أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 4 - صـ 358

جلسة 15 من يناير سنة 1953
(52)
القضية رقم 271 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وبحضور حضرات الأساتذة سليمان ثابت ومصطفى فاضل وعبد العزيز سليمان وأحمد العروسي المستشارين.
( أ ) حكم. إجراءات تقاضي. تأجيل النطق بالحكم إدارياً لليوم التالي ثم النطق به في جلسة علنية من المحكمة بكامل هيئتها. لا بطلان. التحدي بما ورد في الجدول الاستئنافي لا قيمة له. العبرة بالثابت في محاضر الجلسات.
(ب) تزوير. حكم. تسبيبه. تقرير المحكمة أنها اطلعت على المظروف المحتوى على المحرر المطعون فيه بالتزوير. هذه العبارة تفيد اطلاعها على المحرر ذاته. تحرير محضر بفض المظروف. غير لازم.
(ج) تزوير. حكم. تسبيبه. أخذه بتقرير الخبير المعين في الدعوى دون الرد على تقرير الخبير الاستشاري. لا يعيبه.
(د) نقض. طعن. حكم. تسبيبه. النعي عليه بالقصور لعدم رده بأسباب خاصة على الأوجه الواردة في صحيفة الاستئناف. عدم بيان هذه الأوجه. النعي غير مقبول.
(هـ) تزوير. إثبات. حكم. تسبيبه. استدلال المحكمة على صحة الإمضاء المطعون فيها بقرائن استخلصتها من أوراق الدعوى ووقائعها. لا مخالفة لقواعد الإثبات.
1 - تأجيل النطق بالحكم إدارياً لليوم التالي والنطق به في اليوم المذكور من المحكمة بكامل هيئتها ليس سبباً لبطلان الحكم. وإذن فمتى كان يبين من الاطلاع على الصورة الرسمية المقدمة لمحاضر الجلسات أن المحكمة انعقدت في يوم 18 من مايو وقررت بعد سماع أقوال الطرفين أن الحكم يصدر يوم 6 من يونيه ثم أثبت في المحضر أنه نظراً لاشتغال أحد أعضائها بجلسة أخرى تقرر مد أجل الحكم لجلسة 7 يونيه وفي اليوم المذكور انعقدت المحكمة وأصدرت حكمها المطعون فيه في جلسة علنية، فإن القول بوقوع بطلان في الإجراءات أثر في الحكم يكون على غير أساس، أما التحدي بما ورد في الجدول الاستئنافي من أن القضية أجلت للحكم ليوم 6 يونيه ثم ليوم 10 يونيه ثم صدر الحكم في يوم 7 يونيه فلا قيمة له إذ العبرة هي بما ورد في محاضر الجلسات.
2 - إذا كانت المحكمة قد قررت أنها اطلعت على المظروف المحتوى على محرر مطعون فيه بالتزوير قبل صدور الحكم فإن هذه العبارة تفيد أنها اطلعت على محتويات المظروف لا غلافه وإلا كان قولها بالاطلاع عبثاً، أما تحرير محضر بفض المظروف والاطلاع على محتوياته فليس بلازم لأن هذا المظروف وما احتواه لا يعدو كونه من أوراق القضية لا إجراء من إجراءاتها وليس من واجب المحكمة أن تحضر كاتباً كلما أرادت الاطلاع على ورقة من أوراق الدعوى.
3 - لا يعيب الحكم إذ أخذ بتقرير الخبير المعين في الدعوى أن لا يرد على ما ورد بالتقرير الاستشاري بأسباب خاصة ذلك أن في أخذه بتقرير الخبير المعين في الدعوى ما يفيد أن المحكمة لم تر في التقرير الاستشاري ما يغير وجه الرأي في الحكم.
4 - إذا كان الطاعن لم يبين الأوجه التي ضمنها صحيفة استئنافه والتي ينعى على الحكم إغفال الرد عليها، فإن النعي على الحكم بالقصور يكون غير مقبول.
5 - للمحكمة في دعوى التزوير أن تستدل على وقوعه أو انتفائه بما تستخلصه من القرائن، فلا عليها إن هي اتخذت من أوراق الدعوى والوقائع المطروحة عليها قرائن تؤيد بها ما ارتأته من صحة الإمضاء المطعون فيها.


