أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 4 - صـ 251

جلسة 25 من ديسمبر سنة 1952
(40)
القضية رقم 50 سنة 21 القضائية

برئاسة حضرة المستشار الأستاذ عبد الحميد وشاحي وبحضور حضرات الأساتذة: سليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان وأحمد العروسي المستشارين.
(1) قضاء مستعجل. إشكال في التنفيذ. قيام النزاع على الحق المطلوب حمايته أثناء نظر الإشكال. هذا لا يحول دون أن يتناول قاضي الأمور المستعجلة بحث هذا النزاع بصفة وقتية لا ليفصل فيه بحكم حاسم للخصومة وإنما ليلتمس منه وجه الصواب في الإجراء الوقتي الذي يرى الأمر به.
(2) قضاء مستعجل. ضرائب. تقرير المحكمة أن بداية إخطار التنازل من المنشأة تكون من تاريخ وقف المتنازل عن مباشرة العمل فيها وقفاً فعلياً لا من تاريخ إبرام عقد التنازل. هذا التقرير يؤيده مفهوم ظاهر نص المادتين 58 و59 من القانون رقم 14 لسنة 1939.
(3) قضاء مستعجل. ضرائب. تقرير المحكمة أن المتنازل عن المنشأة ظل يباشر العمل فيها ويستغلها لحسابه إلى تاريخ معين لاحق لإبرام عقد التنازل وأن إخطار التنازل قد تم في الميعاد القانوني محسوباً من تاريخ وقف المتنازل عن العمل في المنشأة وقفاً فعلياً. تأييد ظاهر أوراق الدعوى لهذا التقرير. لا خطأ في القانون.
(4) قضاء مستعجل. نزاع على بيع أشياء محجوز عليها لعدم وفاء ضريبة الأرباح التجارية. اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بنظر هذا النزاع على اعتبار أنه إشكال في التنفيذ. المادة 49 من قانون المرافعات.
(5) لا يحول دون اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بنظر هذا النزاع أن يكون المستشكل قد أبدى طلبات متعلقة بأصل الحق. لقاضي الأمور المستعجلة بما له من سلطة تحوير طلبات الخصوم في مثل هذه الحالة أن يأمر بالإجراء الوقتي الذي يتفق. طبيعة الإشكال.
(6) موضوع النزاع المشار إليه صالح للفصل فيه. لمحكمة النقض أن تقضي بالإجراء الوقتي المناسب وهو إيقاف البيع.
(1) قيام النزاع أثناء نظر الإشكال في التنفيذ على الحق المطلوب حمايته لا يحول دون أن يتناول قاضي الأمور المستعجلة بحث هذا النزاع بصفة وقتية لا ليفصل فيه بحكم حاسم للخصومة وإنما ليلتمس منه وجه الصواب في الإجراء الوقتي الذي يرى الأمر به، وهذا منه يكون تقديراً وقتياً بطبيعته لا يؤثر على الحق المتنازع عليه بل يبقى هذا الحق محفوظاً سليماً يتناضل فيه ذو الشأن أمام الجهة المختصة.
(2) إذا كانت محكمة الأمور المستعجلة قد قررت أن بداية ميعاد إخطار التنازل عن المنشاة تكون من تاريخ وقف المتنازل عن مباشرة العمل فيها وقفاً فعلياً لا من تاريخ إبرام عقد التنازل، فهذا منها تقرير يؤيده مفهوم ظاهر نص المادتين 58 و59 من قانون الضرائب رقم 14 لسنة 1939.
(3) إذا كانت محكمة الأمور المستعجلة قد قررت أن المتنازل عن المنشأة ظل يباشر العمل فيها ويستغلها لحسابه حتى آخر فبراير سنة 1946 وأن نشاط المتنازل إليه لم يبدأ فيها إلا من أول مارس سنة 1946 وبذلك يكون إخطار التنازل عنها الحاصل في 18 من فبراير سنة 1946 قد قدم في الميعاد وكان هذا التقرير يؤيده ظاهر الأوراق التي اعتمدت عليها في هذا الخصوص فإن النعي عليها بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله.
