أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 4 - صـ 339

جلسة 8 من يناير سنة 1953
(48)
القضية رقم 323 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة المستشار الأستاذ عبد الحميد وشاحي وبحضور حضرات الأساتذة سليمان ثابت ومصطفى فاضل وعبد العزيز سليمان وأحمد العروسي المستشارين.
( أ ) نقض. طعن. سبب الطعن. وجوب بيانه في تقرير الطعن. مثال. النعي على الحكم إغفاله الرد على دفاع جدي وارد بمحضر الجلسة. عدم بيان هذا الدفاع في تقرير الطعن. النعي غير مقبول.
(ب) عمل. تقادم. انقطاع التقادم. المدة المنصوص عليها في المادة العاشرة من قانون إصابات العمال رقم 64 لسنة 1936. عدم خضوعها لقواعد انقطاع التقادم.
1 - إن القانون قد أوجب بيان سبب الطعن في تقريره تعريفاً به وتحديداً له في مستهل الخصومة. وإذن فمتى كانت الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه الإخلال بحقها في الدفاع لتأييده الحكم المعارض فيه لأسبابه دون أن يرد على دفاعها الجدي الثابت بمحضر جلسة (كذا)، فإن هذا النعي يكون غير مقبول متى كانت لم تبين بتقرير الطعن ذلك الدفاع الجدي الذي لم يرد عليه الحكم، وليس يغني عن ذلك قولها إنه ثابت بمحضر الجلسة التي عينتها.
2 - المدة المنصوص عليها في المادة العاشرة من القانون رقم 64 لسنة 1936 الخاص بإصابات العمال هي بطبيعتها من المواعيد التي لا تخضع لقواعد الانقطاع المقررة للتقادم إذ يفرض القانون على ذوي الشأن اتخاذ إجراءات معينة في خلالها وإلا سقط حقهم فيها. وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الدعوى التي رفعتها الطاعنة بطلب التعويض عن وفاة مورثها الذي كان يشتغل عاملاً عند المطعون عليه أقام قضاءه على أن الدعوى لم ترفع في خلال الستة الشهور التالية لحدوث الوفاء، فإنه يكون في غير محله النعي على هذا الحكم بمخالفة القانون لعدم تطبيقه قواعد الانقطاع الخاصة بالتقادم.