الوقائع

في يوم 19 من أغسطس سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف أسيوط الصادر في 7 من يونيه سنة 1950 في الاستئناف رقم 32 سنة 21 ق - وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع أصلياً الحكم ببطلان الحكم المطعون فيه لبطلان الإجراءات المبينة في هذا التقرير والحكم برد وبطلان السندين المؤرخين 7/ 12/ 1940 و21/ 6/ 1942 واحتياطياً نقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على دائرة أخرى للفصل فيها مجدداً مع إلزام المطعون عليهما في كلتا الحالتين بالمصروفات وأتعاب المحاماة عن جميع مراحل التقاضي.
وفي 21 أغسطس سنة 1950 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن - وفي 7 من سبتمبر سنة 1950 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته - ولم يقدم المطعون عليهما دفاعاً.
وفي 27 من مايو سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وبجلسة أول يناير 1953 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامي الطاعن والنيابة العامة على ما جاء بمذكرتيهما - والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحامي عن الطاعن والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن تتحصل في أنه نزعت ملكية المطعون عليه الأول عبد العال عبد الله عبد العال من 3 أفدنة و9 قراريط و8 أسهم وبيعت بالمزاد ورسا مزادها على الطاعن عبد المجيد جوده سليمان في 16 من إبريل سنة 1938 وبموجب عقد مؤرخ في 20 من ديسمبر سنة 1938 باع الطاعن هذا القدر إلى المطعون عليه الأول مقابل 415 جنيه التزم المطعون عليه الأول بدفعها في مدة لا تزيد عن سنتين، وفي 7 ديسمبر سنة 1940 باع المطعون عليه الأول للطاعن 1 فدان و16 قيراط و8 أسهم من هذا القدر مقابل مبلغ 200 جنيهاً بموجب عقد ورد فيه أنه باستنزال 200 جنيهاً من 415 جنيهاً يكون الباقي في ذمة المطعون عليه الأول 215 جنيهاً تنازل الطاعن عن 65 جنيه منها والتزم المطعون عليه الأول بدفع الباقي وقدره 150 جنيهاً في 7 من ديسمبر سنة 1942 - ولما كانت المطعون عليها الثانية زنوبه صالح مرسي تداين الطاعن بمبلغ 140 جنيهاً بموجب سند مؤرخ 21 من يونيه سنة 1942 استحقاق 25 من يوليو سنة 1942 فقد حولته إلى المطعون عليه الأول في 27 من أكتوبر سنة 1942 وبهذا التحويل اعتبر المطعون عليه الأول أن ذمته قد برئت من الدين الذي عليه للطاعن فيما عدا عشرة جنيهات عرضها عليه وطلب إليه أن يحرر له عقداً بباقي الأطيان فأبى فأقام عليه الدعوى رقم 109 سنة 1943 سوهاج وحجز تحت يده على مبلغ 140 جنيهاً وطلب الحكم تثبيت الحجز وإثبات التعاقد الحاصل مع الطاعن عن 3 أفدنة و9 قراريط و8 أسهم. فطعن الطاعن بالتزوير في السند المؤرخ في 21 من يونيه سنة 1942 والعقد المؤرخ 7 من ديسمبر سنة 1940 وأعلن المطعون عليهما بدعوى التزوير بصحيفة في 15 من يونيه سنة 1943 ذكر فيها أن عقد 7 من ديسمبر سنة 1940 مزور ولم يصدر منه، والإمضاء الموقع بها عليه والمنسوبة إليه مقلدة كما ذكر أن السند المؤرخ في 21 من يونيه سنة 1942 صحيح بالنسبة لمبلغ 40 جنيه فقط وأن رقم 1 الموضوع في خانة المئات محشور وأن سبب تحرير هذا السند أنه اشترى من المطعون عليها الثانية أطياناً ثمنها 150 جنيهاً دفع إليها منه 65 جنيه ثم 45 جنيه فأصبح الباقي 40 جنيه هو الذي حرر به السند واستند إلى سند محرر في 18 من يونيه سنة 1942 قدمه وقررت المطعون عليها الثانية أن السند المذكور المقدم من الطاعن عدل عنه وحرر بدلاً منه السند المطعون فيه وأنها في 16 من يونيه سنة 1942 باعت للطاعن أطياناً مقابل 150 