(4) إذا كان يبين من الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه أن الدعوى رفعت على أنها إشكال في التنفيذ فيما يتعلق ببيع الأشياء المحجوز عليها وأن محكمة الدرجة الأولى قضت بقبول هذا الإشكال شكلاً لرفعه بعد الحجز وقبل اليوم المحدد للبيع، وأن محكمة الدرجة الثانية حكمت بتأييد هذا القضاء فتكون الدعوى على أساس هذا الوصف الذي سارت به في مرحلتي التقاضي الابتدائية والاستئنافية هي من المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والسندات الواجبة التنفيذ التي يختص قاضي الأمور المستعجلة وفقاً للمادة 49 من قانون المرافعات بالحكم فيها بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بالحق ولهذا لا يقضى عدم اختصاصه بنظرها، كما لا يصدر فيها حكماً فاصلاً في الحق المتنازع عليه وإنما يأمر بما يراه من إجراء وقتي كفيل بحماية من ينبئ ظاهر الأوراق وظروف الدعوى أنه صاحب ذلك الحق وأنه جدير بهذه الحماية.
(5) ولا يمنع من ذلك أن المستشكل لم يطلب في إشكاله الحكم بإجراء وقتي وإنما طلب الحكم بعدم الاعتداد بالحجز الموقع ضده وإلغاء ما ترتب عليه من آثار واعتباره كأن لم يكن، وهذه الطلبات بحسب الأساس الذي بنيت عليه الدعوى والنزاع الذي أثير فيها تعتبر طلبات موضوعية والقضاء بها يكون فصلاً في ذات الحق لا يملكه قاضي الأمور المستعجلة، ولذا يكون من واجبه أن يغض النظر عنها وأن يأمر بما له من سلطة تحوير طلبات الخصوم في مثل هذه الحالة بالإجراء الوقتي الذي يتفق وطبيعة الإشكال المعروض عليه، وينبني على ذلك أن تكون المحكمة إذ قضت بعدم الاعتداد بالحجز قد أخطأت في القانون ويتعين نقض حكمها في هذا الخصوص.
(6) متى كان موضوع النزاع المشار إليه صالحاً للفصل فيه، وكان يبين من الأوراق أن ما قررته المحكمة. في تقديرها الوقتي للحق المتنازع عليه من أن المستشكل غير مسئول عن الدين المحجوز من أجله. هو تقرير مؤداه أن يكون حقه أكثر رجحاناً وجديراً بحماية القضاء المستعجل، وكان الإجراء الوقتي الذي يصح القضاء به في مثل حالة الدعوى هو وقف البيع المستشكل فيه حتى يفصل نهائياً في النزاع من الجهة المختصة فإنه يتعين الحكم بهذا الإجراء.


الوقائع

في يوم 12 من فبراير سنة 1951 طعن بطريق النقض في حكم محكمة القاهرة الابتدائية بهيئة استئنافية الصادر في 29 من نوفمبر سنة 1951 في القضية رقم 919 سنة 1950 - وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى وبالتالي الاستمرار في إجراءات البيع الذي كان محدداً له يوم 3 من يوليه سنة 1950 واحتياطياً إحالة الاستئناف على محكمة مصر الابتدائية للفصل فيها مجدداً بهيئة استئنافية وذلك مع إلزام المطعون عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن جميع الدرجات.
وفي 15 من فبراير سنة 1951 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن. وفي 28 منه أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن. وفي 14 من مارس سنة 1951 أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 5 من إبريل سنة 1951 أودعت الطاعنة مذكرة بالرد. وفي 18 منه أودع المطعون عليه الأول مذكرة بملاحظاته على الرد - ولم يقدم المطعون عليه الثاني دفاعاً.
وفي 31 من مايو سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات.
