أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 4 - صـ 318

جلسة 8 من يناير سنة 1953
(45)
القضية رقم 270 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وبحضور حضرات الأساتذة سليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد ومصطفى فاضل وعبد العزيز سليمان المستشارين.
( أ ) بيع. رهن. شرط الاسترداد اللاحق لعقد البيع الموصوف بأنه بات. تبين المحكمة من الأدلة والقرائن التي أوردتها أن نية المتعاقدين انصرفت منذ البداية إلى الرهن لا إلى البيع. القضاء ببطلان هذا العقد. لا خطأ. المادة 339 مدني (قديم).
(ب) بيع. رهن. حكم. تسبيبه. اعتباره عقد البيع يخفي رهناً لأسبابه سائغة. النعي عليه بالقصور ومخالفة حكم سابق يمنع التعرض.لا يبطله متى كان الثابت أن هذا الحكم انصب على وضع اليد عن سنة واحدة تالية للمدة التي قال الحكم إن الراهن استمر واضعاً يده فيها.
(ج) نقض. طعن. إجراءات الطعن. حكم. تسبيبه. النعي عليه بمخالفة الثابت بالأوراق استناداً إلى ثلاثة عقود. أحد هذه العقود قدم في خلال العشرين يوماً التالية للتقرير بالطعن ولكنه غير مؤشر عليه بما يفيد سبق تقديمه لمحكمة الموضوع وعدم تقديم دليل يثبت سبق تقديمه. العقدان الآخران مع تعلقهما بسبب الطعن لم يقدما في خلال العشرين يوماً التالية للطعن بالنقض. النعي مجرد عن الدليل.
1 - شرط الاسترداد اللاحق لعقد البيع الموصوف بأنه بات لا يمنع وفقاً للمادة 339 من القانون المدني (القديم) من اعتبار أن العقد يستر في حقيقته رهناً متى كانت المحكمة قد تبينت من القرائن والأدلة التي أوردتها أن نية المتعاقدين انصرفت منذ البداية إلى اعتبار أن العقد وإن كان في ظاهره عقداً باتاً إلا أنه في حقيقته يخفي رهناً.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان عقد البيع موضوع النزاع باعتبار أنه في حقيقته يستر رهناً قد استند إلى أدلة هي في مجموعها كافية لحمل قضائه، فلا يبطله ما تنعاه عليه الطاعنات من القصور والتخاذل ومخالفة حكم سابق قضى بمنع تعرض المطعون عليه لهن في الأطيان المبيعة. ذلك بأن حجية حكم منع التعرض المشار إليه مقصورة على ثبوت وضع يد الطاعنات على المقدار موضوع العقد بنية التملك في السنة السابقة على رفع دعوى منع التعرض ولا تأثير لها على تكييف العقد موضوع النزاع أهو عقد بيع بات أم هو عقد يخفي رهناً، كما أن إسقاط السنة السابقة لرفع دعوى منع التعرض من المدة التي قال الحكم إن المطعون عليه لبث واضعاً يده خلالها على الأطيان موضوع العقد بعد صدوره لا يؤثر على صحة الأدلة التي استند إليها الحكم.
3 - إذا كانت الطاعنات قد استندن في النعي على الحكم بمخالفة الثابت بأوراق الدعوى إلى ثلاثة عقود، وكان العقد المقدم في مدة العشرين يوماًً التالية لتاريخ الطعن غير مؤشر عليه بما يفيد أنه سبق أن قدم إلى محكمة الموضوع ولم يقدم دليل على سبق تقديمه إليها، وكان العقدان الآخران المقدمان مع مذكرة الطاعنات بالرد لا يجوز قبولهما إذ كان الواجب تقديمهما في فترة العشرين يوماً التالية لتقرير الطعن متى كانت الطاعنات يرتكن إليهما في إثبات هذا الوجه من طعنهن، فإن هذا النعي يكون مجرداً عن الدليل.


الوقائع

في يوم 19 من أغسطس سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف أسيوط الصادر في 13 من مايو سنة 1950 في الاستئناف رقم 139 سنة 23 ق - وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنات الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون عليه واحتياطياً بإحالة الدعوى على دائرة أخرى للفصل فيها مجدداً مع إلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 24 من أغسطس سنة 1950 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن - وفي 4 من سبتمبر أودعت الطاعنات أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهن - وفي نفس اليوم قدمت الطاعنات طلباً التمسن فيه ضم القضيتين رقمي 742 سنة 1939 مدني جزئي بندر المنصورة و54 سنة 1947 مدني كلي أسيوط لاستنادهن في تقرير الطعن إلى المستندات المودعة في القضيتين - وفي 28 من سبتمبر سنة 1950 أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن مع الحكم أيضاً بعدم قبول الشق الأول من السبب الثاني وإلزام الطاعنات بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وفي 8 من أكتوبر سنة 1950 أودعت الطاعنات مذكرة بالرد مشفوعة بمستنداتهن - وفي 22 منه أودع المطعون عليه مذكرة بملاحظاته على الرد.