جنيهاً ذكر بالعقد أنها دفعت فوراً في حين أنه لم يدفع منها إلا عشرة جنيهات فأبقت العقد تحت يدها حتى يدفع الطاعن باقي الثمن فلما عجز عن دفعه استبدل بالعقد اتفاق آخر بحضور حسن مصطفى التزم بمقتضاه الطاعن أن يدفع إلى المطعون عليها الثانية 55 جنيه فوراً وحرر بالباقي وقدره 85 جنيه سنداً في 18 من يونيه سنة 1942 هو الذي قدمه الطاعن اتفق فيه على أن يدفع الطاعن 40 جنيهاً في 20 من يونيه سنة 1942 وأن يدفع الباقي في أغسطس سنة 1942 ولكن الطاعن لم يدفع الـ 55 جنيه فعدل عن الاتفاق المذكور ونزعت منه إمضاء الطاعن وسلم إليه وحرر في 21 من يونيه سنة 1942 السند المطعون فيه بمبلغ 140 جنيهاً باقي ثمن الأطيان وأن الذي حرر هذا السند هو حسن مصطفى ووقع عليه شاهداً، وفي جلسة 2 من نوفمبر سنة 1944 اطلعت المحكمة على السند المحرر في 21 من يونيه سنة 1942 فلم تجد به تحشيراً ولما ناقشت الطاعن في ذلك بجلسة 16 من نوفمبر سنة 1944 قرر أنه يطعن في السند بالتزوير وأن الإمضاء المنسوبة إليه والإمضاء المنسوبة إلى الشاهد حسن مصطفى مزورتان وقرر بالطعن بالتزوير في قلم الكتاب في 16 نوفمبر سنة 1944. كما أقام حسن مصطفى الشاهد دعوى تزوير أصلية رقم 35 سنة 1945 نظرت بجلسة 7 من ديسمبر سنة 1944 مع دعويي التزوير الفرعيتين المقامتين من الطاعن ثم قدم فيها إقرار من حسن مصطفى بأن السند المحرر في 21 من يونيه سنة 1942 صحيح ومكتوب بخطه صلباً وتوقيعاً وقرر وكيله ترك المرافعة فحكمت المحكمة بإثبات ذلك - وفي 29 من مارس سنة 1945 حكمت المحكمة أولاً - بضم دعويي التزوير الفرعيتين إحداهما إلى الأخرى وثانياً: برفضهما، فاستأنف الطاعن وقيد استئنافه برقم 32 سنة 21 ق استئناف أسيوط. وفي 26 من مايو سنة 1948 حكمت محكمة استئناف أسيوط بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير الخطوط ميراز زين الدين لأداء المأمورية المبينة بأسباب ذلك الحكم وباشر الخبير مأموريته وقدم تقريره وأثبت فيه أن الإمضاءين المنسوبتين إلى الطاعن على العقد والسند المطعون فيهما تتحدان مع إمضاءاته التي أقر بها وأنهما صدرتا منه وليستا منقولتين ولا مقلدتين - فقدم الطاعن تقريراً استشارياً ورد به أن الإمضاء المنسوبة إليه والموقع بها على السند المحرر في 21 يونيه سنة 1942 صحيحة أما الإمضاء الموقع بها على العقد المؤرخ 7 من ديسمبر سنة 1940 فليست صحيحة. وفي 7 يونيه سنة 1950 حكمت محكمة الاستئناف بحكمها المطعون فيه برفض الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على ستة أسباب حاصل الثلاثة الأولى منها أنه وقع بطلان في الإجراءات أثر في الحكم من ثلاثة وجوه الأول إذ حددت المحكمة للنطق بالحكم يوم 6 من يونيه سنة 1950 ولكنها لم تصدره إلا في يوم 7 من يونيه واقتصرت على إثبات عبارة في محضر الجلسة تفيد تأجيل النطق بالحكم إلى يوم 7 من يونيه لاشتغال الأستاذ حسن عبد الوهاب بمحكمة جنايات سوهاج دون أن تبين متى دونت هذه العبارة مع أن الثابت من الصور الرسمية المقدمة ضمن أوراق الطعن أن الأستاذ حسن عبد الوهاب كان مشغولاً بمحكمة جنايات سوهاج يومي 6 و7 يونيه كما أن الثابت في جدول المحكمة أن القضية أجلت للحكم ليوم 6 يونيه ثم ليوم 10 يونيه ثم صدر الحكم يوم 7 يونيه ومع أنه كان يتعين على المحكمة وفقاً للمادتين 344، 345 من قانون المرافعات إذ رأت تأجيل النطق بالحكم أن تنعقد في يوم 6 من يونيه المحدد أصلاً للنطق به وأن تصدر قرارها بالتأجيل في جلسة علنية ليكون طرفا الدعوى على علم بما تم فيها فيتمكنان من مراقبة صحة الإجراءات. والوجه الثاني إذ حجزت المحكمة القضية للحكم