وبجلسة 4 من ديسمبر سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطاعن والمطعون عليه الأول والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطاعن والمطعون عليه الأول والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية؛
ومن حيث إن وقائع الدعوى حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليهما أقاما على الطاعنة في 19 من يونيه سنة 1950 الدعوى رقم 1712 سنة 1950 محكمة الأمور المستعجلة بالقاهرة، وقالا شرحاً لها: إن والدهما (إسكندر حزبون) باع لهما بموجب عقد محرر في 16 من فبراير سنة 1946 ومصدق على إمضاءاته في 23 من فبراير سنة 1946 معمل مستحضرات طبية: وأنهما في 27 من فبراير سنة 1946 عقدا شركة تضامن لإدارته واستغلاله، على أن تكون مدتها خمس سنوات تبدأ من أول مارس سنة 1946: وأنه لذلك ظل والدهما يباشر عمله فيه ولم يتسلماه منه إلا في هذا التاريخ: وأنهما عملا بالمادتين 58 و59 من قانون الضرائب رقم 14 لسنة 1939 أخطرا مصلحة الضرائب بما تقدم في 16 من إبريل سنة 1946 بخطاب موصى عليه، كما أخطرها به والدهما بخطاب آخر في 17 من إبريل سنة 1946، أي قبل مضي ميعاد الستين يوماً المحدد لهذا الإخطار بالمادتين المذكورتين: وأن والدهما قدم إليها أيضاً إقرارات أرباحه عن المدة من سنة 1942 حتى آخر فبراير سنة 1946 كما قدما إليها إقرارات أرباحهما عن المدة من أول مارس سنة 1946 حتى آخر فبراير سنة 1949: وأن الأمر في هذه الأرباح لا يزال معروضاً على القضاء في الدعوى التي رفعت بالطعن في القرار الصادر من لجنة تقدير الضرائب في خصوصها: وأن المطعون عليها على الرغم من ذلك كله أعلنتهما بثلاثة أوراد رقم 4 ضرائب باسم والدهما وطالبتهما بمبلغ 1700 جنيه وكسور، على اعتبار أنه قيمة الضرائب المستحقة على المنشأة من سنة 1942 حتى سنة 1946 وأنهما مسئولان عنه مع والدهما، بحجة أن إخطارهما بالبيع الصادر إليهما لم يحصل إلا بعد انقضاء الميعاد السالف ذكره محسوبة بدايته من تاريخ انعقاد البيع: وأنهما لما امتنعا عن دفع المبلغ المشار إليه أوقعت المطعون عليها في 11 من إبريل سنة 1950 حجزاً على منقولاتهما وحددت يوماً لبيعها: وأنهما لذلك طلبا الحكم بقبول الإشكال شكلاً وفي الموضوع بعدم الاعتداد بالحجز وإلغاء جميع آثاره واعتباره كأن لم يكن: استناداً إلى أنهما لما تقدم بيانه غير مسئولين عن مبلغ الضريبة المحجوز من أجله، مما يكون معه هذا الحجز قد وقع باطلاً. ودفعت المطعون عليها بعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى، لما تنطوي عليه من مساس بالموضوع والحق المتنازع عليه. وفي 26 من يوليه سنة 1950 قضت المحكمة بقبول الإشكال شكلاً وفي الموضوع بقبول الدفع وبعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى وبالاستمرار في إجراءات البيع: تأسيساً على أن الإشكال رفع في الميعاد أي بعد الحجز وقبل البيع: وأن الحجز قد استوفى الإجراءات المقررة له: وأن بطلان هذا الحجز المدعى به من المطعون عليهما والمبنى على عدم مسئوليتهما عن مبلغ الضريبة المحجوز من أجله يخرج البحث فيه عن اختصاص القضاء المستعجل، لأن المشرع في قانون الضرائب اتبع المبدأ المعروف "ادفع ثم عارض" حماية لحقوق الخزانة ومن ثم جعل لورد الضريبة قوة نفاذ لا محيص من احترامها، ولأن النزاع على ما إذا كان ميعاد الإخطار عن بيع المنشاة يبدأ من تاريخ البيع - كما تقول المطعون عليها أو من تاريخ وقف البائع عن العمل فيها - كما يدعي المطعون عليهما - هو نزاع لا يخلو من الجدل، في حين أن اختصاص القضاء المستعجل بالفصل في طلب عدم الاعتداد بأثر الحجز رهن بأن يكون النزاع المؤسس عليه بمنأى عن هذا الجدل. واستأنف الطاعنان هذا الحكم وقيد استئنافهما برقم 919 سنة 1950 محكمة القاهرة الابتدائية التي قضت في 29 من يونيه سنة 1950 بتأييده فيما قضي به من قبول الإشكال شكلاً