وفي 28 من يونيه سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنات بالمصروفات.
وبجلسة 25 من ديسمبر سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطاعنات والمطعون عليه والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم - والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطاعنات والمطعون عليه والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه حسبما يبين منه ومن وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه أقام على الطاعنات الدعوى رقم 54 لسنة 1947 محكمة أسيوط الابتدائية بطلب بطلان العقد الصادر منه لمورث الطاعنات بيع 3 فدادين و6 قراريط و22 سهم والمسجل في 16/ 12/ 1933 استناداً إلى أنه وإن ذكر به أن البيع بات إلا أن نية المتعاقدين قد انصرفت إلى البيع الوفائي الذي يخفي في حقيقته رهناً لاستمرار وضع يد المطعون عليه على الأرض موضوع النزاع ولأنه اتفق في ورقة ضد حررت في السنة التالية للتعاقد على شرط استرداد المبيع وفائياً خلال خمس سنوات من تاريخ العقد إذا رد البائع الثمن الذي لم يكن في حقيقته إلا مبلغ قرض اقترضه المطعون عليه من مورث الطاعنات فدفعت الطاعنة الأولى بأن العقد بيع بات وأن المطعون عليه لم يستعمل حقه في الاسترداد أثناء المدة المتفق عليها، وفي 25 من ديسمبر سنة 1947 قضت المحكمة برفض الدعوى فاستأنف المطعون عليه هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 139 سنة 23 ق استئناف أسيوط فقضت في 9 من مارس سنة 1949 بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ونفي وضع يد المطعون عليه على الأطيان موضوع العقد وأن الثمن الوارد به هو ثمن بخس. وفي 13 من مايو سنة 1950 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبطلبات المطعون عليه. فقررت الطاعنات الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على أربعة أسباب يتحصل أولها والوجهان الأول والثالث من السبب الرابع منها في أن الحكم خالف القانون وشابه القصور والتخاذل كما أنه صدر على خلاف حكم سابق له قوة الأمر المقضي ذلك بأن الطاعنات قلن في دفاعهن أمام محكمة الاستئناف إن البيع الصادر من المطعون عليه لمورث الطاعنات هو بيع بات وليس بيعاً وفائياً لأن شرط الاسترداد لم يذكر في العقد بل ذكر في ورقة الضد المحررة في الأول من أغسطس سنة 1934 ولهذا لا يكون شرطاً وفائياً ولا يعدو أن يكون وعداً بالبيع ولكن المحكمة أغفلت هذا الدفاع مع ما له من أثر في الفصل في الدعوى، ثم أن المحكمة قضت ببطلان العقد استناداً إلى ما قرره شهود المطعون عليه من أنه بيع وفائي يخفي رهناً لاستمرار وضع يد المطعون عليه على الأرض من بدء التعاقد الحاصل سنة 1933 لغاية سنة 1948 مع أن الحكم المطعون فيه أشار في أسبابه إلى الحكم الصادر في دعوى منع التعرض رقم 448 لسنة 1947 محكمة أبو تيج الجزئية والمؤيد بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 448 لسنة 1947 محكمة أسيوط الابتدائية التي قضت بمنع تعرض المطعون عليه للطاعنة في الأطيان على أساس أنها كانت تضع يدها عليها مدة سنة قبل التعرض وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أدخل في وضع يد المطعون عليه مدة سبق أن تقرر نهائياً بحكم منع التعرض وضع يد الطاعنة الأولى خلالها.
ومن حيث إن النعي السالف بيانه بجميع وجوهه مردود أولاً بأن شرط الاسترداد اللاحق لعقد البيع الموصوف بأنه بات لا يمنع وفقاً للمادة 339 من القانون المدني القديم، من اعتبار أن العقد يستر في حقيقته رهناً متى كانت المحكمة قد تبينت من القرائن والأدلة التي وردتها أن نية المتعاقدين انصرفت منذ البداية إلى اعتبار أن العقد وإن كان في ظاهره عقداً باتاً إلا أنه في حقيقته يخفي رهناً - ومردود ثانياً بأن حجية حكم منع التعرض المشار إليه مقصورة على ثبوت وضع يد الطاعنات على المقدار موضوع العقد بنية التملك في السنة السابقة على رفع دعوى منع التعرض أي سنة 1946 ولا تأثير لها على تكييف العقد موضوع النزاع أهو عقد بيع بات أم عقد يخفي رهناً ومردود أخيراً بأن إسقاط السنة السابقة لرفع دعوى منع التعرض من المدة التي قال الحكم إن المطعون عليه لبث واضعاً يده خلالها على الأطيان موضوع العقد بعد صدوره - هذا الإسقاط لا يؤثر على صحة الأدلة التي استند إليها الحكم في القول بأن العقد المطلوب الحكم ببطلانه هو في حقيقته عقد يستر رهناً وهي في مجموعها أدلة كافية لحمل الحكم ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف حجية حكم سابق ولا يكون متناقضاً أو متخاذل الأسباب.