دون أن تفض المظروف وتطلع على الأوراق المزورة ودون أن تستجيب إلى الطلب المقدم منه في 28 من مايو سنة 1950 بتمكينه من الاطلاع على السندين المطعون فيهما حتى يستطيع مقارنتهما بما ورد عنهما بالتقريرين المقدمين وليتسنى له إثبات صحة التقرير الاستشاري - مكتفية بما أثبته في الحكم من أنها اطلعت على المظروف قبل صدور الحكم وأنه كان في مكنة الطاعن أن يطلع عليه عندما قامت المحكمة بعملية المضاهاة، ومع مخالفة ذلك للمادة 27 من قانون المرافعات التي توجب حضور الكاتب مع المحكمة في جميع إجراءات الإثبات وتحرير محضر بذلك، ومع أن الاطلاع على المظروف لا يغني عن الاطلاع على المستندات المطعون فيها التي يحتويها كما أن الثابت أن الهيئة التي أصدرت الحكم لم تنظر الدعوى قبل 18 من مايو سنة 1950 التي حجزت فيها القضية للحكم فلا يغني اطلاع الهيئة السابقة على الأوراق المطعون فيها عند ندب الخبير فيها عن اطلاعها هي عليها - والوجه الثالث إذ لم تستجب المحكمة إلى ما طلبه الطاعن من الأمر بفض المظروف وتمكينه من الاطلاع عليه بحجة أن الطاعن دأب على تعطيل الدعوى وأنه كان يمكنه الاطلاع على الأوراق المطعون فيها عندما قامت المحكمة بعملية المضاهاة مع أن الثابت من محاضر الجلسات أن الطاعن لم يعمل على تأجيل نظر القضية، ومع أن الاطلاع وقت المضاهاة لا يغني عن الاطلاع بعد أن قدم الخبير الاستشاري تقريره حتى يتمكن الطاعن من معرفة الماديات التي تؤيد ذلك التقرير.
ومن حيث إن هذا السبب بجميع وجوهه مردود أولاً بأنه يبين من الاطلاع على الصورة الرسمية المقدمة لمحاضر الجلسات أن المحكمة انعقدت في يوم الخميس 18 من مايو سنة 1950 وقررت بعد سماع أقوال الطرفين أن الحكم يصدر يوم 6 يونيه ثم أثبت في المحضر أنه نظراً لانشغال الأستاذ حسن عبد الوهاب وكيل المحكمة بدور جنايات سوهاج تقرر مد أجل الحكم لجلسة 7 يونيه وفي اليوم المذكور انعقدت المحكمة وأصدرت حكمها المطعون فيه في جلسة علنية - فتأجيل النطق بالحكم إدارياً لليوم الثاني والنطق به في اليوم المذكور من المحكمة بكامل هيئتها ليس سبباً لبطلان الحكم، أما ما يقوله الطاعن خاصاً بما ورد في الجدول الاستئنافي فلا قيمة له إذ العبرة بالوارد في محاضر الجلسات ومردود ثانياً بما قالته المحكمة من أنها اطلعت على المظروف قبل صدور الحكم وهذه العبارة تفيد أنها اطلعت على محتويات المظروف لا غلافه وإلا كان قولها بالاطلاع عبثاً. أما تحرير محضر بفض المظروف والاطلاع على محتوياته فليس بلازم لأن هذا المظروف وما احتواه لا يعدو كونه من أوراق القضية لا إجراء من إجراءاتها وليس من واجب المحكمة أن تحضر كاتباً كلما أرادت الاطلاع على ورقة من أوراق الدعوى. ومردود ثالثاً بما ورد في الحكم رداً على ما طلبه الطاعن من تمكينه من الاطلاع على المظروف بعد حجز القضية للحكم بأنه كان في مكنته الاطلاع عليه عندما قامت المحكمة بعملية المضاهاة. وليس في هذا إخلال بحق الطاعن في الدفاع بعد أن قدم إلى المحكمة تقريراً استشارياً وأبدى كل ما لديه من أوجه دفاع قبل إقفال باب المرافعة.
ومن حيث إن السببين الرابع والخامس يتحصلان في أن الحكم شابه القصور من وجهين الأول إذ لم ترد المحكمة على ما طلبه الطاعن في صحيفة الاستئناف من تحقيق إمضاء حسن مصطفى المحرر للسند المطعون فيه المؤرخ في 21 من يونيه سنة 1945 ومقارنتها بالإمضاء الثابتة له على التوكيل الصادر منه مع ما لهذا التحقيق من الأثر في نتيجة الدعوى. والثاني إذ لم يرد الحكم على أسباب الاستئناف التي ضمنها الطاعن صحيفة استئنافه ولا على الأدلة الفنية التي أوردها الخبير الاستشاري في تقريره.