وبإلغائه فيما عدا ذلك وباختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى وبعدم الاعتداد بالحجز الموقع في 11 من إبريل سنة 1950 وبإلزام الطاعنة بالمصروفات عن الدرجتين وبمبلغ 400 قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما. وتتحصل الأسباب التي أقيم عليها هذا الحكم في أن الحجز المشوب بالبطلان بسبب عدم قيام الدين في ذمة المحجوز عليه هو بمثابة عقبة مادية يختص القضاء المستعجل بنظر طلب إزالتها في صورة عدم الاعتداء بمثل هذا الحجز واعتبار آثاره كأن لم تكن: وأنه وقد نصت المادة 58 من القانون رقم 14 لسنة 1939 على أن تحصيل الضريبة على الأرباح في حالة وقف المنشأة عن العمل يكون لغاية التاريخ الذي وقف فيه العمل، كما نصت المادة 59 على تطبيق حكم المادة السابقة على حالة التنازل عن المنشأة، فيكون الشارع قد قصد أن يكون تاريخ التنازل هو التاريخ الذي وقف فيه المتنازل عن العمل فيها وقفاً فعلياً، قياساً على ما ورد في المادة 58 من أن تحصيل الضريبة يكون لغاية تاريخ الوقف عن العمل: وأنه متى تقرر ذلك وكان يبين من ملف البائع (الممول الأصلي) أنه قدم إلى مصلحة الضرائب بيانات نشاطه التجاري وأدى إليها الضريبة حتى آخر فبراير سنة 1946 وأن المطعون عليهما وإن كانا قد اتفقا معه في 16 من فبراير سنة 1946 على تنازله لها عن المنشأة إلا أن نشاطهما فيها لم يبدأ إلا من تاريخ عقد الشركة المبرم بينهما في أول مارس سنة 1946 وأنه لذلك يتعين اعتبار آخر فبراير سنة 1946 هو تاريخ التنازل الفعلي لهما عن المنشأة: وأنه لقيامهما بإخطار المطعون عليها بهذا التنازل في 18 من فبراير سنة 1946 - تاريخ ختم مصلحة البريد على وصول خطاب الإخطار كما أخطرها المتنازل بخطاب آخر وصول إليها في 20 من إبريل سنة 1946، يكون هذا الإخطار قد تم خلال الستين يوماً التالية لحصول التنازل الفعلي عن المنشأة أي في الميعاد المحدد بالمادة 58: وأنه يبدو مما تقدم أن تحصيل الضريبة عن المدة السابقة على تاريخ التنازل الفعلي غير واجب إلا على المتنازل وحده، ومن ثم يكون المتنازل لهما غير ملزمين بالمبلغ المحجوز من أجله، ويكون الحجز قد وقع مشوباً بالبطلان، مما يكون معه القضاء المستعجل مختصاً بنظر الإشكال المراد به الوصول إلى حكم بعدم الاعتداد بهذا الحجز. وقررت الطاعنة الطعن في الحكم المذكور بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على سبب واحد يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله - ذلك أن المحكمة قضت باختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى وبعدم الاعتداد بالحجز الموقع من المطعون عليها، تأسيساً على أن ميعاد الستين يوماً المحدد لإخطار مصلحة الضرائب بالتنازل عن المنشأة يبدأ من تاريخ وقف المتنازل عن مباشرة العمل فيها لا من تاريخ حصول التنازل، وذلك بحجة أن المادة 59 من القانون رقم 14 لسنة 1949 الواردة في شأن حالة التنازل قد أحالت في بيان أحكام الإخطار وميعاده على المادة 58 الخاصة بحالة الوقف عن العمل - مع أنه وإن كانت المادة 59 قد أحالت على المادة 58، إلا أنه يتعين أن تكون هذه الإحالة في حدود طبيعة كل من الحالتين الواجب الإخطار عنهما: وأنه لما كانت حالة الوقف عن العمل بالمنشأة تغاير حالة التنازل عنها فتبعاً تختلف بداية ميعاد الإخطار عن كل منهما، فتكون في الحالة الأولى من تاريخ الوقف عن العمل وفي الثانية من تاريخ حصول التنازل - وأنه لا يغير من ذلك استمرار المتنازل في العمل بالمنشأة وقتاً ما بعد التنازل لأن هذا التنازل هو تصرف قانوني يحدث أثره من تاريخ إبرامه وتنتقل بموجبه إلى المتنازل له كافة حقوق المتنازل دون أن تتأثر باستمراره في العمل بالمنشأة - وأنه لو صحت حجة المحكمة لوجب أن يكون هناك إخطاران أحدهما عن حالة الوقف والآخر عن حالة التنازل في حين أن القانون لم يفرض إلا إخطاراً واحداً.
