأسبوعين الأولين على أن يبدأ الطاعن بتقديم مذكرته في الأسبوع الأول إلا أن المطعون عليها هي التي بدأت بتقديم مذكرتها وأشر عليها بورود صورتها لمكتب محامي الطاعن ثم قدم الطاعن مذكرته وأشر عليها بورود صورتها وبذلك كان في ميسور الطاعن أن يرد على ما جاء في مذكرة المطعون عليها، وفضلاً عن ذلك فإن ما ورد في مذكرة المطعون عليها لم يكن سبباً جديداً وإنما هو الدفاع الذي تمسكت به في كافة مراحل النزاع ومن ثم فإنه يكون في غير محله ما نعاه الطاعن على المحكمة من أنها أخلت بحقه في الدفاع لأخذها بما جاء بمذكرة المطعون عليها دون أن تمكنه من الرد عليه.
(2) متى كان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قدرت ربح الطاعن من اللحوم بواقع عشرة مليمات للرطل تأسيساًً على أن محكمة الدرجة الأولى إذ قدرت ربح الطاعن بواقع خمسة مليمات على أساس السعر الجبري قد أخطأت التوفيق. ذلك أن الطاعن لم يقرر أمام مأمورية الضرائب أن عمله مقصور على بيع اللحوم في محله - كما هو شأن القصابين الذين يشترون اللحوم من المجزر مباشرة - وإنما قرر أنه يشتري مواشيه من السوق ثم يقوم بتجزير وبيع لحومها ومخلفاتها كما أبان مقدار مبيعاته وأثمانها وأوزان المواشي. مما يكون معه صحيحاً تقدير لجنة التقدير لربح الطاعن بواقع عشرة مليمات للرطل. فإن هذا الذي قررته المحكمة لا مخالفة فيه للقانون. إذ هو استخلاص موضوعي سائغ أبانت فيه المحكمة أسباب عدم تعويلها على السعر الجبري الذي اعتمد عليه الطاعن وأخذت به محكمة الدرجة الأولى.


الوقائع

في أول فبراير سنة 1951 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 16 من نوفمبر سنة 1950 في الاستئناف رقم 92 سنة 67 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى على دائرة أخرى للفصل فيها مجدداً وإلزام المطعون عليها بالمصروفات وأتعاب المحاماة عن جميع درجات التقاضي.
وفي 5 من فبراير سنة 1951 أعلنت المطعون عليها بتقرير الطعن وفي 17 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليها بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح الأسباب وحافظة بمستنداته. وفي 11 من مارس سنة 1951 أودعت المطعون عليها مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات وأتعاب المحاماة. وفي 26 منه أودع الطاعن مذكرة بالرد.
وفي 8 من يوليه سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وبجلسة 27 من نوفمبر سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطرفين والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع الدعوى، حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، تتحصل في أن مأمورية ضرائب بنها قدرت أرباح الطاعن من اشتغاله بالجزارة وبيع اللحوم عن السنوات من 1943 إلى 1947 بمبلغ 370 و385 و420 و450 و470 جنيهاً على التوالي. ولما لم يقبل الطاعن هذا التقدير أحيل الأمر على لجنة تقدير الضرائب التي قررت في 12 من يوليه سنة 1949 تقدير أرباحه بمبلغ 235 عن كل من السنتين الأوليين وبمبلغ 275 و300 و320 جنيهاً عن السنوات الأخرى على التوالي. وأقام الطاعن على المطعون عليها الدعوى رقم 4 لسنة 1949 تجارى محكمة بنها الابتدائية بالطعن في قرار اللجنة طالباً إلغاءه واعتماد أرباحه كما وردت في إقراراته. وفي 30 من يناير سنة 1950 قضت المحكمة بتعديل هذا القرار وتقدير أرباح الطاعن بمبلغ 43 جنيهاً عن كل من السنتين الأوليين وبمبلغ 63 و88 و86 جنيهاً عن السنوات الأخرى على التوالي. وأنها وإن كانت أخذت بتقدير اللجنة لمقدار اللحوم المبيعة ومقدار