ومن حيث إن هذين السببين مردودان أولاً بما جاء في الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه من أن: "رواية المدعى عليها الثانية (المطعون عليها الثانية) تأيدت بالإقرار المقدم من حسن مصطفى في القضية المضمومة رقم 35 سنة 1945 كلي سوهاج وجاء فيه أن السند المحرر بمبلغ 140 جنيهاً صحيح ومكتوب بخطه صلباً وتوقيعاً كما تأيد العدول عن السند المؤرخ في 18 يونيه سنة 1942 برجوع السند المذكور للمدعي (الطاعن) وتمزيقه مكان إمضائه عليه" وهذا يفيد أن المحكمة لم تجد مبرراً لتحقيق إمضاء هذا الشاهد بعد أن أقر بصحتها وبأن السند مكتوب بخطه وفي هذا الرد الكافي على طلب الطاعن. ومردود ثانياً بأن ما ينعاه الطاعن من قصور في الحكم غير مقبول إذ لم يبين الأوجه التي ضمنها صحيفة استئنافه وأغفل الحكم الرد عليها. ومردود أخيراً بأنه لا يعيب الحكم وقد أخذ بتقرير الخبير المعين في الدعوى أن لا يرد بأسباب خاصة على ما ورد في التقرير الاستشاري إذ في أخذه بتقرير الخبير المعين في الدعوى ما يفيد أن المحكمة لم تر في التقرير الاستشاري ما يغير وجه الرأي في الحكم.
ومن حيث إن السبب السادس يتحصل في أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال إذ أخذ برواية المطعون عليها مع مخالفتها للعقد المكتوب في 16 من يونيه سنة 1942 الدال على بيعها للطاعن أطياناً مقابل 150 جنيهاً أقرت بقبضها - ومع أن مقتضى روايتها أن تحجز تحت يدها هذا العقد لغاية يوم 18 من يونيه سنة 1942 تاريخ السند المقدم من الطاعن وتسلمه له مقابل استلامها السند المؤرخ 18 يونيه. وذلك ينفي العلة في تحرير الطاعن سنداً آخر في 21 من يونيه سنة 1942 وهو السند المطعون فيه وقد أخذ الحكم المطعون فيه بهذه الرواية مع مخالفتها للمعقول وللعقد المكتوب واستند في معرض الرد على دفاع الطاعن إلى الدعوى رقم 35 سنة 1945 كلي سوهاج المقول بأن حسن مصطفى قدم فيها إقراراً بصحة السند المطعون فيه. مع أن هذه الدعوى لم تضم إلى الملف الاستئنافي حتى تتمكن محكمة الاستئناف من مراقبة صحة أسباب الحكم الابتدائي.
ومن حيث إن هذا السبب مردود أولاً بما جاء في الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه من أن الطاعن كان مسلماً بصحة إمضائه على السند المؤرخ في 21 من يونيه سنة 1942 إذ لم يطعن إلا في قيمة المبلغ الوارد به وذكر أن صحته 40 ج لا 140 ج وأن رقم 1 في خانة المئات أضيف بطريق التحشير وأنه بان للمحكمة من المضاهاة التي أجرتها في 2 من نوفمبر سنة 1944 أن الرقم الهندي المكون للعدد 140 مكتوب بطريقة طبيعية وليس فيه تحشير كما أنه مكتوب بالحروف بطريقة طبيعية وأن رواية المطعون عليها الثانية تأيدت بالإقرار المقدم من حسن مصطفى في القضية المضمومة رقم 35 سنة 1945 كلي سوهاج بأن السند المحرر بمبلغ 140 ج صحيح ومكتوب بخطه صلباً وتوقيعاً - وبما أضافه الحكم المطعون فيه إلى ذلك من أن المحكمة الاستئنافية ندبت خبيراً أثبت في تقريره صحة السند المذكور، وتلك أسباب تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها المحكمة وليس فيها خطأ في القانون ذلك بأن المحكمة في دعوى التزوير أن تتخذ من أوراق الدعوى والوقائع المطروحة عليها قرائن تؤيد بها ما ارتأته من صحة الإمضاء المطعون فيها وما ورد في هذا السبب ليس في حقيقته إلا جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما يستقل به قاضي الموضوع - أما قول الطاعن بأن القضية رقم 35 سنة 1945 كلي سوهاج المقول بأن حسن مصطفى قدم فيها إقراراً بصحة السند المطعون فيه لم تكن مضمومة لأوراق الدعوى أثناء نظرها استئنافياً فهو قول عار عن الدليل.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.