الوقائع

في يوم أول نوفمبر سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 8 من يناير سنة 1950 في الاستئناف رقم 146 سنة 64 ق - وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المطعون عليه بالمصروفات وأتعاب المحاماة عن درجات التقاضي الثلاث واحتياطياً بإحالة القضية على دائرة أخرى للفصل فيها مجدداً مع إلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 12 من نوفمبر سنة 1950 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن - وفي 16 منه أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها ولم يقدم المطعون عليه دفاعاً.
وفي 29 من مارس سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة عن نفسها وبصفتها بالمصروفات.
وبجلسة 11 من ديسمبر سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامي الطاعنة والنيابة العامة على ما جاء بمذكرتيهما. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشارين المقرر ومرافعة المحامي عن الطاعنة والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل في أن الطاعنة عن نفسها وبصفتها وصية أقامت هي وأخرى على المطعون عليه ومصلحة العمل الدعوى رقم 277 سنة 1945 محكمة مصر الابتدائية وقالتا في صحيفتها أن مورثها حسن محمد الأزهري كان يشتغل عاملاً وحجاراً عند المطعون عليه. وانقلبت به سيارته التي كان يركبها وتوفى أثناء وبسبب عمله وكان أجره اليومي 35 قرشاً فقدمتا طلب لمكتب العمل وقدر لهما تعويضاً مبلغ 280 جنيهاً إلا أن المطعون عليه لم يدفع لها سوى مبلغ 40 جنيه ولذلك طلبتا الحكم بإلزام المطعون عليه ومصلحة العمل متضامنين بمبلغ 240 جنيهاً ودفع المطعون عليه بسقوط الحق في المطالبة بالتعويض لأن الدعوى رفعت بعد الوفاة بأكثر من ستة شهور وذلك وفقاً للمادة 10 من قانون إصابات العمل رقم 64 لسنة 1936. وفي 31/ 1/ 1946 قضت المحكمة برفض الدفع وبإثبات تنازل المدعيتين عن مخاصمة مصلحة العمل وبإلزام المطعون عليه بأن يدفع للطاعنة مبلغ 190 جنيهاً. واستأنف المطعون عليه هذا الحكم وقيد الاستئناف برقم 146 سنة 64 قضائية محكمة استئناف مصر التي قضت في غيبة الطاعنة في 3 من نوفمبر سنة 1947 بإلغائه وبقبول الدفع وبعدم قبول الدعوى. وعارضت الطاعنة. وفي 8 يناير سنة 1950 قضت المحكمة بتأييد الحكم المعارض فيه. فقررت الطاعنة الطعن بطريق النقض في هذا الحكم.
ومن حيث إن الطعن بني على خمسة أسباب تنعى الطاعنة بالأول منها على الحكم الإخلال بحق الدفاع إذ أيد الحكم المعارض فيه لأسبابه دون أن يرد على الدفاع الجدي الثابت بمحضر جلسة 8 يناير سنة 1950.
ومن حيث إن هذا السبب غير مقبول، إذ لم تبين الطاعنة دفاعها الجدي الذي لم يرد عليه الحكم، وليس يغني عن ذلك قولها إنه ثابت بمحضر الجلسة التي عينتها، لأن القانون أوجب بيان سبب الطعن في تقريره تعريفاً به وتحديداً له في مستهل الخصومة.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى بالوجهين الأولين من السبب الثاني على الحكم الخطأ في تطبيق القانون، إذ طبق المادة العاشرة من القانون رقم 64 لسنة 1936 وقضي بعدم قبول الدعوى بناء على أن وفاة مورثها حدثت في 10/ 10/ 1943 وأن الدعوى لم ترفع إلا في 31/ 10/ 1944 أي بعد ستة شهور من حصول الحادث، ولكن الحكم أغفل (أولاً) أنه بمجرد وقوع الحادث طلبت الطاعنة من مصلحة العمل اتخاذ الإجراءات مع المطعون عليه لدفع التعويض المستحق فصار يماطل ولما أن رفض وساطة مكتب العمل لجأت الطاعنة إلى لجنة المساعدة القضائية وبمجرد حصولها على قرار منها رفعت الدعوى (وثانياً) إن المطعون عليه معترف بمسئوليته إذ قدم ما يفيد أنه دفع للطاعنة مبلغ 20جنيه في 2/ 11/ 1943 عند نظر الموضوع أمام مصلحة العمل.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم مخالفة القانون - ذلك أن المادة 382 مدني جديد تنص على عدم سريان مدة التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على صاحب الحق أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبياً، وأنه ثابت بالأوراق أن المطعون عليه كان يطلب الصلح ومهد له بدفعه عشرين جنيهاً كما طلب التأجيل أثناء نظر الموضوع أمام مصلحة العمل ليسوى الموضوع صلحاً: وأن الطاعنة ما كانت تود أن تقاضي رئيس موّرثها حتى عيل صبرها: وكل هذه الموانع من أدبية وواقعية كانت السبب في تأخر الطاعنة في رفع دعواها ولكن الحكم لم يلق إليها بالاً.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم مخالفة القانون - ذلك أن المادة 378 مدني تنص على أنه في حالة التقادم بالمدة القصيرة يجب على المدين الذي تمسك به أن يحلف اليمين على أنه سدد الدين المطالب به، ومعنى هذا أن الأصل في التمسك بهذا الدفع أن يكون دفاع المدين مؤسساً على أنه سدّد وليس تحت يده دليل على السداد، فإذا كان المطعون عليه لم يدع أنه سدد قيمة المكافأة المستحقة للطاعنة فلم يكن هناك محل لعدم قبول الدعوى.
ومن حيث إنه جاء بالحكم "وحيث إن المادة العاشرة من القانون رقم 64 لسنة 1936 تنص على ألا تقبل دعوى التعويض إلا إذا كان قد قدم بلاغ عن الحادث للبوليس وكانت هذه الدعوى قد رفعت في خلال الستة شهور التالية للوفاة أو ثبوت العاهة المستديمة ومدة الستة شهور المنصوص عليها في هذه المادة هي من نوع المدد أو المواعيد التي يحددها القانون ويفرض على ذوي الشأن اتخاذ إجراءات معينة في خلالها وإلا سقط حقهم في هذه الإجراءات وامتنع عليهم الالتجاء إليها وهذه المواعيد بطبيعتها لا تخضع لقواعد الانقطاع المقررة في التقادم". وهذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون فالمدة المنصوص عليها في المادة العاشرة من القانون رقم 64 لسنة 1936 الذي يحكم وقائع الدعوى هي بطبيعتها من المواعيد التي لا تخضع لقواعد الانقطاع المقررة للتقادم إذ يفرض القانون على ذوي الشأن اتخاذ إجراءات معينة في خلالها إلا يسقط حقهم فيها، ومن ثم يكون النعي بما جاء بالأسباب الثلاثة الآنف ذكرها في غير محله.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الخامس وبالوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم مخالفة القانون ذلك أنها لم تؤسس دعواها على القانون رقم 64 لسنة 1936 وحده بل أقامتها أيضاً على أساس القانون العام الذي بمقتضاه لا يسقط حقها إلا بالسكوت عنه خمس عشرة سنة.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بما يبين من الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه من أن الطاعنة إنما أسست دعواها على القانون رقم 64 لسنة 1936 ليس غيره.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على أساس ويتعين رفضه.