ومن حيث إن السببين الثاني والثالث يتحصلان في أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت بأوراق الدعوى من ثلاثة أوجه الأول إذ قالت المحكمة إنه واضح أن المطعون عليه كان يستأجر الأرض موضوع العقد من سنة 1934 لغاية سنة 1942 مع أنه ثابت من القضية رقم 742 لسنة 1949 مدني محكمة المنصورة الجزئية أنه ليس بملفها عقود إيجار وأن ما اشتملت عليه من أوراق إنما هي عقود بدل زراعي بين المطعون عليه ومورث الطاعنات. والوجه الثاني إذ قالت المحكمة إن المطعون عليه بإجماع شهود الإثبات وضع يده على الأرض موضوع العقد من وقت التعاقد إلى سنة 1948 وإذ قررت أن اثنين من شهود النفي شهدا بحيازة الطاعنة الأولى الأرض من سنة 1942 ولكنهما لم ينفيا أنها كانت في حيازة المطعون عليه قبل ذلك، مع أن الثابت من التحقيق الذي أجرته المحكمة - والمودعة صورته الرسمية ضمن أوراق الطعن أنه ليس ثمت إجماع على ما قرره الحكم ومع أن شهود النفي وهم أنور محمود محمد موسى ومحمد أحمد محمود سليمان وسيد أحمد عبد الرحيم قد قرروا أن مورث الطاعنات قبل سنة 1942 كان هو الذي يباشر زراعة الأرض بنفسه أو يؤجرها للغير، والوجه الثالث إذ قررت المحكمة أن الشاهد عبد الحفيظ أحمد درويش قال في شهادته أن البيع يخفي رهناً مع أنه قال في موضوع آخر من التحقيق إن البيع بات ثم عدل إلى القول بأن البيع يخفي رهناً.
ومن حيث إن الوجه الأول من السببين الآنف ذكرهما مردود بأن العقد المقدم في مدة العشرين يوماً التالية لتاريخ الطعن غير مؤشر عليه بما يفيد أنه سبق أن قدم إلى محكمة الموضوع ولم يقدم دليل على سبق تقديمه إليها، أما العقدان الآخران المقدمان مع مذكرة الطاعنات بالرد فإنه لا يجوز قبولهما إذ كان الواجب تقديمهما في فترة العشرين يوماً التالية لتقرير الطعن متى كانت الطاعنات يرتكن إليهما في إثبات هذا الوجه من طعنهن ومن ثم يكون هذا النعي مجرداً عن الدليل.
ومن حيث إن الوجهين الثاني والثالث من السببين السالف ذكرهما مردودان أولاً بأن الواضح من سياق أسباب الحكم المطعون فيه أن ما قصدته المحكمة من القول بإجماع شهود الإثبات على واقعة وضع يد المطعون عليه على الأرض موضوع العقد من سنة 1933 لغاية سنة 1948 هو إجماع الشهود كامل حسين وحسين سليمان وناشد حنا الذين أوردت المحكمة محصل أقوالهم ولا يعيب الحكم أن أحد شهود الإثبات وهو عبد الحفيظ أحمد درويش اقتصرت شهادته على وضع يد المطعون عليه في مدة معينة وقال إنه لا يعلم من كان الحائز للأرض بعدها، ومردودان ثانياً بأن ما رددته المحكمة من أقوال الشهود إثباتاً ونفياً لا يخالف الثابت بالتحقيق، أما ما ذهبت إليه الطاعنات من مناقشة أقوال الشاهد عبد الحفيظ أحمد درويش بمحضر التحقيق لاستخلاص نتيجة منها غير تلك التي استخلصها الحكم المطعون فيه فهو جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
ومن حيث إن الوجه الثاني من السبب الرابع يتحصل في أن الحكم المطعون فيه شابه الخطأ في الاستدلال إذ استخلصت المحكمة بخس الثمن مما قرره الشهود من أن قيمة الفدان تساوي 120 جنيهاً وأن هذه القيمة تزيد عما هو مقدر بالعقد بسعر 103 جنيهاً و920 مليماً للفدان مع أن هذا الفرق ضئيل لا يؤخذ منه أن العقد رهن.
ومن حيث إن هذا الوجه مردود بأنه جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.