مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
السنة الخمسون (من أول أكتوبر سنة 1995 إلى آخر سبتمبر سنة 1996) - صـ 673

(فتوى رقم 775 في 5/ 10/ 1996 جلسة 26/ 9/ 1996 ملف رقم 54/ 1/ 319)
(244)
جلسة 26 من سبتمبر سنة 1996

جهاز المدعى الاشتراكي - مصروفات الحراسة - وجوب إدراجها بالحساب الختامي لموازنة الجهاز - اختصاص الجهاز المركزي للمحاسبات بالرقابة على هذه الأموال - إفتاء الجمعية السابق في 4/ 5/ 1995 بوجوب إدراج مصروفات الحراسة بالحساب الختامي لموازنة الجهاز المذكور واختصاص الجهاز المركزي للمحاسبات بفحصها - تأييد هذا الإفتاء لعدم طروء موجبات للعدول عنه.
قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 - المادة 66 - الفرق بين الفتوى والنزاع عند العرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع - جواز تصدى الجمعية العمومية للموضوع عند إحالته إليها في صورة النزاع بين جهتين إداريتين بعد سبق إبدائها الرأي في شانه كطلب رأى.
فاستعرضت فتواها السابقة التي انتهت إلى وجوب إدراج المصروفات اللازمة لإدارة الأموال المفروضة عليها الحراسة والتي جرى قضاء محكمة القيم على تقديرها بواقع 5% من صافي إيرادها السنوي بالحساب الختامي لموازنة جهاز المدعي العام الاشتراكي، واختصاص الجهاز المركزي للمحاسبات بفحصها.
واستندت الجمعية العمومية في هذه الفتوى إلى أن ما وكل إلى المدعي الاشتراكي من مهام إنما يخضع جميعه لرقابة مجلس الشعب وفقاً لتصريح المادة 179 من الدستور بحيث لا يسوغ علي أي وجه من الوجوه التحلل منها أو إفراغها من مضمونها، وإذ عهد إلى الجهاز المدعي العام الاشتراكي مهمة الإشراف على أعمال الحراسة طبقاً للقانون رقم 34 لسنة 1971 وذلك بالصفة العامة التي يتصف بها أي بالصفة الوظيفية له ودون أن يرتبط ذلك بالشخص القائم عليها وهو يباشر تلك المهمة باعتبار ما نيط به من ولاية عامة مصدرها القانون وكونه ممثلاً للسلطة العامة ويعاونه في ذلك بعض الجهات العامة، وإن قيامه بأعمال إدارة تلك الأموال واستغلالها إنما تتم لصالح المجتمع، ومن ثم فإن سلطته في هذا الشأن ليست حرة طليقة دون قيد أو ضابط وإنما تخضع لرقابة مجلس الشعب. وإنه إذا كانت المصروفات التي يحكم بها لمواجهة أعمال إدارة الأموال المفروضة عليها الحراسة إنما يزايلها وصف المال الخاص بمجرد الحكم بها فلا تدخل ضمن الأموال المفروضة عليها الحراسة، ومن ثم تضحى إيراداً أو مورداً لجهاز المدعي العام الاشتراكي، مما يتعين القول بوجوب إدراجها في الحساب الختامي لموازنة المدعي العام الاشتراكي حتى يمكن لمجلس الشعب أن يبسط رقابته على تلك الموازنة إيراداً ومصروفاً، كما لا مغذى من أن يبسط الجهاز المركزي للمحاسبات ورقابته على تلك الأموال فمقتضيات حماية أموال الدولة تفرضه، وذلك التزاماً بأحكام قانون الجهاز المركزي للمحاسبات رقم 144 لسنة 1988 الذي حل محل القانون رقم 129 لسنة 1964 مما لا وجه لإعادة ترديدها من جديد. والجهاز المركزي للمحاسبات هو القوام على الرقابة المالية على أموال الدولة كلها والأشخاص العامة كافة وعلى المساهمات العامة في عدد من الهيئات الأهلية وذلك كله بوصفه المراقب العام على حسابات الدولة بكل هيئاتها وجميع أنشطتها وهو عين السلطة التشريعية ووكيلها في أعمالها لرقابتها الدستورية على النشاط المالي للدولة وهيئاتها.
ولاحظت الجمعية العمومية أنه لم يطرأ من الموجبات ما يمكن معه العدول عن رأيها في فتواها السابقة، كما لم تر فيما ساقه جهاز المدعي العام الاشتراكي حججاً يدافع بها عن وجه نظره، لم تر في ذلك ما يتيح له التحلل من تلك الرقابة أو بغير وجه النظر في الموضوع المطروح الأمر الذي يتعين معه تأكيد الفتوى السابقة.
والحاصل أن الفتوى تتضمن بياناً لحكم القانون، وهي تكشف حكم التشريع عند تحريك النص التشريعي الثابت بلفظة وعباراته على الواقع المتغير المتنوع، ووجه الإلزام في تطبيقها إنما يتأتى من أن حكم القانون ملزم واجب الإتباع، في الحالات التي تعرض. ووجه الإلزام بشأنها يستمد من واجب الالتزام بحكم القانون، الذي يسرى على الخاضعين لأحكامه وتمارسه جهات التنفيذ دون حاجة إلى صدور حكم قضائي في كل حالة بعينها، ولا يجوز لخاضع القانون أن يحاول التخفيف من هذا الخضوع بدعوى أن له وجهة نظر في مدى انطباق حكم القانون عليه، وأن وجهة نظره هي ما يتعين إتباعها والأخذ بها في تعاملاته، أن الأمر في تقدير دلالة الأحكام إنما تتناوله الجهات المختصة والمتخصصة التي ناط بها النظام القانوني للدولة بيان وجه الصواب.
وإذا كان هذا الأمر يصدق على طلبات الرأي الواردة إلى الجمعية العمومية طبقاً للمادة 66/ أ من قانون مجلس الدولة فإنه طبقاً للمادة 66/ د تختص الجمعية بإبداء الرأي في الأنزعة التي تنشب بين الجهات الإدارية بعضها البعض وذلك بدلاً من استعمال الدعوى كوسيلة لحماية الحقوق وفض المنازعات وأضفى المشرع على رأيها صفة الفصل الذي يحسم النزاع بين جهتين ولم يعط لجهة ما حق التعقيب على هذا الفصل أو معاودة النظر فيه حتى لا يتجدد النزاع إلى ما لا نهاية، والرأي الصادر من الجمعية العمومية في مجال المنازعة هو رأي نهائي حاسم للنزاع واجب النفاذ.
وقد استقرت الجمعية العمومية على أن مفهوم المنازعة بين الجهات الإدارية لا تنحصر فحسب في المنازعة على حق مالي وإنما تتسع لتشمل المنازعة بين تلك الجهات حول تفسير نصوص القانون.
والجمعية العمومية وأن نظرت الموضوع الماثل طبقاً للمادة 66/ أ فإن ذلك لا يحول دون الاحتكام إليها طبقاً للمادة 66/ د من قانون مجلس الدولة إذا ما ارتأى الجهاز المركزي للمحاسبات وجهاً لذلك.

لذلك

انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى تأييد إفتاءها السابق الصادر بجلسة 4 من مايو 1995 وهو وجوب إدراج مصروفات الحراسة بالحساب الختامي الموازنة المدعي العام الاشتراكي، واختصاص الجهاز المركزي للمحاسبات بفحصها.