ومن حيث إنه لما كان يبين من الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه: أن الدعوى رفعت على اعتبار أنها إشكال في التنفيذ فيما يتعلق ببيع الأشياء المحجوز عليها في 11 من إبريل سنة 1950 بناء على طلب الطاعنة ضد المطعون عليهما: وأن محكمة الدرجة الأولى قضت بقبول هذا الإشكال شكلاً لرفعه بعد الحجز وقبل اليوم المحدد للبيع: وأن محكمة الدرجة الثانية حكمت بتأييد هذا القضاء: وبذلك تكون الدعوى على أساس هذا الوصف الذي سارت به في مرحلتي التقاضي الابتدائية والاستئنافية هي من المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والسندات الواجبة التنفيذ التي يختص قاضي الأمور المستعجلة وفقاً للمادة 49 من قانون المرافعات بالحكم فيها بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بالحق ولذا لا يقضى فيها بعدم اختصاصه بنظرها، ولا يصدر حكماً فاصلاً في الحق المتنازع عليه، وإنما يأمر فيها بما يراه من إجراء وقتي كفيل بحماية من ينبئ ظاهر الأوراق وظروف الدعوى أنه صاحب ذلك الحق وأنه جدير بهذه الحماية، - وكان لا يمنع من ذلك أن المطعون عليهما لم يطلبا في الدعوى (دعوى الإشكال الآنف بيانها) الحكم بإجراء وقتي، وإنما طلبا الحكم بعدم الاعتداد بالحجز الموقع ضدهما وإلغاء ما ترتب عليه من آثار واعتباره كأن لم يكن، وهي - بحسب الأساس الذي بنيت عليه الدعوى والنزاع الذي أثير فيها على ما سبق بيانه تفصيلاً - تعتبر طلبات موضوعية، ومن ثم يكون القضاء بها فصلاً في ذات الحق لا يملكه قاضي الأمور المستعجلة، ولذا يكون من واجبه أن يغض النظر عنها وأن يأمر - بما له من سلطة تحوير طلبات الخصوم في مثل هذه الحالة - بالإجراء الوقتي الذي يتفق مع طبيعة الإشكال المعروض عليه - لما كان ذلك وكان قيام النزاع أثناء نظر الإشكال في التنفيذ على الحق المطلوب حمايته لا يحول دون أن يتناول قاضي الأمور المستعجلة بحث هذا النزاع بصفة وقتية لا ليفصل فيه بحكم حاسم للخصومة وإنما ليلتمس منه وجه الصواب في الإجراءات الوقتي الذي يرى الأمر به، وهذا منه يكون تقديراً وقتياً بطبيعته لا يؤثر على الحق المتنازع عليه بل يبقي هذا الحق محفوظاً سليماً يتناضل فيه ذوو الشأن أمام الجهة المختصة - وكان ما قررته المحكمة: من أن بداية إخطار التنازل عن المنشأة تكون من تاريخ وقف المتنازل عن العمل فيها وقفاً فعلياً، لا من تاريخ إبرام عقد التنازل: هو تقرير يؤيده مفهوم ظاهر نص المادتين 58 و59 من القانون رقم 14 لسنة 1939 - وكان كذلك ما قررته: من أن المتنازل (والد المطعون عليهما) ظل يباشر العمل في المنشأة ويستغلها لحسابه في آخر فبراير سنة 1946 وأن نشاط المطعون عليهما لم يبدأ فيها إلا من أول مارس سنة 1946: وأنه من ثم يكون إخطار التنازل عنها قد قدم في الميعاد: هو تقرير يؤيده ظاهر الأوراق التي اعتمدت عليها في هذا الخصوص - لما كان ذلك كذلك يكون الحكم المطعون فيه لم يخطئ إذ قضى برفض الدفع باختصاص المستعجل بنظر الإشكال، ولكنه أخطأ إذ قضي بعدم الاعتداد بالحجز ولذا يتعين نقضه في هذا الخصوص. ولما كان موضوع الاستئناف صالحاً للحكم فيه - وكان يبين مما تقدم أن ما قررته المحكمة، في تقديرها الوقتي للحق المتنازع عليه: من أن المطعون عليهما غير مسئولين عن الدين المحجوز من أجله: هو تقدير مؤداه أن يكون حقهما أكثر رجحاناً وجديراً بحماية القضاء المستعجل - وكان الإجراء الوقتي الذي يصح القضاء به في مثل حالة الدعوى هو وقف البيع المستشكل فيه حتى يفصل نهائياً في النزاع من الجهة المختصة، فتعين الحكم بهذا الإجراء.