المصروفات، إلا أنها فيما يتعلق بربح الطاعن فقد قدرته بواقع خمسة مليمات للرطل وفقاً للسعر الجبري الذي كان محدداً في ذلك الوقت، مخالفة في ذلك ما رأته كل من مأمورية الضرائب واللجنة من تقدير الربح بواقع عشرة مليمات للرطل استناداً إلى أن الطاعن أقر أمام مأمورية الضرائب بأنه يشتري العجول البقري من السوق ويذبحها بنفسه ثم يبيع لحومها ومخلفاتها، وهذا ما يحقق له ربحاً يزيد عما لو كان يشتري اللحوم من المجزر مباشرة - واستأنفت المطعون عليها هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 92 سنة 67 ق - تجاري محكمة استئناف مصر التي قضت في 28 من أكتوبر سنة 1950 بإلغائه وبتأييد قرار اللجنة. وقرر الطاعن الطعن في الحكم المذكور بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على سببين: يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه البطلان لإخلاله بحق الطاعن في الدفاع - ذلك أن المحكمة حجزت القضية للحكم وطلبت من الطاعن أن يبدأ بتقديم مذكرته، ولذا اقتصرت فيها على الرد على أسباب الاستئناف، ولكن المطعون عليها جاءت في مذكرتها بسبب جديد حاصله أن الطاعن كان يشتري المواشي من الأسواق ويقوم بذبحها وبيعها للمستهلك وبذلك حقق لنفسه ربحاً من بيع اللحوم ومخلفاتها في محله وربحاً هو الفرق بين سعر الشراء وسعر البيع مما يبرر رفع معدل الربح إلى عشرة مليمات للرطل، وقد أخذت المحكمة بهذا الدفاع دون أن تمكن الطاعن من الرد عليه.
ومن حيث إن هذا السبب مردود مما يبين من الأوراق (أولاً) من أنه وإن كانت المحكمة قررت بعد أن سمعت المرافعة بجلسة 19 من أكتوبر سنة 1950 إرجاء الحكم لجلسة 16 من نوفمبر سنة 1950 مع التصريح بتبادل المذكرات في الأسبوعين الأولين على أن يبدأ الطاعن بتقديم مذكرته في الأسبوع الأول إلا أن المطعون عليها هي التي بدأت بتقديم مذكرتها وأشر عليها بورود صورتها لمكتب محامي الطاعن في 29 من أكتوبر سنة 1950 ثم قدم الطاعن مذكرته وأشر بورود صورتها في 2 من نوفمبر سنة 1950 وبذلك كان في ميسور الطاعن أن يرد على ما جاء في مذكرة المطعون عليها (وثانياً) من أن هذا الذي ورد في مذكرة المطعون عليها لم يكن سبباً جديداً إنما هو الدفاع الذي تمسكت به مصلحة الضرائب في كافة مراحل النزاع ابتداء من المأمورية حتى محكمة الدرجة الثانية.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون ذلك أن محكمة الدرجة الأولى قدرت ربح الطاعن بواقع خمسة مليمات للرطل، على أساس السعر الجبري ولكن محكمة الاستئناف أهدرت حجية هذا السعر مع وجوب الأخذ به ومع ثبوت عدم مخالفته من الطاعن.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما يبين من الحكم من أن المحكمة قدرت ربح الطاعن بواقع عشرة مليمات للرطل تأسيساً على أن محكمة الدرجة الأولى إذ قدرت ربح الطاعن بواقع خمسة مليمات على أساس السعر الجبري قد أخطأت التوفيق، ذلك أن الطاعن لم يقرر أمام المأمورية أن عمله مقصور على بيع اللحوم في محله - كما هو شأن القصابين الذين يشترون اللحوم من المجزر مباشرة، وإنما قرر أنه يشتري مواشيه من السوق ثم يقوم بتجزيرها وبيع مخلفاتها كما أبان مقدار مبيعاته وأثمانها وأوزان المواشي - وقد ذكرتها المحكمة - مما يكون معه صحيحاً تقدير اللجنة لربح الطاعن بواقع عشرة مليمات للرطل. وهذا الذي قررته المحكمة لا مخالفة فيه للقانون، إذ هو استخلاص موضوعي سائغ أبانت فيه المحكمة أسباب عدم تعويلها على السعر الجبري الذي اعتمد عليه الطاعن وأخذت به محكمة الدرجة الأولى.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.